تضيق الحلقة أمام تنظيم الإخوان الإرهابى بعد أن تخلت عنهم الحليفة الدائمة- بل فى الحقيقة الأم المؤسسة- بريطانيا ولم يبق أمام الإخوان إلا قطروتركيا التى احتفل الإخوان بفوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات البلدية فيها ك«قبلة الحياة» رغم أنه فوز جاء بطلوع الأرواح! كانت ضربة لندن بمثابة الصاعقة التى زلزلت التنظيم الذى كان يتخذ منها مقرا ومرتعا لقياداته واستثماراتهم وكانت تضم عددا من قيادات مكتب إرشاد الجماعة الإرهابية على رأسهم الدكتور جمعة أمين أكبر نواب مرشد التنظيم والمسئول الفعلى عن العمليات الإرهابية بالإضافة إلى عدد من قيادات التنظيم الدولى أبرزهم إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم.
حتى الآن لم تدرك الجماعة خطورة القرار البريطانى الذى قد يضعها فى مصاف الجماعات الإرهابية إذا ما أسفرت التحقيقات عن تورط التنظيم فى جرائم العنف التى تشهدها مصر، وهى الدولة الوحيدة تقريبا التى كانت تفتح الباب على مصراعيه لكل إرهابى هارب بداية من ياسر السرى وصولا لقيادات الإخوان، وجاء رد فعل التنظيم باهتا مرة باللجوء إلى القضاء البريطانى ومرة أخرى بمحاولة الادعاء بأن دول الخليج هى التى دفعت بريطانيا لاتخاذ القرار.. وأيا كان الوضع فإن الإدارة المصرية نجحت حتى هذه اللحظة فى استغلال القرار البريطانى لشرح وجهة نظرها سواء بسفر وفد حقوقى على رأسه الدكتور كمال الهلباوى القيادى السابق بالتنظيم والذى عاش سنوات طويلة فى لندن لشرح حقيقة الأمر وتقديم أدلة تورط الإخوان فى عمليات العنف.
لكن التحقيقات الأساسية التى ستبدأ بريطانيا إجراءها ستقوم بها وكالة الاستخبارات الداخلية (m15) وستتركز حول تواجد جماعة الإخوان داخل المملكة المتحدة، كما ستحدد الوكالة كم من قيادات الإخوان يتخذون من بريطانيا مقرا لهم، سواء من الذين انتقلوا بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسى أو ممن هم موجودون سابقا فى البلاد.
ونقلت «التايمز» عن مسئولين بريطانيين قولهم أن كاميرون يتعرض لضغوط داخل بريطانيا من أجل أن يحذو حذو كلا من السعودية ومصر لإصدار قرار باعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية.
ويسود الاعتقاد فى أوساط واسعة داخل بريطانيا وخارجها بأن لندن تحولت إلى مركز مهم لعمليات جماعة الإخوان، كما أن المعلومات تشير إلى أن الجماعة عقدت اجتماعا مهما مؤخرا فى العاصمة البريطانية واتخذت خلاله قرارات مهمة تتعلق بالتطورات فى مصر.
وأرجع خالد الزعفرانى، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية المنشق عن الإرهابية بدء بريطانيا التحقيق فى تورط جماعة الإخوان إلى تعدد الطلبات الخاصة باللجوء السياسى إليها والتى لم تعد تشمل الإخوان وحدهم بل امتدت لتشمل أعضاء الجماعات مثل طارق الزمر وعاصم عبدالماجد وغيرهما.
وأضاف الزعفرانى أن بريطانيا تريد التوصل من التحقيقات التى أعلنت عنها إلى طبيعة العلاقات بين جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية لافتا إلى أن الجماعة اعتادت أن تحتضن الإخوان التقليدية وأعضائها مثل إبراهيم منير وكمال الهلباوى.. لكن تخلى الهلباوى عن الجماعة ووصفه لها بالإرهابية أقلق بريطانيا.
وتابع: بريطانيا والمخابرات البريطانية ستغير وجهة نظرها نحو الإخوان بسبب تواصلها مع الجماعات الإرهابية وبعد تخلى قطر عن الجماعة وكون تركيا غير مستقرة فلم يعد أمام الجماعة إلا التراجع عن مواقفها لأنها لن تجد دولا مفتوحة أخرى تستقبلها كلندن أو قطر وأى دولة أخرى بعد استبعادهم من لندن ستكون بمثابة منفى للجماعة لا يصل صوتها منه لأحد.
