علم النفس ينصحك، الحب يشفى النفس ويطهرها لأنه أسمى المشاعر الإنسانية، وطب القلب يدعوك للحب لأنه يشفى القلب، ولهذا سنغوص معاً لأعماق النفس والقلب لنتعرف على الحب، الحب تلك الكلمة الساحرة التى احتار فى وصفها الأدباء والشعراء والفلاسفة، ولم يستطع أحد تحديد وصف معين لها، فهى كلمة تضرب أوتار القلوب.. فتبعث إلى الوجود أسمى النغمات بما فيها من تناقض أو إتقان، ترى فيها الفرح والحزن، الهجر والود، والسعادة والشقاء، والدمع والابتسامات، والخوف والسكينة والهدوء، فالحب كلمة تحمل كل معانى الحياة، فما هو الحب من وجهة نظر علم النفس وطب القلب؟ وكيف يؤثر فى الجسم؟ وكيف يؤثر فى الحياة؟ يحدثنا الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، فينصح كل البشر ألا يتجاهلوا الحب، لأنه أسمى المشاعر الإنسانية، التى تحقق الآمال وتدفع الإنسان إلى السعى وتحقيق الطموحات، والإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون الشعور بالحب. ولابد أن يكون الحب متبادلاً، لأنه يعطى الإنسان شيئاً من الإشباع لكثير من الغرائز التى يحيا بها، وبالتالى يعطيه الإحساس بالطمأنينة والأمان، وفق انتمائه لمجتمعه الصغير داخل الأسرة، والكبير المتمثل فى حبه للوطن، ويرقى ليشمل خير الإنسانية جمعاء، فالحب البعيد عن الاضطرابات النفسية، يهذب الإنسان. وبالتالى يجنب الإنسان كل أحاسيس الشر والحقد والحسد والكراهية، ويعطيه الطاقة النفسية الإيجابية التى تجعله يقاوم كل الصعوبات النفسية فى حياته، فيعيش فى حالة من الاستقرار والهدوء، ومشاعر الحب لا تتغير على مر الزمن، فهو إحساس منذ عمر الإنسان، والحب يتغير من مرحلة لأخرى، فالعواطف تكون متأججة فى مرحلة الشباب، خاصة فى مرحلة المراهقة. ويتسم الحب بالهدوء والعمق مع بداية الثلاثينيات، ومع طب القلب يثور السؤال: هل الحب مصدره القلب أم إن القلب ضحية لهذا الحب؟ ويرد الدكتور هانى راجى، أستاذ أمراض القلب، بأن القلب متهم فى جميع بلاد العالم وبكل اللغات بأنه المسؤول عن الحب! مع أن الحقيقة تؤكد أنه ضحية للحب، وذلك الاعتقاد يرجع لعوامل متعددة أغلبها غير معروف. ولكن أحد العوامل المعروفة أنه عندما يقع الإنسان فى الحب فإنه يشعر بخفقان القلب، وسرعة دقاته بطريقة ملحوظة! وهذا ما جعل القدماء يعتقدون أن القلب له صلة بالحب، وعندما يصاب الإنسان بخيبة الأمل فى الحب، فإنه يشعر بانقباض الصدر، مما جعل الناس يتبادلون بعض الألفاظ مثل (وجعت قلبى). لكن فى حقيقة الأمر أن الحب موضوع عقلانى، وما يحدث للقلب هو نتيجة للشد العصبى، والاضطراب العاطفى، وما يصاحبه من إفراز مادة الأدرينالين ذات التأثير المباشر على القلب، والحب لا يؤثر على القلب من الناحية المرضية للإنسان العادى، ولكن يؤثر بالنسبة لمريض القلب، فإذا كان الحب سعيداً بدون صدمات عاطفية، فله تأثيره الطيب على القلب والحالة النفسية، ويعتبر وسيلة إيجابية تحسن حالة المريض. أما إذا كان الحب قلقاً مليئاً بالمشاكل فسوف يؤدى ذلك إلى عبء كبير على القلب، وبالتالى على مريض القلب.. والطريف أن أحد أطباء القلب الأمريكان نصح مريضاً بالقلب له علاقة غير شرعية مع أخرى غير زوجته بعدم الاستمرار فى هذه العلاقة، لأنه بعد مقابلتها يتعرض لاضطرابات خطيرة فى قلبه، أرجعها الطبيب إلى شعوره بالذنب، والخطر من اكتشاف هذه العلاقة، وهنا قال ضاحكاً: سأقدم روشتة مجانية: ممنوع الخيانة الزوجية! ويضيف الدكتور هانى راجى قائلاً: أرى أن عاطفة الحب قد أسىء فهمها على أساس أنه دائماً بين رجل وامرأة، فى حين أن الحب عاطفة واحدة فى كل الحالات، بين الأم وطفلها، والأخت وأختها، والصديق وصديقه، بدليل أن الإنسان عندما يفقد إنساناً يحبه، يشعر بنفس الأحاسيس التى يشعر بها المحب عندما يبتعد عن محبوبته! باختصار الحب روح الحياة، الحب أسمى شىء فى الوجود، فهو المودة والصدق والحنان. رضا هيكل