انطلقت بنا السيارة تشق وحشة الصحراء، نحن فى الاتجاه الجنوبى لمدينة مرسى مطروح، الكثير منا سمع عن الواحة الخضراء التى تسكن الصحراء، بعد أكثر من ثلاث ساعات بدأت تظهر سيوة، بيوتا صغيرة فى أحضان الجبال العملاقة المهيبة، أحسست أن المنازل الصغيرة تحتمى بالجبال. منذ اللحظة الأولى بدا كل شىء لعينى له مذاق مميز ومتفرد، المنازل لها طراز تقريبا واحد ولها جدران سميكة وهى دور أو دوران على الأكثر، وسقفت من النخيل، عندما تدخلها لاتحس بحرارة الجو، إنها مثال لعبقرية الحاجة التى تُولد من رحم الخيال. ملابس المرأة السيوية المدهشة، وهذا الصبر الغريب فى حياكتها وزخرفتها والتفنن فى إبداع الزى بالألوان المبهجة والحلى، إنها خصوصية جمالية تنفرد بها المرأة السيوية. وهناك اللهجة السيوية الخاصة بهم، وهى خليط من البدوية والبربرية. والسيويون خليط من المصريين والبربر النازحين من الغرب والسودانيين، وهى واحة لها تاريخ، ففيها معبد آمون أو معبد التنبؤات، وقد زاره الإسكندر الأكبر أثناء حكمه 133 قبل الميلاد، وقد تلقى فيه نبوءة الإله آمون، وهو بقايا معبد يعتقد أن أهالى سيوة قد بنوا فوق أجزائه، وقد تسلقنا الحجارة حتى صعدنا إليه لأنه فوق صخرة تسمى أغورمى. وهناك عين جميلة يحيطها النخيل تسمى حمام كليوباترا ويقال إنها زارت سيوة واستحمت بها. فى وسط سيوة توجد أطلال المدينة القديمة المسماة بشالى، وهى عبارة عن بقايا منازل صغيرة وسراديب بُنيت بشكل فيه الحماية لساكنيها من غزو القبائل المجاورة، وذلك فى القرن الثانى عشر الميلادى، يصعد إليها من خلال سلالم صغيرة، وقفت متأملا هذه الأطلال، وكيف كانت هناك حياة فى يوم ما وكيف فكروا فى بنائها بهذا الشكل، وقد أطلق القدماء على سيوة الأرض الحمراء لأن تربتها تميل إلى الحمرة. فى طريق تنقلنا بالواحة لا شىء أمامنا سوى النخيل بشكله المميز، ومن حين لآخر يظهر جبل عملاق فهذا يسمى الدكرور، وذاك يسمى الموتى وكأن الجبال تحرس سيوة من كل جانب. فى وسط الرمال توجد العيون المائية الجميلة، ويحيطها النخيل، هناك العين الساخنة التى شاهدت الأجانب يأتون من كل مكان للاستحمام فيها، إن سيوة صورة حية من جمال الطبيعة البكر الذى لم تلوثه بعد المدنية الحديثة.