كنت أعتقد أن الدورة 34 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى ستتجاوز كافة الأزمات خاصة بعد اكتشاف 3 أفلام مصرية صالحة للمشاركة فى مسابقات المهرجان وكان عدم وجود فيلم ليمثل مصر فى المسابقة الدولية هو إحدى أزمات المهرجان التى اعتدنا عليها ومع تجاوز هذه الأزمة هذا العام ظهرت أزمة من نوع مختلف متمثلة فى تزامن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى مع العرض الجماهيرى لأفلام نجوم الملايين عادل إمام بفيلمه «زهايمر» وأحمد حلمى بفيلمه «بلبل الحيران» وأحمد السقا بفيلمه «ابن القنصل» ورغم أن هذه الأفلام ستكون دخلت فى الأسبوع الثالث من العرض الجماهيرى إلا أن أصحاب السينمات رفضوا استضافة أفلام المهرجان حتى لا ينعكس ذلك على إيرادات أفلام نجوم الملايين فى السينمات الخاصة بهم ولأن «المصلحة» هى صاحبة الكلمة العليا لدى أصحاب السينمات فقد تفهمت إدارة المهرجان الموقف وبحثوا عن حلول بديلة عديدة وكان أنسبها مُتمثلاً فى سينما «نايل سيتى» التابعة للشركة العربية للإنتاج والتوزيع لصاحبتها إسعاد يونس والتى ستكون بديلا لسينما «جود نيوز» التى استضافت المهرجان على مدار 7 سنوات كاملة، وهى تعتبر من أفضل السينمات الصالحة لعرض أفلام المهرجان نظراً لمساحة القاعة التى تتسع لجمهور المهرجان وهذا ما يتوفر أيضاً فى قاعات سينما «نايل سيتى» وهناك أيضاً بعض السينمات التى رحبت بعرض أفلام المهرجان مثل «كوزموس»، «ستارز» و«جالكسى».. وعودة إلى الأفلام المصرية التى ستمثل مصر فى مسابقات المهرجان، نجد: أولها فيلم «الشوق» الذى سيمثل مصر فى المسابقة الدولية ويلعب بطولته روبى وسوسن بدر وأحمد عزمى ومحمد رمضان، تأليف سيد رجب وإخراج خالد الحجر الذى سبق مشاركته فى الدورات السابقة فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بأكثر من فيلم منها «حب البنات» لليلى علوى، «مفيش غير كده» لنبيلة عبيد المثير أن نشر الصورة التى جمعت بين بطلتى الفيلم روبى وشقيقتها كوكى جعلت الكثيرين يتخيلون أن الفيلم يناقش قضية الشذوذ الجنسى وهذا ما نفاه المخرج خالد الحجر مؤكداً أن فيلمه بالفعل «صادم» لكنه بعيد تماماً عن القضية التى تخيلها البعض، فيلم «الشوق» سيذكر المتفرج بأفلام الخمسينيات التى تجعله فى حالة تفكير بعد مشاهدة الفيلم، وقد نال الفيلم إعجاب الرقابة ولجنة المشاهدة بمهرجان القاهرة، ومن المتوقع أن يكون دور سوسن بدر بمثابة نقطة فارقة فى مشوارها الفنى، المفروض أنها تلعب دور امرأة متسولة فى محطة مصر وتدعى أمام جيرانها أن عليها عفريتا تستطيع تسخيره لكل من يحاول الاقتراب من ابنتيهما روبى وكوكى وابنها المريض هذا بخلاف قسوتها الشديدة مع ابنتيها ومع الذين تقدموا للزواج منهما وهما أحمد عزمى، ومحمد رمضان. فيلم الطريق الدائرى أما فيلما «الطريق الدائرى»، و«ميكروفون» فهما سيمثلان مصر فى مسابقة الأفلام العربية وهما ينتميان للسينما المستقلة ذات التكاليف المنخفضة وعدم سيطرة نجوم الشباك الذين يلتهمون الجزء الأكبر من ميزانية أفلامهم من خلال أجورهم المبالغ فيها. «الطريق الدائرى» يلعب بطولته نضال الشافعى وفيدرا المصرى وسامية أسعد وعبدالعزيز مخيون ضيف شرف، أما أحداث الفيلم فتدور حول الصحفى نضال الشافعى الذى يكشف تجاوزات أحد كبار مصنعى فلاتر غسيل الكلى وفى ذات الوقت يحاول إنقاذ حياته الزوجية المتأزمة وابنته