اليوم.. الأوقاف تفتتح 17 مسجداً جديداً    توقعات مخيبة للأمال لشركة إنتل في البورصة الأمريكية    وزير المالية الإسرائيلي المتطرف يدعو الموساد لاغتيال قيادات حماس وإبادة قطاع غزة بالكامل    مسؤول أمريكي: واشنطن تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    بداية موجة شتوية، درجات الحرارة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024 في مصر    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    إسرائيل تدرس اتفاقا محدودا بشأن المحتجزين مقابل عودة الفلسطينيين لشمال غزة    جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة للحرب على غزة    900 مليون جنيه|الداخلية تكشف أضخم عملية غسيل أموال في البلاد.. التفاصيل    طريقة تغيير الساعة في هواتف سامسونج مع بدء التوقيت الصيفي.. 5 خطوات مهمة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    شعبة أسماك بورسعيد: المقاطعة ظلمت البائع الغلبان.. وأصحاب المزارع يبيعون إنتاجهم لمحافظات أخرى    المستهدف أعضاء بريكس، فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن الدولار    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    ماجد المصري عن مشاركته في احتفالية عيد تحرير سيناء: من أجمل لحظات عمري    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. توجيهات الصحة بتجنُّب زيادة استهلالك الكافيين    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    أحمد سليمان يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    رئيس لجنة الخطة بالبرلمان: الموازنة الجديدة لمصر تُدعم مسار التنمية ومؤشرات إيجابية لإدارة الدين    نجم الأهلي السابق يوجه رسالة دعم للفريق قبل مواجهة مازيمبي    ناقد رياضي: الزمالك فرط في الفوز على دريمز الغاني    طارق السيد: ملف بوطيب كارثة داخل الزمالك.. وواثق في قدرات اللاعبين أمام دريمز    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغامرات «تامار» الجنسية مع الفحل الإفريقى

اتفق اسحاق حوفى مدير الموساد مع العقيد القذافى على التعاون فى مجال المعلومات أثناء المحادثة التاريخية بينهما ظهر الأربعاء 18 يونيو .1975
وتعمدت ضابطة الموساد الخبيرة بأساليب التعامل مع قادة الدول الإفريقية الجلوس بشكل ملاصق بجوار مقعد القذافى لدرجة أن يديه ارتطمتا عدة مرات بجانب ثديها الأيمن لكنها لم تبد اعتراضا بل تركته يلهو قليلا على حد قولها.
تامار رصدت بوادر مرض القذافى بأعراض شهوة كانت تنتابه كلما شعر بإخضاع أنوثة النساء من حوله لرجولته ولرغباته.
المثير أن القذافى كشف أحد الأسرار الأكثر غرابة عندما حكى لها أن السلطات الفرنسية شكت فى مطلع 1965 أن تامار جولان هى «فيرناند جرودى» الشهيرة بلقب «مدام كلود» أشهر «قوادات» الدعارة بالتاريخ الفرنسى الحديث.
بعد مغادرتها ليبيا، توجهت تامار للسفارة السورية فى باريس وسلمت طلباً كمراسلة لصحيفة الأوبزرفر لإجراء حوار صحفى مع الرئيس حافظ الأسد، وقد تأخر الرد شهورا حتى أبلغها السفير أن الرئاسة السورية وافقت على حوارها مع الرئيس وأن عليها التواجد فى دمشق صباح الإثنين 1 سبتمبر .1975
انتهز حافظ الأسد فرصة الحوار لكسب صداقة وود تامار وسألها عن قوة علاقاتها مع الساسة بإسرائيل فأكدت أن لديها قنوات صحفية محترفة ومفتوحة مع من يريد التواصل معها فى تل أبيب. وعددت أمامه الأسماء من مفكرتها الشخصية فانبهر الأسد وأكد لها أنه سيحتاج لخدماتها وأنه سيأمر لها بمعاملة خاصة بالسفارة السورية بباريس حتى تتواصل معه شخصياً وقتما تشاء.
كلف الرئيس السادات اللواء كمال حسن على بمهمة متابعة ضابطة العمليات الإسرائيلية تامار جولان الساعية وراء الفريق أول محمد عبد الغنى الجمسى وزير الدفاع المصرى وانتظر الجميع تحركها وأصبحت المسألة مجرد وقت.
فى خلفية المشهد السياسى بالشرق الأوسط أنجزت مصر فى الأول من سبتمبر 1975 بمدينة جينيف فى سويسرا اتفاقية فض الاشتباك الثانية وأصبح الطريق ممهداً لانطلاق التفاوض بين القاهرة وتل أبيب.
استغل اللواء كمال حسن على علاقات التعاون فى مجال المعلومات وبحث لدى الأجهزة الإفريقية الصديقة علها تكون على علم بنشاط الصحفية تامار جولان حتى وقع بالصدفة على أبرز أسرار صندوق عملياتها الأسود فى القارة السمراء.
وعندما طابق السر مع ما سجلته بمفكرة يومياتها كانت المفاجأة غير المتوقعة أن أحد ضباط جهاز الاستخبارات الوطنية السودانية البارزين- تأسس NISS عام 1956 - حرر أثناء فترة خدمته بالسفارة السودانية بمدينة ليوبولدفيل عاصمة جمهورية الكونجو الديمقراطية مذكرة عالية التصنيف بشأن تامار جولان عام .1967
لكن لم يلق تقريره العناية الموضوعية والمهنية المطلوبة لأنه اعتقد أنها مجرد صحفية دولية سعت وراء أسرار إفريقية واعتبر الموضوع منتهياً بسبب اختفائها بعد ذلك مباشرة.
والآن إلى تفاصيل الوقائع الأصلية عندما استقرت تامار جولان عام 1967 فى العاصمة الزائيرية كينشاسا - حصلت على الاستقلال من بلجيكا بتاريخ 30 يونيو 1960- والثابت سياسياً أن الاسم جمهورية زائير تحول عام 1992 إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية.
كما تجدر الإشارة إلى أنها ليست دولة جمهورية الكونجو التى تسمى غالباً الكونجو برازافيل على اسم عاصمتها وتقع الدولتان بمنطقة وسط إفريقيا ويفصل بينهما نهر الكونجو الذى تطل عليه العاصمتان كينشاسا وبرازافيل.
