سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات الصباحية السبت 4 مايو 2024    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    إزالة فورية لحالتي تعد بالبناء المخالف في التل الكبير بالإسماعيلية    بلينكن: حماس عقبة بين سكان غزة ووقف إطلاق النار واجتياح رفح أضراره تتجاوز حدود المقبول    الحوثيون يعلنون بدء المرحلة الرابعة من التصعيد ضد إسرائيل    لاعبو فريق هولندي يتبرعون برواتبهم لإنقاذ النادي    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    نظراً لارتفاع الأمواج.. الأرصاد توجه تحذير للمواطنين    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    بعدما راسل "ناسا"، جزائري يهدي عروسه نجمة في السماء يثير ضجة كبيرة (فيديو)    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 4 مايو    اليوم، تطبيق أسعار سيارات ميتسوبيشي الجديدة في مصر    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصانة النائب..وجاهة أم سلاح ضدالفساد؟!
نشر في صباح الخير يوم 14 - 02 - 2012

لقب النائب «المحصن» فى النظام السابق والذى كان أشبه بلقب البكوية والبشوية أيام الملك، إضافة إلى تطبيق مفهوم الحصانة والاحتماء بها كذلك وصف من يمثلها من نواب البرلمان السابق من منتفخى البطون وشاربى السيجار وآكلى السيمون فيميه، ما شغل فكر الكثيرين بداية من رجل الشارع إلى من يرسم ابتسامة على شفاهنا عندما نرى أو نسمع عن هؤلاء، فظهرت الشخصية الكاريكاتيرية السيد العضو «كمبورة بيه» حيث يقول أحمد رجب فى مقدمة كتاب «كمبورة فى البرلمان»: واسمه هو حضرة صاحب الحصانة السيد العضو كمبورة بيه، ولغة كمبورة هى لغة زمن الانفتاح التى ابتدعت ألفاظ الأرنب والنص أرنب والباكو والأستك والتمساحة والخنزيرة، فهو الصعلوك الذى تحول بانتخابه فى مجلس الشعب إلى وجيه ذى جاه وسلطان يتعذر عقابه على جرائمه بعد أن أصبح صاحب حصانة».
ومع بداية برلمان جديد يسميه الجميع برلمان الثورة لا تزال حصانة النواب من بعد كمبورة فى نقاش وجدل فبعد أن اختفى نواب الكروش والسيجار وظهر نواب الذقون والسبح تظل قبة البرلمان كما هى دائما تخفى تحتها شيئا ولعله خيرا هذه الدورة.
وإذا كانت الحصانة من أهم الحقوق المنصوص عليها دستوريا بهدف توفير مناخ حماية للبرلمانى لكى يمارس مهامه وأهمها محاسبة الحكومة على أدائها على المستوى السياسى والشعبى، فإن هناك من يعتبر الحصانة هى الكارت الذهبى الذى يمكن بواسطته تحقيق ما لايمكن تحقيقه من مكتسبات سياسية ومادية خارج نطاق القبة البرلمانية. حتى تحولت الحصانة إلى ما يشبه حصان طروادة الذى يحمل تجار العملة والمخدرات إلى البرلمان، بدليل تهافت كل من هب ودب من التجار ورجال البزنس على نيل رضا الحزب الحاكم السابق بهدف الترشح على قائمته الانتخابية.
وبعد كشف المستور انكشفت فضائح وشبهات واتهامات ومهازل لعدد كبير من نوابه بمجلسى الشعب والشورى تهز وقار قبة هاتين الهيئتين التشريعيتين، خاصة أن المتهمين فيها أعضاء بارزون.
وهكذا شوهت صورة الحصانة البرلمانية التى ضمت كبار الملاك ليتسلحوا داخل البرلمان بكلمة السر «الحصانة». فهل ستظل هذه الكلمة بمفعولها السحرى هى الأداة التى تمرر قوانين وتحمى المالكين خارج البرلمان؟
حتى فاجأتنا حصانة برلمان 2012 بفاعلياتها والتى ظهرت مع أول أيام عقد الجلسة البرلمانية حيث ألقت أجهزة الأمن بالجيزة القبض على عضو مجلس الشعب فيصل الشيبانى، النائب عن دائرة مركز جرجا، ومحامٍ كان بصحبته، حيث أفادت التحريات أنه تم ضبط سلاح آلى و81 طلقة حية وكمية من المواد المخدرة بحوزة المحامى.
