آخر ما توصل إليه العلم والعلماء هو أن أكثر الناس قدرة على مقاومة الأمراض والشفاء السريع هم «المحبون» فالإنسان المحب يمتاز بقوة جهازه المناعى فى حالات الحب والعشق والسعادة، وتصبح لديه قدرة على قهر المرض، أما من يفشل فى الحب ويقلق ويتوتر ويُحبط وتنهار عواطفه فإنه يصاب بأمراض العصر كلها.. كل ذلك شغل أذهان العلماء لمعرفة أسرار «الحب» فى حياة الإنسان!! هل فكرت يوماً فى «الحب» من منظور علمى؟! أو كيميائى؟! أو أن تدخل به المعمل وتخضعه للتجربة العلمية؟! أم أن كل الذى يشغلك هو النظرة؟ فالابتسامة، فالكلام، فالموعد، فاللقاء، ثم يحدث الحب وتقع فيه لشوشتك!! العلماء يعلمون جيداً أن كل عواطف الإنسان وانفعالاته إنما هى عملية كيميائية تحدث نتيجة لمنبه معين من خلال نظرة عين مثلاً أو لمسة يد حانية، أو غير ذلك من الحواس التى تحدث للإنسان تغييرات كيميائية معينة تجعله يعيش وقتاً سعيداً وهذه التغييرات الكيميائية تبدأ من «المخ» عندما تصل المنبهات من حواس الجسم المختلفة ثم تنتقل من خلال الأعصاب والقنوات العصبية لتصل إلى أعضاء الجسم المختلفة من خلال الدم، فدقات القلب السريعة واحمرار الوجه والعرق والاضطراب وبرودة الأطراف وغير ذلك، إنما هى فى الحقيقة نتيجة لإفراز المخ كيماويات معينة مثل (الامفتيامينات دوبامين نور إبينفرين) والحالة النفسية السعيدة فى مثل هذه الحالات ما هى إلا رد فعل لهذه الكيماويات التى يفرزها المخ. هرمون الحب نحن عندما نتحدث عن الحب فإننا نتحدث عن الحب عموماً بكل أنواعه، حب الله، حب الوالدين، الحب بين الشاب والفتاة، الحب بين الزوجين، حب الأبناء، فالعلم يؤكد أن الحب فيه راحة وطمأنينة وعلاج لكثير من الأمراض، والعجيب الذى لا يعرفه الكثيرون أن الأديان كلها تأمرنا بالحب وتدعونا إليه، فالإيمان أساسه الحب، وصدق الله العظيم إذ يقول «والذين آمنوا أشد حباً لله» فالإنسان منا عندما يدخل المسجد ليدعو الله ويناجيه يشعر بالسكينة والطمأنينة والسعادة، وزمان كنا لا نعرف تفسيراً محدداً لهذا الشعور بالبهجة والسعادة، حتى اكتشف العلم هرمون الحب وهو الهرمون الذى يطلق عليه اسم «الأوكسيتوسين» والذى له علاقة وثيقة بالعاطفة والمشاعر النبيلة والجميلة، ومع إفراز هرمون الحب يتنبه المخ والجهاز المناعى لإفراز أفيونات طبيعية تسمى «اندروفينات» تشعر الإنسان بالطمأنينة وتسكن من الآلام وتضبط الحالة النفسية والمزاجية، لأن الحزن وزيادة الآلام أكثر من اللازم قد تؤدى إلى إفراز الأدرينالين وهرمونات الأنفعال والتوتر التى تثبط إفراز هرمون الحب «الأوكستيوسين» وأيضاً الاندروفينات المطمئنة. كيمياء الحب!! «كيمياء الحب الرومانسى».. هو ما يؤكده «د. مايكل ليبوفيتنر» حيث يعتبر مادة (فينيل إيثيل آمين pEA) هى المسئولة عن الحب الرومانسى الجارف، وانخفاضها يسبب نوعاً من الإكتئاب يختلف عن الاكتئاب العادى حيث إن المريض بهذا النوع من الاكتئاب يأكل بشراهة ويزيد وزنه، وينام كثيراً معظم ساعات اليوم فى الليل والنهار، وتصبح حساسيته للانفعالات الخارجية من حوله كبيرة جداً ويصبح شديد التأثر