طالع الرئيس السادات بتقدير واهتمام المعلومات الحصرية التى حصل عليها اللواء كمال حسن على من جهاز الاستخبارات السودانية ورصد فيها علاقة استخباراتية بين ضابطة الموساد ورئيس جمهورية الكونجو الديمقراطية «جوزيف ديزير موبوتو» الثابت توليه منصبه خلال الفترة من 24 نوفمبر 1965 حتى 15 مايو 1997.
وسأتوقف لنتابع مع الرئيس السادات واللواء كمال حسن على معلومات وبيانات الملف الاستخباراتى السودانى ومطابقته بما ورد فى مفكرة اليوميات وبعدها ننتقل إلى أسرار تامار جولان المفقودة فى إفريقيا.
وأبدأ السرد من مولد جوزيف ديزير موبوتو فى 14 أكتوبر 1930 لخادمة غرف بأحد الفنادق البلجيكية بالعاصمة ليوبولدفيل تدعى «مارى مادلين ييمو» ولأب يدعى «ألبريك جبيمانى» عمل طباخاً بمنزل القاضى البلجيكى العام للكونجو إبان الاستعمار البلجيكى.
فى سن الثامنة توفى والد موبوتو فانتقل إلى مدرسة داخلية مسيحية كاثوليكية فى مدينة «ليوبولدفيل» التى أبدل اسمها وهو بالحكم فى 1 يونيو 1966 إلى كينشاسا والثابت أنه غير اسم الدولة كلها فى أكتوبر 1971 إلى جمهورية زائير.
حتى أنه أبدل اسمه عام 1972 إلى «موبوتو سيسيسيكو نكوكو ناجبيندو وازا بانجا» وتعنى باللغة السواحلية الإفريقية: «المحارب صاحب القوة الكاملة فى التحمل والإرادة الصلبة للانتصار صاحب الفتوحات حامى الشعب».
المثير أن موبوتو عشق الصحافة منذ صغره وتولى فى مدرسة الكنيسة تحرير مجلة فصله وعندما بلغ مرحلة التعليم الثانوى عمل كصحفى تحت التمرين بالقطعة لدى صحف محلية.
اشتهر موبوتو فى الدراسة بتفوقه فى اللغة الفرنسية وآدابها التى علمته إياها زوجة القاضى البلجيكى العام الذى عمل والده الطباخ لديها ولنبوغه تعمد وهو طفل إحراج معلمى مدرسته من متحدثى الهولندية حتى عاقبه مديرها القسيس البلجيكى الجنسية وألحقه بالخدمة العسكرية بالجيش الكونجولى تحت قيادة القوات البلجيكية المحتلة.
استمر موبوتو أثناء خدمته العسكرية بالعمل كمراسل صحفى حربى لحساب الجيش كما عمل فى الإجازات لحساب مجلة «Actualités Africaines» أخبار إفريقيا الصادرة باللغة الفرنسية فى العاصمة - كينشاسا - ليوبولدفيل.
فى عام 1956 ترك موبوتو الخدمة العسكرية بالجيش وعمل كصحفى محترف لحساب صحيفة «Leopoldville Daily» ليوبولدفيل اليومية حتى كلفته إدارتها فى منتصف شهر إبريل عام 1958 بالسفر إلى العاصمة البلجيكية بروكسل كأول مراسل صحفى كونجولى الجنسية لتغطية فعاليات افتتاح معرض بروكسل الدولى للتجارة الذى أقيم خلال الفترة من 17 إبريل حتى 19 أكتوبر عام 1958 .
انتهز موبوتو الشاب الذكى تلك الفرصة والتحق بالجامعة فى بروكسل واستقر بها لشهور درس وتعلم خلالها أصول الصحافة وفى تلك الفترة جندته الاستخبارات الحربية البلجيكية للعمل لحسابها وكلفته بالتجسس على «باتريس لومومبا» أول رئيس وزراء انتخبه الشعب الكونجولى ديمقراطياً الثابت توليه مهام منصبه فى الفترة من 24 يونيو 1960 حتى 14 سبتمبر 1960.
تقرب موبوتو المثقف من لومومبا الثائر الإفريقى الذى تصادف تواجده يومها بالعاصمة بروكسل ونجح فى اقناع السياسى الإفريقى الشاب بحاجته إلى سكرتير ومتحدث باسمه فمنحه لومومبا شرف العمل بجانبه وعندما نال موبوتو ثقته الكاملة عينه لومومبا رئيساً لأركان الجيش الكونجولى الشعبى تحت قيادة الجنرال «فيكتور لوندولا».
حرك الاستعمار البلجيكى أذرع الفساد فى الكونجو ضد الثائر باتريس لومومبا الذى طالب يومها باستقلال الكونجو عن بلجيكا ودخلت البلاد فى حرب أهلية وقفت فيها الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل خلف موبوتو بينما طلب لومومبا الدعم من الاتحاد السوفييتى - تفكك فى 26 ديسمبر 1991 - فأرسلت موسكو معدات حربية لا حصر لها مع أطقم خبراء عسكريين روس لتشغيلها.
قررت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA بالتعاون مع الاستخبارات البلجيكية ومؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة «الموساد» دخول الحرب الأهلية وشكلت الأجهزة الثلاثة ميليشيات عسكرية غربية محترفة حاربت ضد قوات لومومبا لتحقيق مصالحها.
كما ساعدت تلك القوات موبوتو على تولى زمام الأمور فى الكونجو فى انقلاب لم يكتمل بتاريخ 14 سبتمبر 1960 لكنه نجح فى وضع لومومبا رهن الاعتقال المنزلى وفى 17 يناير 1961 قرر موبوتو إلقاء القبض على لومومبا واتهمه علانية بالعمل لحساب الاتحاد السوفييتى والدول الشيوعية ومنح للجمهور الغاضب فرصة الاعتداء بالضرب المبرح على لومومبا الذى اختفى وأعلن بعدها عن مصرعه فى ظروف غامضة وحصدت الحرب أكثر من مليون مواطن كونجولى.
أمسك جوزيف موبوتو زمام الأحداث بالكونجو ونال رتبة اللواء فى 23 يناير 1961 وهو لايزال فى سن الخامسة والثلاثين وعلى إثر انقلاب ثانٍ تولى فى ليلة 24 نوفمبر 1965 رئاسة جمهورية الكونجو الديمقراطية.
وظل بالحكم بعدها حتى عزله فى 15 مايو 1997 ووفاته بمدينة الرباط بالمغرب بتاريخ 7 سبتمبر 1997 متأثراً بمرض سرطان البروستاتا ودفنه بمقابر كنيسة PAX المسيحية الكاثوليكية.
