الترقب هو الحالة السائدة أو العنوان الأبرز فى منطقة الخليج انتظارا لما سوف تسفر عنه قمة كامب ديفيد يوم الخميس المقبل، التى تجمع الرئيس الأمريكى باراك أوباما بزعماء دول الخليج فى محاولة منه لتمرير الآثار السلبية للاتفاق النووى المحتمل مع إيران. أوباما ليس فى جعبته ما يعطيه لدول الخليج سوى تطمينات يدرك قادة الخليج أنها فارغة، وأن سياساته فقدت مفعولها ولم تعد تقنع أحدا فى الخليج المتعافى على إيقاع عاصفة الحزم، لذا استبقت قمة الخليج التشاورية التى استضافتها الرياض الثلاثاء الماضى وبحضور الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند بما يبدو أنه إعلان رسمى لميلاد محور خليجى فرنسى، تتحرر من خلاله دول الخليج من الارتهان التاريخى السياسى والعسكرى للحليف الأمريكى، فلقد سعى الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند لاقتناص الفرصة التاريخية لإعادة فرنسا إلى الشرق الأوسط من باب الرياض الواسع على حساب الفشل الأمريكى وسياسات إدارة أوباما المرتبكة والضبابية، والتى تشير إلى أن أمريكا قد أدارت ظهرها لدول الخليج واتجهت صوب طهران. هولاند الذى يعد أول رئيس غربى يشارك فى قمة خليجية، وثانى رئيس أجنبى بعد الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد الذى شارك فى قمة الخليج بالدوحة عام 2007م، استبق حديثه أمام القمة الخليجية بالإعلان عن صفقة بقيمة تجاوزت 6 مليارات يورو باعت بموجبها فرنسالقطر 24 طائرة رافال، كما أعلن وزير خارجيته لوران فابيوس عن وجود 20 مشروعا فرنسيا سعوديا مشتركا تتجاوز قيمتها العشرة مليارات يورو، وهناك العديد من الصفقات العسكرية والاقتصادية يتم التعاقد بشأنها فى دولة الإمارات. نجح هولاند فى أن يردد على أسماع القمة الخليجية ما يريد أن يسمعه قادة دول الخليج ويصادف هواهم، فلقد كشفت الكلمة التى ألقاها الرئيس الفرنسى أمام قادة دول مجلس التعاون الخليجيى فى قمة الرياض التشاورية الأسبوع الماضى عن استراتيجية ممنهجة تتبعها فرنسا لملء الفراغ الذى تسببت فيه الأخطاء التراكمية التى ارتكبتها إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما والإدارات الأمريكية السابقة له. ولقيت الكلمة التى ألقاها هولاند استحسانا لدى قادة وشعوب دول الخليج والتى كان فيها حريصا على الإعلان ضمنيا عن جاهزية فرنسا على مشاركة المنطقة أزماتها وهمومها والسعى معها إلى مواجهة التحديات المحيطة بدول الخليج العربى. الحضور الطاغى للرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند فى قطر والسعودية ومشاركته فى قمة الخليج التشاورية والصفقات التى تم الاتفاق بشأنها خلال جولته الخليجية يعتبر صفعة قوية للأمريكان مفادها أن دول الخليج لن تظل صامتة فى انتظار أن تحدد إدارة أوباما شكل العلاقة مع إيران، وأنها جادة فى البحث عن حلفاء جدد بناء على قاعدة المصالح المشتركة. لاشك أن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما سوف تواجه يومى 13و14 مايو الجارى لأول مرة صعوبات هائلة فى إقناع حلفائها فى دول مجلس التعاون الخليجى الذين باتوا على قناعة بأن أمريكا خذلتهم وأنها تعطيهم كلاما ولا تمارس أفعالا، تحاول الإدارة الأمريكية التى تعانى الارتباك الواضح امتصاص الغضبة الخليجية، والتخفيف من وطأة القلق الخليجى من البرنامج النووى الإيرانى الذى من المتوقع أن يتم الاتفاق بشانه مع مجموعة الدول 5+1 قبل 30 يونيو المقبل.∎