كما أشارت تحريات العميد محمود فاروق، مدير المباحث الجنائية بالمديرية، إلى أن عضو مجلس الشعب قام بالتعدى على ضابط الشرطةالذى قام بضبط المتهم (المحامى)، وحاول خطف السلاح النارى والمواد المخدرة من الضابط.
وفى واقعة أخرى منذ أيام بكمين شرطة على طريق القاهرة- الإسكندرية الزراعى حدثت مشادة كلامية بين أحد ضباط المرور، وأحد أعضاء مجلس الشعب الجديد، بعدما طالب الضابط من العضو إظهار رخصة القيادة، فرفض النائب البرلمانى قائلا «أنا عضو مجلس شعب ومعايا حصانة»، فما كان من الضابط إلا أن يصرخ فيه قائلاً «انسى الكلام ده كان زمان هشوف رخصك يعنى هشوف رخصك». وانفعل الضابط بسبب الطريقة التى يتحدث بها العضو، وقال له: «أنت عضو مجلس شعب على عينى وعلى راسى.. وحصانتك جوه البرلمان مش فى العربية.. وبعدين مش كل واحد يقوللى أنا عضو مجلس شعب هضربله تعظيم سلام وأقوله اتفضل، بلاش رخصة القيادة، ممكن أشوف الكارنيه» لكن العضو كان رده عنيفًا بقوله «مش هطلع الكارنيه ولا الرخصة» فأجابه الضابط قائلا «العربية مش هتتحرك متر واحد إلا لما أشوف الرخص»، وبالفعل أظهر العضو هويته الشخصية، ورخصة القيادة، بعد إصرار الضابط على موقفه، وقام السائقون الذين حضروا الموقف، بتحية الضابط، فكان رده عليهم: «عايزين البلد تتعدل، والواسطة تنتهى، واللى مش عاجبه يسيب مصر».
وعلى هذا تم اقتراح «الحصانة البرلمانية تحت القبة».. وهو اقتراح لمشروع قانون، أعلن عنه النائب المستقل مصطفى بكرى بعد فوزه فى الانتخابات للتقدم به للمجلس، بل ظهرت دعوة أخرى من عمر نبيل مشرف اللجنة الاجتماعية لحزب النور بمحافظة كفر الشيخ فى تصريح له عن أول مشروع قانون سيتقدم به نواب الحزب، وهو رفع الحصانة البرلمانية عن نواب مجلس الشعب خارج البرلمان، بينما رد رئيس الحزب دكتور عماد عبدالغفور لصباح الخير بأن مثل هذه الدعوات لا تعبر عن حزب النور السلفى ولن ندعو لذلك لأن الحصانة ضرورة برلمانية رغم أن الإشكالية عليها جاءت نتيجة إساءة استخدامها من نواب البرلمان السابق إلا أننا قمنا بالحديث مع الكتلة البرلمانية لمناقشة ذلك والتنبيه بعدم الوقوع فى فخ الحصانة بما تمنحه أحيانا كستار لارتكاب الجرائم بدلا من تحقيق المنفعة العامة، ومن هنا كانت مناقشة نواب البرلمان حول الحصانة البرلمانية وعن إمكانية إلغائها أو تحديد استخدامها للعضو سواء داخل أو خارج البرلمان.
∎ فوضى الحصانة لن تتكرر
رفض الدكتور عصام العريان النائب البرلمانى عن حزب الحرية والعدالة ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب وضع النائب تحت السلطة التنفيذية وطالب بإبقاء الوضع على ما هو عليه لأن الحصانة مقننة بالفعل بضوابط فى الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الشعب مشيرا إلى أن اقتراح مشروع قانون برفعها خارج البرلمان سيثير جدلا كبيرا وسيكون صعباً تنفيذه مشيرا إلى أن مثل هذه المقترحات يتم إطلاقها من حين لآخر فيما يشبه المزايدة الإعلامية.
