تبدو الأجواء هادئة فى الداخل، لم تعد صالات الجيم تنبض بأصوات المتدربين وضجيجهم مثلما كانت، باتت الأعداد محدودة والكل يجتهد فى إنهاء التمارين الخاصة به قبل مرور الوقت المحدد له، أُغلقت دورات المياه وغرف تبديل الملابس، وبات كل لاعب مسئولاً عن ذاته والحفاظ على سلامته، انقسم المتدربون إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى قررت العودة للجيم من جديد، والثانية قامت بشراء الأدوات الرياضة لتمارس أنشطتها فى المنزل خوفًا من تفشى فيروس كورونا، أما الفئة الثالثة فلم تعد لديها القدرة الاقتصادية على دفع الرسوم الخاصة بالجيم وباتت تبحث عن أولويات الحياة الضرورية. اشتراطات خاصة
فى مدخل الجيم وضع «أحمد مختار محمد» 30 عامًا، لافتة كبيرة نُقشت عليها بخط عريض اشتراطات وزارة الصحة المصرية الخاصة بفتح الجيمات حتى يؤكد على المشتركين وموظفي الاستقبال ضرورة الالتزام بها، فالأمور لم تعد عشوائية مثلما كانت، ولكن بات يُنفذ كل شىء بحرص شديد على أمل أن تمر أزمة تفشى فيروس كورونا بسلام.
يعمل «أحمد» مُدربًا منذ 8 أعوام، كان يعمل على قدمٍ وساق منذ اللحظة التى علم فيها بقرار عودة صالات الجيم للعمل من جديد، يقول: «عملنا تطهيرًا وتعقيمًا تفصيليًا لكل أجهزة الجيم، زيادة عدد شفاطات التهوية، وقمنا بتوفير كل أدوات التعقيم المطلوبة، وعملنا «بانر» كبيرًا باشتراطات وزارة الصحة لمصرية عشان نأكد على الالتزام بيها».
يؤكد المدرب الثلاثينى أن هناك نسبة كبيرة من الناس مازالت متخوفة من أزمة كورونا والعودة إلى الجيم من جديد: «فى ناس اشترت أدوات رياضية منزلية واستغنوا عن الجيم نهائيًا»، موضحًا أن ارتداء الكمامة يكون أثناء الدخول للجيم ومغادرته، ويتم خلعها وقت التمارين لما لها من سلبيات على الجهاز التنفسى: «بالنسبة لى كمدرب علىَّ دور كبير جدًا فى الحفاظ على كل معايير السلامة للاعبين يعنى مثلا بعد انتهاء تدريب اللاعب بوجه العامل للقيام بتعقيم الأدوات المستخدمة، وكله طبعًا بيطبق الشروط لأن الكل خايف على نفسه، خصوصًا إنه مسموح ب25% فقط من استيعاب الصالة فالعدد قليل وسهل السيطرة عليه».
بدت الأمور جيدة لدى كابتن «إسلام محمد»، خبير تغذية رياضية وصاحب صالات جيم، لكنه واجه أزمة فى إلزام المتدربين بارتداء الكمامة أثناء التمارين، يقول: «بخليهم يلبسوها بس بينزلوها تحت مناخيرهم عشان يكون فى مصدر كويس للتنفس وقت التمرين، وبنحافظ على البُعد الاجتماعى والجيم بيكون متعقم كويس وكله لابس الجوانتى»، مؤكدًا أنه كان لديه تجربة مع «ماسك التمرين» حينما اكتشف إصابته بمرض مزمن فى الرئة وهو أفضل من الكمامة بكثير: «مفهوش شعيرات أو قطن هى قطعة بلاستيك من مادة معينة ملهاش ريحة ومش بتتأثر بالعرق، بتدى مساحة إن الواحد يخرج زفير، لما اكتشفت تعبى الدكاترة قالولى لازم أبطل رياضة، ولما اشتغلت على نفسى بماسك التمارين حسّن من وظائف الرئة الحمد لله وكملت فى مشوارى، بس مشكلته إنه غالى وصعب الناس تعتمد عليه بدل الكمامة سعره بيوصل لألفين جنيه، لكن هو بيرفع من مستوى اللياقة البدينة جدًا».
يوضح «إسلام» الفرق بين الكمامة وماسك التمرين، قائلًا: «الكمامة بتمنع العدوى، وبيلبسها اللى عنده مشاكل فى الجيوب الأنفية أو حساسية الصدر، أو وقت تغيير الفصول الموسمية عشان بتحجب الأتربة، مشكلتها إنها بتحجب نسبة كبيرة من الأكسجين فمينفعش أعمل بيها أى نشاط حركى، لأنها مش بتخلى الجسم يتغذى على كمية أكسجين عالية، ولبسها وقت التمرين بيسبب ضيق تنفس ممكن يوصل لإغماء، كإنى حاطط إيدى وكاتم نفس المتدرب وبقوله يعمل تمرين، لأنها بتحجب 60 % من الأكسجين»، أما ماسك التمرين فهو يحتوى على فجوة بحجم 5 سم، تبعد بمسافة عن الأنف، كما يحتوى 3 فتحات تهوية بها فلاتر ويتحكم فى نسبة الأكسجين: «بيحط المتدرب تحت ضغط لأنه بيتمرن بنسبة أكسجين معينة عشان يرفع من وظائف عضلة القلب والرئة».
