رئيس جامعة المنوفية يهنئ الأقباط بعيد الميلاد المجيد    جامعة المنيا تحقق معدلات مُرتفعة في سرعة حسم الشكاوى    سعر الجنيه الإسترلينى فى بنك CIB ب مقابل الجنيه المصري    زراعة الإسكندرية: جار تشكيل لجان مرور لحصر أي مخالفين بزراعة الأرز    سكرتير عام مساعد البحيرة يتابع تنفيذ مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    وزير الري: نعمل على توفير حياة كريمة للمواطنين بالصعيد    الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي تُناقش آفاق التعاون مع وكالة تمويل الصادرات البريطانية    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    رفع أطنان من المخلفات وصيانة أعمدة الإنارة في كفر الشيخ    مصادر العربية: وفد قطري يتوجه إلى القاهرة للمشاركة في مفاوضات اتفاق الهدنة بغزة    اندلاع نيران في خاركيف بأوكرانيا جراء هجمات روسية بعد منتصف الليل    عاجل| السيسي يعزي رئيس مجلس السيادة السوداني في وفاة نجله    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    موعد بيرنلي أمام نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    الداخلية: ضبط عصابتين و171 سلاحا ناريا و298 كيلو مخدرات خلال يوم    عاجل.. حملات للمديريات التموين على الأسواق لتشديد الرقابة على المخابز والأسواق    إصابة 3 أفراد شرطة فى حادث تصادم سيارة "بوكس" بالدقهلية    شذوذ جنسي وشرب الحشيش.. ننشر اعترافات المتهم بذبح طفل شبرا الخيمة    التصريح بدفن طالبة سقطت من البلكونة أثناء نشر الغسيل بالجيزة    مستشار الرئيس: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    صافرة كينية تدير مواجهة نهضة بركان والزمالك في نهائي الكونفدرالية    عفروتو يرد على انتقادات «التقصير والكسل»    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    «الرعاية الصحية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    "دفنوه على عتبة بيتهم".. أبوان يقيدان ابنهما ويعذبانه حتى الموت بالبحيرة    "تطبيق قانون المرور الجديد" زيادة أسعار اللوحات المعدنية وتعديلات أخرى    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام موسم عيد الفطر أمس.. السرب في الصدارة    تامر حسني يوجه رسالة لأيتن عامر بعد غنائها معه في حفله الأخير: أجمل إحساس    طرح البوستر الرسمي لفيلم «بنقدر ظروفك» وعرضه بالسينمات 22 مايو    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «القومي للمرأة» يشيد بترجمة أعمال درامية للغة الإشارة في موسم رمضان 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    رئيس هيئة الدواء يشارك في اجتماع «الأطر التنظيمية بإفريقيا» بأمريكا    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    عمرو وردة يفسخ تعاقده مع بانسيرايكوس اليوناني    تشكيل أرسنال المتوقع أمام بورنموث| تروسارد يقود الهجوم    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدام: العرب خانونى

فى السطور القادمة نستكمل عرض أهم تفاصيل كتاب وصايا الذبيح «التقى والشيطان فى رسائل صدام حسين» للصحفى الأردنى وليد حسنى زهرة الذى منع من النشر فى الأردن لثلاثة أعوام منذ صدوره عام 2009 وكنا قد كشفنا فى الحلقات السابقة مخططات أمريكا وإسرائيل من خلال وثائق أمريكية وإسرائيلية لتفتيت الشرق الأوسط، والمؤامرة الأمريكية للاستيلاء على نفط الخليج والعراق ورصدنا أيضا وقائع تزييف الأمريكان لرواية القبض على صدام وكيف استخدمت واشنطن الإعلام وإمكانيات هوليود لتسويق الحرب والقضاء على صدام، واستعرضنا تفاصيل أخطر حرب دينية قادها المتطرفون دينيا جورج بوش وأعوانه لاحتلال العراق من أجل عودة المسيح وكشفنا أيضا طبيعة الدورين الإيرانى والإسرائيلى فى مساعدة الاحتلال للتمكن من العراق وتفتيته.
فى حلقتنا الأخيرة ننشر أخطر وأهم 4 رسائل صدرت عن صدام حسين فى الفترة بين عامى 2003 و 2006 وهذه الرسائل ضمن 17 رسالة صدرت عن صدام منذ الاحتلال وحتى سقوطه فى أيدى المحتل الأمريكى، ويكشف صدام خلال هذه الرسائل دور عدد من الأنظمة العربية آنذاك فى مساندة الاحتلال والتآمر على العراق، كما يكشف صدام عن معلومات مهمة وخطيرة فى رسالته للشعب الأمريكى ورسالة أخرى لمؤتمر القمة العربية.
الرسالة الأولى
إلى الشعب العراقى
«قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى، قال لا تخافا إننى معكما أسمع وأرى»
من صدام حسين إلى الشعب العراقى العظيم:
حى على الجهاد.. حى على الجهاد.. حى على الجهاد.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد بدأ جهاد إخوانكم ليلحقوا كل يوم خسائر متلاحقة بالعدو المجرم الأمريكى والبريطانى، فكونوا معهم، لأن الله معهم، «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا. وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها. كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون».
وأنتم ترون أن المحتل الجبان يقتل يوميا من إخوانكم وأخواتكم وأبنائكم برصاصه الحاقد دون أن تدان جرائمه من قبل المتسترين بحقوق الإنسان.
وفى عهدكم، عهد العزة والوطن الواحد والأمن، لم يكن هناك من يفتح الباب ليسرق بلدكم، وأقول إن الغزاة الأمريكان والبريطانيين قد سرقوا من ثروتكم الآثار ونفطكم، بل سرقوا من المصارف أموالا تفوق ما يعلنون، وليعلم الجميع أن مصارفكم كانت مليئة بالأموال بمختلف العملات لمودعين وللدولة وقد سرقها الغزاة الذين سيسرقون نفطكم وثروتكم، وليس جديدا أن بوش أو بلير هما لصوص، فهم قتلة.
ولا أكشف سرا الآن، أن ما أنفقته الدول المحيطة بالعراق منذ عام 1968 ولغاية الآن للإضرار بالعراق بسبب مواقفه القومية الشريفة، ولمنع نهوضه، لو قدر وأنفق على تحرير فلسطين وإعمارها لتم ذلك، بل كان يكفى لتحرير كل الأراضى العربية المحتلة من إسرائيل وغيرها.