تعددت الأساطير عن موبوتو سيسيسيكو نكوكو ناجبيندو وازا بانجا أبشع ديكتاتور إفريقى عاصرته إفريقيا وأكثرهم فساداً فى العصر الحديث لكن لم يحك أحد من قبل عن علاقة الرجل بمؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة «الموساد» وعن علاقته الخاصة مع تامار.
فى منتصف نوفمبر عام 1965 كلف الموساد تامار جولان الصحفية المتخصصة بالشئون الإفريقية بالسفر فى مهمة عاجلة سرية للغاية إلى العاصمة ليوبولدفيل للقاء القائد العسكرى جوزيف موبوتو الذى تعرفت عليه شخصياً فى العاصمة البلجيكية بروكسل عام 1962 أثناء حفل تكريمه فى أكاديمية الصحافة والإعلام ومنحه درجة الدكتوراه الشرفية بصفته أحد أبرز خريجى الأكاديمية الأوروبية العريقة.
يومها قرر اللواء مائير عاميت المدير الثالث لجهاز الموساد إيفاد ضابطة العمليات تامار جولان إلى العاصمة الكونجولية فى مهمة صحافية روتينية خارج دائرة شكوك الأطراف السياسية المتصارعة على الحكم بالعاصمة ليوبولدفيل.
فى ذلك اللقاء التاريخى سلمت تامار القائد جوزيف موبوتو خطة جهاز الموساد لمساندته فى الانقلاب الذى تم فى 25 نوفمبر 1965 وهى عملية مستقلة ساندت الخطة الأمريكية الأصلية التى قادتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA .
فى العاصمة الكونجولية ليوبولدفيل تعرف موبوتو بسهولة على تامار جولان التى عانقها وكأنهما أصدقاء طفولة وفوجئ عندما قدمت له خطة الانقلاب ويومها أدرك حقيقة عملها لصالح جهاز الموساد بينما ادعت أمامه تكليفها بالمهمة بسبب هويتها الصحفية.
فى ليلتها الأولى فى قصر صديقها القائد جوزيف ديزير موبوتو المطل على نهر الكونجو حصلت تامار على وعده الشخصى بتفضيلها على غيرها من الصحفيين الأجانب عندما ينصب رئيساً.
فى المقابل طلب موبوتو من تامار مساعدة جهاز الموساد له عند الضرورة والتعاون معه فى حدود السرية التامة حتى لا تصبح العلاقة بينهما سلاحاً يستخدمه خصومه السياسيون ضده.
ورأت تامار أن الفرصة سانحة فحصلت على توقيع جوزيف موبوتو الشخصى على قرار سيادى طلب تأجيل تنفيذه لحين وصوله إلى الحكم لتمكينها من شراء منزل فى ليوبولدفيل بعدما أقنعته أنه سيخدم المصالح المشتركة بين إسرائيل وبلاده وفى واقع الأمر حصلت تامار ساعتها على موافقته لإقامة أول محطة عمليات استخباراتية خاصة بجهاز الموساد فى جمهورية الكونجو الديمقراطية وهو ما سجل باسمها كإنجاز غير مسبوق.
دارت الأيام وأصبح جوزيف موبوتو الرئيس الحاكم للكونجو وفى عام 1967 كلف اللواء مائير عاميت ضابطة عمليات وحدة النساء الخاصة صحفية الشئون الإفريقية بالسفر إلى ليوبولدفيل عاصمة جمهورية الكونجو الديمقراطية لتغطية فعاليات مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية الذى تقرر عقده بها فى الفترة من 11 حتى 14 سبتمبر .1967
فقد اعتادت تامار على التواجد بكل مؤتمرات منظمة الوحدة الإفريقية حتى بدت وكأنها ركن من أركان اكتمال الشكل العام للمؤتمر وربما الحوار الودى الذى دار بينها والرئيس جوزيف موبوتو صباح 11 سبتمبر 1967 خير دليل عندما قال لها:
«مدام جولان هل مازلت هنا؟ لقد بدأت أعتقد أنك من حراس قمم منظمة الوحدة»؟.
عقب قصة تامار مع الرئيس موبوتو سيسيسيكو بحث الرئيس السادات ومعه اللواء كمال حسن على عن سبب ذكر اسم تامار جولان بتقرير ضابط جهاز الاستخبارات السودانية.
وفند الاثنان تقرير الضابط السودانى الذى تحصل عليه كمال حسن على وعندما طابقاه مع ما سجلته فى مفكرة يومياتها عن تفاصيل محاولة اغتيالها الفاشلة فى الكونجو وهروبها إلى الكونجو برازافيل ظهرت لهما الحقيقة.
حيث اتضح أن تامار تعرفت خلال مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية على دبلوماسى نيجيرى شاب يدعى «كابيرو» عمل وقتها كسفير لبلاده فى ليوبولدفيل قدم نفسه إليها كأمير مقاطعة «كانو» بشمال نيجيريا وأنه أحد أبناء القبائل الملكية النيجيرية.
الثابت أن بريطانيا اعترفت باستقلال نيجيريا بتاريخ 1 أكتوبر 1960 بينما اعترف العالم بها كجمهورية فيدرالية بتاريخ 1 أكتوبر 1963 ويتقاسم السلطة فيها كل من المسلمين فى الشمال والجنوب الغربى والمسيحيين فى الجنوب والوسط مع أقليات أخرى صغيرة.
طبقاً للبيانات التى سجلتها تامار باليوميات فشلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مجتمعة حتى عام 1967 فى كسر أسرار دولة نيجيريا حتى أوقعت تامار جولان المدربة سفيرها الشاب كابيرو فى غرامها فجر ليلة 11-12 سبتمبر .1967
استخدمت تامار جولان دروس أسلحة أنوثة المرأة الفتاكة التى طبقتها خلال مراسم افتتاح مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية المنعقد صباح الإثنين الموافق 11 سبتمبر 1967 وتعمدت يومها التحرش بالسفير النيجيرى الشاب حتى أنها تصنعت التعثر بشكل كامل فى أحضانه.
ربما أثرت شدة حرارة مناخ الكونجو فى سبتمبر 1967 على مشاعر الشاب الذى وصفته تامار بلقب «الفحل الإفريقى» فتجاوب معها وكأنها سحرته ففتح معها حواراً جانبياً ناعماً لا علاقة له بالمؤتمر أقلق أعضاء الوفد النيجيرى المرافق له.
