الجيل الذى أنتمى إليه استقبل الحياة على صوت القنابل.. وصرخت أمهاتنا ساعة ميلادنا بفرحة وجودنا والخوف علينا.. رضعنا على ضوء الشموع الخافت وفى الظلام الدامس.. وعندما شاهدت عيوننا لأول مرة الأنوار تضىء بيوتنا لم نفهم ما قالوه «إن الحرب انتهت ».. صفحات من هذا التاريخ بحثت فى الكتب.. ووجدت كتابا للأديب والدبلوماسى «يحيى حقى» بالعنوان الذى أبحث عنه.. ولأعرف من كتابه عن الثورات المصرية.. بدأت بثورة 1919 التى فتحت صفحة جديدة فى تاريخ مصر.. وعن الشعب المصرى يكتب..إن الأعداء والأصدقاء يحارون فى فهم مسلك الشعب المصرى.. وقت الشدة.. ووقت الأزمة.. مصر ملكت شخصيتها واتصلت حضاراتها منذ فجر التاريخ فليس حسابها كأى بلد آخر. وشعب مصر يهيم بالمثل العليا والحدود القصوى.. يأنف القليل والدنىء.. «إن مقبرة فهى الهرم الأكبر.. إن معبد فهو فى الأقصر.. إن تمثال لم يتضخم رأس إنسان ألف مرة إلا عنده.. «كما نرى فى أبى الهول». وشعب مصر بعد أن أشرق فى سمائه نور الإسلام.. نجد مسجد ابن طولون كأنه معد لمن يريد أن يصلى الجمعة من أهل مصر كلهم.. ومسجد السلطان حسن بقوسه العظيم ومئذنته التى علت جميع مآذن العالم الإسلامى. ويكتب الكاتب الدبلوماسى «يحيى حقى».. إن كل ثورة لها ازدهارها وانكسارها.. وقد كتب عن لحظة انكسار ثورة 1919 عندما لجأ الزعيم «سعد زغلول» إلى السلطان فؤاد حاكم مصر قال فى بدء عريضة.. «يا عظمة السلطان» أدرك الشعب المصرى أن هذا أول مسمار يدق فى الثورة.. فمنذ ذلك اليوم «النحس» تزايدت قدرة السلطان فؤاد ونفوذه ولعب بالدستور فعطله.. وبالبرلمان.. أغلقه.. وبقوله إنه لا يسمح لوزير أن يستقيل.. هو الملك وحده الذى يقيله. «مصر بين دستورين» للكاتب والباحث «رشاد كامل».. عن انكسارات ثورة 1919 فى هذا الكتاب الشيق قد تحقق تنبؤ الشعب المصرى بلعب السلطان فؤاد ونفوذه بالدستور. فقد ألغى دستور 1919 الذى صدر رغم أنفه.. بواسطة «صدقى باشا» الذى اختاره رئيسا للوزراء وكان مثله لا يحب الشعب المصرى - وعمل صدقى دستورا على مقاس الملك فؤاد.. وليس على مقاس الشعب - عمل على أن يكون لصاحب العرش سلطات واسعة.. عما كانت عليه فى دستور الثورة.. وصدر دستور 1930 المعروف فى التاريخ باسم «دستور صدقى» وكان ذلك الدستور سيئ السمعة على المستويين السياسى والشعبى ولم يسكت الشعب المصرى على تلك الجريمة.. وقامت مظاهرات تعم البلاد فى مصر.. ولم تبق حكومة صدقى سوى ثلاث سنوات. وقد تخلى الملك فؤاد عن العرش.. وغيرت الحكومة البريطانية مندوبها السامى فى مصر.. وألغى دستور صدقى.. وأعيد دستور «الأمة» عام 1923 وظل قائما إلى أن قامت ثورة «يوليو» عام 1952 وكان لابد من إلغاء دستور الملكية.. وجاء دستور ثورة يوليو عام 1952 ليعيش شعب مصر فترة جديدة من الازدهار ينعم بها قبل أن يبتلى بالثورات وما يصاحبها من انكسارات. • ملحوظة: أحيى الكاتب الباحث فى تاريخ مصر العظيمة بكتب عن تاريخنا السياسى والذين اهتموا به من أبناء مصر المخلصين.•