وبينما احتضن بعض الأنظمة العربية معارضين وهم خونة، وسمح لهم بالتخابر مع cia وبريطانيا، لم تسمح لمقاومين بالبقاء أياما.
ومارست الفئة الحاكمة فى إيران النفاق والتآمر على العرب والإسلام بكل ما أوتيت من خباثة فهى احتضنت جواسيس أمريكا ضد العراق، وساعدت فى حصار العراق، وفضلا عن ذلك إنهم المستفيدون الوحيدون مما يجرى، فقد ساهموا فى التآمر على طالبان وكذلك فعلوا مع العراق، ولن يكون لهم دور إلا فى التآمر على الأنظمة المعادية للإمبريالية الأمريكية.
وإذا كان العراق قد تعرض لحروب وحصار دام 13 عاما وقصفا متواصلا ليدخله الغزاة، فإن ما حدث له قد أصاب الجميع ممن يريدون العيش بكرامة سواء كانوا أنظمة أو أحزابا، أو حتى وسائل إعلام بالخوف، فخضع من خضع، واضطروا حتى لتغيير مفردات الجهاد والدين.
يا شعب العراق العظيم:
إن كثيرا من الأسرار لو كشفناها لتغيرت قناعات وحقائق بخصوص شخصيات وأحداث، لكن الحقيقة الآن التى يجب العمل بها هى مقاومة الاحتلال وطرده وسحقه.
أقول ماذا استفاد الأردن من قيام نظامه بتسليم معلومات ضد العراق وقياداته للغزاة، وماذا استفادت أرض نجد والحجاز من دعم قوات الاحتلال لغاية الآن بالآلات والدبابات والطائرات والأكل والشرب؟
إنهم يكذبون ويحاولون التغطية على جرائمهم عندما يقولون، نقدم مساعدات إنسانية، بعد كل جرائمهم بحق العراق والأمة يقولون مساعدات إنسانية، أما النظام الإيرانى فاحذروا فهم عنصريون وليس لهم علاقة بالنضال الإسلامى.
لقد أوجد الغزاة حالة من عدم الأمن فى العراق، فالسرقة والقتل والاغتصاب والنهب، ممن قدم معهم عار سيبقى عليهم ولن يمر دون حساب الله.
تصوروا أن من يطلقون على أنفسهم معارضة عراقية جاءوا يقدمون الدعم لمحتل ليسرقهم ويحتل بلدهم، ويفصلهم عن أمتهم، ويعترف بالعدو الصهيونى، كلهم سواء، كانوا قد لبسوا العمامة أو القبعة الأمريكية، لا فرق بينهم طالما سببوا لشعبهم هذا الألم والاحتلال.
يا شعب العراق الواحد، إن كل المجتمعين لتقرير مصير حكمكم من الخونة سهلوا العدوان والاحتلال ولن تجدوا بينهم شريفا واحدا.
وأدعوكم يا أبناء العراق أن تجعلوا المساجد مراكز للمقاومة، والانتصار للدين والإسلام والوطن، وأن تشعروا العدو أنكم تكرهونه فعلا وقولا.
الله أكبر، حى على الجهاد، حى على الجهاد، عاش العراق الواحد المسلم العربى وعاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر، الله أكبر وليخسأ الخاسئون.
صدام حسين فى 6 ربيع الأول 1424الموافق 7 آيار 2003
الرسالة الثانية
إلى الشعب العربى والعراقى
«فإن تولوا فقل حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم»
من صدام حسين إلى الشعب العربى العظيم، والشعب العراقى جزء لا يتجزأ من هذا الشعب، إلى من بقيت غيرتهم على هذه الأمة، إليكم جميعا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبعث برسالتى هذه إليكم فى ظروف صعبة تمر بها الأمة، والعراق جزء من هذه الأمة، وأكتب إليكم فى هذا المساء الذى قارب فيه الليل ليخيم بدون كهرباء، والكتابة ليست عملية يسيرة فى ظل الظلام، لكن النضال لن يتوقف، والمقاومة لن تنتهى، والليل لابد أن يعقبه النهار.
يا شعبنا العربى العظيم:
لقد عاهدت الله أن أموت ولا أسلم للعدو الأمريكى والبريطانى الجبان والقاتل، وإذا كانت الجولة الأولى حفلت بالخيانة من قبل أناس باعوا دينهم وأمتهم ووطنهم وعرضهم، فإن النهاية لا يكتبها إلا المؤمنون بالله، والذين سيطردون الغزاة القتلة اللصوص، وأنا أودع شبابا وشابات للقيام بعملية ضد العدو الجبان القاتل، تذكرت كل لحظات التاريخ الإسلامى العربى الناصع، فالمستقبل يصنعه مثل هؤلاء كما سيصنعه أبناء الشعب الفلسطينى المجاهد والعظيم.
لقد احتضنت الدول العربية المجاورة للعراق أو غير المجاورة خونة أطلقوا على أنفسهم معارضة وعندما بدأ العدوان كانوا من ضمن قوات الغزو، فقد سهلت هذه الدول اتصالات وتحركات هؤلاء الخونة مع cia والموساد والمخابرات البريطانية.
كما سهلت إيران وتركيا مثل هذه الاتصالات، وليس بغريب أن من احتضنتهم إيران دخلوا بحماية القوات الأمريكية والبريطانية، وأؤكد لكم أن الصف الأول من القادة لم يستسلموا أو يخونوا ، بل تم تسليمهم من قبل خونة، أو تم تسليمهم من قبل الأردن على الحدود، وأقول هذا حتى تعرفوا أن دخول بغداد لم يكن سهلا حتى مع وجود الخيانة، فكنا نحارب ونحن تحت الحصار مدة 13 عاما، ونواجه أكثر من 500 ألف مجرم من الغزاة، وأكثر من جهاز مخابرات كان يعمل ضدنا، بل إن جميع أجهزة المخابرات المحيطة بالعراق وغير المحيطة من العرب، كانت تزود المخابرات الأمريكية بمعلومات مجانية وتحت باب إظهار الولاء فضلا عن معدات ووسائل اتصال كنا محرومين منها، ومع ذلك لولا الخيانة لكنا صمدنا سنوات نستنزف فيها العدوان دون أن يتمكن من دخول بغداد.