بها، ويفسر د. ليبوفيتنر هذا بأن الحب الرومانسى يزيد من مادة «pEA» التى تزيد بدورها هذا الحب والاستمتاع به، ومعروف أن هذه المادة من عائلة «الأمفيتامينات» ولذلك فإن الجسم يدمنها وعندما يحدث انخفاض حاد فيها ينتهى الحب الرومانسى، وتحدث أعراض انسحاب وقد يصاب الإنسان بالاكتئاب لفقد الحبيب أو فشل وانتهاء قصة حبه! أشار «د. ليبوفيتنر» فى دراسته الهامة إلى أن «الشيكولاتة» تحتوى على كميات قليلة من مادة «pEA» يمكن أن يكون لها تأثير على عاطفة الإنسان ورومانسيته إذا أكلها بكميات كبيرة من أجل حمايته من أعراض الاكتئاب التى تصيبه نتيجة انخفاضها فى حالة فقد الحبيب أو إنسان عزيز أو فشل عاطفى وغير ذلك من أى فشل فى الحياة، ومعروف علمياً أن الإنسان القلق المتوتر العصبى سريع الانفعال المحبط الساخط على الحياة تزداد عنده سرعة تكسير مادة «pEA» فى الدم فيصاب بالاكتئاب واليأس، أما الإنسان المحب الهادئ المطمئن فإنه ينجح فى الاحتفاظ بمادة «pEA» لأطول فترة ممكنة بمستواها الطبيعى فى الجسم. الحب.. يقوى جهاز المناعة صديقى العالم الفاضل «د. عبد الهادى مصباح» استشارى المناعة أكد لى أن الحب أيضاً يقوى جهاز المناعة ويؤخر الشيخوخة وينشر الشعور بالبهجة والرضا والسعادة والاطمئنان والأمل والتفاؤل، وهذا الشعور ينشط إفراز هرمونات إلهية تمنحنا القدرة على مواجهة مصاعب الحياة، وتلعب دوراً رئيسياً فى مقاومة الأمراض، فمثلاً فى حالة الشعور بالأمان والاطمئنان يفرز هرمون «إيمورثين»، وفى حالة الرغبة والحب الجارف والهيام وانفعالات الشوق واللهفة يفرز هرمون «إيميثوامين» والذى يختفى بعد الزواج حيث يفرز هرموناً آخر فى حالة الطمأنينة والاستقرار، وأثناء الراحة النفسية وهدوء البال واعتدال المزاج يفرز المخ مادة «الفاليسوم» وهى مادة مهدئة تؤدى إلى الاسترخاء والسكينة وزوال التوتر والعصبية والقلق، كما يفرز المخ مادة «الانكفالين» الشبيهة بالأفيون والتى تسكن الآلام. كما يفرز المخ والجهاز المناعى مواد تسمى «الاندروفينات» وهى أفيونات ومطمئنات طبيعية مسئولة عن الاحتفاظ بالسلوك والمزاج الطبيعى للإنسان وتعطى الإحساس بالأمن وتساعد على الحب وتقلل من الشعور بالألم، والمفاجأة السعيدة كما يؤكد العلماء أنه فى أحدث بحث علمى أجرى على ضغط الدم أثناء الحب والمشاعر الفياضة والرومانسية، وجد أنه يكاد يكون مثالياً «120/80» بينما يتأرجح ضغط الدم فى الحياة اليومية العادية بكل انفعالاتها المختلفة من ارتفاع مميت إلى انخفاض مرعب، كما أن «الحب» يبتعد بالإنسان عن الإصابة بأمراض القلب وضغط الدم والسكر والكبد والقولون العصبى، ويحميه من سقوط الشعر وحب الشباب واصفرار الوجه وعدم انتظام ضربات القلب والصداع. وأخيراً.. لو عرف البشر أن «كيمياء الحب» و «كيمياء المخ» توأمان لا يفترقان لزرعوا «الحب» داخلهم طول العمر، فالحب هو منحة إلهية وسلاح قوى ضد الأمراض والشيخوخة والاكتئاب، ومن فضل الله أن كل عوامل حمايتنا من الأمراض وسعادتنا تسبح فى دمائنا وعروقنا، وما علينا إلا أن ننشط الحب فى خلايانا وأنسجتنا لنعيش حياة كلها صحة وسعادة.