عاجل - سعر الدولار مباشر الآن The Dollar Price    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    خالد أبو بكر: مصر ترفض أي هيمنة غير فلسطينية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    أكسيوس: محاثات أمريكية إيرانية غير مباشرة لتجنب التصعيد بالمنطقة    نجم الزمالك السابق: نهائي الكونفدرالية يحتاج 11 مقاتلًا في الملعب    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    رقص أحمد السقا مع العروس ريم سامي على غناء عمرو دياب «يا أنا يا لاء» (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    بعد 94 دقيقة.. نوران جوهر تحسم الكلاسيكو وتتأهل لنهائي العالم للإسكواش 2024    قبل مواجهة الترجي.. سيف زاهر يوجه رسالة إلى الأهلي    «مش عيب تقعد لشوبير».. رسائل نارية من إكرامي ل الشناوي قبل مواجهة الترجي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    عاجل.. رقم غير مسبوق لدرجات الحرارة اليوم السبت.. وتحذير من 3 ظواهر جوية    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    حلاق الإسماعيلية يفجر مفاجأة بشأن كاميرات المراقبة (فيديو)    شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة "اصليح" بخان يونس جنوب قطاع غزة    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    تعادل لا يفيد البارتينوبي للتأهل الأوروبي.. نابولي يحصل على نقطة من فيورنتينا    حضور مخالف ومياه غائبة وطائرة.. اعتراضات بيبو خلال مران الأهلي في رادس    منها سم النحل.. أفكار طلاب زراعة جامعة عين شمس في الملتقى التوظيفي    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    وسط حصار جباليا.. أوضاع مأساوية في مدينة بيت حانون شمال غزة    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    عايدة رياض تسترجع ذكرياتها باللعب مع الكبار وهذه رسالتها لعادل إمام    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملامح الانسحاب الأمريكى والدور اليابانى المتصاعد فى المنطقة: صراع «الساموراى» و«التنين» فى الشرق الأوسط


اللواء سيد غنيم يكتب:
فى السياسة لا عداء دائما ولا صداقة دائمة، ولكن هناك مصالح إما مشتركة أو متقاطعة، قد لا يتخيل كثيرون طبيعة الارتباط بين دول: «الشرق الأوسط» و«شرق آسيا والمحيطين الهادى والهندى»، وقد يستبعد بعض المحللين أن يصبح الشرق الأوسط مسرحًا للتنافس بين الفاعلين فى شرق آسيا والمحيط الهادى، لكن المعطيات الحالية تؤكد ذلك.
لا يأخذ الصراع السياسى شكلًا خشنًا طوال الوقت، ولكن قد يأخذ أشكالًا أخرى ناعمة من محاولات بسط النفوذ والهيمنة، وهو ما سيتضح من بين سطور الدراسة التالية، والتى ناقشت موضوعها يوم الأربعاء الماضى بجامعة الدفاع الوطنى بتايوان، وأتحدث عنها أيضًا فى كلية القادة والأركان المشتركة اليابانية بطوكيو يوم الأربعاء القادم.
نحاول خلال السطور إلقاء الضوء على الدور المتوقع من اليابان أن تلعبه فى الشرق الأوسط، وكذا أهم تحديات وأزمات المنطقة وتداعياتها على دول شرق آسيا، فى ضوء مُسمى «الإيندو-باسيفيك» الذى تردد كثيرًا فى الآونة الأخيرة وهو مصطلح مبهم لدى الكثيرين بمنطقتنا.
فى الدراسة نتناول بالشرح علاقات دول الشرق الأوسط بمنطقة الإيندو-باسيفيك وأهم دولها (الولايات المتحدة واليابان والصين والهند وأستراليا)، كل دولة بصورة منفردة، لكن قبل هذا علينا تحديد المقصود بالإيندو - باسيفيك والشرق الأوسط على وجه التحديد.
الإيندو -باسيفيك هى المنطقة الجغرافية التى تغطى المحيطين الهندى والهادى، وتضم المياه الاستوائية للمحيط الهندى، وغرب ووسط المحيط الهادى، والبحار التى تربط بين الاثنين فى المنطقة العامة لإندونيسيا.. وهى لا تشمل المناطق القطبية فى كلا المحيطين.
