شىء غامض فى الزعيم عبدالناصر ربما كاريزمته وربما دوره المهم الذى لعبه فى تاريخ مصر السياسى فى النصف الثانى من القرن العشرين يجعله مثل الأيقونة التى تحظى باحترام وإعجاب الجميع - من عرفه ومن لم يعرفه - وفى مثل هذه الأيام تمر الذكرى الحادية والأربعون على وفاته، حيث توفى فى 28 سبتمبر 1970 عن عمر يناهز 52 عاما وربما فكر أصحاب جاليرى بيكاسو أننا فى أمس الحاجة هذه الأيام لشخص مثل عبدالناصر نستلهم قوة شخصيته وقدرته على حشد الجماهير والالتفاف حول مشروع قومى لمصر - بعد الثورة . فكر الحاج إبراهيم بيكاسو صاحب الجاليرى فى كل هذا وقرر منذ عدة أشهر التفكير فى إقامة معرض فنى عن عبدالناصر، وها هو يقيم المعرض بعنوان «عبدالناصر... الحلم» بل وتفتتحه السيدة هدى عبدالناصر ابنة الزعيم الراحل، والمعرض الذى بدأ هذا الأسبوع ويستمر حتى 25 أكتوبر المقبل يضم أعمال 22 فنانا تشكيليا قرر كل منهم تقديم رؤيته التشكيلية الخاصة لعبدالناصر وعصره وأعماله لعلنا نسترشد بتلك القيمة فى مثل هذه الأوقات العصيبة التى تمر بها مصر. أحلام الشعوب والمعرض بحسب - إبراهيم بيكاسو - يقام تخليدا لذكرى الزعيم جمال عبدالناصر والمبادئ التى نادت بها الثورة التى قادها والتى تمثل الحلم الذى ظلت جموع الشعوب العربية تؤمن به عبر تاريخها الحديث حيث العدل الاجتماعى والحرية والكرامة والمساواة والانحياز إلى الفقراء وإن كانت ثورة 1952 قامت من أجل هذه الأهداف ونجحت فى تحقيق بعضها وفشلت فى تحقيق أخرى، فإنه بعد مرور ستة عقود قامت ثورة 25 يناير واضعة شعار العدل والحرية لتعيد طرح مبادئ ثورة 1952 وتؤكد على أن أحلام الشعوب لا تموت حتى تحولها بإرادتها إلى حقيقة. ملامح الزعيم وعن قصد أو دون قصد نجح الفنانون المشاركون فى المعرض وهم نخبة من الفنانين التشكيليين الذين أثروا الحركة الفنية المصرية فى توصيل تلك المعانى والأهداف ويحسب للمعرض أن الأعمال لم تقدم خصيصا للمعرض أى أنها خلت من الاستعجال ورغبة كل فنان فى اللحاق بالمعرض فها هو الفنان الكبير حامد عويس يقدم بريشته المميزة لوحتين، الأولى لرجل مصرى يحمل سلاحه ويحمى الحياة والبشر فى مصر، وفى لوحة أخرى يصور المصرى بعد حرب أكتوبر. يحصد المخلفات الإسرائيلية ويدافع عن وطنه وتبدو الألوان مبهرة ومتميزة. أما الفنان الكبير محمد صبرى فقدم مجموعة مناظر تصور مشاهد من لقاءات الزعيم عبدالناصر فى اجتماعاته مع رؤساء وملوك الدول العربية، ويبدو فى إحداها عبدالناصر مهتما بالقضية الفلسطينية وبجواره الرئيس الراحل ياسر عرفات، ويقدم الفنان عز الدين نجيب تحية مصر للفلاح المصرى والحلم ببكره. أما الفنان مصطفى الرزاز فيقدم جدارية لمصر الثورة، حيث الكرامة وإعلاء قيمة الوطن، واختار فنان الكاريكاتير طوغان رسمة لرجل يعزف على ألحان ثورة 23 يوليو وينظر إلى علم مصر الذى تقف أمامه راقصة باليه مكتوب على صدرها حرية الشعوب، أما فناننا الكبير حسن فؤاد فيقدم (اسكتش) لرجل مصرى قائم على حراسة وطنه. وبالمقابل تبارى الفنانون التشكيليون الآخرون فى تقديم بورتريهات نابضة وحية لشخص الزعيم عبدالناصر، ويتألق الفنان الكبير محمد حجى فى تقديم عبدالناصر بنظرته الثاقبة الواثقة، وكذلك يفعل الفنان سمير فؤاد ومثلهم الفنان حلمى التونى الذى يقدم بورتريها لعبد الناصر يغلب عليه اللون الأخضر وفى لوحة أخرى يقدم وجه عبدالناصر باللونين الأسود والأبيض حيث تظهر عيناه وشاربه وأنفه أما الفنان جورج البهجورى فقدم عبدالناصر يحيى الجماهير، وهى التحية التى اشتهر بها عبدالناصر فى لقاءاته بالجماهير، أما الفنان عصمت داوستاشى فاختار أن يقدم بورتريها جانبيا لعبدالناصر، حيث الملامح المميزة والأنف الشهير وهو بورتريه رسمه فى الستينيات ورسم فنان الكاريكاتير مصطفى حسين لوحة مهمة لعبدالناصر شامخا ومن حوله إنجازاته المهمة التى حققها وحوله الطيور تغرد باسمه. وصايا للبلد وهكذا تبارى الفنانون بالرسم والتصوير والنحت فى رسم ملامح وروح عبدالناصر وعصره والتى لا تنفصل عما يحدث الآن فى مصر وخير ختام تقدمه مجموعة من عبارات عبدالناصر تؤكد على قيمة الجماهير فى دفع الثورة إلى الأمام ومنها «أننى أؤمن إيمانا قاطعا أنه سيخرج من صفوف هذا الشعب أبطال مجهولون يشعرون بالحرية ويقدمون العزة ويؤمنون بالكرامة» وهو ما تحقق فى ثورة 25 يناير وكذلك تحذيره وقوله (إن الجماهير هى القوة الحقيقية والسلطة بغير جماهير هى مجرد تسلط معادٍ لجوهر الحقيقية)، وأخيرا تقريره ونصحه (لتكن المعرفة رأس مالكم والعقل أصل دينكم والحب أساسكم، والثقة كثرتكم والعلم سلاحكم).