فرض الحجاب على الأطفال يقتل براءتهن، كل القوانين لم تتحدث عن إجبار الفتيات عليه فى المدارس إلا أنه ظهرت مدرسة فى السادس من أكتوبر أتت بفعل من أفعال الدواعش فأجبرت الأطفال على الحجاب بأن نظمت حفلات تكرم المحجبات دون غيرهن، وأصدرت لهن شهادات تقدير واعتبرت أن معيار الأفضلية للمحجبة عن غيرها، ولم تنس أن تدعو لهن بالثبات على طريق الإيمان الصحيح على مواقع التواصل الاجتماعى. الحجاب مختلفُ عليه بين الأئمة، منهم من رآه فرضًا وآخر رآه سنة، إلا أنه فى النهاية لا يخرج عن كونه حرية شخصية. كل من ناقشوا قضية الحجاب كانت مناقشته حول ارتدائه للفتيات، أما عند الأطفال فمعظم المتطرفين تحدثوا فى هذه المسألة على حرج. فى مدرسة سورية بالسادس من أكتوبر استخدمت إدارة المدرسة أسلوبًا فى فرض الحجاب، لم تجبر الطلاب بمعنى الإجبار، لكنها ميزت الطالبات المحجبات ومن يرتدين الحجاب عن غيرهن، بل تمادت فى الأمر بأن أقامت لهن حفلات تكريم بمختلف أعمارهن من مرحلة «الكى جى» وحتى الثانوى. «بناة الحضارة» اسم المدرسة التى تبنت الحجاب وفرضته، والحقيقة أنها لم تأخذ من اسمها شيئا فهى أبعد ما تكون عن الحضارة، وأنشئت لتضم الإخوة السوريين القائمين فى وطنهم الثانى مصر. إدارة المدرسة تبدأ خطتها فى فرض الحجاب أولًا بالترغيب وأنه على الفتيات اتخاذ المحجبات فى المدرسة القدوة والمثل مستبعدين أى اعتبارات أخرى وأن التمييز يجب أن ينصب على المتفوقات، الإدارة تكثف خطتها مع الطالبات فى المراحل الإعدادية المختلفة باعتبار أن ذلك الوقت الأنسب فى عمر الفتاة لتتحجب وتقطع علاقتها بالفترة السابقة، وذلك حسب وجهة نظر إدارة المدرسة. القضية المثارة لا علاقة لها بالإخوة السوريين القائمين فى القاهرة فهم أنفسهم يعرفون مدى الترابط الذى جمعهم خلال الفترة الأخيرة، ورغم ما فى الحرب من سوءات فإنه يبقى لها أنها قربت بين الشعبين أكثر مما هو معهود من تقارب، إذن الأزمة لا صلة لها بقضية السوريين وتواجدهم فى مصر. القائمون على المدرسة والإدارة نظموا حفلاً ترفيهيًا لترغيب الطالبات فى ارتداء الحجاب للطالبات وجهزت ديكورات كما لو كان حفلاً لأوائل الطلاب، وبما أن الحفل بعيد عن المنظومة التعليمية فبدأ بكلمة عن الأهمية الدينية للحجاب وأهميته فى طاعة الله ورضاه والقرب منه، مع التأكيد على أن الفتيات فى هذه المرحلة (وكان الذكر للتعميم ولم تحدد أى مرحلة حتى يظن كل الطالبات أنهن المقصودات من ال«كى جي» وحتى الثانوي) وأنه لا بد فى هذه المرحلة من ارتداء الحجاب، دون النظر إلى طاعة البشر، رغم أن ما فعلوه هو المعنى الحقيقى لطاعة البشر بفرض فكرهم كإدارة بتوجهاتها التى لا يعرفها الكثيرون. الأغرب أن الإدارة ذهبت فى تبريراتها إلى أن الحجاب لا يُنصح بارتدائه لأنه يقى من التحرش، ولكن لأنه طاعة لله، وذلك رغم أن الحجاب لا علاقة له بالتحرش، فالمتحرش ينهش المرأة أيًا كانت محجبة أو غير ذلك. المدرسة قدمت «نموذج» أن الفتاة المحجبة مثال للمطيعات الخائفات المسالمات وكانت المراسم الرسمية للحفل تتلخص فيما فعلته مديرة المدرسة بأن قامت بنفسها وألبست الفتيات الحجاب وتقطيع الكيك احتفالاً بما اسمته اليوم العظيم. استغلت المديرة وقع الحفل على الأطفال وكونهن تحت تأثير بهجة الحفل وقدمت هدايا للمحجبات كنوع من التشجيع لغير المحجبات على