كانت سيناء مثل الابن المهمل من أهله إلى أن اختطفته عصابة فالتفتوا له.. وآه يا ابنى الحبيب لم نكن نقدر غلاوتك.. هكذا صرخنا فى صيف 1967 وكما فعل أهل الابن المهمل من نضال إلى أن استعادوه.. وكما أخذت الأم ابنها فى حضنها بعد سنين.. هتفنا بالأحضان ياسينا. عبقرية المكان هكذا وصف الجغرافى جمال حمدان فى كتابه الرائع عن شخصية مصر فى أربعة مجلدات وخصص جزءا منها عن سيناء.. كتب عن الجبال العالية فى جنوبسيناء إنها ليست فقط سقف سيناء بل سقف مصر جميعها.. وكتب.. إنه قبل حفر قناة السويس كان لشبه جزيرة سيناء ثلاثة سواحل وقد حولت قناة السويس هذه السواحل الثلاثة إلى ساحل واحد متصل يلف شبه الجزيرة من جميع الجهات. وقرر الجغرافى جمال حمدان أن سيناء المستقبل لن تعود إلى سيناء القديمة المنعزلة. وهذا ما حدث فعلا.. فبعد دروس العدوان الإسرائيلى المتكرر.. وتجربة احتلال العدو التعسة أصبح ربط سيناء بالوطن مصر ودمجها فى كيانه وإدخالها فى دائرة كهربائه الحيوية والحياتية بديهية أولوية والتصنيع والزراعة والتعمير هى أدوات هذا التخطيط الحضاري.. سيناء الحرب والمكان هذا عنوان كتاب يعتبر مرجعا مهما كتبه الراحل (محمود المراغي) الكاتب والصحفى المتميز فى مجلة روزاليوسف.. وقد وصف فى كتابه أن سيناء ذات موقع فريد، أرض صعبة، مياه قليلة. ثروات مدفونة وأن معظم من كتبوا عن سيناء لم ينكروا أنها جزء من مصر.. فعندما عثر رجال الآثار على كتابات هيروغلفية فى صخور جبل (المغارة) استطاعوا أن يكتشفوا الصلة بين شبه الجزيرة سيناء ووادى النيل قبل تاريخ الأسرات وقد كانت سيناء منذ القدم ساحة قتال.. وقد وصل عدد الجيوش التى عبرتها إلى 46 جيشا.. ومن التاريخ كتب محمود المراغى أن الاستعمار البريطانى لمصر هو الذى انتزع سيناء من حُضن مصر. فقد جعلت السلطات البريطانية لأبناء سيناء هوية خاصة وجعلت الخروج منها والدخول إليها بتصاريح خاصة وكأنها شيء آخر غير مصر.. وقد تنبأ الراحل الكاتب محمود المراغى قبل أن تعود سيناء بالكامل لمصر.. ان ساحل البحر المتوسط سيكون شواطئ ومصايف ومدنا.. والجنوب سياحة مزدهرة والشمال وديان ومزروعات.. وهذا ما حصل بالفعل بعد استرداد الأرض كاملة فى أوائل ثمانينيات القرن الماضي.. سيناء إحساس لقد شاهدت جنوبسيناء بعد تحريرها وشاهدت شمالها. الفرق شاسع بين جبال الجنوب المرتفعة والأرض المنبسطة شديدة الاتساع فى شمالها وقد عمرتها مصر بالزراعة.. مزارع زيتون.. فواكه..قمح.. خضار على أشكاله.. ولا أنسى عبارة قالها لنا المحارب القديم (منيرشاش) الذى كان محافظا لشمال سيناء: إن سيناء إحساس.. وفى دعوة لمدينة الإسماعيلية على الشاطئ المقابل لسيناء وقفت مع ِصُحبتى نشاهد عبور قافلة سفن فرحين بعودة الملاحة فى قناة السويس وحكى لنا صاحب الدعوة ان معظم السكان لم يتركوا مدينتهم أثناء الحرب ولما ذكرت له إعجابى بأشجار (البوانسيانا) المنتشرة فى المدينة بألوانها الجميلة.. حكى لنا صاحب الدعوة ان هذه الأشجار قد ضُربت من العدو واحترقت لكنها ظلت واقفة جذورها قوية فى الأرض مثل رجال المقاومة الشعبية •