الحديث هنا عن «الشرق الأوسط» بصفته إقليما أكبر يمتد عبر قارتين من موريتانيا فى شمال إفريقيا غربًا إلى إيران فى غرب آسيا شرقًا، بإجمالى 21 دولة منها تركيا والسودان.. كما أن إقليم الشرق الأوسط يتواصل سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا مع دول القرن الإفريقى جنوبًا، والتى لا يجب إغفالها فى جميع علاقات الشرق الأوسط.
خلال مؤتمر «تيكاد – TIKAD» المنعقد عام 2016 فى نيروبى أعلن رئيس وزراء اليابان شينزوآبى استراتيجية (إيندو- باسيفيك منطقة حرة مفتوحة) أو ( Free & Open Indo-Pacific (FOIB) والتى تعمل على ثلاثة محاور:
يركز المحور الأول على تطوير بيئة للسلم والاستقرار العالميين، وفى هذا الإطار تسعى اليابان لتعزيز «الربط» بين آسيا وإفريقيا من خلال الشرق الأوسط لدعم الاستقرار من خلال التعاون مع الدول النامية فى تحسين إجراءات مكافحة الإرهاب، واستنادًا إلى مفهوم «الحفاظ على السلام»، ستحاول اليابان بشكل استباقى الإسهام فى تحقيق السلام والاستقرار من خلال التعاون فى مجالات مؤثرة مثل بناء السلام، ومساعدة اللاجئين، والتدابير المضادة ضد التطرف العنيف، إضافة إلى ذلك، ستدعم الجهود التى تبذلها البلدان التى تشترك فيها اليابان فى القيم العالمية، بما فى ذلك سيادة القانون.
يركز المحور الثانى على معالجة القضايا العالمية لتحقيق التنمية المستدامة، وفى سبيل ذلك تتعاون مع الدول ليس فى صياغة الاستراتيجيات والخطط الوطنية فحسب، بل أيضًا فى تنمية الموارد البشرية التى ستشارك فى صياغة وتنفيذ سياسات التنمية، وستقوم اليابان بتعزيز التعاون فى مجالات مثل الصحة، والمرأة، والتعليم، والحد من مخاطر الكوارث وتغير المناخ.
يركز المحور الثالث على العمل على تحقيق «نمو الجودة» جنبًا إلى جنب مع البلدان النامية، وستقوم اليابان على وجه الخصوص بمساعدة الحكومات المحلية والشركات الصغيرة والمتوسطة فى التوسع الخارجى، وتحسين بيئة الاستثمار الأجنبى المباشر، وتعزيز «البنية التحتية ذات الجودة»، بما فى ذلك تعزيز التقنيات والأنظمة اليابانية فى الأسواق الخارجية.
علاقات أهم دول «الإيندو-باسيفيك» بالشرق الأوسط
1 - الولايات المتحدة:
علاقاتها بالشرق الأوسط تراكمية معقدة، حيث تدير الولايات المتحدة هذه العلاقة بجوار القوى الدولية الأخرى فى تعاون مفتوح مع بريطانيا وآخر حذر مع فرنسا وألمانيا، وتنسيق شديد الحذر ما بين الشد والجذب مع كلِ من الصين وروسيا، وتبقى اليابان (الحليف الآسيوى الأقرب للولايات المتحدة ذات دور ثقافى معرفى فى المنطقة والذى يتزايد أمنيًا ببطء).
وتستند العلاقة بين الدول العظمى وإقليم الشرق الأوسط على تنافسية شديدة بين ثلاثة أطراف إقليمية مهمة تمثلها أربع قوى إقليمية وهى (إيران) من جانب، و(تركيا) من جانب، وإسرائيل والمملكة العربية السعودية من جانب موازٍ لتركيا، وجميعها تركز فى منطقة الشام والجزيرة العربية والقرن الإفريقى.
ومن ناحية أخرى ليست منفصلة، تستند على قوة إقليمية صاعدة وهى (مصر)، والتى من وجهة نظرى جارٍ توجيه نفوذها لأجزاء من شمال إفريقيا والقرن الإفريقى ومنطقة الساحل والصحراء، فضلًا عن دورها الرئيسى فى القضية الفلسطينية ونطاق البحر الأحمر.. مع مراعاة التوتر المتزايد بين إيران والسعودية، وبين تركيا وأوروبا، ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وتبقى القضية الفلسطينية أهم معضلات المعادلة السياسية والأمنية بالمنطقة.