ارتدائه، وفرقت المديرة قطع الكيك المزينة بكلمة «ألف مبروك الحجاب». المدرسة تبرر بأنها لا تجبر الطالبات على الحجاب كباقى المدارس الأخرى دون أن تُسمى مدرسة واحدة، بل ذهبت إلى أبعد من هذا أنها قالت إن هناك مدارس تشترط فى لوائحها ارتداء الفتيات للحجاب أى أنها تريد أن تبدو رحيمة مع الطالبات، وقالت حسب «شاهر. م» المنسق الإعلامى للمدرسة ومسئول الأنشطة إن الزى المدرسى لا يكتمل إلا بغطاء الرأس. المدرسة نصبت نفسها حاكمًا دينيًا يوجه ويُباشر ويُنفذ، وكأنها تفرض نوعًا جديدًا من التطرف، فما تفعله تمييز عنصري، وأخرجت المدرسة من كونها منشأة تعليمية إلى مسئول عن الطلاب يوجههم ويحدد ثقافتهم وكأنها مُقرر وولى عليهم. المدرسة نصبت نفسها مفتيًا دينيًا بإقرارها بفرضية الحجاب، والأكبر والأخطر أيضًا أنها ذهبت بفرضيته ليس على الكبار فحسب، بل جعلته فريضة أيضًا على الأطفال الذين تجنب بعض الدواعش أن يفرضوه عليهم، فتجاوزت الإدارة والمديرة كل هذا، ولم تحترم حرية الأطفال فى الاختيار، وكأنها شخص انتهازى استل المرحلة العُمرية للأطفال التى لا يتمتعون فيها بجميع عوامل الإدراك لتؤثر على توجهاتهم، وكان الأحرى بها أن تتركهم يقررون وفق ما سيتعلمونه فى المدارس من احترام جميع الآراء والثقافات إلا أنها تريد أن تأخذهم فى اتجاه واحد. كما استخدمت المدرسة طريقًا آخر لمحاصرة الطالبات بفكر الحجاب فلم تكتف بالحفلات والتكريم، بل استخدمت أيضًا وسائل التواصل الاجتماعى فى التمييز للطالبات المحجبات عن غيرهن، فكتب منشورات على صفحة المدرسة تهنئ الطالبات اللائى ارتدين الحجاب ومرفق مع الصورة شهادة تقدير وباقات الورد، ومع كل ذلك دعوة نصها «نسأل الله الثبات على الطاعة بتلك الخطوة». رد فعل أولياء الأمور جاء غريبًا فمعظمهم رحب بأفعال المدرسة، وبعضهم أبدى استغرابه من قدرة إدارة المدرسة على فعل ذلك، ووصف البعض أن أسلوب الحفلة والتكريم بالنسبة لهم كما لو كان له مفعول السحر واعتبروا أن المدرسة نجحت فيما فشلوا فيه هم. أما على موقع التواصل الاجتماعى فعلق كثير من السوريين والسوريات على صور الحفل بالترحيب بما فعلته إدارة المدرسة، والأغرب أن المنسق الإعلامى للمدرسة رأى أنه ليس من حق أحد الاعتراض مادامت رغبة المدرسة تلاقت مع رغبة أولياء الأمور ناسيًا أو ربما متناسيًا أن هناك قانونًا للتعليم يحكم العلاقة بين الطالب وإدارة المدرسة، وأنه لا فرض لزى مدرسى فى أيً من المراحل التعليمية وأنه خاضع لما تقره وزارة التربية والتعليم. المدرسة ضمت ما يزيد على 900 طالب وطالبة 90 % منهم سوريون و5 % مصريون وال %5 الأخرى ما بين أشقاء ليبيين وعراقيين ويمنيين، لم يثبت أن أحدًا منهم طلب أن تتحول المدرسة إلى مدرسة دينية ولو أرادوا ذلك فأمامهم الأزهر. الأغرب أن المدرسة بإدارتها وجدت أن ما فعلته صواب ولم تقبل محاولات المراجعة التى فعلها البعض وقالت إن الفتيات ارتدين الحجاب برغبتهن، بعد الحديث معهن لساعات عن أن طاعة الله تكمن فى الحجاب، وتعريفهن بأن دخولهن المرحلة الإعدادية وبلوغ سن ال13 عامًا يستوجب ارتداء غطاء الرأس. إجبار المدرسة للفتيات على الحجاب جريمة، تُسأل عنها إدارة المدرسة التى عليها أن تعلم أنها خاضعة لوزارة التربية والتعليم وأنه لا فرض فيها للحجاب وأن مثل هذه التصرفات لا يُقدم عليها إلا الدواعش.