وبعد الذى حدث، أدعوكم يا من بقيت الغيرة لديكم على أمتكم ودينكم أدعوكم أنتم ولا أدعو أنظمتكم للعمل تحت راية الجهاد الله أكبر وكل حسب مقدرته واستطاعته ودرجة إيمانه، ويبدأ هذا الجهاد بالنسبة للجميع بالتالى:
1 مقاطعة العدو الأمريكى والبريطانى والصهيونى.
2 عدم تقديم أى تسهيلات لأى من أفرادهم أو مؤسساتهم، وحتى لدرجة عدم نقلهم بواسطة سيارات الأجرة أو تأجير مساكن لهم.
3 عدم عقد مباحثات مع أى جهة منهم ما لم يكن شعارها لا للاحتلال الأمريكى والبريطانى والإسرائيلى.
4 مقاطعة بضائع الدول هذه، وكل من يؤيد العدوان.
5 عدم التعامل مع أى عراقى فردا أو حزبا أو جهة، إن كان يعبر عن المحتل المجرم، أو كان موافقا أو مؤيدا للاحتلال.
6 أسمعوا حكوماتكم صوتكم، وليتذكروا وأنتم معهم أنكم أبناء بلد واحد وأمة واحدة.
7 إن النضال الحقيقى يجب أن لا يتعرض لممتلكات عامة أو خاصة.
أما الذين يجاهدون بأرواحهم فى سبيل الله والأمة، فأسلوبهم ووسائلهم معروفة لنا جميعا.
وكنت أثناء بدء العدوان أسمع صوتكم يا شعبنا العربى العظيم ومواقفكم المليئة بالرجولة والشرف ولكن للأسف لم تكن الأنظمة العربية بمستوى فهمكم وإحساسكم.
فلم أطلب من رئيس مصر أن يحارب نيابة عنى، لكن طلبنا إيقاف مرور أسلحة الغزاة عبر قناة السويس وعبر الأجواء المصرية، وقد مرت 95٪ من القوات والمعدات التى قتلت إخوتكم فى العراق عبر قناة السويس، وكان تخاذل النظام المصرى سببا فى هذه الأوضاع، فمنذ رحيل الزعيم التاريخى جمال عبدالناصر، رغم الخلاف فى تقييم تجربته، إلا أنه استطاع بنقائه وطهارته الشخصية استثمار ثقل مصر ليجعلها قائدة للشعب العربى ومحبى التحرر من الاحتلال.
الرسالة الثالثة
للقمة العربية فى الخرطوم
الاثنين- 27 مارس- آذار- 2006
أصحاب الجلالة والفخامة الملوك والرؤساء والأمراء العرب
نود أن نشير فى مطلع الرسالة هذه إلى أننا قررنا كتابتها لكم، رغم الخلافات العميقة معكم، وتباين المواقف والاتجاهات، إلا أن ما يجرى ويحيط بالأمة من «عملية كبرى» بدأت فصولها بالتكشف، عملية كبرى ولن نقول «مؤامرة»، فما أكثر ما رددنا هذه العبارة محذرين ومنذرين من المؤامرة الكبرى التى تصوغ فصولها الإمبريالية والصهيونية منذ سنوات طويلة إلا أنه لا حياة لمن تنادى، تجرى أمام العالم خصوصا أمام الشعب العربى.
وفى الوقت الذى كان الشعب العربى فى كل أقطار الأمة يتابع بذهول وغضب مقموع خيوط هذه المؤامرة التى تنفذ فى العراق وفلسطين أمام سمع وبصر العالم والأمم المتحدة، كنتم فى خندق أعداء الأمة، البعض منكم شارك فى تنفيذ المؤامرة، والبعض الآخر حتى إن كان لديه موقف متقاطع إلا أنه وجد نفسه مقيدا فيما البعض الأخير لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، وفى حين وقف الشعب العربى بجماهيره الواسعة والكادحة التى تلهث وراء رغيف الخبز وحبة الدواء والكتاب المدرسى، وقفت هذه الجماهيرة مشدوهة لافتقارها إلى الوسائل المباشرة لإيقاف التدمير والتقسيم والتذويب المبرمج للهوية العربية والإسلامية.
لذلك اسمحوا لنا أن نستعرض أهم ما يجرى، فلعل الله يمكن القمة من تبنى مواقف ليس لنا فيها طموح أكثر من أن تضمن حماية النفس والهوية والوطن من الحريق الذى يتسع يوميا ويلتهم الأخضر واليابس.
فالعراق مثلا والذى يشكل مشهده الآن نموذجا حقيقيا لما ينتظر كل الأقطار العربية، وبغض النظر عن طبيعة أنظمتها السياسية، يتعرض لعملية تقسيم مخططة ومنظمة ليس منذ غزوه فى عام 2003 بل قبل ذلك بزمن طويل، تجسدها خطوات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة والمتصلة عضويا ببعضها البعض، وأولها غزوه عسكريا تحت غطاء حجج واهية ثبت فيما بعد أنها كاذبة وأن الإدارة الأمريكية لفقتها عمدا لتبرير الغزو، حيث كانت هذه الخطوة مدخلا حتميا لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات.
هذه الحقيقة لم تعد موضع اجتهاد أو اختلاف، فمنذ اليوم الأول لاحتلال بغداد نفذت الولايات المتحدة خطة تدمير الدولة وحرق ونهب مؤسساتها والقضاء على جميع الخدمات العامة، وحلت الجيش وقوى الأمن الداخلى لضمان استشراء عمليات التدمير والنهب والحرق واللصوصية ووصولها إلى النهاية المطلوبة، تحويل العراق إلى غابة يحكمها قانون الغاب، وتحت ضغط سيادة منطق العصابات والقتل والموت اليومى.
كان الأمريكان والبريطانيون والصهاينة يتوقعون تفكك وتفسخ النسيج الاجتماعى والروابط الاجتماعية، وانهيار منظومة القيم السائدة، فيضطر كل إنسان إلى البحث عن خلاصه عبر حماية قوات الاحتلال.
وجاء وضع الدستور من قبل قوات الاحتلال ليصبح القابلة الرسمية التى تولد التقسيم، فلقد اعتمد المحاصصة الطائفية والعرقية، واختار الفدرالية نظاما لبلد لم يكن فى تاريخه إلا محكوما بنظام مركزى بسيط، وقدم ملايين الدولارات لإنشاء أحزاب جديدة على أسس طائفية وعرقية، وأنشأ أجهزة قمع على أسس طائفية وعرقية من أجل البدء بسفك الدماء على الهوية الطائفية والعرقية، وصولا لإجبار العراقيين على الدفاع عن النفس، ومن ثم الوقوع فى فخ التقسيم العرقى الطائفى.