تتحكم عدة أبعاد فى العلاقة بين القوى العظمى الفاعلة بالشرق الأوسط أهمها:
العلاقات الأمريكية ذات المصالح خاصة مع دول الخليج ومصر والتى زادت مع تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منصبه، والأزمة الإيرانية بشأن الاتفاقية النووية، وتصاعد التوتر بين إيران ودول جوارها بالخليج العربى، عدا قطر، علاوة على العلاقات (الوطيدة) الأمريكية / الإسرائيلية، والتى تزايدت فى الفترة الأخيرة، والتى أثرت سلبيًا بشدة على مسير القضية الفلسطينية، وأزمة الخليج الداخلية والمقاطعة ضد قطر، وأخيرًا تداعيات الربيع العربى والموقف الأمنى المتردى بالمنطقة متمثلًا فى الأنشطة الإرهابية المتزايدة والعمليات العسكرية والحروب الأهلية فى سوريا واليمن وليبيا.
من جانب دول الخليج، أظن أن علاقتها بالولايات المتحدة أصبحت أكثر وضوحًا وبرجماتية خاصة بعد تولى ترامب الحكم (المال مقابل حماية المصالح والأهداف.. إسرائيل طرف شريك فى الأهداف والمصالح).
تعمل الولايات المتحدة حاليًا على تقليص دورها نسبيًا فى الشرق الأوسط بما قد يعطى مساحة أكبر لنفوذ قوى أخرى، عاملة بالأيديولوجية الواقعية والتى تنتهج من خلال استراتيجية (القيادة من الخلف أو Lead From Behind ).
2 - الصين:
تتلخص الرؤية الاستراتيجية للصين فى الحفاظ على سياسة (صين واحدة)، آمنة قوية مزدهرة ذات قوة اقتصادية عالمية تمهد لنفوذ سياسى/ عسكرى موازٍ.. وأن هدفها الاستراتيجى قد يتلخص فى تعظيم القوة الاقتصادية كداعم رئيسى لتحقيق النفوذ الجغرافى السياسى، والسيطرة على الحدود البحرية ودرء الأخطار التى تهدد الدولة ونظامها الحاكم، والحفاظ على النظام الداخلى ومقدراته فى مواجهة كافة التحديات.
وذلك من خلال السعى لتأييد دولى لتعاظم قوة ودور الصين وبما يحقق استقرار آسيا، إضافة إلى ضمان قوة عسكرية حديثة لتأمين نفوذها الدبلوماسى والسياسى، وتطوير أسلحتها النووية والتقليدية ببطء وثبات، بجانب توحيد الصف الصينى، بتجنب استخدام القوة لتسوية النزاعات، وانتهاج سياسة حسن الجوار، على الأقل، لحين تحقيق التوازن الإقليمى والعالمى وتحول القوى لصالح الصين.
تتبنى الصين أيضا سياسات تجاه الأنظمة الدولية، فى مجالات مثل (التنمية الاقتصادية والتجارة ونقل التكنولوجيا، والحد من التسلح، والبيئة) يتحدد على أساس كل حالة على حدة.
وتعمل الصين حاليًا على خلق أسواق كبيرة خارج آسيا عبر الشرق الأوسط وإفريقيا بأسرع وقت ممكن.. ولذا تحضر بكل قدراتها لمبادرة «حزام واحد طريق واحد» والتى تعتمد بشكل كبير على الشرق الأوسط والقرن الإفريقى.
وتعمق الصين علاقاتها مع دول الخليج خاصة الإمارات والسعودية والكويت وكذا مع مصر كدول (مفتاح) رئيسية من خلال البحر العربى والبحر الأحمر وقناة السويس، حيث تتنوع علاقاتها فى المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية، كما بدأت فى تطوير علاقاتها مع قطر، والذى علمت من خلال مصادرى بالناتو أن الصين تنجح أخيرًا فى مساع لضم قطر (شريك الناتو) فى شراكة مع منظمة شنغهاى للتعاون، تلك المنظمة التى تُعد أهم منافس حالى وخصم مستقبلى للناتو.
