فى الوقت الذى أثار شيخ الأزهر الجدل بين جنبات الرأى العام برفع يده عن رفض الاعتصامات الإرهابية ، كانت تستعد قوافل دعوية للسفر إلى سيناء خلال أيام للمشاركة فى جلسات مواجهة مع التيارات التكفيرية المتسيدة المشهد هناك، للتأكيد على أن الحل ليس فقط فى المواجهة العسكرية بل والفكرية أيضا.. فهذه الثنائية فى غاية الأهمية ! كان من المهم أن نكشف تفاصيل هذه القوافل ومنهجها وتوقعاتها نجاحها ، وأساليب مواجهة هذا الفكر الظلامى خاصة أنه انتشر من سيناء فقط بدموية لكل مصر على يد الإخوان الإرهابيين وحلفائهم الدمويين !
د. محمود عزب مستشار شيخ الأزهر قال لنا إن هدف هذه القوافل مواجهة أى فكر منحرف بالوسطية والاعتدال، الذى هو مذهب الأزهر فى تدريس الإسلام.. وهذا يأتى من قلب القرآن الكريم والسنة النبوية والأزهر يقاوم أى فكر منحرف بنشر خطابه المعروف خلال تاريخه لأكثر من ألف وخمسين سنة سواء فى سيناء أو غير سيناء لأن الفكر المتطرف أو المتشدد يؤدى إلى إقناع الناس بأمور غير حقيقية وتخالف روح الإسلام وبالتالى يخشى عليهم من الانزلاق فى العنف أو التطرف أو الإرهاب.
وأشار «عزب» إلى أن قوافل الدعوة التى يطلقها الأزهر تعتمد على أصول ومناهج قرآنية صحيحة تدعو إلى التسامح وإلى قبول الغير والعفو عن الناس وإلى التوسط فى الدعوة.
كما أوضح لنا «عزب» أن قوافل الوعظ هذه تتكون تحت عين الأزهر بالاتفاق مع وزارة الأوقاف وهناك لجنة الدعوة التى يشرف عليها الإمام الأكبر بعضوية وزير الأوقاف تنتقى خبرة العلماء القادرين الأكفاء المتمكنين المتمرسين بناء على تجارب يعرفها الأزهر عنهم فى لقاءات سابقة يجمعون ما بين الوعظ الصحيح المعتدل الوسطى وبين التدريس فى جامعات الأزهر وكليات الأزهر المختلفة خصوصا من كلية الشريعة والقانون والدعوة والدراسات الإسلامية وأصول الدين هؤلاء يختارهم الأزهر بناء على كفاءات فى التدريس وهم قادرون على الرد والاستفسارات والأسئلة بشكل مقنع وعلمى وموضوعى يوجههم إلى محافظات مصر حسب الأولويات لنشر هذا الفكر الوسطى يبين لنا «عزب» أن هذه القوافل تشكل وتنتقى من علماء الأزهر الشريف حسب علمه الذين يجمعون بين علوم الدين الصحيحة من مصادرها الصحيحة الوسطية والذين يعرفون علم التربية والاجتماع وعلم النفس ليس بالضرورة أن يكون طبيبا نفسيا لفهم تقنية المتلقى الذى يتوجه إليه ووضع الأمور فى نصابها ليقدر على التوجيه السليم.
ويرى أن هذه القوافل حسب ظنه لا تتم فى السر عندما تذهب إلى الجهات التى توجه إليها لتوجيه الخطاب الدينى الوسطى المعتدل إلى المسلمين أظن أن وسائل الإعلام ستنقلها ومن الأفضل أن تنتشر أحاديث وخطابات هذه القوافل وأظن أنالأزهر يعد لذلك إن لم يكن يفعله فعلا الآن للتنفيذ.
كما أكد لنا «عزب» أن هذه القوافل سوف تنجح بالتأكيد، لكن البناء الصحيح وعلى أسس سليمة يحتاج إلى وقت أما الهدم فهو سريع أنت تستطيع أن تهدم عمارة كاملة فى أقل من ساعة ، ولكنك لا تستطيع أن تبنى عمارة وتشيدها فى ساعة فالأفكار التى ترسبت فى زمن طويل والسلبيات التى أدت إلى انفجار هذه الظواهر غير الصحيحة وغير السليمة القضاء عليها بأسلوب علمى وموضوعى ومقنع بالحكمة والموعظة الحسنة وتربية النفس يحتاج إلى وقت ولكنه لابد أن ينتصر مصداقا لقوله تعالى «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض كذلك يضرب الله الأمثال».
د. «أحمد كريمة» أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر قال لنا أن معالجة المفاهيم المغلوطة ينبغى أن يكون من علماء متمرسين يملكون الحجج والبراهين خاصة فيما يتعلق بالجريمة وفتنة التكفير فهؤلاء العلماء قلة ومهمشون وللأسف يتصدر المشهد من لا تأهيل لهم.
