خاضت آية مدحت تجربة محو أمية الكبار منذ عشر سنوات تقريبا، كانت وقتها طالبة فى كلية الآداب قسم علوم الاتصال والإعلام ضمن نشاط تطوعى، تموله إحدى شركات المحمول الشهيرة، التى قدمت كل الاحتياجات التى سيحتاجها الطلاب خلال فترة الدراسة، بالإضافة إلى إعطائهم المنهج الذى اعتمدته الهيئة العامة لتعليم الكبار ومحو الأمية من خلال دوره تدريبية مبسطة تعلمهم طرق التدريس والاسترجاع. مع أسبوع الاحتفال باليوم العالمى لتعليم الكبار ومحو الأمية «8 سبتمبر» تعقد وزارة التضامن الاجتماعى أول اختبارات للمتحررين من الأمية فى 5 قرى محافظة مرسى مطروح، التى تنفذ فيها المبادرة الرئاسية حياة كريمة. القرى التى يخوض الامتحان فيها نحو 100 - 150 دارس فى كل قرية، هى قرى العلاقى فى سيوة، والسلام بمركز الحمام، وشماس فى مركز برانى، وقريتى كشوك عميرة، وحلازين فى حلازين، أغلبهم من السيدات المستفيدات من برنامج تكافل وكرامة. ربما ليست هى المرة الأولى التى تنشأ بها فصول لمحو الأمية فى هذه القرى، لكنها المرة الأولى التى ترتبط فيها محو الأمية باستمرار دعم تكافل وكرامة، وبالاستفادة بقروض دوارة لإقامة مشروعات صغيرة، بعد اجتياز الاختبارات، فضلا عن تحول الحياة كلها بالقرية إلى وجه جديد.. د.عمر حمزة، مستشار التعليم بوزارة التضامن الاجتماعى، والرئيس الأسبق للهيئة العامة لتعليم الكبار ومحو الأمية، يشرح المبادرة التى أطلقتها وزارة التضامن منذ نحو 4 شهور « حياة كريمة بلا أمية» بالتعاون مع الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار: «بجانب ما تقوم به وزارة التضامن الاجتماعى، من الارتقاء بالخدمات الأساسية التى تقدم للمواطن كتوصيل المياه والكهرباء وتمهيد الطرق، وكذلك رفع مستوى البيوت والخدمات الأخرى مثل فتح الحضانات، تنفذ الوزارة فى قرى المبادرة الرئاسية حياة كريمة، البالغ عددها بالمرحلة الأولى 143 قرية فى 11 محافظة، وهى القرى التى تزيد فيها نسبة الفقراء على 70 % من سكانها. الهدف من مبادرة محو الأمية، هو الحفاظ على التنمية التى تجرى بالقرى، والاستثمار فى البشر، مثلما يتم الاهتمام بالبنى التحتية، وفى هذا نتعاون مع متطوعين من المجلس القومى لحقوق الإنسان، لرصد ما يتم من تنمية على الأرض ومدى استمراره، «كان يتم رصد مثلا أنه تم تجهيز مقاعد وطلاء حوائط المدرسة، لكن المدرسين لم يأتوا». ولأن أكثر من 63 % من مستفيدى برنامج تكافل وكرامة، أميون، وأغلبهم من النساء، ستكون أحد أدوات تشجيع المستفيدين للتعلم ومحو أميتهم، هو استمرار تمتعهم بمعاش التكافل، على غرار شرطى استمرار انتظام أطفالهم بالمدرسة ومتابعتهم لصحة الأطفال بالوحدة الصحية، المطبقان حاليا لاستمرار تمتع المستحق بالمعاش. وما دور وزارة التضامن فى تعليم الأميين؟ الوزارة التضامن ستتيح قاعدة بيانات «الأميين» لكل فروع هيئة تعليم الكبار بالمحافظات، ومع الأسماء الرقم القومى وعناوين إقامتهم وأعمارهم وحالتهم التعليمية، كما تعد قوائم بأسماء المرشحين للعمل فى فصول محو الأمية من مكلفات الخدمة العامة، ومستفيدات «تكافل» من حملة المؤهلات العليا وفوق المتوسطة والمتوسطة للعمل فى المبادرة. الوزارة أيضا ستساهم فى توفير فرص عمل للمتحررين من الأمية، والتوعية بأهمية التعليم، وإبراز النماذج الناجحة، وتنسق مع الهيئة العامة لتعليم الكبار لضمان مواصلة الدارس التعليم ومتابعة جدية العمل بالفصول، والالتزام بتنفيذ توصيات تقارير المتابعة. الفئة المستهدفة من سن 16 سنة حتى 35 سنة، ويمكن استثناء بعض الفئات فى السن من 35 سنة فأكثر، بشرط الاستعداد للدراسة وتلقى العلم. مدة الدراسة من 4 إلى 6 أشهر، والمنهج الذى اختارته الهيئة يلبي أهداف برنامج تكافل، ضمن خطة لإعلان قرى حياة كريمة «قرى خالية من الأمية»، وتشرف على الفصول مؤسسات مجتمع مدنى لها خبرة فى محو الأمية، مثل مؤسسة قبص من نور، ومؤسسة ساويرس للتنمية المجتمعية، والجمعية الشرعية، الروتارى، مصر الخير، صناع الحياة، بالإضافة إلى مشروع المصريون يتعلمون، الذى تتبناه وزارة الشباب والرياضة. الهيئة ستتولى تدريب وتأهيل المعلمات، وعقد الامتحانات، واستخراج الشهادات، والأولوية ستكون للمسجلين فى فصول محو الأمية بالفعل، أو الحاصلين على شهادة محو الأمية، لتنشيط قدراتهم التعليمية، ومساعدتهم لاستكمال تعليمهم، وعقد امتحانات لمن يجيدون القراءة والكتابة ممن قد يكونوا تسربوا من التعليم، لمساعدتهم على الالتحاق بالسلم التعليمى، ومن يقعون فى السن من 11- 14 سنة سيلحقون بمدارس التعليم المجتمعى، بعد أن يقضوا شهرا مثلا فى فصل تنشيطى، أما من لا يجيدون القراءة والكتابة فيقضون ما بين 4-6 شهور فى الفصول. كيف ستقنعون السيدات بأهمية التعليم وأغلبهن لا يشعرن بذلك؟ المدخل الدينى مدخل سحرى، لتوليد الرغبة فى التعلم وتشجيعها، والكثير من السيدات تريد أن تتعلم لتعلم أولادها وتساعدهم، «لما السيدات هيتعاملوا بكرامة داخل قراهن، ولما هيلاقوا المدرسين من بنات القرية وبناتهم سيتشجعون. هل تكفى 4 شهور أو 6 شهور ليتمكن الأمى من تعلم القراءة والكتابة واجتياز اختبار يعادل الشهادة الابتدائية؟ تعليم الكبار يختلف عن تعليم الصغار، وهناك نحو 11 منهجا لمحو الأمية معتمد من قبل الهيئة، لتناسب الاحتياجات المختلفة للدارسين، والكبار يمتلكون المدلولات وما ينقصهم هو معرفة الرمز «الدال»، أى يعرفون أن ذلك الشيء هو ما يفتح به الباب، وينقصهم أن يعرفه اسمه «مفتاح»، وطالما امتلكوا مهارات القراءة والكتابة، يمكنهم أن يتعلموا بسرعة أكبر من الصغار.. لكن ليس من السهل أن يقفز المتحرر من الأمية بشهادته إلى المرحلة الإعدادية، وهو الذى لم يدرس سوى مبادئ الحساب ولم يدرس لغة إنجليزية يدرسها الطلاب من الرابع الابتدائى، فضلا عن الدراسات الاجتماعية والرياضيات؟.. هذا حقيقى، فليس لدى برامج محو الأمية فى مصر بشكل عام، تحويل من محو الأمية للتعليم مدى الحياة أو التعليم المستمر بشكل جيد وميسر، وهذا ما نسعى للتخطيط له مع كل الجهات الشريكة، ليكون «منظومة» قومية، تضمن عدم ارتداد المتحرر إلى الأمية ذاتية، وتيسر له الاستمرارية، يستفيد منها كل الأميين وليس المستهدفين من المبادرة فقط.