3 - اليابان:
اقتصاديًا، تُعد دول الخليج العربى المصدر الرئيسى لما يقرب من 80% من احتياجات اليابان من الغاز والنفط، كما تعد دول الخليج وجهة أساسية للصادرات والاستثمارات الخارجية اليابانية، فضلًا عن أهميتها فى حركة الملاحة البحرية، لذلك سيظل أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط من أولويات السياسة الخارجية اليابانية، وربما يؤكد ذلك إعلان شينزو آبى استراتيجية («إيندو-باسيفيك منطقة حرة ومفتوحة).
تواصل دعم التعاون العلمى والثقافى والتبادل الطلابى من خلال توفير المنح الدراسية للطلاب العرب فى الجامعات اليابانية، وتوفير برامج تدريبية لحوالى 20 ألف شخص من دول الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس القادمة.
سياسيًا، عُقد الحوار السياسى العربى اليابانى فى سبتمبر 2017 بجامعة الدول العربية بالقاهرة، بمشاركة «تارو كونو» ليكون أول وزير خارجية يابانى يشارك فى حوار سياسى مع وزراء الخارجية العرب، ويعتبر توقيت الحوار - الذى حرص «كونو» شخصيًا على المشاركة فيه عقب توليه منصبه، ليعكس وجود تغيير فى سياسة اليابان تجاه منطقة الشرق الأوسط.
تدعم فكرة التوصل لتسوية شاملة للقضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية فى إطار حل الدولتين ومن خلال المفاوضات، ويتركز دعمها على الجانب التنموى بتقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية للفلسطينيين والتى بلغ إجماليها حوالى 1.7 مليار دولار منذ عام 1992.
مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين ودعم خطط التنمية طويلة الأجل سواء للمهاجرين أو الدول المستقبلة، وتنفيذ التعهدات اليابانية بتقديم مساعدات إضافية من خلال الهيئات التابعة للأمم المتحدة.
أمنيًا، فضلًا عن توقيع اتفاقيات عسكرية مع بعض دول الخليج تعددت مجالات التعاون الأمنى بين الجانبين اليابانى والإسرائيلى، فمن ناحية ترغب اليابان فى إحكام احتياطاتها الأمنية استعدادًا لتنظيم دورة الألعاب الأوليمبية عام 2020 والاستفادة من خبرات إسرائيل وإمكاناتها التكنولوجية فى مجال مكافحة الإرهاب، كما تتطلع اليابان للاستفادة من الخبرات والإمكانات التكنولوجية الإسرائيلية فى مجال التصدى للهجمات الإلكترونية أو «حروب الإنترنت».
4 - الهند:
تكنولوجيًا، الهند لها اتفاقيات تقنية مع إسرائيل، ستعمل على حماية استثماراتها فى دول إفريقيا والشرق الأوسط فى بعض الصناعات وكذلك الحفاظ على تواجد عمالتها فى دول الخليج التى تمثل تدفقات مالية كل عام، وهو ما يضعها فى مواجهة الصين منافسها التاريخى.. ولذلك أرى أنها ستعمل على زيادة قدراتها العسكرية البحرية، كما ستعمل على منافسة الصين فى أسواق شرق إفريقيا والشرق الأوسط معًا.
سياسيًا وأمنيًا، اكتسبت العلاقات الهندية مع بعض دول الخليج أبعادًا دفاعية وأمنية وازدهار علاقات الطاقة والتجارة، ويبدو أن روابط الهند مع دول الخليج ستنمو أكثر فى السنوات المقبلة خاصة فى مجالات الدفاع والأمن والتكنولوجيا والصناعة، مع العلم أن الهند تُعد من أكبر مستوردى النفط فى العالم..
تعمل الهند على تفادى قيام الصين بتطويقها فى الشرق الأوسط، فتعظم علاقاتها مع دول الإيندو-باسيفيك وتشاركها فى استراتيجية منطقة التجارة الحرة، كما تعمل الهند حاليًا على تعظيم قوتها العسكرية من جانب، وقوتها الاقتصادية والتكنولوجية من جانب آخر.