المريضة، فهل سيمكنه الخروج من أزمته بأقل خسائر ممكنة خاصة أن الأمر تحول من قضية عامة إلى خاصة حيث سيظل المتفرج فى حالة تساؤل طوال أحداث الفيلم عن من الذى سيكسب القضية فى النهاية. مؤلف ومخرج الفيلم هو تامر عزت بدأ عمله كمونتير لمدة 16 سنة فى أفلام يوسف شاهين ويسرى نصر الله وأنتج فيلمين تسجيليين هما «كل شىء هايبقى تمام»، و«مكان اسمه الوطن» وقام بإخراج العديد من الأفلام التسجيلية لبعض القنوات الفضائية ويعتبر «الطريق الدائرى» هو أول فيلم روائى طويل له، ولطبيعة فيلمه حرص على التصوير فى الأماكن الحقيقية منها: مستشفيات، ومقر لجريدة، نايت كلوب، منزل البطل، أما منتج الفيلم فهو إيهاب أيوب ويكفى ذكر الأفلام التى عمل بها كمنتج فنى وهى «رسائل بحر» لداود عبدالسيد، «شقة مصر الجديدة» لمحمد خان، «عين الشمس» لإبراهيم البطوط، لكى تعرف أنه منتج فنان بحق.
ثانى الأفلام المصرية التى ستشارك فى مسابقة الأفلام العربية هو «ميكروفون» لخالد أبوالنجا ويسرا اللوزى وهانى عادل وإخراج أحمد عبدالله وهذه نفس الأسماء التى شاركت فى الدورة الماضية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى بفيلم «هليوبوليس» بمسابقة الأفلام العربية، وفى «ميكروفون» سنجد يسرا اللوزى بطلة رئيسية بخلاف تواجدها فى فيلم «هليوبوليس» كضيفة شرف، أما منة شلبى والمخرج يسرى نصرالله فهما ضيفا الشرف فى فيلم «ميكروفون»، ما يميز الدورة 34 لمهرجان القاهرة السينمائى أيضاً مشاركة اثنين من الممثلين المصريين فى أفلام الدول المشاركة بالمهرجان أولهما هو عمرو واكد وسيكون مشاركاً فى الفيلم الإيطالى «الأب والغريب» الذى سيعرض فى المسابقة الدولية وكان مرشحاً بقوة للعرض فى حفل الافتتاح، لكن تقرر عرض الفيلم الإنجليزى «عام آخر» إخراج مايك لى بدلاً منه، وتعتبر مساحة دور عمرو واكد فى فيلم «الأب والغريب» كبيرة مقارنة بمساحة أدواره فى الأفلام الأجنبية التى شارك بها والمعروف أن عمرو واكد سبق له المشاركة فى أكثر من فيلم أجنبى منها «سيريانا»، و«عدوى» للمخرج الأمريكى سودبرج. أما أطرف مشاركة من الفنانين المصريين بأفلام المهرجان فكانت من نصيب المطرب والملحن عصام كاريكا من خلال الفيلم المغربى «الخطاف» الذى سيعرض فى قسم «السينما العربية الجديدة»، أما ترشيحه لهذا الفيلم كان من خلال الممثلة المغربية سميرة الهوارى حيث اقترحت اسمه لينفذ الموسيقى التصويرية للفيلم ولعب دور البطولة الثانية، وكان عصام كاريكا قد اتخذ قرارا بعدم المشاركة فى أى أفلام سينمائية بعد اشتراكه مع هانى رمزى فى فيلم «عاوز حقى» لكن عندما علم أن سعيد الناصرى هو البطل الذى سيقف أمامه فى ذات الوقت هو المخرج والمنتج والمؤلف لم يتردد نظراً للجماهيرية العريضة التى يتمتع بها سعيد الناصرى ويعتبر «الخطاف» هو أول الأفلام المغربية التى يشارك بها فنان مصرى، وقد تم تصوير الفيلم فى أسبوعين فقط واستطاع كاريكا فى فترة وجيزة تعلم بعض الكلمات الإيطالية ليتحدث بها ضمن الأحداث، أما أصدقاؤه المغاربة فقد تولوا مهمة تدريبه على اللهجة المغربية وقد عرض الفيلم تجاريا فى شهر مايو الماضى بالمغرب وحقق رد فعل جيدا لدرجة أنه بعد رفعه من السينمات تمت إعادة عرضه نظراً للإقبال الجماهيرى عليه رغم أنه يندرج تحت نوعية الأفلام البسيطة ذات التكلفة المنخفضة. أيضا يشارك جميل راتب فى الفيلم التونسى «حلق الوادى» للمخرج