وفى هذا الإطار تعمد الاحتلال متعاونا مع إيران، طارحا قضية مفتعلة وغير صحيحة، حول مظلومية فئات عراقية بسبب طائفتها أو انتمائها الإثنى، وروج لإذكاء الفتن والنعرات الطائفية والعرقية، عرفت بما يسمى بالمقابر الجماعية، فى عملية تحريض صريح على نشوب حرب أهلية.
وهكذا وفى أجواء التغييب العمدى والمخطط لقوة الدولة الضابطة لأمن الناس، عاش العراقيون ثلاث سنوات من العذاب والحرب النفسية، وكانت قوات الاحتلال كلما فشلت خطة لإشعال حرب أهلية لجأت إلى أخرى أشد قوة، حتى وصل الوضع إلى حد تفجير قبة الإمام الهادى «رضى الله عنه» فى سامراء، وبدء حملة دموية للقتل على الهوية الطائفية والتهجير القسرى على الهوية الطائفية أيضا.
كل ذلك لتبدأ صفحة الحرب الأهلية، ومن ثم الدخول فى تنفيذ مشروع تقسيم العراق إلى ثلاث دول وفقا للمخطط الصهيونى الأمريكى، وهذه الحقيقة أكدها الموقف الرسمى الأمريكى الذى عبر عنه «دونالد رامسفيلد» وزير الحرب الأمريكى الذى قال صراحة، بأن القوات الأمريكية لن تتدخل إذا نشبت حرب أهلية.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
إننا فى ضوء ما تقدم نتساءل: ما السر الذى يجعل أمريكا وهى التى تحتل العراق وتتحمل مسئولية الحفاظ على أمنه وثرواته وحياة أبنائه طبقا للقانون الدولى، ترفض القيام بواجبها الأساسى من هذا المنظور فى حماية شعب العراق ومنع الحرب الأهلية، وما السر فى إصرار أمريكا على تسليح وتدريب وحماية المرتزقة، خصوصا فيلق بدر التابع لإيران، وتسليمهم وزارتى الداخلية والدفاع، وإصدار الأوامر إليهم بالاشتراك فى تنفيذ العمليات القذرة والإجرامية، مثل تدمير مدن كاملة، واغتيال عشرات العراقيين يوميا، وما السر فى استمرار التحالف الأمريكى- الإيرانى فى العراق، وتعاون الطرفين فى ارتكاب المجازر وتدمير العراق رغم وجود خلافات معلنة بينهما، وما السر فى استبعاد بقية مكونات شعب العراق عن القوات المسلحة وقوى الأمن الجديدة، وأخيرا وليس بآخر، ما السر الذى يجعل أمريكا تشكل جيشا جديدا وقوى أمن جديدة لكنها تسلحها بأسلحة خفيفة بالدرجة الأولى، وتأمرها بالقتل على الهوية الطائفية.
إن هذه التساؤلات وغيرها لا يمكن الإجابة عليها إلا بالاعتراف بأن أمريكا قد خططت لتقسيم العراق، وأن الخطوات التى اتخذتها من تدمير الدولة وحل الجيش وفرض قانون الغاب، ومنع تشكيل جيش قوى يستطيع فرض الأمن، وبغض النظر عن الجهة التى تأمره، ما هى إلا إعداد متدرج للتقسيم.
وتقسيم العراق ليس مجرد استنتاج أو حالة نرى مقدماتها على أرض الواقع العراقى اليوم فقط، بل هى أيضا خطة معروفة تبنتها الحركة الصهيونية العالمية قبل إنشاء الكيان الصهيونى وبعدها وأبرز الوثائق هى تلك التى كتبها «عوديد ينون»، حينما كان مستشارا ل«مناحيم بيجن» رئيس وزراء إسرائيل فى مطلع الثمانينيات، والتى حملت عنوان «استراتيجية إسرائيل فى الثمانينيات»، وذكر فيها أن بقاء إسرائيل مرتبط بالنجاح فى تقسيم الأقطار العربية كلها سواء فى المشرق أو المغرب العربيين وأن متطلبات نجاح خطة التقسيم هذه تحتم تعاون إسرائيل مع دول الجوار غير العربية، كتركيا وإيران فى آسيا وإثيوبيا وأوغندا وغيرهما فى إفريقيا، إضافة للركن الثانى لنجاح الخطة وهو دعم الأقليات الإثنية أو الطائفية أو الدينية فى الوطن العربى، وتشجيعها على الانفصال بكل الطرق.
كما أن هناك جهات أمريكية تساهم فى تهيئة المناخ لصنع الاستراتيجيات والقرارات دعت لتقسيم العراق، ولعل أوضحها هى تلك التى أعلنها الباحث الأمريكى المؤثر «ليزلى غيلب» والتى دعا فيها أمريكا إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دول، فى تطابق كامل مع ما ذهب إليه المخطط الصهيونى.
إذن يا أصحاب الجلالة والسيادة والسمو، إن ما يجرى فى العراق ليس أعمالا عفوية أو ناتجة عن أخطاء ترتكبها أمريكا، كما قيل عن حل الجيش العراقى، بل هى خطوات مترابطة ومتعاقبة هدفها النهائى عراقيا، هو تقسيم العراق إلى ثلاث دول، دولة كردية فى شمال العراق، ودولة سنية فى الوسط، ودولة شيعية فى الجنوب.
وبحكم قانون التعاقب هذا الذى يحكم الخطة الأمريكية- الصهيونية، فإن الهدف النهائى عربيا، هو أن تكون شرذمة وتفتيت العراق عامل تعجيل وحسم فى شرذمة الأقطار العربية الأخرى، والقضاء على عوامل النهضة وتضميد الجروح.
وفى ضوء قانون التعاقب هذا نرى الرابطة الواضحة بين ما يجرى فى العراق وما يجرى فى فلسطين والسودان وسوريا ولبنان، وما يهيأ له فى مصر والسعودية والخليج العربى ودول المغرب العربى.
ففى فلسطين نرى بوضوح تام أن ضامنى اتفاقيات السلطة الوطنية الفلسطينية مع إسرائيل يغيرون مواقفهم ويتواطأون مع إسرائيل فى الانقلاب على كل الاتفاقيات، والسعى الواضح لدى أوساط إسرائيلية نافذة لتطبيق خطة «الوطن البديل» الشارونية، وأخيرا وليس آخرا نرى أمريكا وأوروبا تقفان خلف إسرائيل فى رفض التعامل مع حماس رغم فوزها فى الانتخابات فما المعنى البعيد الذى تنطوى عليه هذه السياسة؟!
