مواجهة شجاعة قوة اختيار روح حرة النكد كده كده موجود في الدنيا.. طب نجري له إحنا ليه بالمشوار؟ المشاكل آتية بلاشك.. لماذا نسعي لها باختيارنا؟ أعجبتني هذه الجمل التي كتبتها المدونة الذكية إيمان هاشم 82 سنة والتي لها العديد من المدونات أهمها يوميات عانس حقود. أكثر ما أعجبني في مدونات إيمان، الحرية المتوازنة، عمق ما تكتبه وصدقه أيضاً، هذا بالإضافة إلي خفة الظل والحس الساخر الذي تكتب به، علقت علي اختيار اسم المدونة يوميات عانس حقود قائلة: أنا عشت حبة كل ما أقول رأي أو كلمة.. يردوا في سرهم دي عانس وغيرانة.. طب ماشي بقي.. شوفوا الدنيا من عين هذه العانس الغيرانة وتابعوا يومياتها. كانت إيمان ذكية للغاية عندما كتبت عن أن هناك العديد من الاختيارات التي نختارها في حياتنا ونستمر في ممارستها ونحن غير راضين أو غير سعداء ومع هذا نواصل حياتنا فيها، تتحدث عن إننا ربما ننسي أو نتناسي مواجهة الذات، فحاولت أن تعطي بعض الإشارات لبنات جيلها التي من خلالها يمكننا معرفة هل نحن في طريق الاختيار الصحيح أم لا؟! قالت: لما تبصي لحياتك من يوم ما اتخطبتي وتلاقي أن أغلب الوقت نكد وخناق وتوتر وماسيجات سخيفة ورنة تليفون من غير رد، يبقي أنت في علاقة غير صحية. لو اتجوزت وبعد فترة بصيتي علي نفسك من بره، لقيتي نفسك مكسورة وحزينة وخايفة ومش متطمنة وملامح وشك عليها فقدان الأمل.. يبقي أنت في جوازة غير صحية. ولما تسافري بلد علشان تشتغلي وتبني نفسك بقرشين وخبرة وماتعرفيش تتأقلمي مع الدنيا ويومك فقد الطعم وبدأت تحسي بالمرارة في حلقك وعينيك بتعكس لك كل صورة بشكل حزين، يبقي أنت أخدت القرار غير السليم. تتساءل إيمان طب إحنا بنتعب ليه مش عشان نحصل علي حاجة أكبر، إحنا محتاجين لها.. ليه بنشتغل.. ليه بنتجوز؟! المفروض إن الهدف من تعبنا أننا نوصل لشكل حياة لائق، ولايق علينا، شكل للحياة أريح.. وليس أسعد.. يعني الحد الأدني من الحق في الحياة. الخطوة التي تأتي بالتعاسة والإحساس المستمر بعدم الارتياح هي خطوة غير صحيحة. كما تحدثت إيمان في مدونتها الرائعة عن المواجهة الذاتية.. عن ضرورة أن نتصالح مع أنفسنا، نضبط رادار مشاعرنا وأفكارنا الذي يكشف عما إذا كنا نسير علي الطريق المريح أم لا؟ هي في نفس الوقت تتحدث عن الشجاعة.. فالمواجهة تتطلب شجاعة. إذا كان الإنسان غلط مرة في خطوة، فإن الحكمة الحقيقية هي أنه يعترف بهذا أمام نفسه والآخرين، الحكمة هي أنك تعرف تدوس فرامل وإيدك علي الفتيس.. إنك لما تتأكد إنك علي الطريق الغلط.. تفكر وتلف وترجع تاني.. كبر السن الحقيقي والنضج هو إنك ماتخافش إنك تبتدي من الأول.. وساعتها مش هيكون قرارك اعتراف بالفشل لكنه هيكون شجاعة الاختيار. المواجهة والشجاعة محتاجة قوة.. والقوة أنك تكون متأكداً من جواك إن كل اختيار له ثمن.. وكلما زادت قيمة الشيء ارتفع ثمنه، ولا يوجد في الدنيا أغلي من الحرية.. حرية الروح والنفس، إللي