هل لثورة 25 يناير تأثير على مستقبل نقابة الصحفيين وكيف كانت النقابة تتأثر بالنظام السياسى القائم فى عهدى السادات ومبارك وكيف ارتبطت قوانين العمل النقابى للصحفيين بالأوضاع السياسية فى مصر منذ نشأتها عام 1941 وحتى الآن؟ هذا هو محور رسالة الدكتوراه التى حصل عليها الباحث وائل العشرى المدرس المساعد بقسم الصحافة كلية الإعلام فى أغسطس الماضى بإشراف د.ليلى عبدالمجيد عميد كلية الإعلام الأسبق حيث تكونت لجنة المناقشة من د. نجوى كامل أستاذ الصحافة بالكلية والكاتب الصحفى نبيل زكى. حاولت رسالة الدكتوراه التعرف على التطور الذى شهدته نقابة الصحفيين المصريين خلال الفترة من (1971- 2006) والعوامل التى أثرت فى هذا التطور ومعرفة السيناريوهات المتوقعة لمستقبل النقابة خلال العقدين المقبلين (2006- 2026) وكذلك تأثير ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 على صياغة هذا المستقبل من خلال التغيرات التى بدأت تحدث فى البنية الأساسية للنظام السياسى المصرى. وعلى مدار تاريخ النقابة منذ نشأتها وحتى الآن 2011 كان النظام السياسى بتعقيداته وتشابكاته مؤثراً بشكل كبير فى تطور نقابة الصحفيين المصريين . واستخدمت السلطة السياسية جميع الأشكال للسيطرة على نقابة الصحفيين المصريين واستخدمت فى ذلك استراتيجيات عدة سواء من خلال الترغيب بتقديم الدعم المالى أو من خلال الترهيب عن طريق الحل والتضييق، ووصلت ذروة الصدام بين النقابة والسلطة السياسية فى أواخر السبعينيات عندما هدد الرئيس الراحل أنور السادات بتحويل النقابة إلى ناد اجتماعى للصحفيين قبل أن يتراجع عن هذه الفكرة. كما عمدت السلطة السياسية إلى التدخل فى شئون النقابة عن طريق مساعدة بعض المرشحين أو موافقتها على ترشيحهم وذلك حتى تصبح النقابة أداة من أدوات السلطة السياسية فى تأييد قراراتها وتحقيق أهدافها على المستويين الداخلى والخارجى، وهو ما دفع غالبية الصحفيين إلى اعتماد قاعدة فى العمل النقابى تقوم على طرفين رئيسيين الأول نقيب حكومى يستطيع التفاوض مع السلطة السياسية للحصول على أكبر قدر من الخدمات والمزايا للصحفيين، ويكون قناة اتصال بين النقابة وهذه السلطة ويتدخل لإنهاء بعض المشكلات التى تنشأ بين الصحافة والسلطة خاصة فيما يتعلق بقضايا الحبس فى جرائم النشر، أما الطرف الثانى لهذه المعادلة فيعتمد على مجلس قوى يمثل جميع الأطياف الموجودة داخل الوسط الصحفى ويكون أداة ضاغطة فى مواجهة السلطة السياسية، إلا أن هذه المواءمة شهدت اتجاهاً مغايراً أحياناً وذلك باختيار مرشحين غير حكوميين لمنصب النقيب عام 1979 عندما اختار الصحفيون كامل زهيرى نقيباً لهم، والمرة الثانية فى 2003 عندما اختاروا جلال عارف نقيباً لدورتين متتاليتين، السلطة استخدمت كذلك (سلاح المال) للسيطرة على نقابة الصحفيين وذلك من بوابة أن الذى يملك المال هو الذى يسيطر. وقد طرحت الدراسة الميدانية والتى أجريت قبيل ثورة الخامس والعشرين من يناير سيناريوهين لتطور نقابة الصحفيين؛ الأول: يفترض ثبات مجموعة العوامل والمتغيرات المؤثرة على نقابة الصحفيين سواء من داخلها أو العوامل الخارجية ووفقاً لهذا السيناريو فإنه من المحتمل: أن يظل قانون نقابة الصحفيين كما هو دون تغيير ومن ثم تبقى المشكلات التى يفرضها القانون على النقابة كما هى وتظل عاجزة عن مواكبة التطورات والتحولات التى شهدها المجتمع المصرى منذ صدور القانون. تظل النقابة معتمدة بشكل أساسى على السلطة السياسية فى تمويل أنشطتها وبالتالى تظل تابعة بشكل أساسى لها وما يستتبعه ذلك من استمرار تفضيل أعضاء الجمعية العمومية للنقيب الحكومى وتصدر الدور الخدمى لأولويات العمل داخل النقابة على باقى الأدوار. وتظل تركيبة نقابة الصحفيين كما هى وتستمر سيطرة الصحف المعروفة بالقومية على الكتلة التصويتية فى الانتخابات النقابية. أما السيناريو الثانى والذى أيده 3,77% من أفراد العينة فيفترض تحسن مجموعة العوامل والمتغيرات المؤثرة فى نقابة الصحفيين وكذلك قدرتها على مواجهة المشكلات والتحديات التى تواجهها. ووفقاً لهذا السيناريو تتحسن أوضاع نقابة الصحفيين. ثورة يناير ومستقبل مصر والنقابة فرضت ثورة الخامس والعشرين من يناير تغيراً هاماً فى بنية النظام السياسى المصرى بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق، وفيما يتعلق بالنظام السياسى طرح مجموعة من الخبراء سيناريوهين: الأول يقوم على الالتزام بالجدول الزمنى الذى وضعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمعنى إجراء انتخابات تشريعية ثم اختيار جمعية تأسيسية تتولى وضع الدستور مما قد يؤدى إلى سيطرة تيار معين على مقدرات الأمور ما يفرز رئيسا بصلاحيات واسعة، أما السيناريو الثانى فيتضمن تغيير مسار الجدول الزمنى ووضع دستور أولاً ثم إجراء انتخابات تشريعية فرئاسية، فيما طرح خبراء آخرون ثلاثة سيناريوهات للنظام السياسى المصرى مستقبلاً: - الأول: تعثر أو تعطل التجربة الديمقراطية. - الثانى: نجاح الانتقال الديمقراطى فى مصر وقيام دولة ديمقراطية. - الثالث: الانقلاب على الديمقراطية مع استمرار الانفلات الأمنى وتراجع الاقتصاد وما قد يصحب ذلك من استمرار الجيش فى تولى مقاليد الأمور. ويضع البعض السيناريوهات الثلاثة بشكل آخر وهو (الحكم الدينى - الحكم الديمقراطى - الحكم العسكرى). ويرى الخبراء أن نجاح التحول الديمقراطى سيكون له تأثيرات إيجابية على نقابة الصحفيين بحيث تكون مستقلة عن أية سلطة وأن تمارس دورها بحرية بعيداً عن أية وصاية، كما يتوقعون تغير تركيبة نقابة الصحفيين ووضع قواعد جديدة للالتحاق بها وإلغاء قانون النقابة ووضع قانون جديد يتناسب مع الواقع الذى فرضته ثورة الخامس والعشرين والتغيرات المستقبلية المتوقعة، كذلك يتوقع الخبراء تعاظم الدور المهنى لنقابة الصحفيين وتزايد قدرتها على الدفاع عن حقوق الصحفيين وتحقيق تطلعاتهم، كما يتزايد دورها فى رسم الملامح الخاصة بمستقبل مهنة الصحافة والتحديات التى تواجهها وتتمكن النقابة من إلزام الصحف المختلفة بميثاق الشرف الصحفى وأخلاقيات المهنة