من الجلى تماما أن المطلوب هو تخلص إسرائيل من عبء غزة الاقتصادى والسكانى، والتعامل الانتقائى مع الضفة الغربية، لأجل تحقيق هدفين، الأول حماية الطابع اليهودى لدولة إسرائيل، والثانى هو التخلص من الفلسطينيين ومن اللاجئين فى العالم عبر إقامة الوطن البديل فى الأردن، وإسكان أربعة ملايين لاجئ فلسطينى فى غرب العراق بعد تقسيم الأخير.
وفى السودان افتعلت مشكلة دارفور وصعدت لأن المطلوب هو تقسيم السودان بفصل جنوبه وشرقه والقضاء على عروبته.
إن الإصرار الغربى على التدخل الدولى فى دارفور لا تفسير له سوى أن الغرب يريد التخلص من السودان كقطر عربى عبر تقسيمه وأفرقته تدريجيا، ولذلك نرى أن كل المرونة الزائدة عن الحد التى عبرت عنها الحكومة السودانية لتلافى التقسيم والتدخل لم تنفع ولم تغير من السير فى تنفيذ المخطط.
وما يجرى فى سوريا ولبنان مثال آخر على الإصرار الغربى الصهيونى على تفتيت الوطن العربى، فبالرغم من تعاون الحكومة السورية مع الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص العراق، فإن هدف تغيير الوضع فى سوريا مازال ثابتا، ويزداد إصرار الولايات المتحدة على ذلك، وتختلق القصص الكاذبة كما فعلت مع العراق، لأجل السيطرة على سوريا.
وكان اغتيال الحريرى هو «الحجة الكبرى» للتآمر على سوريا، وتحشيد تيارات لبنانية ضد سوريا هو جزء أساسى من المؤامرة، كذلك فإن الإصرار الأمريكى الإيرانى على إبقاء فتنة الحوثى فى اليمن مشتعلة هو مؤشر على أن اليمن يجب أن يتعرض لأزمات خطيرة ومدمرة.
أصحاب الجلالة والسيادة والسمو
إذا كان هناك من يعتقد أن بؤر التآمر تقتصر على ما ذكرنا فإنه يقع فى وهم قاتل، لأن المؤامرة الكبرى تشمل كل الأقطار العربية بلا استثناء، فتقسيم العراق وسوريا ولبنان والسودان وإلغاء الأردن وإقامة الوطن البديل فيه، سيعقبه إذا تحقق، لا سمح الله، إلغاء السعودية بتقسيمها إلى إمارات وإقامة كيانات منفصلة باسم البربر فى المغرب العربى، وتقسيم مصر إلى دولة قبطية وأخرى نوبية وثالثة عربية، وإخلاء أغلب دول الخليج من السكان، وتحويلها إلى منطقة استثمار بترولى، وليس لها من سيادة الدولة إلا الناحية الشكلية.
إن من الخطأ ألا نرى الأهداف البعيدة والمتوسطة للحملات والضغوط الأمريكية المستمرة ضد السعودية ومصر وغيرهما، تارة باسم الديموقراطية، وتارة أخرى باسم الإرهاب والإصلاحات السياسية وفق الأجندة الأمريكية.
كما تمت تهيئة المشهد الذى يجرى فى العراق منذ السبعينيات، فإن ما سيجرى للأقطار العربية التى تهاجم واشنطن الآن، ما هو إلا إعداد لعمل مستقبلى ضدها لا يختلف عما يجرى فى العراق الآن.
إن الدليل الواضح على أن قانون تعاقب تنفيذ المخطط هو الموقف الأمريكى من سوريا، فبالرغم من علاقة التعاون الوثيق التى نشأت بين سوريا وأمريكا خصوصا منذ العدوان الثلاثينى على العراق، الذى اشتركت فيه سوريا، فإن أمريكا أبقت خطة السيطرة على سوريا واحتوائها حية، ولكن مؤجلة للزمن المحدد لها، وها هو هذا الزمن يأتى ونرى كيف أن سوريا التى عدت جزءا من التحالف الدولى ضد العراق، وخرجت بما أسموه دول إعلان دمشق وضد الإرهاب تتحول إلى هدف أمريكى جديد.
وأخيرا لابد من التذكير بأن ما نشر فى الإعلام الأمريكى، وما يطرح فى الكونجرس الأمريكى من مشاريع وخطط ضد مصر والسعودية وغيرهما، ليس سوى إعداد متدرج لعمل عدوانى مستقبلى قادم يستهدفهما لا محالة.
أصحاب الجلالة والسيادة والسمو:
يطيب لنا أن نذكركم بما قاله المرحوم الملك فهد فى نهاية الحرب العراقية الإيرانية أثناء اجتماع له مع قادة دول الخليج العربى: يجب أن نقيم للرئيس صدام حسين تماثيل فى كل مدينة خليجية فلولاه لكنا شحاذين نتسول فى الأزقة الفقيرة فى الهند.
إن ما قاله المرحوم الملك فهد رحمة الله عليه يكتسب أهمية أكبر الآن، لأن مصيركم كحكام، ومصير الأقطار العربية يتوقف على ما يجرى فى العراق، فلئن جمدت انتصارات المقاومة العراقية خطط أمريكا ضدكم شخصيا وضد أقطاركم، فإن أى ضعف للمقاومة العراقية سيجعل من قول الملك فهد واقعا.
إن النجاح الأمريكى فى العراق يعنى حتما ويقود حتما إلى زلزلة عروشكم ومراكزكم وكراسيكم كحكام، وإلى تقسيم أقطاركم، وحلول اللعنة علينا وعليكم جميعا، لذلك ننصحكم مخلصين صادقين ألا تدعموا فى العراق من لا يستطيع الإمساك به والسيطرة عليه، وهم أشخاص مهما كانوا، يفتقرون للقدرة والخبرة، بل يجب عليكم أن تراهنوا على الأسود الذين أذلوا أمريكا، وفى نفوسهم تعلو كلمة الله وحماية الأمة العربية على أى اعتبار، بما فى ذلك خلافاتهم معكم.