لأنها مقررة فى كل البرلمانات ومتاحة للجميع حيث إنها مهمة تكليفية وليست تشريفية ومطبقة فى معظم برلمانات العالم وظهرت فى إنجلترا عام 1688م إثر قيام الثورة الإنجليزية وإقرار الوثيقة الدستورية المعروفة باسم «قانون الحقوق»، ولأول مرة بمصر، تضمنت اللائحة الأساسية لمجلس النواب فى 7 فبراير 1882نصا يقرر الحصانة لأعضائه ضد المسئولية البرلمانية ثم نظمها دستور 1971 ولكن بعض نواب البرلمانات السابقة الذين استغلوا وظيفتهم نؤكد لهم ولغيرهم أن هذه الفوضى لن تتكرر. وأوضح العريان أن أهميتها لاتقتصر فى رأيه على جلسات البرلمان لأن هناك بعض النواب يتعرضون لمؤامرات خارج المجلس بسبب مهاجمتهم لكبار المسئولين وقد تلفق لهم تهم كيدية وهنا إلقاء القبض عليهم دون إذن المجلس يعرضهم إلى الإهانة ووسائل تهديد قد تثنيهم عن مواصلة معركة ما بخلاف الحال لو استشعر النائب أن المجلس يحميه من هذه الاتهامات الباطلة بما يزيد من شجاعته وصلابته فى محاربة الفساد.
∎ النائب ليس فوق القانون
ويتفق معه الدكتور حمدى حسن النائب السابق عن الإخوان المسلمين قائلا: الحصانة امتياز دستورى مقرر لأعضاء البرلمان بصفاتهم لا بأشخاصهم، ثم أكد أن عضو مجلس الشعب يحتاج الحصانة حتى لا يقع تحت سيف السلطة التنفيذية أثناء محاسبتها على أوجه القصور والمخالفات أو ليمتلك شجاعة استجواب وزير أو توجيه اتهام لرئيس الجمهورية وهذا يصب فى صالح الهيئة التشريعية دون أن يمتد إلى نطاق المصالح الشخصية أو يجعل النائب فوق القانون مثلما كان يحدث من نواب النظام السابق حيث كانت الحصانة لديهم مستخدمة فى الاستيلاء على أراضى الدولة وسرقة القروض دون أية مساءلة فى دولة الفساد التى كنا نعيش فيها.. وأشار د.حمدى إلى أنه علينا أن نفكر فى صيغة جديدة لتقنين الحصانة بدلا من رفعها لخصوصية النظام السياسى فى مصر، وإذا أصبحت الحصانة من المصطلحات المشبوهة جراء أفعال النظام السابق فأعتقد أن البرلمان الحالى سيطهرها بألا تكون هناك تجاوزات كثيرة من نوابه لأن الشعب يقف متأهبا لأخطاء من اختاره بعد كل هذه السنوات.
∎ استجواب مسئول فاسد
يرى اللواء عادل عبدالمقصود عضو مجلس الشعب ورئيس حزب الأصالة السلفى أن الحياة داخل البرلمان تقتضى أن يقوم النائب بكشف أسرار الحكومة وقضايا فساد وربما يضطر العضو أثناء مناقشة قضية ما أو استجواب مسئول فاسد إلى حماية برلمانية ليتحدث بحرية، ومن هنا لابد أن يتسلح بالحصانة داخل المجلس حتى تمكنه من التصدى للمقصرين والمخالفين بقوة وشجاعة. كما شرح قائلا: «الحصانة» تعنى الحماية وهى حق شرعه الدستور لنائب البرلمان المنتخب، لتمكينه من أداء دوره التشريعى والرقابى ومنحه حرية التعبير عن رأيه داخل المجلس، مع مراعاة التزامه بالقانون، فوفقا لما تنص عليه المادة 370 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب «لا يجوز للعضو أن يأتى أفعالا داخل المجلس أو خارجه تخالف أحكام الدستور أو القانون أو هذه اللائحة. فإذا أردت للنائب أن يتحدث بلا سيف يرهبه فعليك بإعطائه الحصانة فكيف بعد أن وثقت به وأعطيته صوتك تخشى أن يستخدم الحصانة ضدك.
∎ سلاح ذو حدين
بدأ النائب السلفى على درويش حديثه قائلا: إن الحصانة سلاح ذو حدين رأينا على مدى ثلاثين عاما حده الذى استحل كرامة وقوت الشعب ونحن الآن نجرب الحد الآخر.. ثم أكمل حديثه فقال: إن السلطة التشريعية تمنح الحصانة فى معظم الدول لأعضائها كى يتحدثوا بصراحة ووضوح دون أن يخشوا شيئا لكن الأساس أن النواب مثل باقى المواطنين أمام القانون. لذلك لابد من حصول النائب على حصانة لمباشرة مهامه داخل المجلس أو ممارسة ما يتعلق بأعمال البرلمان مثل طلبات الإحاطة دون أن تتحرك ضده السلطة التنفيذية ولكن ليس من حق النائب أن يستغلها فى تجاوز القانون والإضرار بحقوق سائر المواطنين فالمفترض أن يدافع عن مصالحهم وحقوقهم.