فأطلع أحدهم الجنرال «يعقوبو جوون» الثابت توليه الحكم الفيدرالى العسكرى بنيجيريا فى الفترة من 1 أغسطس 1966 حتى 29 يوليو 1975 على تصرفات السفير كابيرو مع الصحفية الفرنسية الجنسية.
فى التوقيت نفسه أبلغت تامار قيادتها بالموساد ببيانات الشاب كابيرو فنصحها اللواء مائير عاميت بالطرق على الحديد وهو ساخن وكلفها صراحة بالإيقاع بالسفير النيجيرى الولهان.
وأبلغها عاميت يومها أن كابيرو يحمل الشيفرة السرية للغاية للبرقيات الدبلوماسية النيجيرية التى سعى جهاز الموساد بشدة للحصول عليها حتى يكسرها وينفذ من خلالها إلى الشيفرات الدبلوماسية والسياسية الإفريقية وأن هدف عمليتها الرئيسى سيكون تلك الشيفرة الموجودة فى كتيب صغير مخبأ داخل خزانة السفارة النيجيرية فى العاصمة ليوبولدفيل.
تسبب تواجد كابيرو الدبلوماسى النيجيرى الشاب بردهات المؤتمر فى إعفاء تامار جولان من مهمة تغطية فعاليات مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية فى سبتمبر 1967 حيث تركتها لضابط إسرائيلى آخر حل محلها بعدما كلفها مدير الموساد بالتفرغ التام للفحل الإفريقى.
فى تمام الساعة التاسعة مساء الإثنين 11 سبتمبر 1967 دعا كابيرو السفير النيجيرى فى الكونجو تامار إلى مأدبة عشاء خاص أعدها لها بمقصورته الدبلوماسية داخل مجمع حدائق الرئيس The Presidential Gardensالذى شيده موبوتو خصيصاً فى عام 1967 فى ليوبولدفيل - كينشاسا - لاستضافة الوفود الرئاسية بمؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية.
وقبيل نهاية السهرة مثلما سجلت تامار فى مفكرة يومياتها كانت حرارة جسديهما وكأن هناك سحرا إفريقيا أسود يتحكم بها حتى أنها خشيت على حد تعبيرها أن ينتهى حالهما بمطارحة بعضهما البعض الغرام الصريح على أرضية غرفة الطعام.
وهو ما حدث بعدها بأقل من ساعة واحدة بإحدى الغرف الملحقة حيث وجدت تامار نفسها بالفراش مع الفحل الإفريقى الذى مارس معها الحب حتى صباح اليوم التالى الذى أمضياه معاً فى جولة خاصة رتبها لها كابيرو بعدما اعتذر عن عدم حضور فعاليات المؤتمر بدعوى مرضه المفاجئ.
شوهدت تامار بعدها بصحبة كابيرو بالعاصمة ليوبولدفيل فى أوضاع غرامية ملفتة تناولها الإعلام المحلى حتى وصلت الأنباء إلى أسرته الملكية المسلمة بنيجيريا فأرسل إليه والداه يهددانه حتى يترك عشيقته الفرنسية ويوافق على الزواج بإحدى أميرات القبائل النيجيرية العريقة وإلا حرم من اسم وإرث عائلته.
فى تلك الأثناء انقطعت تامار بشكل كامل عن باريس وتوقفت عن عملها بناء على طلب من عشيقها كابيرو الذى أنفق عليها بسخاء واختفت الأخبار التى اعتادت إرسالها لمكتب شبكة BBC ولصحيفة الأوبزرفر البريطانيتين على أساس أنه عملها ومهنتها الأساسية التى تعيشت منها.
كمحاولة لإبعاد تامار عن السفير النيجيرى الشاب تعمدت السلطات الكونجولية تسريب أنباء العلاقة الغرامية الملتهبة إلى الخارجية الإسرائيلية فتلقفت الصحف العبرية أخبار الفضيحة.
وتناقل الإعلام العبرى بأنواعه قصص تامار السيدة اليهودية المحافظة التى سقطت فى بئر الرذيلة مع شاب نيجيرى شغفها حبه وتدحرجت الروايات حتى نعتتها أسرة زوجها الراحل غير الملمة بحقيقة عملها لحساب جهاز الموساد بالعاهرة الساقطة.
على الجانب السياسى رفض بعض أعضاء الكنيست استمرار تلك العلاقة بين المواطنة الإسرائيلية يهودية الديانة تامار جولان مع الدبلوماسى المسلم الأسود.
وعقب تصعيد الأمر قدم عدد من نواب الكنيست عن الأحزاب الدينية المتشددة استجواباً رسمياً إلى «قاديش لوز» رئيس رابع دورة برلمانية إسرائيلية صمموا فيها على تقديم «أبا إيبان» وزير الخارجية الإسرائيلية الثابت توليه منصبه فى الفترة من 12 يناير 1966 حتى 3 يونيو 1974 لجلسة تحقيق خاصة أمام لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست.
وتحت ضغوط قوية من قبل جهاز الموساد حول لوز جلسة الاستجواب إلى سرية مغلقة عرض خلالها على لجنة الدفاع والأمن القومى والاستخبارات بيانات مقتضبة من ملف ضابطة العمليات تامار جولان أثبتت سلامة موقفها الأخلاقى ثم طلب فرض التعتيم التام على أخبار تامار فى إفريقيا فوافقت اللجنة بنفس الجلسة بإجماع الأصوات دون شروط.
لكن لم ينقذها من استمرار تداول أخبار علاقتها بالصحف العبرية سوى قرار بمنع النشر صدر من هيئة الرقابة العسكرية الإسرائيلية - تأسست عام 1948 - وقف خلفه الموساد بينما استمرت هى بجانب موقعها الاستراتيجى فى فراش كابيرو لحين توصلها إلى مكان كتيب الشيفرة الدبلوماسية النيجيرية.
سيطرت ضابطة العمليات المتمرسة والمدربة فى مجال ممارسة فنون الحب على الشاب النيجيرى بشكل تام وعرفته فى تلك الفترة على شخصيات إسرائيلية استخباراتية وسياسية محورية كان أبرزها «اسحاق نافون» الذى تولى بعدها بأعوام منصب الرئيس الإسرائيلى الخامس فى الفترة من 29 مايو 1978 حتى 5 مايو 1983
أبهرت تامار الدبلوماسى النيجيرى الشاب بشخصيتها القوية حتى أصبح لا يستمع لأحد سواها فى الكونجو ومثلما سجلت بيومياتها باتت هى السفير النيجيرى الفعلى بالعاصمة ليوبولدفيل وفى تلك المرحلة عرض كابيرو عليها الزواج مع احتفاظها بديانتها اليهودية.