5 - أستراليا:
شريك دائم للغرب وإسرائيل، حيث أسهمت بجهودها الدبلوماسية فى إنشاء والاعتراف بدولة إسرائيل، داعمة لها دبلوماسيًا فى الأمم المتحدة وخارجها، بمنع أى قرار يدين جرائم الاحتلال الإسرائيلى، والضغط على الدول الآسيوية للاعتراف بإسرائيل والتصويت لصالحها، والضغط على السفراء العرب لديها للتطبيع مع إسرائيل.
وتنوعت علاقات أستراليا بإسرائيل فى المجالات الاستخبارية والأمنية، والعسكرية، والاقتصادية، والتكنولوجية، وشجعت أستراليا إعادة تصدير المنتجات الإسرائيلية إلى الدول العربية والآسيوية.
رغم كل ذلك إلا أن العلاقات الأسترالية قد تنامت بدرجة كبيرة مع العديد من الدول العربية، واضعة فى اعتبارها الفصل بين المصالح التجارية والعلاقات السياسية، إلا أنه وجب أن نضع فى الاعتبار عدم وجود لوبى عربى فعال فى أستراليا.
كيف ترى دول الشرق الأوسط دول الإيندو باسيفيك؟
تتقبل شعوب دول الشرق الأوسط التحرك الآسيوى (خاصة الصينى واليابانى) فى المنطقة بصورة أفضل من نظيره الغربى خاصة الهيمنة الأمريكية والنفوذ الأوروبى، حيث ترى أن الولايات المتحدة ودول أوروبا العظمى تقدم قدراتها السياسية والعسكرية، وتمارس الضغوط والعقوبات الاقتصادية لتحقيق أهدافها ومكاسبها الاقتصادية.. أما الصين واليابان فتقدمان قدراتهما الاقتصادية لتنمية العلاقات السياسية مع الدول الصديقة، دون التلويح باستخدام القوة العسكرية أو اللجوء لأى صورة من صور الضغوط سواء سياسية أو اقتصادية أو عسكرية.. فالعملاقان الآسيويان يتمتعا بقبول اقتصادى وتكنولوجى وعلمى وسياسى كبير بين دول المنطقة.. كما أنهما يصنفان ضمن الدول الجاذبة للشراكات والتحالفات، خاصة مع إصرارهما على تنمية مجتمعات الدول الشريكة دون أدنى تدخل فى شئونها، من منطلق أنها دول تحترم حدود الدول الأخرى وخصوصياتها.
وبنظرة مستقبلية يمكن تحديد ملامح الدور المتوقع لليابان فى الشرق الأوسط، ففى المجال الاقتصادى سوف تعمل على إعادة إعمار وبناء وتنمية الدول التى عانت من الحروب، إضافة إلى زيادة استثماراتها فى السعودية والإمارات ومصر وبعض دول إفريقيا خاصة الدول الساحلية، بجانب المساعدات فى مجال التعليم والبحث العلمى، والمساعدة فى مجالات الطاقة والمواصلات والبنية الأساسية.
سعيًا للتوازن التكنولوجى بالمنطقة، قد تسعى اليابان إلى دعم الشرق الأوسط لتقليص الفجوة التكنولوجية بين دول المنطقة وإسرائيل، وذلك من خلال نقل التكنولوجيا اليابانية المتطورة لبعض الدول العربية خاصة فى مجالات الطاقة والتنقيب عن المعادن وغيرها.
فى المجال الأمنى قد تزيد طوكيو من تواجدها فى منطقة القرن الإفريقى بجانب القيادة المركزية الأمريكية والناتو لإحداث توازن يكافئ التواجد الصينى القوى فى المنطقة.
لعقود ظلت اليابان أكبر المانحين لميزانيات دول الشرق الأوسط، وبالتأكيد تحتاج اليابان إلى تأمين مسارتها الملاحية فى البحر الأحمر وعبر قناة السويس والبحر المتوسط، ذلك الأخير الذى تتواجد به دولة اليونان شرق المتوسط، والتى تمتلك ثانى أكبر أسطول عسكرى بحرى.
