أعتقد أنه لا يوجد أسوأ من إحساس وشعور ابن أو ابنة بأنهما تربيا تربية خطأ من والديهما، ولا يوجد أقسى من ذلك الشعور عندما يواجه الوالدان بأنهما فشلا فى تربية أبنائهما أو بمعنى أدق.. أن أولادهما غير راضين عن تربيتهما لهم. ومشاعر إيمان تجاه والديها.. مشاعر غضب، رغم اعترافها أنهما بذلا مجهوداً فى تربيتها وتوفير أغلب الاحتياجات لها.. دراسة وتعليم جيد، محاولة جادة لتوفير إمكانات مالية لتعيش حياة شبه مرفهة. وكما تقول: ومع ذلك لست راضية.. بل غاضبة منهم.. وأشعر أننى تربيت خطأ. تربيت على أن الكبير له كل الاحترام - مهما كان - وعندما كبرت أدركت أنه ليس كل كبير محترما.. وأن التعميم فى مثل هذه الأمور يفقدنا القدرة على التقييم الصحيح للبشر، فالشخص يقيم بأفعاله ومواقفه وليس بعمره وسنه.. فكيف أحترم مديرى وهو يحاول التحرش بى وأنا لا أعرف كيف أواجهه أو أدافع عن نفسى، لأن أهلى ربونى على الطاعة العمياء وتقدير كل من له سلطة. تربيت خطأ.. عندما علمنى والدى أن الفتاة المهذبة لا تسمح لشاب بأن يقول لها أى كلمات إعجاب خاصة أو يحدثها بشكل خاص، كبرت فأصبحت فى عيون الكثيرين فتاة معقدة، لا تعرف الحب ولا تعرف كيف تتعامل مع الجنس الآخر وكأنى قادمة من كوكب آخر. هل تتخيلين أننى حتى هذه اللحظة وقد أتممت الخامسة والعشرين من عمرى منذ شهور ولم أعش قصة حب واحدة.. لأننى ببساطة مش عارفة أسيب نفسى؟! هل تتخيلين أننى أشك فى حديثى مع الآخرين، لدرجة أننى كثيراً ما أنظر لوالدتى وأنا أتحدث مع شخص آخر حتى لو صديقتى حتى أقرأ من نظرات عينيها إن كنت على صواب أم أتحدث بشكل خاطئ!! مرتبكة.. لأن أهلى زرعوا بداخلى مانشيتات صحفية مثل لازم تكونى قوية، واثقة من نفسك، تدافعى عن حقك.. إلخ.. لكنه للأسف عامل زى كلام الجرائد.. لأنهم ببساطة لم يربونى ولم يعلمونى. كيف أحقق هذه القوة أو كيف أدافع عن حقى أو كيف أكون شخصية واثقة فى ذاتها؟! المصيبة.. أنهم بعد كل هذا.. شايفين أنهم ربونى أحسن تربية والحقيقة - وبكل أسف - أرى أنهم ربونى أسوأ تربية!! أو بمعنى أصح.. ربونى غلط. أنهت إيمان رسالتها قائلة: عمرك شفت بنت عمرها ربع قرن.. ولسه ما اتفطمتش؟! إن رسالة إيمان خطيرة للغاية بكل ما تحمله من معانٍ ومشاعر للغضب والارتباك والاهتزاز النفسى. إنه أمر ليس هيناً على الإطلاق.. أن نكبر فنكتشف أننا غير قادرين على مواجهة الحياة أو اكتشاف عيوب خطيرة فى شخصياتنا وبقليل من الصدق مع النفس وبقليل من التفتيش فى نمط تربيتنا وعلاقتنا بأهلنا لنكتشف أننا تربينا غلط!! .. وما هى التربية الصحيحة إذن؟! أهلنا بذلوا ما فى وسعهم.. معتقدين أن تربيتهم لنا كانت الأفضل وأنهم فعلوا كل ما هو صواب، وهل يمكن أن يكتشف الأهل بعد سنوات.. أنهم أخطأوا فى تربيتهم لأولادهم.. ولو عاد لهم الزمن لاختاروا طريقة أخرى؟! دعونا نفتح الملف الشائك.. اتربينا غلط؟! إزاى كان ممكن نتربى صح؟! .. سيظل الحوار مفتوحاً!؟