والوضع اختلف عما كان فى البرلمانات السابقة من حماية الحصانة للعديد من الأعمال غير المشروعة من فساد مالى وإدراى لنواب هم فى الأصل رجال أعمال لا يهمهم المجلس ولا التشريع إنما يحتمون بالحصانة لعدم ملاحقتهم قانونيا وتكون كحائط صد أمام النياية الإدراية وغيرها من الجهات المسئولة، فالفهم الخاطئ والتطبيق السيئ للحصانة وضعها فى موضع مشتبه دائما، ولكن الآن نحن فى حاجة ماسة إليها بدون تقييد لأن مصر مليئة بالفساد الآن والكشف لابد وأن يقابله حماية، أما عن استمرارها بالبرلمان القادم أعتقد أنه إذا استقرت الأمور فسوف أكون من الأصوات التى تقول بإلغاء الحصانة البرلمانية لأنها فى النهاية سلاح ذو حدين فلا أتصور مثلا أن يمتلك عضو مجلس الشعب حصانة ضد مخالفات المرور أو إجراءات التفتيش بالجمارك أو أى عمل غير تشريعى، بينما يرفض التحقيق فى جرائم ارتكبت فى حق الوطن. كما أرى أن النواب الحاليين سواء إخوان أو سلفيين أو غيرهم من التيارات قد وثق فيهم الشعب ورشحهم متحدثين باسمه فكيف نمنع عنهم الآن حق الحصانة؟
∎ حصانة فاسدة
«النائب خارج المجلس مواطن عادى، ليس على رأسه ريشة» هكذا قال محمد العمدة وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب ثم أضاف قائلا: إنما عليه أن يحترم القانون أكثر من غيره ليكون قدوة وبالتالى أؤيد رفع الحصانة خارج البرلمان لمحاربة الفساد وحتى لا تكون هى الحافز لكثيرين من دخول المجلس كما فى السابق لتحقيق مكاسبه الشخصية وهناك بالفعل آليات وضعها القانون لرفع الحصانة عن النواب. ولابد من تحقيق ذلك بشكل عادل خاصة بعد 25 يناير فالجميع سواء أمام القانون حتى إنه لا حصانة لرئيس الجمهورية. وعن مدى ثقته فى نواب البرلمان الحالى من إمكانية استغلال النفوذ وخاصة حصانتهم البرلمانية فيما يخدم مصالحهم الشخصية أجاب قائلا: هناك فى البرلمان من جاء بالصدفة ولم يكن له فى السياسة فلم نر له برنامجا انتخابيا أو سيرة سياسية إنما جاء انتخابه شكليا فقط، لذلك فأنا أخشى على مثل هؤلاء أن تفسدهم السياسة وتكون الحصانة وبالا عليهم. لذلك فأنا مع إلغاء أو تعديل المادة 99 من الدستور والمادة 359 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب، التى تنص على أنه لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس، وفى غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس ويخطر عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء، لإضفاء حماية غير مبررة خارج نطاق مجلس البرلمان. وذلك حتى تقتصر الحصانة على مهام ومكان عمل النائب تحت قبة البرلمان وفق المادة 89 من الدستور التى تسبغ الحماية على أعضاء البرلمان فيما يبدونه من الأفكار والآراء فى أداء أعمالهم فى المجلس أو لجانه فيما يطلق عليه عدم المسئولية البرلمانية، مشيرا إلى عدم وجود نص قانونى مستقل لهذه الحصانة، وبالتالى فإن رفعها أو تقنينها لا يشترط سوى الموافقة على مشروع قانون بصيغتها وضوابطها الجديدة يقره المجلس.