حاسبته الناس والمجتمع والأهل والكلام والسمعة وزنقة الفلوس.. ما ذاقت طعم النزاهة وإحساس الاختيار وروعة الاطمئنان. توجه إيمان كلامها الخاص المكتوب بلغة تلقائية وسهلة ومن القلب قائلة: عارفة يعني إيه يبقي معكيش فلوس بس مش خايفة؟! متخيلة إزاي تعيشي بدخل أقل من المعتاد ولكن حاسة أنك أسعد؟! فاهمة يعني إيه أنك تبصي وراكِ وتقولي الحمد لله وتسمعي عقلك وقلبك وروحك بيقولولك.. شكراً.. ريحتينا!! ممكن الأهل يلوموك.. بس أكيد بعد كده هيفرحوا لفرحة قلبك. يمكن بناتك هايقولولك.. مفيش عرسان هيتقدموا لنا.. ساعتها لازم تقولي لهم: العريس إللي يمشي علشان أمك مطلقة إحنا مش عايزينه. المشكلة فيك أنت، أنت إللي غرقانة في فكرة هاعيش إزاي من غير راجل.. أنت إللي مش قادرة تكوني حرة من جواكِ!! لأ.. أنتِ حرة.. مولودة حرة عيشي حرة.. جربيها.. إدي لنفسك فرصة. الجمل الأخيرة التي ذكرتها إيمان في مدونتها عن الطلاق كانت مدخلا رائعاً أيضاً لما كتبته هي علي صفحتها متسائلة عن السيدة التي تعيش في زيجة تعيسة، تعيش عمرها في حسرة، تلك السيدة التي تري في عينيها الغيرة من أية ضحكة من القلب حيث تحولت كل ضحكاتها إلي تمثيلية. السيدة التي تحولت إلي روبوت زوجة.. والمأساة أنها متصورة أنها اكتسبت الحكمة والخبرة والنضج. تقول إيمان: الزوجة التعيسة.. لن تنجب إلا أطفال تعساء. تتساءل وتسأل كل أم: لما تبقي مكسورة.. إزاي هتربي وتكبري بنتك علي الشموخ؟! إما تعيشي مطاطية.. هتعلمي بنتك ترفع رأسها إزاي؟! لما بنتك تشوفك بتتضربي وتتشتمي كل يوم وتتهاني.. هتعرف تقول لأ للعنف إزاي.. حتي ابنك.. ح يحترمك إزاي؟! ح يحبوك.. لكن في الأغلب مش ح يحترموك.. وفي أحسن الحالات والفروض: ح يشفقوا عليكِ. كلمات إيمان هذه.. تعمدت أن أفرد لها المساحة.. لأنها تدل علي أن هناك نماذج من بنات هذا الجيل يعرفن كيف يدرن الحياة، لديهن العقل والحكمة والقوة والشجاعة ليعبرن عن آرائهن، بل يحاولن مشاركة الآخرين وتفعيل هذه الأفكار ومحاولة التأثير بها في إصلاح الكثير من المفاهيم المغلوطة السائدة التي تجعل من الفتاة والمرأة ضحية مجتمع. أكثر ما أعجبني فيما طرحته إيمان.. إنها لا تريد أن تلعب وتتلاعب بأهمية المرأة والفتاة في أن تصدرهما كضحايا مجتمع ولكنها اختارت أن تثبت أن كلا منا مسئول عن اختياره في الحياة، ربما يكون الاختيار صعباً لكنه الاختيار الأعمق والأبقي. إيمان.. قالتها لكل بنت: أنتِ مولودة حرة، عليكي أن تعيشي حرة.. جربي.. أعطي وامنحي نفسك الفرصة لأن تكوني حرة. وأقولها مع إيمان وأضم صوتي معها.. وإلي كل بنت أقول لها: أنت تستحقين أن تكوني إنسانة حرة.. وقمة الحرية هي أن تضعي ضوابطها وإطارها بنفسك.. وأن تتحملي مسئولية الحرية التي تصنعينها بنفسك.. وما أجمل الحياة التي نصنعها بأنفسنا لأنفسنا، حياة نطور فيها عقولنا ونرتضي بمشاعرنا.. ونحرر أرواحنا من تشوهات كثيرة مفروضة علينا.