تصادف فى تلك الفترة أن عقد دبلوماسى سودانى رفيع عمل بالسفارة السودانية بالعاصمة ليوبولدفيل على الأخت الكبرى للأمير كابيرو بعقد مصاهرة ألزمه طبقاً للعادات الإسلامية بتنفيذ رغبة الأسرة فى إنقاذ ابنها الشاب من براثن السيدة الأوروبية التى علمت العائلة أن ديانتها هى اليهودية وتكبر عن نجلهم أربعة أعوام.
وفى الحقيقة شغل ذلك الدبلوماسى السودانى منصباً رفيعاً بجهاز الاستخبارات الوطنية السودانية وبسبب حساسية موقعه بالكونجو وعلاقة المصاهرة والتقاليد حاول فى بداية الأمر أن يقنع كابيرو بخطورة علاقته على مستقبله السياسى لكنه فشل.
بعدها عرض على تامار رشوة مالية خرافية من المال والذهب الخالص كى تترك كابيرو، أعلن لها أنها هدية اقترحتها عائلة عشيقها لكنها تصنعت الرفض بدعوى حبها له وعندما علم الرئيس موبوتو بالموضوع من أجهزته حاول التدخل بنفسه لدى صديقته تامار لكنها صممت على البقاء بجانب كابيرو وادعت حبها الصادق له.
فى تلك الأجواء التى هددت العملية أبلغت تامار قيادتها بما دار بينها وبين الدبلوماسى السودانى والرئيس الكونجولى وأوضحت سبب تدخل الأول بالأمر فأدرك اللواء مائير عاميت خطورة موقفها وكلف فرقة من ضباط عمليات الموساد للسفر إلى ليوبولدفيل والبقاء على أهبة الاستعداد لسحب تامار وقت الضرورة.
فى التوقيت نفسه طلب عاميت من تامار العمل بكل طاقتها من أجل التوصل إلى مكان كتيب الشيفرة الدبلوماسية النيجيرية الذى حفظه كابيرو فى خزانة مكتبه داخل السفارة النيجيرية فى العاصمة ليوبولدفيل وأبلغها أنها تسابق الزمن حتى لا ينكشف أمرها.
صممت تامار على المضى فى تنفيذ المهمة التى رمت بها فى فراش الفحل الإفريقى الشاب فأبلغت الدبلوماسى السودانى زوج أخت كابيرو بأنها حامل من عشيقها فثارت العائلة عقب علمها وقرر رؤساء الأسرة المحافظة التخلص منها.
وبدلاً من البحث عن الحلول المناسبة لإبعادها أصبحت حياتها على المحك بعد أن طلبت أسرة كابيرو من صهرها الدبلوماسى السودانى قتل تامار مع جنينها ثمرة العلاقة غير الشرعية من نجلهم الشاب المتهور الأرعن.
فى تلك الأجواء دبر ضابط الاستخبارات السودانية زوج شقيقة كابيرو كميناً أوقع به تامار حيث سجل لها سراً مكالمة طلبت فيها مبلغ الرشوة ومهلة حتى تتخلص من جنينها وعندما استمع كابيرو إلى الحوار صدم من عدم ولائها له وقرر التخلص منها والعودة إلى أحضان أسرته.
بالتزامن مع ذلك وصلت تامار إلى مكان مفتاح الخزينة الدبلوماسية النيجيرية الذى خبأه كابيرو بعناية داخل مكتبه الخاص فى السفارة النيجيرية فى ليوبولدفيل فاصطنعت عليه نسخة طبق الأصل ساعدتها على فض الخزينة وتصوير كتيب الشيفرة الهدف الرئيسى لعمليتها وملفات نيجيرية أخرى سرية للغاية ثم إعادتها لمكانها كما كانت.
لكنها أخطأت بسبب ضيق الوقت والحركة الدائمة داخل السفارة النيجيرية وتركت ما دل على فضها للخزينة فعلم كابيرو الذى اعتقد مع زوج شقيقته الدبلوماسى السودانى أنها فى الأصل صحفية محترفة سعت إلى نسخ ملفات معلومات إفريقية سرية للغاية حتى تنشرها وتتكسب منها أو تساوم عليها فى أقصى تقدير فقرر كابيرو المساعدة فى عملية التخلص منها وقد غاب عنها أن أمرها كشف وكانت تعد للاختفاء من الكونجو.
فى تلك الأثناء تعاون كابيرو مع زوج شقيقته الضابط السودانى المدرب وقام الاثنان بتجنيد طباخ منزل السفير النيجيرى وكلفاه مقابل امتيازات خاصة بدس جرعات مدروسة من سم إفريقى لمدة أسبوع كامل فى طعام عشيقته تامار حتى تموت بشكل طبيعى مفاجئ لا يمكن الشك به.
تجرعت تامار التى قررت الهرب من كابيرو فى نهاية الأسبوع جرعتين من السم بطعامها وشعرت بأعراض مرضية غريبة وأصيبت بحمى شديدة فأبلغت مجموعة الموساد القريبة منها وعقب الكشف عليها تأكد تعرضها للتسميم فأمر مائير عاميت بسحبها على الفور من العاصمة الكونجولية ليوبولدفيل.
فى التوقيت نفسه أبلغ كابيرو زوج شقيقته الدبلوماسى السودانى باختفاء تامار من منزله فبحثا عنها بكل مكان بينما نجحت هى بالهرب فى عبارة سياحية نقلتها إلى ساحل مدينة الكونجو برازافيل عاصمة دولة جمهورية الكونجو ومنها وصلت إلى دولة ساحل العاج وبعدها إلى تل أبيب.
اعتبر ضابط الاستخبارات السودانى أن الموضوع انتهى وأنه نجح فى طرد تامار جولان من حياة صهره شقيق زوجته كابيرو فحرر تقريراً ملخصاً عما حدث بالتفصيل عثر عليه بعدها اللواء كمال حسن على غير أنه ظل معتقداً أن تامار مجرد صحفية محترفة بحثت عن معلومات سرية لا قيمة لها.
فى جهاز الموساد بتل أبيب احتفل مائير عاميت بنقيبة وحدة عمليات النساء الخاصة التى كادت أن تفقد حياتها من أجل إسرائيل وكسرت الشيفرة الدبلوماسية النيجيرية وفى الواقع انتهت أحداث العلاقة الغرامية الملتهبة بين تامار جولان والسفير النيجيرى فى الكونجو لكن أسرار مفكرة يومياتها تأبى أن تتوقف .