أتوقع أن تشهد القدرات العسكرية اليابانية تطويرًا كبيرًا يستوعب العمل الاستراتيجى فى مسارح العمليات المفتوحة بما يمكنها من لعب دور أكبر خارج حدودها فى مجالات مثل: حفظ ودعم السلام الذى يرسخ التواجد اليابانى وحماية مصالحها فى مناطق الاهتمام - التدريبات العسكرية المشتركة مع دول الخليج ومصر فى المسارح البحرية بالشرق الأوسط.
أما بالنسبة للدور الذى تلعبه اليابان بالتعاون مع مصر، فإنها توجه اهتمامًا كبيرًا للاستفادة من النموذج اليابانى التعليمى والتربوى، فقد تم إطلاق مبادرة الشراكة المصرية اليابانية فى مجال التعليم خلال الزيارة الرئاسية لليابان فى مارس 2016، حيث تغطى المبادرة خمس سنوات اعتبارًا من العام الدراسى 2016/2017، خاصة فى تطبيق نظام التعليم الأساسى اليابانى المعروف بال «Tokkatsu» فى عدد من المدارس المصرية.
كما يجرى أيضًا الاستفادة من القرض اليابانى لإنشاء المتحف المصرى الكبير كأكبر صرح ثقافى تحت الإنشاء حول العالم، وساهمت «جايكا» فى تمويل المتحف، وكذا دعم الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.
وأتوقع دورًا مستقبليًا أكبر لليابان مع مصر قد يتلخص فى:
استثمارات ومشروعات يابانية ضخمة على الأراضى المصرية فى مجالات الطاقة، نظرا لتميز مصر بالعمالة الرخيصة وانخفاض سعر العملة والمساحة الأرضية والبحرية الكبيرة.
تعتبر مصر «الدولة المفتاح» الواصلة بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبعض دول القرن الإفريقى، مما قد يجعل منها مسرحًا مناسبًا بجانب السعودية والإمارات لمشروع منطقة التجارة الحرة الواصلة بين الإيندو-باسيفيك والشرق الأوسط وإفريقيا.
تعظيم المشاركة فى التنمية الاقتصادية حول قناة السويس وبما يمهد لدخول الأسواق الأفريقية والأوروبية.
تعظيم الشراكة التعليمية بنظام ال«توكاتسو» للمرحلة الأساسية، وترويج الثقافة اليابانية فى مصر على المدى الطويل.
السعى للمشاركه مع مصر فى استخراج خام «الكوتان» المتوفر بالتربة الجيولوجية المصرية والذى يستخدم فى صناعة الإلكترونيات، بجانب توسيع مساهمتها لمصر فى الصناعات الإلكترونية.
على المستوى الطبى، أتوقع سعى اليابان لإنشاء أكبر قاعدة طبية فى العالم لزراعة الكبد فى الشرق الأوسط ويكون مركزه مصر، حيث لدى اليابان أفضل جراحى الكبد فى هذا المجال، والذى من خلاله يمكن تطوير السياحة العلاجية خاصة مع تزايد مرضى الكبد فى المنطقة.
تزايد محدود نسبيًا فى العلاقات العسكرية والأمنية من خلال تبادل المتدربين والتنسيق الأمنى بشأن أمن باب المندب والبحر الأحمر، وإن كنت أتوقع أن اليابان قد تسعى لتبادل التمثيل العسكرى ولإجراء تدريبات بحرية مشتركة مع مصر وحلفائها فى البحر الأحمر.
تحديات وأزمات الشرق الأوسط وتداعياتها على شرق آسيا
تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديات وأزمات شديدة الخطورة أهمها القضية الفلسطينية، والإصرار الإسرائيلى الأمريكى على عدم حل الدولتين، علاوة على الأزمة الإيرانية، وانسحاب أمريكا من الاتفاق النووى واحتمال فرض عقوبات جديدة على إيران.
يضاف إلى ذلك الحروب الأهلية فى سوريا واليمن وليبيا، واحتمالات تقسيمها، وانتشار التنظيمات الإرهابية فى المنطقة مثل القاعدة وداعش والعناصر الموالية لها، والمقاطعة الخليجية ضد قطر، والانقسام العربى والإقليمى والدولى أمام مساعى كل طرف لجذب الدول لموقفه.
تعاظم التدخلات الخارجية، والتى أدت إلى إحداث تغير جزئى فى خريطة الأحلاف (تحول تركيا من خط دفاع أمامى للناتو ضد روسيا إلى حليف مؤقت مع روسيا وإيران لضمان وحدة أراضيه)، وميل قطر نحو المعسكر الشرقى.