صدمة الإخوان لم تتوقف عند المفاجأة البريطانية لكن أيضا فى أن التحقيقات يقودها السفير البريطانى السابق بالسعودية «جون جينكنز» ولكن هذه الصدمة تحولت إلى حالة من الرعب عندما أعلنت المتحدثة باسم كاميرون يوم الثلاثاء أن السبب فى اختيار جينكنز يرجع إلى أن «المراجعة ستتركز على نشاط الجماعة فى المنطقة وليس مصر وحدها وأن جينكنز له دراية عميقة بالشرق الأوسط».
لمن لا يعرف.. مكتب الإخوان فى لندن هو المركز الرئيسى للجماعة فى أوروبا، ويرأسه الدكتور إبراهيم منير أمين التنظيم الدولى للإخوان، والمسئول عن جماعة الإخوان فى أوروبا، وهو الذى أنشأه، والذى جاء على خلفية شركة دعائية سرعان ما تحولت إلى مكتب إعلامى يتردد عليه الصحفيون والإعلاميون فى بريطانيا، وتلتقى فيه قيادات التنظيم الدولى مع بعض الساسة فى أوروبا، وذلك قبل سقوط الإخوان فى 30 يونيو ,2013 ليصبح بعدها هو مكتب الإرشاد البديل عن مكتب إرشاد الإخوان فى مصر.
سرعان ما تردد قيادات الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد على لندن باعتبار بريطانيا لا تسلم المتهمين إلى بلادهم الأصلية، حيث سافر إليها جمعة أمين نائب مرشد الجماعة، بجانب تواجد عدد من قيادات الجماعة بالخارج فى هذا المكتب أبرزهم عبدالله الحداد، ومنى القزاز، بجانب تواجد إبراهيم منير فى المكتب.
وفى المقابل يحاول التنظيم أن يبقى له محل قدم فى بريطانيا، مستغلا صلات عدد من قياداته بالزعماء الغربيين وفى مقدمتهم عدد من الأشخاص غير المحسوبين تنظيميا على الجماعة مثل «أنس التكريتى» الذى التقى الرئيس الأمريكى باراك أوباما منذ أسابيع ليضغط على الجانب الأمريكى لتخفيف الضغوط على الجماعة فى مصر خاصة بعد لقاء الرئيس الأمريكى الأسبوع الماضى مع العاهل السعودى وما دار فى الجلسات حول الخلاف على معالجة دعم النظام فى مصر فى مقابل جماعات العنف السياسى وعلى رأسها تنظيم الإخوان.
ويحاول التكريتى من خلال المؤسسة الخيرية التى أنشأها منذ فترة وهى مؤسسة «قرطبة» بالإضافة إلى استغلال عدد من المؤسسات الاقتصادية التى يديرها فى لندن وواشنطن للضغط على هذه الدول لتخفيف ضغوطها على تنظيم الإخوان وعدم ملاحقة عناصره فضلا عن علاقاته الواسعة بأعضاء الكونجرس التى يستثمرها فى التحريض على وقف المساعدات الاقتصادية إلى مصر.
وقال مصدر مقرب من الحكومة البريطانية إن محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى زار لندن سرا الأسبوع الماضى فى إطار جهوده للضغط على حكومة كاميرون لاتخاذ مواقف مضادة لجماعة الإخوان.
التنظيم الدولى للإخوان عقد اجتماعا طارئا لبحث القرار البريطانى بالتحقيق فى أنشطة الإخوان، وبحث سبل التحرك لمنع حظر أنشطة الإخوان فى بريطانيا، وكلف مجموعة من أعضائه بالتواصل مع السلطات البريطانية للرد على اتهامات العنف الموجهة للتنظيم على خلفية الأحداث فى مصر.
التنظيم الدولى طالب إخوان مصر بمحاولة تهدئة الأوضاع فيها خلال المرحلة المقبلة لتدارك الأمر بعد أن أوشك عدد من الدول الأجنبية حظر أنشطة التنظيم مثلما حدث بالسعودية ومصر، إلا أن فرع الإخوان بمصر أبلغهم عجزهم على السيطرة على الشباب بالشارع!
الإخوان لا يعترفون بجرائمهم فى الشارع وتحاول الجماعة أن تنسب القرار البريطانى لعملية اقتصادية جاءت نتيجة الضغط الخليجى فى الفترة الماضية ويدعى مقربون من الجماعة أن قرار كاميرون بالتحقيق فى أنشطة الإخوان فى صفقة مع الإمارات بعد تراجع الأخيرة عن شراء صفقة أسلحة حديثة تزيد على 4 مليارات جنيه إسترلينى.