قالوها بكل وضوح وبكل بصراحة آباؤنا وأجدادنا.. عليك أن تبحث عن زهرة وعن بستان.. وإن لم تجدهما عليك أن تزرع الزهرة وترعى البستان، وبالتالى ستكون لك مهمة تشغل حياتك وتعطى لوجودك على هذه الأرض معنى ومغزى.. وقيمة. وبلا شك ستكون لديك حكاية وأكثر من حكاية ترويها بعد أن عشتها طولاً وعرضًا واستمتعت بها.. وصغتها كلمة كلمة.. وجملة جملة. وفى رحلة البحث عن الزهور ألتقى من جديد هذه الأيام بوله أمريكى قائم ومستمر عبر السنوات بالملك المصرى توت عنخ آمون.. والملك توت يزور لوس أنجلوس فى الوقت الحالى.. نعم الملك بكنوزه وسحر الحضارة المصرية القديمة يشهد من جديد كما كان شاهدًا على مدى عقود عدة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922، ولهًا وولعًا وهوسًا بمصر القديمة وبصماتها المتميزة فى الحضارة الإنسانية إنها حكاية لا تنتهى أبدًا.. وحكواتية أمريكا والعالم الغربى مهما كان اختلافنا معهم فيما يخص نواياهم ومآربهم.. إلخ... يحكون هذه الحكايات المصرية ليلاً ونهارًا.. وبتشوق وإبهار لا يبهت ولا يتلاشى.. زيارة لأى عرض لآثار ذات صلة بمصر وهناك بالمناسبة ثلاثة عروض تشهدها أمريكا هذه الأيام عن مصر إثباتا وتأكيدا لهذا الوله القائم والمتواصل والمتعمق والمتأصل علما ودراسة، كما أنك عندما تزور مكتبة فى أى مدينة أمريكية تجد أرفف عدة مزينة بالكتب لكل الأذواق ولكل الأعمار عن كل ما هو مصرى قديم ومبهر ومبهج ومثير للاهتمام. إذا كان هذا الاهتمام وهذا الانبهار يدخل فى إطار ما يسمى بلعنة الفراعنة.. فأهلاً بلعنة الاهتمام والانبهار.. ما دام هناك سحر لا يمكن مقاومته وإبهار يجذب بشدة الأطفال والكبار أيضًا.. ويثير دائمًا تساؤلات عما يمكن أن يفعله المعنيون بالثقافة والفنون والآثار فى مصر.. نعم ربما يفعلون الكثير، ولكن الكثير أيضًا لا ينال أى اهتمام جاد وفعلى ومتواصل.. اضحك الصورة تطلع حلوة!! الحكمة إياها يمكن أن ينتج عنها سيلفى يبقى فى الذاكرة.. ولكن الأمر أكثر وأكبر وأشمل من مجرد سيلفى.. ومن تويتة تزينها القلوب!! نهلل لها ونديها لايكات! وفى رحلة بحث أخرى عن الزهور والبساتين يشد انتباهى دردشة سريعة أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز» مع المخرج السينمائى العظيم فرنسيس فورد كوبولا حول حكاياته مع الكتب والقراءة وعالم السطور وخيال الأدباء والمبدعين. فى لحظة ما يكشف مخرج فيلم «الأب الروحى» أنه بدأ مؤخرًا فى قراءة كتاب ما بعد أن انتهى من قراءة ثلاثية نجيب محفوظ. نعم المخرج الأمريكى الكبير الذى بدأ عامه ال79 منذ أسبوعين، قرأ الثلاثية مثلما فعل من قبل كثيرون ومنهم الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون وأيضًا جاكى كيندى زوجة الرئيس الراحل جون كيندى.. وعالم محفوظ بسحر رواياته له رواده ومريدوه فى أمريكا أيضًا، ومن حين لحين يظهر من يبحث عن واقعية نجيب محفوظ وأحلامه ونسائه وإبداعه وقاهرته بحواريها وأزقتها.. ومن ثم يتم سرد حواديت لا نهاية لها عن محفوظ والقاهرة والإسكندرية ورباعية داريل وقصائد كفافيس.. وللإسكندرية بصمة دامغة ومكانة لا مثيل لها فى الوله الأمريكى بمصر. أليكساندريا إسكندرية اسم مدن وأماكن على امتداد الولاياتالمتحدة فى فرجينيا وآلاباما وكاليفورنيا وكنتاكى وإينديانا وميسورى ومنيسوتا ولويزيانا.. وبالطبع حواديتهم نفسها حكاية تحتاج إلى حكواتى يحكى ويقول: ماذا بعد فيس بوك؟ بداية لا بد أن ألفت نظر القراء إلى أننى حتى هذه اللحظة لا أعرف سر إصرار بعض الصحف وبعض مسئولى تحرير هذه الصحف والمجلات على كتابة فيس بوك وكأنها كلمتان.. رغم أن أصحاب الكلمة والتسمية والشركة العملاقة يكتبون فيس بوك كلمة واحدة.. يحدث هذا أيضًا فى كتابة اسم جامعة جورجتاون هناك إصرار من البعض على كتابة جامعة جورج تاون! وما دمنا نحن فى عالم الإنترنت لا أعرف أيضًا سبب إصرار البعض على استعمال تعبير الشبكة العنكبوتية فى تسمية الويب.. أو الحاسوب أثناء الإشارة إلى الكمبيوتر.. وكلنا نعرف ماذا كان الحاسوب فى زمن كان وقد ولى ومضى. بخصوص الفيس بوك ومجىء الإمبراطور مارك زاكربرج إلى واشنطن الحواديت لا تنتهى حول تبعات وتداعيات المواجهة السياسية والإعلامية التى شهدتها زيارة الإمبراطور لعاصمة القرار.. وهل المزيد من التشريعات كافية لتنظيم شئون إمبراطورية فيس بوك؟ وماذا عن خصوصية المشتركين فى هذا الوسيط من التواصل الاجتماعى؟ وكيف يمكن تنظيم حركة مرور الآراء والأخبار والصور والتعليقات والبوستات والأكاذيب؟ مجىء زاكربرج أغرى منتقدى الفوضى السائدة فى العالم الافتراضى إلى المطالبة بمجىء أباطرة آخرين مثل جيف بيزوس مالك آمازون أكبر متجر افتراضى إلكترونى لكل ما يخطر على بالك.. وماذا عن جوجل وغيره ممن صاروا يتدخلون فى كل صغيرة وكبيرة فى حياتنا اليومية؟!. ولا شك أن الحكومات بدءا من الحكومة الأمريكية تريد أن تعرف رأسها من رجليها.. أو على الأقل كما تقول إن تدرك ماذا يدور فى رأس من يعيش فى أمريكا وإلى أن يسير برجليه؟ أو بهاتفه الذكى أو بكمبيوتره أينما كان.. الحديث الدائر يتحدث ليس فقط عن القوانين والتشريعات، بل أيضًا عن الوسائل التكنولوجية.. وآليات الذكاء الاصطناعى لرصد ومتابعة طرق التواصل وما يحدث من تجاوزات.. حذار ليس هذا من الخيال العلمى.. وأى تطابق بينه وبين ما يجرى حولنا الآن ليس مجرد صدفة!! أن تقف.. وتنظر حولك عن أهمية التوقف ولو للحظة.. والتأمل ل«أين أنت ومن أنت؟» كانت مناقشة حضرتها وشاركت فيها.. وخرجت منها بهذه السطور، لعلك تقف أمامها وتتأملها.. حتى لا تختلط الأمور.. أو حتى لا يختلط الحابل بالنابل أو حتى نستطيع أن نفرق بين ما هو السمين (أو الثمين) وما هو الغث فى حياتنا علينا من حين لآخر أن نتوقف تماما عما نفعله أو نقرأه! يعنى ستوب تماما!!.. أو على الأقل نبطئ خطواتنا حتى نتبين أين نحن من معمعة الحياة أو أين موقعنا أو مخرجنا من مفرمة الواجب والمفروض عليك والمنتظر والمطلوب منك.. تلك المهام اليومية المتلاحقة التى تحاصرنا وتخنقنا.. وإذا - وأكرر إذا - كنا نقرأ يوميًا كل ما يقع عليه أعيينا من.. فإن علينا فى لحظة ما وفى لحظة تأمل ما أن نمعن النظر ونبحث عن المعنى المقصود حتى لو كان كامنًا غير ظاهر للجميع.. نحاول أن نقرأ ما بين السطور حتى تتضح لنا السطور ويتم كشف النقاب عن ألاعيب الكاتب اللفظية الملتوية والساعية غالبا للتضليل والبلبلة والشوشرة. ما علينا.. يبدو أن الكتابة ومخاطبة الجماهير بشكل عام صارت فى حاجة إلى أساليب أكثر وضوحا وأكثر بساطة وأكثر صدقًا، وصراحة. •