التباين المتزايد فى ميزان القوى بالمنطقة لصالح إسرائيل، وتزايد التنافس الإقليمى والدولى فى شرق إفريقيا.
أرى أنه يمكن تقسيم شرق آسيا لمجموعتين كالآتى:
- مجموعة الصين وكوريا الشمالية: تستغل الصين عنصر التوقيت (يدعم ترامب بشدة إسرائيل ضد إيران) لتقوم الصين بتعزيز علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع الدول الإسلامية فى الشرق الأوسط بشكل عام، وإيران على وجه الخصوص.
- مجموعة اليابان وكوريا وتايوان:(الحلفاء الرئيسيون الثلاثة للولايات المتحدة فى شرق آسيا) والذين سيتبعون خطى الولايات المتحدة، حيث سيتوقفون عن توسيع علاقاتهم اقتصاديًا مع إيران كما كانوا يفعلون فى السنوات الثلاث الأخيرة، نظرًا لما قد يتعرضون له من انتكاسات خطيرة ارتباطًا بعلاقاتها الوردية مع إيران.
تأثر الحركة الملاحية فى المنطقة مما يؤدى لتزايد الأعباء الاقتصادية والعسكرية على دول شرق آسيا والتى ستضطر للتواجد العسكرى بأشكاله المختلفة وبما يمكن من ضمان تأمين سفنها العابرة بالمنطقة العربية ولمواجهة التهديدات ضد أمن مصادر الطاقة بالمنطقة (حقول البترول والغاز البحرية والبرية)، والتهديدات ضد المسارات الملاحية خاصة فى المحيط الهندى والبحر الأحمر، والتهديدات التى تواجه مضيق باب المندب ومضيق هرمز الذى هددت إيران بإغلاقه).
من جانب آخر، أتوقع فى المستقبل القريب تنافسًا ناعمًا (شديدا ومتسارعا) بين الصين واليابان فى الشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك من خلال المشروعين التجاريين الاستراتيجيين الأكبر فى العالم، استراتيجية «إيندو-باسيفيك منطقة حرة ومفتوحة- Free & Open Indo-Pacific (FOIB)»، ومبادرة «حزام واحد طريق واحد – One Belt One Road».. ستعتمد الصين على سرعة التحرك والتمويلات الضخمة وقلة التكلفة، وستعتمد اليابان على التكنولوجيا النادرة والتى لا يمتلكها أحد فى العالم غيرها، والتى قد تفرض نفسها على المناورات الاقتصادية الصينية.. إلا أنه من المحتمل أن تتأثر الاستراتيجيتان الصينية واليابانية نتيجة لتزايد التوتر فى شرق إفريقيا والناتج عن تنافس النفوذ الإقليمى والدولى بها من جانب، وكذا تزايد التوتر فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد تساعد من جانب آخر.
التفوق الإسرائيلى النوعى العسكرى والتكنولوجى المتزايد، وانفرادها بالتسلح النووى فى جميع أنحاء المنطقة (من موريتانيا غربًا إلى إيران شرقًا).
احتمال نجاح إسرائيل فى دعم زوال وانقسام دول مهمة بالمنطقة (العراق وسوريا) من جانب، واحتمالات تقسيم اليمن من جانب آخر، وظهور دول أخرى تفرض شكلًا سياسيًا وأمنيًا جديدًا مثل (كردستان)، مما قد يزيد من حدة التوتر السياسى والأمنى بالمنطقة.. الأمر الذى يدفع الصين واليابان إلى تزايد واتساع مجالات تدخلها.
تسرب فلول داعش وعناصر إرهابية أخرى إلى وسط وجنوب شرق آسيا وتحديدًا أفغانستان والفلبين وإندونيسيا وماليزيا، والذى من المحتمل أن يهدد مستقبلًا؛ دول شرق آسيا.
وصول الإرهاب لشرق آسيا قد يدفع الصين لاتخاذ سياسات أكثر تشددًا ضد الأقليات المسلمة (الإيغور) لضمان عدم انتقال عدوى التطرف والعمليات الإرهابية فى الداخل الصينى. 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.