فقد كشفت الواقعة عن أسرار لم تكن معروفة للرئيس السادات من قبل حيث عبرت تامار نهر الكونجو إلى جمهورية الكونجو برازافيل وأبرقت منها إلى صديقها فيليكس هوفويت بوينى رئيس جمهورية ساحل العاج طالبة منه المساعدة.. وللقصة تفاصيل وجذور.
فى بداية عام 1962 تعرفت تامار على الدكتور فيليكس بوينى أول رئيس فى تاريخ جمهورية ساحل العاج التى حصلت على استقلالها من فرنسا فى 7 أغسطس .1960
احتاج بوينى فى بداية رئاسته التى بدأت فى 3 نوفمبر 1960 تقوية دعائم نظام حكمه وعندما عرضت عليه تامار المساهمة بعلاقاتها السياسية المتشعبة كصحفية متخصصة بالشئون الإفريقية وافق على تجربتها حتى أبهرته بقدرتها على تنفيذ العديد من طلباته.
فى المقابل منح الرئيس هوفويت بوينى تامار جولان امتيازات المواطنة داخل حدود ساحل العاج وساعدها على النفاذ لكل الدول الإفريقية ورشحها شخصياً لعدد من زعماء ورؤساء القارة الإفريقية السمراء بل توسط لها لدى الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة وملك المغرب الحسن الثانى.
فى بداية شهر مارس 1962 استدعى الرئيس هوفويت بوينى صديقته «ملكة إفريقيا» مثلما أطلق عليها بين المقربين إليه وعرض عليها التوسط بينه وبين «دافيد بن جوريون» رئيس الحكومة الإسرائيلية الذى كان وقتها بفترة ولايته الثانية التى بدأت من 3 نوفمبر 1955 حتى 26 يونيو .1963
فى اللقاء الودى المغلق قدم الرئيس بوينى إلى تامار جولان ورقة امتيازات سياسية خاصة عرضها على دولة إسرائيل مقابل مساعدته للوصول إلى البيت الأبيض والتقابل مع «جون فيتزجيرالد كينيدى» الرئيس الأمريكى الديمقراطى الخامس والثلاثين الثابت توليه منصبه فى الفترة من 20 يناير 1961 حتى اغتياله بتاريخ 22 نوفمبر ..1963
عندها طلبت تامار مهلة لبحث الموضوع ووعدت بوينى ببذل قصارى جهدها وبالفعل نفذت طلبه وقامت بنقل عرضه إلى دافيد بن جوريون الذى رحب به بشدة وكانت أول محادثة هاتفية بين عاصمة ساحل العاج «ياموسوكرو» وتل أبيب بوساطة تامار وعلى الهاتف فيليكس هوفويت بوينى وفى الطرف الآخر العجوز بن جوريون.
وافقت إسرائيل على عرض رئيس ساحل العاج وطلبه إخضاع بنوده للسرية التامة وعليه ضغط دافيد بن جوريون على واشنطن فوافق الرئيس الأمريكى جون كينيدى على استقبال بوينى رسمياً فى البيت الأبيض وتم اللقاء بتاريخ 22 مايو .1962
فى المقابل وافق رئيس ساحل العاج على القيام بزيارة «سرية للغاية» فى يوليو 1962 إلى إسرائيل حيث قابل رئيس الوزراء دافيد بن جوريون وزار خلالها معالم ومزارات مسيحية بينها مدينة الناصرة. حيث استقبله رئيس بلديتها «سيف الدين الزعبى» الثابت توليه المنصب مرتين الأولى من 28 ديسمبر 1959 حتى 20 ديسمبر 1965 والثانية فى الفترة من 5 مايو 1971 حتى 13 مايو .1974
واستغل الفرصة المقدم «إيسار هارائيل» المدير الثانى فى تاريخ جهاز الموساد الثابت توليه المنصب خلال الفترة من 22 سبتمبر 1952 حتى تقدمه باستقالته بتاريخ 1 إبريل 1963 وقابل رئيس ساحل العاج فى حضور صديقته تامار جولان وحصل فى اللقاء على موافقته لإقامة مكتب إسرائيلى سرى يعد بين محطات جهاز الموساد الأولى فى القارة الإفريقية.
لا تنتهى علاقاتها الإفريقية الخفية عند ذلك الحد فقد كشفت تامار جولان باليوميات أنها رتبت للزيارة السرية التى قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلى ووزير خارجيته فى صيف 1974 إلى عدة دول إفريقية بينها زائير وساحل العاج وغينيا.
وسجلت أن رئيس الوزراء الإسرائيلى - الخامس - «إسحاق رابين» الثابت توليه المنصب مرتين الأولى من 3 يونيو 1974 حتى 20 يونيو 1977 والثانية من 13 يوليو 1992 حتى اغتياله فى 4 نوفمبر 1995 طلب منها بشكل شخصى بسبب علاقاتها المتشعبة بالقارة السوداء ترتيب عدد من اللقاءات الاستراتيجية مع زعماء يمكن لإسرائيل بناء علاقات سرية طويلة الأمد معهم وأنها رافقته فى زيارات إفريقية صحب فيها وزير خارجيته «يجأل ألون» الذى تولى منصبه فى الفترة من 3 يونيو 1974 حتى 20 يونيو .1977
وكشفت تامار بمفكرة اليوميات أنها أصبحت خبيرة فى تاريخ القبائل الإفريقية وعاداتها فى الزواج والديانات الوثنية المختلفة فى إفريقيا وأن إسرائيل استفادت من علاقاتها القوية مع القبائل والأنظمة المحلية لتسويق أنظمتها العسكرية المختلفة.
كما استأجرت تل أبيب مساحات شاسعة من الأراضى الخصبة زُرِعَت فى إفريقيا لحساب الأمن القومى الغذائى الإسرائيلى وأنها سلمت الموساد كتيباً بأسماء رموز الفساد السياسى فى القارة الإفريقية أطلقوا عليه «خريطة الفساد السمراء» بسببه نجحت عشرات العمليات السرية للغاية.
كررت تامار وشددت على عدم تخليها عن الهوية الصحفية طيلة وجودها بالقارة الإفريقية ما عدا مرات معدودة اضطرت للتخلى فيها عن الهوية المدنية والظهور كضابطة عمليات بجهاز الموساد.