ودعا إلى ضرورة انتقاء القوافل الدعوية بشكل يبعد عن مظاهر الشللية ولابد من إنشاء جامعة أزهرية فى سيناء وإنشاء مجلس أعلى للدعوة الإسلامية بين الأزهر والأوقاف يستضيف أكابر العلماء بصفة منتظمة إذا كنا نريد عملا حقيقيا لتجفيف منابع العنف المسلح. أما ما يجرى من قوافل موسمية وقوافل شبه دورية فتذهب قوافل ليست إلى معقل المرضى ولكن إلى المحصنين أصلا هذا كالحرث فى البحر.
«د. سعد الدين الهلالى» رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر يصف لنا علاجًا لمواجهة الفكر المنحرف فى سيناء يعتمد على أربع نقاط أولها محو الأمية لأن الفكر المتطرف ينتشر وسط الجهل وحفظ كتاب الله والتنبيه بأن التفاسير فى الكتاب والسنة إنما يعبر عن وجهة نظر أصحابها ولا تعبر عن دين الله المطلق، ونشر الأساتذة الأزهريين فى الإعلام مما يدون فى الجانب العلمى وليسوا موجهين يبحثون عن الحق المجرد دون الحشو وإدخال مبدأ عن الفرق والجماعات الإسلامية وغير الإسلامية فى التعليم الأساسى وبيان ما تتميز أو ما تنفرد به كل جماعة مما يسىء إلى الإنسانية أو إلى الوحدة الإنسانية.
ومن المؤكد إذاعة جلسات هذه القوافل عبر الإعلام مع ضرورة إبعاد حزب النور وعدم أخذ النصيحة منهم لأن هؤلاء يريدون فرض وصايتهم على المجتمع بطريقة أو بأخرى هؤلاء اشتركوا مع الإخوان فى سرقة مصر كيف نأخذ منهم حلولا.
كما دعا الهلالى القوافل الدعوية بألا تفرض سيطرتها على الآخرين وإنما تدعوهم بالحكمة والموعظة والكلمة الحسنة إلى كلمة سواء.
أما الداعية «خالد الجندى» فقال : لابد من التعرف على سبب الإصابة بالتطرف فى سيناء ومصر عمومًا، وفى هذه الحالة هو انهيار الجهاز المناعى، وانتشار الأفكار المتطرفة وضعف الأزهر، لذلك لابد من عودة الأزهر للمهام التى أنشئ من أجلها ولابد أن يقوم دعاة الأزهر وعلماؤه وشيوخه بالواجبات المنوطة بهم وهذا يتطلب عدم انشغال الأزهر بالقضايا السياسية.
وشدد الجندى على ضرورة أن تكون هذه القوافل من العلماء الأزهريين فقط أصحاب الخبرة والعلم والثقافة ووالموهبة، وأشار إلى أنه ليس من الضرورى نشر هذه الجلسات لأنها فى الحقيقة سوف تكون لقاءات تمثيلية وليست لقاءات حقيقية، ودعا الجندى القوافل الدعوية إلى بذل الجهد أما كون لا يمكن الترحيب بهم فهذا يحتاج إلى إعادة نظر للعلاقة بين شيوخ البدو فى الصحراء.
وأوضح الجندى أنه لا يؤمن بالمبادرات بشكل عام نظرا لاحتياج الشعب إلى قوانين ضابطة وعدالة ناجزة وليس إلى مبادرات ولا جلسات مصاطب!
آمنة نصير العميد السابق بجامعة الأزهر الشريف طالبت بتفعيل القانون القوى العادل الناجز لإفراز ما يجب أن يقرر لصالح المجتمع ومواجهة هذا الفكر المتطرف مع تشكيل ثقافة ووجدان المجتمع المصرى من حيث الابتعاد عن التطرف - العداء لبعضها البعض من حيث معرفته لصحيح الدين - من حيث مواجهة الكارثة التى ابتلى بها مجتمع مصر.
وطالبت «نصير» بضرورة نشر هذه القوافل فى كل المناطق التى يحتلونها ويفرضون عليها كل هذه السيطرة المجنونة التى لا يقبلها قانون ولا مواطن منهم.
كما ناشدت وزير الأوقاف بشأن هذه القوافل أن يعلن صلته قوية مع أئمة المساجد ويذهب إلى المحافظات ويوجههم بأن يكونوا على قدرة علمية وعقدية جيدة لبث الوعى الصحيح لدور الأزهر ودور الإسلام الوسطى الحقيقى كما تمنت «نصير» لهذه القوافل النجاح والتوفيق إلى ما تسعى إليه، مضيفة إلى أن سر نجاحها يعتمد على العلماء الراسخين أصحاب الكفاءة والخبرة ويعتمد أيضًا على الصبر والمصابرة وقوة التحمل.