كريم يونس أقدم أسير فلسطينى فى سجون الاحتلال، المسئول عن أى مفاوضات أو مطالب خاصة بالأسرى، معروف أنه دائم الاتصال بالسلطة الفلسطينية، لتبادل الآراء حول كل ما يخص القضية الفلسطينية، خريج الجامعة العبرية، وكان له الفضل فى جعل الالتحاق بالجامعات حق مكتسب لجميع الأسرى، وهو ما أدى لحصول عدد كبير من الأسرى على مؤهلات عليا، خاصة الشباب الذى تم اعتقالهم فى سن مبكر. «روز اليوسف» استطاعت أن تخترق حواجز سجون الاحتلال الإسرائيلى وتنفرد بمكالمة هاتفية لمدة 12 دقيقة مع عميد الأسرى الفلسطينيين، والذى تجاوز عمره 62 عاما، بدأ مكالمته معنا بجملة: «لم يكسرنا السجان، وسنبقى نواجهه حتى يخرج جميع الأسرى من السجون الإسرائيلية». يقول: «أنا من منطقة عارة بمثلث 48 تم اعتقالى منذ عام 1983 مع مجموعة قتلت جنديا إسرائيليا، وحكم على بالمؤبد أنا وأبناء عمى ماهر يونس ووسام يونس، وبفضل الله لم ننحن، كنا ومازلنا نقاوم هذا الاحتلال من داخل وخارج السجن، فقد أمضيت بالسجن 36 عاما». ويضيف: «كان عمرى 27 عاماً عندما تم اعتقالي، بتهمة قتل صهيوني، والانتماء لحركة فتح، فعرب 48 يتعامل معهم الكيان الصهيونى على أنهم خونة، حيث يرفض الكيان الصهيونى تبادل أسرى من منطقة 48 وعلى الرغم من أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية فإن إسرائيل ترى فى مقاومة أبناء 48 خيانة لدولتهم. وكشف الأسير عن استشهاد العديد من الأسرى داخل السجون الإسرائيلية نتيجة الإهمال الطبى والممارسات القمعية ضد الأسرى الناشطين ومن ضمنهم أخيه وسام، الذى استشهد داخل السجن، ومنذ أيام استشهد شاب يبلغ من العمر 21 عاما بسجن الرملة، مؤكدا أنه داخل سجون الاحتلال سواء الرملة أو عسقلان أو بركة السبع يعاقب الأسرى نتيجة مواقفهم النضالية، فالكيان الإسرائيلى لا يتعامل بشفقة أو رحمة معهم، ولكنه يستخدم القتل البطيء للسجناء والأسرى. وأوضح عميد الأسرى أنه يعانى من مشاكل صحية كبيرة بالمعدة والتنفس بسبب الإهمال الطبي، مشيرا إلى أن العديد من السجناء والأسرى مصابون بأمراض مزمنة والكيان الصهيونى يتعمد إهمالهم وتركهم فريسة للأمراض دون تقديم العلاج اللازم لهم، فهناك عدد من الأسرى لديهم سرطان فى الرئتين نتيجة التعذيب والإهمال الطبي. وعن تعامل جنود الاحتلال مع الأسري، يقول كريم يونس: زيارات جنود الاحتلال للسجون والتحقيق مع الأسرى لا تراعى أى قوانين أو معايير لحقوق الإنسان والسجناء التى أقرتها القوانين والمنظمات الدولية، فالتحقيقات تبدأ أحيانا من الساعة الثالثة والنصف صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، فضلا على دوريات التفتيش الليلى على الأسرى والإزعاج الدائم لهم بالأسلحة النارية، حيث أصيب كثير من الأسرى بسبب تلك الممارسات البشعة، مطالبا العرب بمساندة الفلسطينيين، ونصرة القضية الفلسطينية، من خلال التوجه لمحكمة الجنايات الدولية برفع قضايا ضد الكيان الصهيونى وممارساته القمعية وجرائم الحرب فى تعامله مع الأسري. ويؤكد أن الأكل داخل السجون الإسرائيلية سيئ جداً، فهو عبارة عن فاصوليا بيضاء منقوعة فى مياه مغلية بالطماطم، ويوم الجمعة يتم تقسيم الفرخة المسلوقة على ثمانية أسري، وأحيانا يقدم سمك شرائح، وأغلب السجناء والأسرى يشترون المعلبات من «الكانتين» الخاص بالسجن تجنباً لتلك الأطعمة السيئة. وأوضح عميد الأسرى أن جنود الاحتلال الإسرائيلى ينتهكون حرمة الأسيرات، حيث يتعرضن بشكل دائم