مازال فى مفكرة يوميات تامار جولان الكثير من الأسرار الخفية ستكشف دهاليز عملياتها فى القارة الإفريقية وتتوالى الأحداث يدرسها الرئيس السادات ويحللها ويرصدها ويطابقها معه اللواء كمال حسن على.
وعلينا الانتباه أن مفكرة يوميات تامار جولان تنتهى أحداثها عند يوم الخميس الموافق 6 نوفمبر 1975 عندما صورها اللواء فوزى عبد الحافظ كاتم أسرار الرئيس السادات فى واشنطن.
استمر اللواء كمال حسن على بعدها على مدار شهور بناء على تكليف الرئيس السادات فى متابعة نقيبة الموساد بأوروبا وإفريقيا حتى قطع الملك الحسن الثانى عاهل المغرب صمت العملية عندما تحرك فجأة فى أغسطس 1977 وقدم إلى الرئيس السادات اقتراحاً ملكياً للإشراف على أول لقاء جرى خلف الكواليس بين مصر وإسرائيل فى مدينة «إفران» المغربية وهناك تقابل كمال حسن على لأول مرة وجهاً لوجه مع تامار جولان التى تخفت كعادتها بهيئة شخصية ثالثة لم تكن معروفة لمصر حتى ذلك اليوم كسكرتيرة بلهاء.
الجدير بالذكر أن تفاصيل الأحداث التى سجلها ورواها اللواء كمال حسن على فيما بعد على الرئيس السادات ذكرها بروتوكول إسرائيلى حمل تاريخ 16 سبتمبر 1977 وثق لأول لقاء سرى جرى بالمغرب بين الفريق «محمد حسن التهامى» مبعوث السادات ووزير الخارجية الإسرائيلى «موشيه ديان» الثابت توليه المنصب فى الفترة من 20 يونيو 1977 حتى 23 أكتوبر 1979 الذى اصطحب معه رئيس جهاز الموساد اسحاق حوفى إلى القصر الملكى فى «إفران» القريبة من مدينة فاس.
المعروف أن الفريق «محمد حسن التهامى» تولى فى سبتمبر 1977 منصب نائب رئيس الوزراء المصرى «ممدوح سالم» الثابت شغله منصبه خلال الفترة من 16 إبريل 1975 حتى 2 أكتوبر 1978 كما شغل التهامى منصب وزير الدولة لشئون رئاسة الجمهورية ومستشار الرئيس السادات لمفاوضات السلام السرية وكاتم أسراره.
سجل اللواء كمال حسن على أن اللقاء المصرى - الإسرائيلى الأول جرى بالمغرب بداية من التاسعة مساء الجمعة الموافق 16 سبتمبر 1977 وحضرته شخصيات مغربية رفيعة كان على رأسها الملك الحسن الثانى.
وقد ظهر الملك يومها بصحبة «أحمد عصمان» رئيس الوزراء المغربى وصديق الملك الحسن الشخصى وصهره الثابت شغله منصبه من 2 نوفمبر 1972 وحتى 22 مارس 1979
وأن عصمان اصطحب «أحمد العراقى» وزير الخارجية المغربى الثابت شغله المنصب خلال الفترة من عام 1967 حتى عام 1977 كما حضر «محمد بنهيمة» وزير الداخلية المغربية وقتها.
وكشف حسن على فى روايته للرئيس السادات أن الوفد الإسرائيلى رافقه عدد من ضباط عمليات جهاز الموساد أحدهم يدعى «جوزيف» متخصص فى الاتصالات تولى مسئولية تشغيل جهاز تشويش حال دون تسجيل الحديث بين التهامى وديان.
وأخرى سكرتيرة غريبة الأطوار بدت فى العقد الرابع من عمرها ارتدت نظارات سميكة تبين له قبيل انتهاء اللقاء أنها تامار جولان لكن متخفية.
وكشف كمال حسن على أسرار خط سير موشيه ديان والعملية التى أحيطت بالسرية التامة وأن الصحافة الإسرائيلية أشاعت يومها سفر وزير خارجيتها لتمضية إجازة قصيرة بإقليم «لو بورجيه» الفرنسى وأنه سيمتنع خلالها عن العالم حتى المكالمات الهاتفية.
وأكد حسن على أن فى «لو بورجيه» فيلا آمنة اعتاد جهاز الموساد استخدامها فى عملياته التى تنطلق من أوروبا والمعروف أنها بلدية تقع فى منطقة «إيل دو فرانس» التابعة لدائرة «سين سان دنيس» بالضواحى الشمالية الشرقية من العاصمة باريس.
وعلى ضوء معلومات كمال حسن على تولت تامار بسبب خبراتها الصحفية مهمة التوثيق والتأريخ الرسمى لعملية التمويه والخداع التى نفذها فريق جهاز الموساد للتغطية على سفر موشيه ديان للقاء الفريق حسن التهامى فى المغرب.
وأن ديان خضع فور وصوله إلى الفيلا لعملية تجميل محترفة نفذها خبراء صاحبوا الفريق الإسرائيلى نجحوا فى تغيير هيئته الشهيرة بواسطة شعر مستعار وشوارب صناعية منعت التعرف عليه وقد سافر من مطار «لو بورجيه» على متن طائرة رجال أعمال خاصة اعتاد جهاز الموساد استئجارها لعملياته من إحدى الشركات الخاصة فى هولندا لم تثر أية شكوك.
فى فيلا «لو بورجيه» تسلم فريق الموساد ووزير الخارجية موشيه ديان هويات مزورة خاصة بدولة جنوب إفريقيا استخدموها للخروج بشكل طبيعى من منفذ المطار الفرنسى التابع للمجال الجوى للعاصمة باريس.
وصل موشيه ديان فى تمام الساعة السابعة والربع مساء الجمعة 16 سبتمبر 1977 إلى مطار «الرباط سلا الدولى» - شيد 1911 - ووجد فى استقباله الجنرال المغربى دوبريكاد «أحمد الدليمى» أقوى رجال الملك الحسن الثانى فى فترة منتصف السبعينيات المسئول عن جهاز الاستخبارات المغربية الذى تأسس عام .1973
على أرض المطار انتظرت سيارات ملكية مغربية أقلت الوفد الإسرائيلى مثلما فعلت قبلها بدقائق مع نظيره المصرى إلى مبنى صغير خلف قصر إقامة الملك الحسن الثانى بإفران أشرفت عليه الاستخبارات المغربية وخصصته للمبعوثين السريين نزل به الضيوف.
