خلال السنوات العشر الماضية كانت المنافسة محصورة بين منى زكى وحنان ترك فقط وكان النقد الموجه لهما أن أغلب أفلامهما كانت مع النجوم الشباب كريم والسقا وهنيدى وبالطبع كان المستفيد الأول هم النجوم الرجال لكن كان بين الحين والآخر كنا نجد حنان تلعب أدواراً مهمة وكذلك منى زكى، لكن هذه الأدوار المهمة لم يكن بها عنصر المغامرة، بمعنى أن منى وحنان كانتا تقبلان هذه الأدوار اعتمادا على وجود أسماء بهذه الأعمال تضمن لهما النجاح مثل اسم سيناريست بحجم وحيد حامد أو اسم مخرج بحجم يوسف شاهين أو شريف عرفة أو نجم بقوة أحمد زكى أو شركة إنتاج لها اسم كبير. خلال هذه السنوات كانت هناك أسماء على الساحة لم ينتبه لها المنتجون، ومن هذه الأسماء بسمة ونيللى كريم وبشرى ومنة شلبى وغادة عادل وياسمين عبدالعزيز، وطبعا لا أنكر أن هذه الأسماء عاشت مرحلة الارتباك الفنى المشروعة وشاركت فى أفلام ضعيفة المستوى من منطلق الانتشار. وطبعا مع استثناء هند صبرى لأن لها تفكيرا مختلفا عن حنان ومنى بخلاف أنها سبقتهما فى النجومية بالسينما العربية والعالمية. هذه الأسماء إذا رجعنا لأعمالهن الفنية سنجد أنهن ابتعدن تماما عن طريقة تفكير كل من حنان ترك ومنى زكى عندما جاءتهن الفرصة لذلك سواء فى طريقة اختيار الأدوار والموضوعات أو فريق العمل الذى يعملن من خلاله، أما ما جعلنى أسرد سطورى السابقة فهو «بشرى» تلك الممثلة التى بدأت أولى مغامراتها من خلال إقدامها على العمل كمنتج منفذ لعدد من الأفلام كان لها دور فى اختيار موضوعات هذه الأفلام وهى «عائلة ميكى» للبلبة والمخرج أكرم فريد الذى قدم أوراق اعتماده كمخرج بعيدا عن أفلام السبكى، ومن المنتظر عرض فيلمه الثانى عن إحدى الجامعات المفتوحة وأبطاله من الشباب خلال الأيام القادمة. أما فيلم «678» الذى يعرض حاليا ويناقش قضية التحرش الجنسى التى أصبحت متفشية فى الشارع المصرى وفيه لعبت بشرى دور الزوجة التى تتعرض للتحرش بطريقة شبه يومية، سواء ركبت أتوبيسا أو ركبت تاكسيا، لذلك تحاول البحث عن طريقة تدافع بها عن نفسها وتجد ضالتها لدى نيللى كريم التى سبق التحرش بها أثناء تواجدها فى الاستاد مع زوجها أحمد الفيشاوى.. (يعنى وجود رجل مع المرأة لم يحمها من المتحرشين)، وإذا كان الأكثر تضررا من هذا الأمر هو الزوجة، فإن محمد دياب المؤلف حرص على إبراز نظرة الرجل الشرقى لهذا الموضوع وجبروته فى عدم احتواء زوجته بعد تعرضها لهذا الحادث أمامه، مما يدفعها لطلب الطلاق منه وتلجأ لفكرة تقديم برامج لتوعية النساء بكيفية دفاعهن عن أنفسهن. أما النموذج الإيجابى فكان لناهد السباعى التى اختارت ما ترفضه معظم الفتيات اللائى يتعرضن للتحرش بإجرائها محضراً للشخص الذى لمس جسدها وهو يقود سيارته وأصرت على ألا تتنازل عن المحضر ولم تجد من يساندها سوى خطيبها الذى لعب دوره أحمد، أما ماجد الكدوانى فقد لعب دور الضابط المسئول عن كشف سر إصابة بعض الرجال فى أتوبيس رقم 678 والذى تعانى من إهماله لها زوجته مروة مهران. نأتى لأداء الممثلين: بشرى بقدر جرأة وأهمية موضوع الفيلم جاء أداؤها معبرا عن الشخصية سواء من الناحية الشكلية أو الانفعالات الداخلية، نيللى كريم كانت ندا قويا أمام أحمد الفيشاوى ذلك الممثل الذى لايشغل ذهنه سوى باختيار الدور الذى يضيف لرصيده الفنى ويبقى فى ذاكرة الجمهور مهما كانت مساحته، باسم سمرة أقنعنى فى دور الزوج الذى يلجأ لممارسة التحرش فى الأتوبيسات لامتناع زوجته عنه والنتيجة علقة موت تكشفه أمام زوجته وهى بشرى، نأتى لماجد الكدوانى ذلك الممثل القادر على إدهاشك بأدائه لشخصية الضابط من زاوية مختلفة بها مزيج من خفة الظل والبعد الإنسانى سواء فى علاقته بزوجته أو تعامله مع النساء اللائى احترفن إصابة الرجال بآلة حادة. أما البنت الموهوبة حفيدة فريد شوقى ناهد السباعى فكان أداؤها بلا افتعال لشخصية الفتاة التى رفضت التنازل عن المحضر ضد الشخص الذى تحرش بها، وأنا من المتابعين لها منذ أول ظهور لها فى فيلم «احكى ياشهر زاد» لمنى زكى والمؤلف وحيد حامد، فهى قدمت نفسها للجمهور بطريقة مختلفة، وليتها تظل حريصة على ذلك. أما المخرج المبدع محمد دياب فقد نجح فى توصيل فكرة الفيلم التى تدعو لكسر حاجز الصمت دون عنف لدى الكثيرات اللائى تعرضن للتحرش الجنسى فى جميع الدول، لأن اللجوء للطرق المشروعة والقانونية حق لكل امراة يجب التمسك به مهما كانت الضغوط التى تمارس عليها من قبل المحيطين بها، لأن هذه الضغوط قد تؤدى لردود فعل متطرفة.