∎ وجاهة اجتماعية
يرى النائب ناصر عثمان نائب حزب الحرية والعدالة أن الحصانة البرلمانية يجب ألا ترفع إلا فى مطارات مصر وفى غير ذلك لا ترفع وأكمل بقوله: أنا كنائب لابد من وجود الحصانة بصفة دائمة ليست كوجاهة اجتماعية إنما كأداة يستخدمها العضو فى حل مشاكل المواطنين. وأنا أعرف أن كثيرين لم تعد لديهم ثقة فى حسن استخدام الحصانة البرلمانية ولكن إذا ثبت فساد النائب فوفقا للمادة 360من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب، يقدم طلب الإذن برفع الحصانة عن العضو إلى رئيس المجلس من وزير العدل أو من المدعى العام الاشتراكى فيما يدخل فى اختصاصه قانونا، أو ممن يريد رفع دعوى مباشرة ضد العضو أمام المحاكم الجنائية.
ويجب أن يرفق بالطلب أوراق القضية المطلوب اتخاذ إجراءات فيها، كما يتعين على من يريد رفع دعوى مباشرة أن يرفق صورة من عريضة الدعوى المزمع رفعها مع المستندات المؤيدة لها.
ويحيل الرئيس الطلب المذكور ومرفقاته إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية وله إحالته فى ذات الوقت إلى لجنة القيم لبحثه وإبداء الرأى فيه للجنة المذكورة. ويجب على لجنة الشئون الدستورية والتشريعية إعداد تقريرها بشأن طلب رفع الحصانة خلال 15 يوما على الأكثر من تاريخ إحالة الأوراق إليها.
وتنص المادة 362من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب على أنه لا يجوز - إلا بعد موافقة المجلس - اتخاذ إجراءات أو الاستمرار فى إجراءات إنهاء خدمة عضو المجلس العامل فى الجهاز الإدارى للدولة أو القطاع العام وما فى حكمهما بغير الطريق التأديبى، كما لا يجوز اتخاذ أى إجراءات تأديبية ضده أو الاستمرار فيها.
ويقدم طلب الإذن باتخاذ إجراءات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبى أو باتخاذ الإجراءات التأديبية قبل العضو أو الاستمرار فى أى من هذه الإجراءات من الوزير المختص إلى رئيس المجلس. ويجب أن يرفق بالطلب مذكرة شارحة لأسباب الطلب مع أوراق التحقيقات أو المستندات أو البيانات التى يستند إليها. ويحيل الرئيس الطلب ومرفقاته خلال 3 أيام إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لإبداء الرأى خلال 01 أيام فى شأن الإذن باتخاذ الإجراءات التأديبية قبل العضو أو السير فيها أو فى إجراءات إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى. ويجوز لمكتب المجلس إحالة الطلب المذكور فى ذات الوقت إلى لجنة القيم لدراسة موقف العضو وإبداء رأيها خلال المدة السابقة فى شأنه لمكتب المجلس
∎ حصانة النائب فى انضباطه
«أنا لست ضد الحصانة كآلية من آليات حماية النائب ولكن مع أساءة استخدامها» هذا ما أكده الدكتور جمال زهران النائب السابق وأستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، قائلا إن الحصانة التى أعطيت للنائب هى للحماية من تعسف الحكومة ولتمكينه من أداء عمله البرلمانى، لذلك فنحن فى حاجة إلى النائب المنضبط الذى لن تكون مشكلته فى هذه الحالة مع الحصانة إنما مع المجتمع الذى ينظر له كممثل للأمة لأن المجتمع سيتحول إلى رقيب على سلوكه فى استخدام حصانته ويوقف انتهاكاته ولن يسمح بتكرار العهد البائد لذلك فإن أى شخص سيسىء استخدام الحصانة ستنقلب عليه لأنها ليست امتيازا شخصيا للنائب لكنها ضمانة قانونية لأداء مهامه البرلمانية ولاتعنى تحصين النائب فى مواجهة القانون ولكنها فى الأساس حماية السلطة التشريعية من مؤامرات وضغوط السلطة التنفيذية، بحيث يتمكن النائب من القيام بدوره فى تمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه من خلال التشريع والرقابة ومحاسبة كبار المسئولين وكشف ما يرتكبونه من مخالفات دون تردد أو تخوف من الملاحقة الجنائية لمنعه من كشف التجاوزات.. كما أن إساءة استغلال بعض النواب فى عهد النظام السابق للحصانة لا تبرر الدعوة إلى رفعها عن الكل، ولكن يمكن إعادة صياغتها وتقنينها دون إتاحة الفرصة لمن يتمتع بها فى الإفلات من عقوبة القانون إذا انتهكه لأنه فى النهاية لا حصانة لنائب ولا لمسئول فوق القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.