فى ذلك المبنى طبقاً لمعلومات اللواء كمال حسن على الذى رافق الفريق حسن التهامى ولم يشارك بالتفاوض كانت بوابة صغيرة أدت لقاعة غير مكشوفة جلس داخلها وزير الخارجية موشيه ديان لتناول القهوة المغربية حتى أمر الملك الحسن الثانى باستدعاء الوفدين.
لكن قبلها اصطحب الجنرال أحمد الدليمى موشيه ديان بناء على طلبه لغرفة ملحقة بالمبنى أزال فيها خبير التجميل المصاحب لوزير الخارجية الإسرائيلى آثار التخفى من وجه ديان الذى عاد إلى هيئته الطبيعية ما عدا نظارة سوداء سميكة ظل مرتدياً إياها لم تمنع التعرف عليه.
بينما ظل عدد من ضباط جهاز الموساد المرافقين له متخفين بشوارب وشعر مستعار لدواعى السرية كانت بينهم تامار جولان التى ارتدت شعرا مستعارا ونظارة طبية سميكة وطاقم أسنان عريض أبدل ملامحها.
فى تمام الساعة الثامنة و45 دقيقة مساء رافق الجنرال أحمد الدليمى موشيه ديان والفريق حسن التهامى إلى القاعة المعدة للقاء حيث رحب الملك الحسن الثانى بهما ثم تمنى للجميع النجاح فيما يسعون إليه.
بعدها مباشرة طلب الفريق حسن التهامى مبعوث الرئيس السادات الحوار على انفراد مع الملك الحسن الثانى وعندما سمح له الملك سلمه التهامى رسالة خطية شخصية مغلقة من الرئيس السادات طالعها الملك بهدوء ثم وضعها أمامه.
وقد حكى اللواء كمال حسن على أنه فى تلك الليلة التاريخية كان هناك خادمان مغربيان داكنا البشرة هما الوحيدان بالعالم اللذان شاهدا فى المغرب وزير الخارجية موشيه ديان على طبيعته وهيئته المعروفة.
وأن أحدهما كان أسمر اللون مثل العبيد كاد أن يغشى عليه من هول الصدمة عندما وقعت عيناه على موشيه ديان وعصابة عينيه الشهيرة التى لم تخفها نظارته السوداء وهو يقدم إليه القهوة لدرجة أنه سكبها مع طاولة التقديم أمام ديان على الأرض وأن الملك تصرف بذكاء ولطف الموقف ثم وجه حديثه إلى وزير الخارجية الإسرائيلى موشيه ديان قائلاً:
«لدينا فى العالم العربى سكب القهوة بشرة خير».
وحكى حسن على أن موشيه ديان وعد الفريق التهامى أنه سيرسل إليه هدية بها كتابه باللغة الإنجليزية عن حرب 1967 وأنه كلف السكرتيرة المرافقة «تامار» التى أرسلت الكتاب من باريس بالبريد العادى الى القاهرة إلى عنوان واسم اتفق عليه ديان مع التهامى فى المغرب.
بعدها استأذن الملك الحسن الثانى من ضيوفه عقب وصول والدته السيدة - لالة - «عبلة بنت حسن بنت طاهر» - توفيت فى 1 مارس 1992 - فجأة إلى إفران ودعوتها له إلى العشاء معها وقد وعد أنه سيعود بعد قليل.
استمر اللقاء المغلق بعدها بين التهامى وديان أربع ساعات دون توقف حتى عاد الملك الحسن الثانى فى تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل واستضاف الوفدين على مائدة العشاء الملكى حيث استعرض الطرفان أمامه ما توافقا عليه وقبولهما مبدأ التفاوض.
نافست تامار جولان على ما يبدو ليلتها اللواء كمال حسن على فى توثيق أحداث اللقاء حيث فعل مثلها واضطر لتسجيل التفاصيل لعدم وجود مصرى غيره ووجدها فرصة للاشتباك معها بالحديث خارج القاعة التى تفاوض داخلها ديان والتهامى.
ولأنه لاحظ تامار تسجل فى نوتة كبيرة كل كبيرة وصغيرة فقد تقدم منها ليراجع معها فقرة الحوار الذى دار بين التهامى وديان وهما يتصافحان لأول مرة بعدما شعر كمال حسن على أن هناك جملة سقطت منه.
فقرأت عليه تامار دون حرج فى هدوء نص الحوار الذى سجلت فيه على لسان الفريق التهامى قوله إلى ديان وهما يتصافحان لأول مرة:
''كنت أتوقع أننا سنتقابل فى ميدان القتال يوما ما لكننا هنا اليوم نبحث عن السلام معاً فلننتهز الفرصة التاريخية تحت رعاية جلالة الملك وثقة الرئيس السادات بك وبرئيس الوزراء مناحم بيجن وهو مؤمن أنكما ستتمكنان من اتخاذ القرارات المصيرية من أجل السلام الذى يؤمن به الرئيس السادات أكثر من أى شىء آخر لكن كما طلب الملك بدون إطلاع الولايات المتحدة على ما يجرى الآن على الأقل فى تلك المرحلة».
فى تلك الأثناء نجح كمال حسن على المخضرم فى تحديد شخصيتها بدقة بعدما فتح معها حواراً جانبياً تلعثمت خلاله أكثر من مرة بسبب طاقم أسنان عريض ركبته بفمها للتمويه على شخصيتها التى بدت فيها كسكرتيرة بلهاء.
أكمل اللواء كمال حسن على روايته إلى الرئيس السادات الذى استمع إليه ساعتها باهتمام وحكى عن تجربته الشخصية مع تامار جولان فى قصر إفران وانتهاء اللقاء فى تمام الثالثة والنصف فجر السبت الموافق 17 سبتمبر 1977 ثم مغادرة الوفدين إلى مطار الرباط سلا الدولى وما أن صمت حتى انخرط الرئيس السادات فى الضحك ثم سرح وبدا عليه وكأنه يحلم فى اليقظة فسأله اللواء كمال حسن على عن رأيه فيما قصه للتو؟
فأجابه الرئيس السادات بقوله:
«أحلم باليوم الذى يتحقق فيه السلام الدائم والعادل بين مصر وإسرائيل والآن لابد ألا ننسى أنها مستمرة فى عمليتها ضد الجمسى وأعتقد أنها أصبحت جاهزة الآن للتحرك ناحيته ربما أقرب مما نتصور».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.