إن قمتكم يمكن أن تكون طريق خلاصكم، كما يمكن أن تفضى إلى قبوركم، والخيار لكم، وإن كنا ننصحكم ونتمنى أن تختاروا حماية أنفسكم وعوائلكم وجماهير الأمة وأقطاركم بفتح قلوبكم لأسود العراق المقاتلين وإسنادهم فى المواجهة التاريخية التى تعتبر مصيرية بالنسبة للعرب جميعا.
إن انتصار العراق على الاحتلال سيؤدى حتما إلى انهيار الترتيبات الصهيونية فى فلسطين، وإلى تحرير سوريا ولبنان والسعودية ومصر من التهديدات الأمريكية، وإلى إيقاف تنفيذ مخطط تقسيم المغرب العربى إلى عرب وبربر، لذلك فإن قمتكم وهى ترى الصورة بكامل تفاصيلها، مسئولة أمام الله والأمة العربية والإسلامية والتاريخ عما ستتخده من قرارات.
وفقكم الله وسدد على طريق التحرير والوحدة والخير خطاكم.
رفيقكم: صدام حسين المجيد
رئيس جمهورية العراق
الرسالة الرابعة
من الأسر إلى شعوب أمريكا
بسم الله الرحمن الرحيم
(مِنَ المُؤمِنِين رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَليه فَمنْهُم مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمْنُهمْ مَنْ يَنْتَظِرْ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا، ليَجْزِىَ اللُه الصَّادقَين بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذَّبَ المُنَافِقينَ إنْ شَاءَ أو يَتُوب عَليْهِمْ إنَّ الله كانَ غَفُورًا رَحيما... ورد الله الذينَ كَفَرُا بِغَيْظِهٍمْ لمْ يَنالوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ المُؤمِنِين القتالَ وَكانَ الله قَوِيًا عَزيزًا..) صدق الله العظيم
أيتها الشعوب الأمريكية
السلام على من آمن بالسلام ورغب به ورحمة الله وبركاته
أتوجه إليكم فى هذه الرسالة من مكان اعتقالى كمحاولة منى على أساس مسئوليتى الأخلاقية والإنسانية والدستورية، لكى لا يقول قائل منكم إن أحدا لم يتوجه إليكم بالسلام بعد الحرب، إسقاطا للحجة ورغبة فى السلام لكم ولشعبنا البطل الوفى الأمين.
وعندما أقول هذا، فأنا لا أعرف إن كان إخوانى ورفاقى الذين يقودون المقاومة خارج السجن قد وجهوا أو لم يوجهوا إليكم رسالة من قبل، ذلك لأن ديمقراطية حكامكم قد منعت على منذ اعتقالى وحتى الآن الصحف والمجلات والراديو والتلفاز وحجزتنى عن العالم، وحجزت العالم عنى لكى لا أسمع شيئا من خارج معتقلى ولا أرى، أليس هذا هو الوجه الحقيقى للدعوة إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان خارج أمريكا؟ أم أن حكامكم كذبوا فيها، ومنها قتل الناس داخل السجون والمعتقلات بعضهم بمسدسات المحققين الأمريكان، أم أن كل هذا ومعه تفاصيل أخرى يشيب لها الرأس الفطين، قد حجبها عنكم مسئولوكم فلا تعرفون الحقيقة؟
على أية حال أوجه إليكم رسالتى هذه أملا أن تصل إليكم وتسمعوها أو تقرأوها، وعلى أساس مسئوليتى فى وضع الحقائق أمام الناس مهما كان لونهم وجنسياتهم وهو حقهم علينا، مثلما حقنا عليهم ألا يقبلوا المنكر.
أخاطبكم اليوم، وقد كلفت موكلى الأستاذ المحامى الجليل رمزى كلارك ليحمل إليكم هذه، ولقد أعطى الأستاذ رمزى أحسن الصور والانطباعات الإنسانية فى شخصه، وفى شخص زميله الأستاذ دوبلر وتركا انطباعا إيجابيا فى شعبنا عنهما.
إننى فى هذه المناسبة أحيى شجاعتهما، وقد تطوعا للمهمة رغم أنهما يعرفان المخاطر التى تحيط بهما فى إنجاز واجبهما، خاصة بعد أن قتل المجرمون أربعة من محامى الدفاع.
أيها الأمريكيون
مازلت أرى أن المسئولين فى حكومتكم مازالوا يكذبون عليكم، ولا يعطون تفسيرا حقيقيا للأسباب التى جعلتهم يندفعون إلى ما اندفعوا إليه فى عدوانهم على العراق، ولقد غشوا فيما أعلنوه من أسباب عند خط البداية، ليس فقط المجتمع الدولى، وفى مقدمته مجتمع أوروبا فحسب، وإنما غشوا الشعوب الأمريكية نفسها، مع علمهم المسبق بأن الحقيقة نقيض ما كانوا يعلنون، وليس صحيحا قولهم بعد أن انكشفت أكذوبتهم بأنهم خدعوا من أجهزة استخباراتهم، ومن جاءوا بهم من العملاء لينوبوا عنهم فى العراق، مثلما كانت تفعل الإمبراطوريات القديمة وإمبراطوريات القرن التاسع عشر والعشرين.
نقول الذى نقوله مدعما بأسباب رئيسة وغيرها كثير وكما يلى:
1- إن فرق التفتيش التى كانت تحضر إلى العراق باسم الأمم المتحدة، والتى فتشت حتى بعض بيوت المواطنين ودوائر الدولة بما فى ذلك القصور الرئاسية ووثائق الحكومة، كانت تعلم أن العراق خال من أسلحة التدمير الشامل، لأن أغلب أصحاب النفوذ فى تلك الفرق كانوا أمريكان وبريطانيين، بالإضافة إلى ما لديهم من جواسيس ومتبرعين من جنسيات أخرى، وإن تلك الفرق فتشت العراق جزءا جزءا، ومن أقصاه إلى أقصاه ولم تعثر على معلومات مناقضة لما كان يعلنه لهم ولغيرهم ممثلو حكومة العراق، وإن التفتيش استمر أكثر من سبع سنوات.