فريد بوحديد بقسم أفلام «ARTE». ومن القرارات الإيجابية التى اتخذتها إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى الدورة الجديدة إلغاء قسم «ضيف شرف» الذى كان يتم من خلاله عرض عدد كبير من الأفلام لإحدى الدول المشاركة فى المهرجان تجنباً لحدوث مشاكل طارئة مثلما حدث فى دورة العام الماضى فيما يتعلق بأحداث الجزائر المؤسفة، هذا بخلاف الصعوبة التى تواجهها إدارة المهرجان فى توفير عدد كبير من الأفلام فى دولة واحدة، وقد تم استبدال هذا القسم بفكرة أخرى وهى «مصر فى عيون العالم» حيث سيتم تجميع كل الأفلام الأجنبية التى تناولت مصر فى أفلامها ومعظمها إنتاج أمريكى، الطريف أنه بمجرد إعلان إدارة المهرجان عن وجود هذا القسم انقلبت الدنيا واعتقد البعض خطأ أن إدارة المهرجان ستتخذ من مصر ضيف شرف على نفسها، ومن الأفلام التى ستعرض فى قسم «مصر فى عيون العالم»، «كليوباترا»، «نفرتيتى ملكة النيل»، «طريق القاهرة». مشكلة بلا حل وضمن فعاليات الدورة 34 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى يوجد عدد من الندوات تناقش مشكلات وقضايا سينمائية مهمة أبرزها ندوة «اجتماع رؤساء المهرجانات العربية والعالمية»، ونأمل إيجاد حل لمشكلة تجميع المهرجانات العربية فى ثلاثة شهور فقط وهى أكتوبر ونوفمبر وديسمبر من كل عام حيث يترتب على تقارب الفترة الزمنية بين المهرجانات العربية تكرار عرض الأفلام بها وما نجده مثلا من أفلام فى مهرجان أبوظبى نجده فى المهرجانات الأخرى مثل «دمشق»، و«الدوحة»، «مراكش» وغيرها، والمؤكد أن حل هذه المشكلة ليس بالسهل ويكاد يكون من المستحيل لأن جميع المهرجانات العربية تابعة وراضخة لشروط الرعاة خاصة شركات الطيران والفنادق هما فقط اللذان يحددان الفترة التى يستطيعان فيها منح تخفيضات هائلة لإدارة المهرجانات وعادة ما يكون الأمر مناسبا لذلك قبل الكريسماس مباشرة. ومن أبرز المشاكل أيضاً التى يواجهها مهرجان القاهرة السينمائى الدولى دائما هى هروب بعض الأفلام المصرية لمهرجانات عربية أخرى، والمؤكد أن قيمة الجوائز المادية الضئيلة للأفلام الفائزة بمهرجان القاهرة هى وراء هذا الهروب، وهذا العام فضل أصحاب فيلم «6-7-8» لأحمد الفيشاوى وبشرى ونيللى كريم عرضه فى مهرجان «دبى» بينما فضل أصحاب فيلم «الوتر» لغادة عادل والمخرج مجدى الهوارى عرضه فى مهرجان دمشق، هذا بخلاف أفلام السينما المستقلة حيث عرض فيلم «حاوى» لإبراهيم البطوط فى مهرجان الدوحة «ترايبيكا» السينمائى وفاز بجائزة أفضل فيلم عربى بينما فاز فيلم «ميكروفون» بجائزة التانيت الذهبى فى مهرجان قرطاج السينمائى، وحتى إذا تجاهلنا مسألة قيمة الجوائز المادية المرتفعة بالمهرجانات العربية، فالمؤكد أيضاً أن المهرجانات العربية ترصد ميزانيات ضخمة لا تقارن بميزانية مهرجان القاهرة السينمائى لذلك نجد نجومنا وأصحاب الأفلام يهتمون بالتواجد فى المهرجانات العربية أكثر من التواجد فى مهرجان بلدهم. لكن فى النهاية من لا يعرف قيمة مهرجان بلده لن يستطيع أحد إجباره على المشاركة به ويكفى أن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى هو الذى يتمتع بالصفة الدولية فى المنطقة العربية ويحسب للمنتج محمد ياسين صاحب فيلم «الشوق» اعتذاره لجميع الدعوات التى وجهت له من قبل المهرجانات العربية وفضل عرضه فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أولاً.