للتفتيش الليلى ومهاجمة غرفهن، مشيرا إلى أنهم طالبوا مراراً بضرورة تواجد سجانة وليس سجانا للأسيرات، ولكن هذا الكيان الغاشم ليس لديه قيم إنسانية أو حضارية يتعامل بها فى مثل تلك المسائل، رغم أنها تشكل قضية مهمة تمس العرض الفلسطينى والعربي، حيث يتعمد جنود الاحتلال مثل تلك الممارسات من هجوم على الأسيرات، ومن ضمنهن الطفلة عهد التميمى التى تحدت جنود الاحتلال ووقفت فى وجههم وطلبت منهم الرحيل من أرضها. وكشف عن تعرضه للسجن الانفرادى نتيجة نشاطه الدائم فى مواجهة الكيان الصهيونى من داخل السجن، ودفاعه عن حقوق الأسري، مؤكدا أن الأسرى الفلسطينيين فى حاجة لوقفة مساندة من إخوانهم فى الوطن العربي، فمانديلا حينما سجن 24 عاماً أصبح رمزا للسلام وحصل على الجنسية العالمية، ونحن فى سجون الاحتلال الغاشم لمدة تزيد على ذلك بكثير ولم يشعر بنا أحد. وطالب الأسير، «روزاليوسف»، ووسائل الإعلام العربية، بالعمل على نشر الوعى عن الأسرى الفلسطينيين فى مقاومة الاحتلال، وقمع الكيان الصهيونى للأسري، وتحدى الاحتلال الصهيونى لكل القوانين العالمية والإنسانية، وتجاوز كل القوانين فى قمع الفلسطينيين داخل الأسر، حتى يعلم الشباب العربى أنه أمام قضية يجب مناصرتها وهى قضية الأسرى الفلسطينيين، ونحن على أعتاب يوم الأسير الفلسطينى الذى يعلن فيه النفير حتى يقف كل العالم العربى والغربى المحبين للسلام لمناصرة القضية وهؤلاء الأسرى داخل السجون الإسرائيلية. وفى نفس السياق تقول بديعة عنبر، والدة الأسير رامى عنبر - ابن مخيم خان يونس، من مواليد 1980، اعتقل بعام 2002 أثناء اشتباكات بين مجموعة من الشباب الفلسطينيين وقوات الاحتلال، وكان عمره 22 عاما، وحكم عليه بالسجن 18 سنة أمضى منها 16 سنة داخل الأسر - عند اعتقاله كان قد مضى على زواجه شهر فقط، وعلمت زوجته أنها حامل وأنجبت «ريم» ولديها حاليا 15 عاما، لم تر والدها حتى الآن». وتضيف: «أنا بموت كل يوم لأنى لا أعرف مصير ابني، كان لدى شابان استشهدا، الشهيد معروف مصيره، أما الأسير غير معروف، أمهات الأسرى تموت كل يوم، ونذهب كل يوم اثنين للاعتصام أمام الصليب الأحمر، لمطالبتهم بالضغط على الكيان الصهيوني، لوقف تعذيب أبنائنا داخل المعتقلات الإسرائيلية، وعندما نعلم أن أبناءنا قاموا بالإضراب عن الطعام نضرب نحن أمهات الأسرى عن الطعام تضامنا معهم». وطالبت والدة الأسير رامى عنبر، الرئيس الفلسطينى محمود عباس، بالنظر إلى الأسرى ونقل ملف الأسرى لمحكمة الجنايات الدولية، والضغط على الاحتلال لوضع حد لما ترتكبه إدارة السجون من جرائم بحق الأسري، وتوفير احتياجاتهم من مأكل وملبس ومشرب وأدوية، مؤكدة أن عائلات الأسرى تعانى أثناء الزيارات من قوات الاحتلال من نقاط التفتيش، ففى كل دورية عسكرية تفتيش تستغرق من ساعتين لثلاث ساعات، إضافة إلى ما يتعرضون له من الإهانة والضرب، مشيرة إلى أنه رغم أن المسافة من المخيم للسجن لا تتجاوز الساعة، إلا أنها تخرج من المنزل فى الساعة الثالثة فجرا، لتصل فى موعد الزيارة المحدد الواحدة ظهرا ثم تعود للمنزل فى الثالثة فجر اليوم التالي. وتقول والدة الأسير إنه بسبب معاناة التفتيش مات العديد من عائلات الأسرى وهم فى طريقهم لأبنائهم، لقسوة التعامل من قوات الاحتلال، وكثرة معاناة الطريق، إضافة للمعاناة داخل السجن مع الإدارة السجن، وفى العديد من المرات عندما نصل للسجن ترفض إدارة السجن الزيارات، فنعود مرة أخرى دون أن نرى أبناءنا.