واشتركت فى التفتيش إضافة إلى الفرق السيارة والراجلة طائرات التجسس، والطائرات السمتية إضافة إلى الأقمار الصناعية، وإن المسئولين الأمريكان والإنجليز ظنوا أنها فرصتهم التاريخية لضرب العراق، وتحطيم تطلعاته المشروعة وشوامخه الحضارية والعلمية التى بناها طيلة خمس وثلاثين سنة، مستفيدين من المعلومات التى جمعها التجسس لهم فى فرق التفيش، مستغلين ما سمى بالحرب على الإرهاب بعد حادث 11 أيلول الذى أصاب أمريكا، فخلطوا الأوراق إنجازا لأهداف قرروها مسبقا، وليس الأهداف التى أعلنوها ابتداء عند خط البداية، وكان تقديرهم أن الحصار الظالم لم يدمر الإرادة العراقية، ولا أوقف التطلع المشروع فى البناء الاقتصادى والثقافى والعلمى والحضارى فى ظل الاستقلال الجديد، وأن العراق صار قريبا آنذاك من أن يكسر الحصار الاقتصادى نتيجة تعاون من تعاون معه على أساس المصالح المشتركة، ويضاف إلى ذاك المشاعر القومية الأخوية للعرب.
ولقد ظن المسئولون فى بلدكم أنها فرصتهم ليفرضوا إرادتهم على العالم من خلال سيطرتهم على نفط الشرق الأوسط وإنتاجه وتسويقه بأسلوب ولأهداف جديدة سبق أن تحدثنا عنها فى وقبل العام 2003, بالإضافة إلى تحقيق هدف صهيونى مهم، وربح تأييدهم الانتخابى، ولقد لعبت إيران دورا قذرا هى وعملاؤها فى تزيين العدوان وتسهيل مهمته.
2- إن المسئولين الأمريكيين لم ينسحبوا من العراق، بعد أن اضطروا فأعلنوا الحقيقة المناقضة لما أدعوه قبل العزو الذى حصل فى آذار ونيسان من عام 2003 فلو كانوا صادقين فى قولهم أنهم خدعوا بما تلقوه من المعلومات التى اتخذوها غطاء لغزوهم، وأعلنوها فى حينه بأنها كافية لتسويغ الغزو بأسباب تتصل لما قالوا بأمن الولايات المتحدة الأمريكية، لكانوا انسحبوا من العراق بعد اكتشافهم كذب المعلومات، واعتذروا لشعب العراق البطل وللشعوب الأمريكية وشعوب العالم لما فعلوه.
ثم لم يسأل أحد من الأمريكيين قبل الحرب حكومتهم، كيف يهدد العراق أمن دولة مثل أمريكا عبر الأطلسى وهو لم يخرج بعد من خانة التخلف، ثم لماذا يهدد العراق أمريكا وهى لم تحتل آنذاك أرض العراق، أما إذا كان المسئولون الأمريكيون قد أرادوا تسويق الزعم بتهديد العراق لأمريكا مندمجا بالمواقف المتباينة بين العراق وأمريكا من الاحتلال الصهيونى لأرض فلسطين وأراض عربية بعينها، فليس العراق هو الدولة الوحيدة الذى لدولته مواقف متباينة مع أمريكا من هذه القضية، لا بين العرب ولا بين دول العالم، ثم من الذى خول أمريكا لتجعل دول العالم تلبس على مقاساتها المواقف السياسية، وإن لم تفعل تشن عليها الحرب، وكيف يمكن أن تفهم دعوة أمريكا إلى الديمقراطية إذا كان لا يسمح باختلاف الرأى حتى فى قضايا ذات طابع إقليمى قبل أن تكون ذات تأثير دولى؟!
أما القول الكاذب الآخر فهو قول المسئولين الأمريكان بأن العراق له علاقة بما أسموه بالإرهاب، ومع أن رئيس وزراء بريطانيا بلير أعلن أن ليس للعراق علاقة بما سموه بالإرهاب وليس لديه أسلحة محظورة دوليا مما اضطر بوش أن يعلن نفس الشىء.
ومع ذلك لم يسأل أحد من الشخصيات الأمريكية المهمة الرئيس بوش على أى شىء من التحليل المنطقى استند فى هكذا ادعاء، أو على أى شىء من المعلومات الواقعية؟
أتعرفون لماذا لم تسألوه أيها السادة؟
لأن بعض إعلامكم الموجه من قوى خفية فيما يعمل، قد شوه لكم مواقف العراق بمقدمات امتدت سنين ليسهل العدوان عند خط شروعه الأولى، ولذلك لم يسأل أحد المسئولين الأمريكان مثلا، لماذا لم يشترك فى أحداث الحادث عشر من أيلول أى عراقى؟!
ثم إذا كان الاشتراك فى ضرب أهداف داخل أمريكا لم يتخذ دليلا على ضلوع أى من أقطار الذين اشتركوا فى تلك الأحداث، كيف اعتبروا دولة مثل العراق بخصوصية نظامها المعروفين متهما بما يسمى بالعلاقة مع الإرهاب، واعتبر هكذا تهمة واحدة من اثنتين سوق على أساسها العدوان على شعب العراق وتدمير ممتلكاته وإنجازاته، وتهديد حياته يوميا وتفصيليا.
أتعرفون أيها الذوات، إننى سألت أحد المسئولين الأمريكان من المحاورين لى بعد اعتقالى ربما بأسبوعين، على أى شىء استندتم فى هاتين التهمتين الباطلتين، قال أما أسلحة التدمير الشامل فليس لدينا ما يؤيد قولكم، وأما العلاقة بالإرهاب لأنك يا صدام حسين لم تبعث للرئيس بوش برقية تعزية حول الحدث فابتسمت بمرارة وقلت له، أما قولك لم يكن لديكم ما يؤيد قولنا فيبدو أن المسئولين عندكم يكذبون ويتصورون أن المسئولين فى دول العالم لا يصدقون، أو أن الكثر ممن لكم علاقة معهم لا يصدقون القول، لا عندما يعارضون سياستكم ولا عندما يوافقونكم عليها، وهذا خطير ليس على دول العالم فحسب وإنما قبلهم على أمريكا، عندما لا يقول لها فى العالم ناس إن هذا خطأ وذاك مرفوض.