لم تكن عودة فتح صالات الجيم من جديد فارقة كثيرًا بسبب ضعف الإقبال وتخوف الكثيرين من أزمة كورونا وأيضًا تأثر الحالة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الجيم لم يعد من أولويات بعض الناس: «فى ناس بتخرج وتتعامل وبتمارس حياتها بس بطلت تيجى الجيم وده بسبب الفلوس، لأنهم كانوا قاعدين من أشغالهم من بداية الأزمة، وفى ناس بدأت ترجع تتمرن ومترقبة الوضع»، يواجه المُدرب الثلاثينى صعوبة فى التعامل مع المتدربين أحيانًا لعدم التزامهم بالإجراءات الاحترازية: «لما بقولهم مفيش دخول الجيم بدون الكمامة كأنى بطلب حاجة صعبة رغم إنهم متفهمين الوضع، بدخل عدد معين كل ساعة، قافلين الحمامات وغرفة الملابس، كله بيجى بشنطته معاه ويغير وياخد حاجته ويمشى على طول».
إقبال ضعيف
مضت 5 أعوام على عمل «عبده جمال» 29 عاماً، بصفته مدرب جيم، فمنذ بداية أزمة كورونا وصدور قرار بتعطيل جميع الأنشطة الرياضية، قام بتعقيم الجيم كاملًا قبل إغلاقه، يقول: «من أول ما صالة الجيم فتحت الإقبال مازال ضعيفًا وعشمانين إن الدنيا تتحرك شوية الفترة الجاية، بلزم اللاعبين بلبس الكمامة قبل وبعد التمرين، لكن أثناء التمرين هيبقى صعب جدًا لأنها هتعوق دخول الأكسجين للرئتين وده خطر على اللاعبين أثناء التمرين».
كان الشاب العشرينى يترقب عودة العمل إلى الجيم الخاص به بشغف ولهفة، ولكن لم يعد شىء مثلما كان، فالحياة فى ظل أزمة كورونا بدت مختلفة كثيرًا: «الضغوط المادية التى نتجت عن فترة التوقف وخوف الناس من الخروج للشارع وفكرة إن يكون حد حامل للفيرس ومش ظاهر عليه الأعراض، كل ده مأثر علينا، لكن التباعد بين اللاعبين هو الحل وإلزام كل فرد بمعاد تمرينه عشان الازدحام يخف شوية، بنحدد العدد المسموح بيه للتمرين من اللاعبين علشان يكون فى سعة فى المكان بدون زحمة وتلامس مباشر للاعبين ده غير الحفاظ على النظافة الشخصية والتعقيم».
اختار الكابتن «مؤمن الشريف»، 33 عامًا أن يؤجل فتح الجيم الخاص به لمنتصف شهر يوليو، حتى يستعد جيدًا، يقول: «بقالى 15 سنة شغال مُدرب جيم، وبستعد كويس، بحيث إن يكون كل ساعة 5 أفراد فى الصالة، وهنعقم كل شخص قبل ما يدخل الجيم، ولازم كل لاعب يدخل بكمامة وكحول وجوانتى وفوطة خاصة بيه، وقافلين كل دورات المياه، ولازم ارتداء الكمامة أثناء التمرين مش هيبقى ليها أى أضرار، وأى متدرب هتظهر عليه الأعراض هيمنع من دخول الجيم».
تنازلات الكمامة
مضت 9 أعوام على عمل «حمادة مسعد» 29 عامًا المتخصص فى الأحمال، و«مصطفى مسعد» 25 عامًا، كابتن اللياقة البدنية فى صالات الجيم، سارع الاثنان بتعقيم الجيم بالكامل لاستقبال المتدربين، يقول «مصطفى»: «ناس كتير رجعت الجيم، لكن ملتزمين بنسبة قليلة بسبب الأزمة الاقتصادية اللى كلنا بنمر بيها»، مؤكدًا أن هناك تمارين يسمحون فيها للاعبين بإبعاد الكمامة عن أنفهم مثل تمرين «الكارديو»: «التمارين عالية الشدة بنسمح فيها للاعب إنه ينزل الكمامة وممكن يستخدمها وهو بيتكلم مع الناس داخل الجيم».
يوضح الشاب العشرينى أن الصعوبات التى تواجههم منذ إعادة فتح صالة الجيم للاعبين ضيق الوقت وصعوبة تنظيم المجموعات: «الوقت محدود جدًا، وبتعامل مع المتدربين مع الالتزام بالمسافة، ومع ذلك بقدر أوصلهم شرحى بسهولة وبيقدروا ينفذوا التمرين بالضبط وكمان مفيش سلام بين اللاعبين ومفيش أحلى من سلام الحواجب».