صحيح جزى الله الشدائد كل خير، فقد قادنى حظى الحسن لمعرفة اثنين من أطباء الصدر أجزم أنهما من أفضل من رأت عينى واستراح على أيديهما صدرى؛ الأول هو العزيز الغالى د.عوض تاج الدين الذى جاء لزيارتنا فى بداية الألفية الثانية مع فريق طبى مهيب، وكان يشغل أيامها منصب وزير الصحة.. وذلك بعد أن تعرض الولد الشقى السعدنى الكبير - رحمه الله - لأزمة صحية عنيفة. فى هذا تعرفت وتشرفت بالدكتور عوض تاج الدين والذى أصبح المرجع الأول والأخير لشخصى الضعيف فى كل أزمة رئوية أو ربوية أتعرض لها، ولكن عيادة الدكتور عوض تاج الدين تختلف تمام الاختلاف عن شخصه الطيب الودود، فهو يجيب على هاتفه المحمول فى كل الأوقات وعلى جميع المتحدثين وسنجد لدى الرجل حلا لأى مشكلة وروشتة كفيلة بعلاج الداء بفضل المولى عز وجل.. ولكن إذا أردت أن تكشف لدى الدكتور عوض تاج الدين فسوف يكون اسمك من ضمن سلسلة من الأسماء التى لا تنتهى، الكل ينتظر الدور للوصول إلى هذه القامة الطبية التى نفخر بها.. فهو أحد أفاضل الأطباء فى مجال الأمراض الصدرية لا على مستوى مصر فقط، ولكن ربما فى أنحاء العالم العربى، وأؤكد أنه أفضل ألف مرة من كل الأطباء الذين التقيت بهم فى شارع «ويجمور ستريت» أو «هارى ستريت» فى بلاد الإنجليز وعليه ولأننى أكره الطوابير ولا أتحمل الانتظار وتنتابنى حالة تخبط لا مثيل لها وأنا أنتظر دورى.. لهذا فأنا لا أجرؤ على زيارة الدكتور عوض تاج الدين فى مقره بمصر الجديدة العامر بالمرضى ولله الحمد، ولذلك أكتفى بالكلام عبر الموبايل فأجد بالفعل ما يسرنى فهو رجل خفيف الظل شديد الأدب يمتلك روح دعابة لا مثيل لها بين الأطباء.. فتشعر أنه رفع الكلفة وأنه تحول إلى صديق وليس طبيبًا فقط لا غير وبالإضافة إلى الدكتور عوض تاج الدين هناك شاب يقطع المسافات بسرعة ثابتة وخطى واثقة نحو الصفوف الأولى ليكون صفا ثانيا كعهد أهل مصر دوما تجد موجات تلى بعضها البعض لتحمل الراية وتظل مصر مرفوعة الرأس فى كل مجال رائدة عالية شامخة يصعب على غيرها الوصول إليها.. هذا الطبيب الشاب هو الدكتور مصطفى الشاذلى الذى عرفته عن طريق الصديق العزيز الدكتور عمرو عبدالوهاب وهو أحد الشباب المتميزين ظهر نبوغه أثناء عمله فى مستشفى الجيزة الدولى وفى الوسط الطبى ذاعت شهرته.. ثم بدأ يكون شعبية طاغية بين رواد المستشفى وفى كل مكان ذهب إليه وهذا الكلام كان منذ عقدين من الزمان.. واليوم وفى أثناء المحنة التى لاتزال تحيط بالكرة الأرضية بأكملها هذه الكورونا اللعينة.. تابعت الطبيبين الكبيرين كلما تعرضت لنزلة برد أو نوبة حساسية... وتأكدت مكانة هذين الكبيرين من خلال الأزمة فقد كانت المحنة فوق طاقة هذه الوزيرة هالة زايد فهى ليست أهلا لمثل هكذا جائحة تحتاج إلى خبرات فى هذا المجال.. مجال مكافحة ومحاصرة المرضى ومجال وضع بروتوكول للعلاج وخطط لحماية الدولة المصرية من وباء فتاك.. فكان اختيار القيادة السياسية للرجل العالم الفاهم الدكتور عوض تاج الدين ليصبح مستشارا طبيا لرئيس الجمهورية.. وأكاد أجزم أنه لولا اختيار هذا الرجل لحدثت كارثة فى مجال مكافحة الكورونا.. ولأن من يحمل موهبة فارغة تتحول موهبته إلى ما يشبه الجريمة.. لا يمكن إخفاؤها أو مداراتها.. فإن الطبيب مصطفى الشاذلى تجلت عبقريته هو الآخر فى نفس الكارثة.. فقد بحثوا وفتشوا ووقفوا.. واتفقت الآراء على أن يعهدوا إليه وحده بالمهمة الأخطر فى مستشفى قصر العينى وهى مهمة وحدة العزل التى أتصور أنها الأضخم فى مصر.. وما أنفع هذا الاختيار الذى وقع على شخص مصطفى الشاذلى وتبعه حسن اختيار للفريق الطبى المعاون.. من أول فريق التمريض حتى النواب والأطباء رجالا ونساء كانت كتيبة أشبه بفرقة من فرق الصاعقة أسندت إليها مهمة انتحارية لإنقاذ آلاف الأرواح من أبناء المحروسة وقد تابعت كل صغيرة وكبيرة داخل هذا الصرح الطبى العظيم وما كان يفعله هذا الفريق التى تحول إلى فرقة تعزف أعذب الألحان فى حب الوطن بقيادة المايسترو د.مصطفى الشاذلى ولم يكن أحد ينام فى بيته، الكل فى مهمة من أجل الوطن وما يتعرض له من مرض شديد الخبث والخطر.. الكل تعافى وهناك سقط ضحايا من بين الفريق الطبى نسأل الله الرحمة لمن سبقنا إلى دار الحق والسلامة لمن سقط مصابا بالمرض.. وبعد انتهاء الموجة الأولى والتى قصد فيها الفيروس منطقة الصدر وتحور وعاد من جديد فى ثوب آخر هدفه الأمعاء هذه المرة.. كان على هذا الفريق أن يعود إلى مهمته الانتحارية والتى أبلى فيها البلاء الحسن ليمارس حياته الطبيعية من جديد، ولكن إدارة جامعة القاهرة.. خصصت يوما لتكريم هذا الفريق الطبى للجهد العظيم الذى بذل وللنتائج المبهرة التى تحققت وهى العبقرية المصرية التى تتجلى فى أعظم صورها أثناء المحن.. إنها سيمفونية أقرب إلى تلك التى عزف فيها أبناء المحروسة فى حرب السادس من أكتوبر المجيدة عندما عبرنا من هزيمة نكراء إلى نصر مؤزر.. وقد من الله علينا ولله الحمد بالنصر على هذا البلاء الجديد ندعو أن يديم وجود عوض تاج الدين مستشارا للرئيس السيسى وأن يبارك فى هذا الفريق الطبى من أول أصغر ممرض وممرضة وحتى قائد الفريق الدكتور مصطفى الشاذلى.. أثبتهم أن مصر ولادة.. ولاتزال بخير.. أسأل الله أن يحفظكم.. وأن يحفظ المحروسة برجالها المخلصين.