ففى ذاك الوقت الذى كانت الطائرات الأمريكية تضرب أهدافا فى العراق، وتدمر ممتلكات عامة وخاصة، وتقتل مواطنين عراقيين ومنهم أطفال ونساء بلا سبب، ويفرض على العراق حصار ظالم حرم على العراق استيراد حتى قلم الرصاص الذى يستخدمه طلاب المدارس الابتدائية فى مدارسهم، فأى شىء يجعل صدام حسين ملزما بأن يبعث برقية تعزية إلى رئيس دولة قام المسئولون فيها بكل تلك الجرائم غير أن يكون ذاك نفاقا أو ضعفا، ولأننى لست منافقا ولا ضعيفا لم أبعث إلى بوش برقية تعزية، ولكننى وافقت على برقية وجهت من الرفيق طارق عزيز نائب رئيس الوزراء إلى صديقنا رمزى كلارك تضمنت مواساة باسم حكومة العراق إليه ومن خلاله إلى الأسر المنكوبة، ثم إلى هذا الحد غرور الدول الكبرى بحيث الذى لا يبعث برقية مواساة تشن عليه وعلى دولته وشعبه حرب.
وهكذا ترون كيف استغل المسئولون الأمريكان حتى دماءكم ليسوقوا سياستهم العدوانية الهوجاء، فهل هذا من أخلاق الناس، الرجال، المسئولين.
ليس أبلغ من أن تفترس الدواهى أهلها إذا أصابهم الغرور، وعملوا باطلا واستهتروا واستهانوا بدور الآخرين، وإن أبرز أمراض المسئولين الأمريكان الذى ورطهم بالحرب على العراق هو هذه.
3- بعد اعتقالى بسبعة أيام وبعد أن فشل أسلوب التهديد والوعيد الذى أعلنوه لى عن طريق أحد جنرالاتهم، ومساومته لى بالإبقاء على حياتى إذا وافقت على بيان معد عرض على لأذيعه بصوتى وأوقعه، ويدعو ذاك البيان التافه شعب العراق والمقاومة الباسلة إلى إلقاء السلاح، وإذا رفضت فيكون مصيرى أن أعدم رميا بالرصاص مثلما حصل مع موسيلينى - على حد ما قال محدثى - ولكننى ومثلما تعرفون عنى وتتوقعون منى رفضت ذلك بإباء، بل رفضت أن يمس ذاك البيان القذر يدى فينقض طهرها، وقلت لهم إذا توفرت لى فرصة مخاطبة شعبى فإنى سأدعوه إلى مزيد من المقاومة، مما فت فى عضدهم.
وبعثوا لى بفريق حوار قالوا إنه من إحدى الجامعات الأمريكية وينوى إجراء حوار عام معى وقد وافقت، وأكدت لهم أن العراق لا يملك شيئا مما ادعاه المسئولون الأمريكيون، ونصحتهم بأن يتركوا العراق بسرعة ويعتذروا للشعب، وحذرتهم بأنه سيصيبهم ما هو واقع عليهم وما يواجهونه الآن، بل إن ما أتوقعه لهم من مصير هو أسوأ مما يواجهونه الآن، وسوف لا يجدون فرصتهم الكافية ليسحبوا أسلحتهم ووسائلهم من العراق إذا أطبق النصفان عليهم، وسيطبق النصفان عليهم إن شاء الله، لأن شعبنا أصيل وواع، ويعرف أن تحرره يصير ناجزا نظيفا بوحدته، وإن التسامح ينبغى أن يكون الأساس فى توجهات شعبنا داخل صفوفه، ورتق الجراح وليس فتقها.
أقول قلت لهم كل ذاك فى حينه، ولكن لم يغيروا أساليبهم، ولم يستبدلوا مفاتيح الزور، وما زالوا يطرقون الأبواب الخطأ، ولم يحاولوا على الباب المشروع رغم أنهم يعرفونه.
4- ليس معقولا ولا مقنعا أن دولة مثل أمريكا وقد انفتحت أمامها أبواب استخبارات الشرق، وأغلب دول الغرب وليس بإمكانها أن تعرف.
ورغم أننى مقتنع وأظن أن لكثير من دول العالم مصلحة فى حرب أو حروب، فليس من مصلحتها الحرب وإن تحسبت لها، بل نقيض مصلحتها، وهى دولة كبيرة عبر الأطلسى وقد انفردت فى قوة مميزة حتى ظن البعض فيها متوهما أنها الطريق إلى تاج العالم كإمبراطورية عالمية وحيدة، ولم تأخذ درسا من حربها فى فيتنام، رغم أن ما كان يروج له الغرب آنذاك بأن الشيوعية العالمية والكتلة السوفيتية يهددان المصالح بل الأمن الغربى كله أيضا، وإن كان ذاك غطاء مهلهلا، فقد استخدته أمريكا وتدثرت به حتى أخرجها الشعب الفيتنامى البطل بالقوة.
أما غزوها للعراق فقد جاء فى ظرف جعل قاعدة البداية سهلة على مستوى رد الفعل الدولى بسبب اختلال التوازن الدولى، ولكنه جاء فى ظرف قد تكون حربها فى فيتنام أقل تضحية.، وذلك لأن أمريكا عندما خرجت من فيتنام مطرودة لم تفقد اعتبارها، أو لنقل لم تفقد إلا جزءا ضئيلا من اعتبارها، ولكنها عندما تخرج مطرودة مدحورة من العراق الذى ليس هنالك من يسنده بصورة مباشرة من الدول الكبرى، فإنها ستفقد الثقل الأساسى من اعتبارها، بل هى الآن فقدت أساسياته وصارت سمعتها فى الحضيض، ولم يعد بإمكانها أن ترفع الهراوة التى كانت تهدد باستخدامها وكانت تنجز بالتلويح باستخدام القوة أكثر مما تحققه بالاستخدام الفعلى بل ونقول أكثر، إن هاتك الهراوة بعد حربها على العراق لم تعد تخيف إلا القليل، وصارت أمريكا تحتاج إلى سكوت أصغر وأبسط الدول، وتحاول إرضاءها لتسكت عن جرائمها وسياساتها الطائشة المنحرفة، بينما كان كثير من العالم قبل ذاك يخطب ودها وأغلبية دول العالم إلا قلة كانت تخشى تهديدها أو صدها عنها احتجاجا.
أما الآن فإن طيب الذكر ماوتسى تونج قد يقهقه فى قبره لأن نبوءته قد تحققت فى قوله إن أمريكا نمر من ورق، وذلك بفضل إرادة الله الحى القيوم وبفضل وسيلته فى الأرض، المجاهدين الأبطال فى عراق المجد والفضيلة والنضال والجهاد، فطوبى لشعب العراق البطل وطوبى للجهاد والمجاهدين.
صدام حسين
رئيس جمهورية العراق والقائد العام للقوات المسلحة المجاهدة
فى 7/7/.2006∎


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.