غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق أدى إلى نشاط معدومى الضمير من التجار وأصحاب المطاعم والمحال التجارية، وبيعهم لحوماً فاسدة على أنها بلدية وصالحة للاستهلاك، وينخدع المواطنون بالروائح الجذابة والتغليف المتقن، فى محلات الجزارة والمطاعم، وحتى على عربات الكبدة والحواوشى فى الشوارع الشعبية، فتكون النتيجة الحتمية أضرارا هائلة على المدى البعيد، وتلف أجزاء من المخ وأعضاء الكبد والكلى والبنكرياس، فى حال كانت اللحوم من الماشية التى ذبحت حية، أما إذا ذبحت بعد موتها فتتضاعف الأخطار لاحتمال انتقال الأمراض والميكروبات المسببة لموت الحيوان إلى الإنسان. وهذا ما نتناوله فى السطور التالية. فى البداية قال الدكتور أحمد عبدالكريم مدير محاجر أسوان: اللحوم الحمراء (الأبقار، الجاموس، الجمال، الاغنام والماعز) تحتاج لظروف تداول معينة فى الأسواق لحفظها من التلف وضمان وصولها سليمة ومحتفظة بقيمتها الغذائية العالية، فيجب أن تكون اللحوم الحمراء الطازجة (المبردة) معروضة داخل ثلاجات مبردة، وألا تكون مكشوفة أو معرضة للهواء وأشعة الشمس.. واللحوم المعروضة فى الأطباق يجب ألا يكون بها أى مواد غريبة (شعر - زجاج- قطعة خشب..). وكذلك ألا يكون بها كمية كبيرة من عصارة اللحوم فى الإناء فهذا يعنى أن اللحم كان مجمدًا وتم تذويبه. أضاف «عبدالكريم»: تفاوت درجات حرارة الحفظ للحوم المجمدة قد يسبب ذوبان أجزاء منها وإعادة تجميدها مرة أخرى، فيؤدى إلى سرعة تلفها وفقدانها للعديد من العناصر الغذائية لتلف أنسجتها نتيجة للتجمد والذوبان المتتابع. واحتواء اللحوم درجات لون مختلفة، والتى تحتوى على بقع بنية أو خضراء داكنة تدل على ذوبانها وتجمدها عدة مرات، كما أنها قد تكون تعرضت لحروق التجميد مما يفقدها العديد من خصائصها ويكسبها نكهة غير محببة، واللحم المخزن بشكل غير صحيح يعج بالكائنات الحية المجهرية الخطرة مثل إى . كولاى والسالمونيلا. • أضرار هائلة وأشار إلى أن البعض أشاع أن اللحوم الفاسدة لا تتسبب فى أى ضرر للإنسان بينما هى تسبب أضرارا هائلة على المدى البعيد فتؤدى إلى مرور مواد بروتينية تسبب تلف أجزاء من المخ وأعضاء الكبد والكلى والبنكرياس، هذا فى حال إذا ذبحت حية أما إذا ذبحت بعد موتها فتتضاعف الأخطار لاحتمال انتقال الأمراض والميكروبات المسببة لموت الحيوان إلى الإنسان. وقال الدكتور «أسامة السيد» أخصائى الطب البيطرى: يمكن فحص العضلات أو العروق بقطع اللحم، لأن لحوم الكلاب والحمير تكون رفيعة مقارنة بعضلات الماشية، كما أن لون اللحوم الفاسدة أو لحوم الحيوانات الغريبة تكون داكنة بشكل كبير وإذا تعرضت إلى الهواء فترة طويلة فلونها يتحول إلى البنى الداكن، وعند الطبخ يميل إلى اللون الرمادى، مقارنة بلحوم الأبقار الوردية، ومرقتها تكون سميكة ومليئة بالدهون، كما تكون طبقة زيتية غير طبيعية على السطح.. وترك اللحم المفروم فى درجة حرارة الغرفة يسمح بنمو البكتريا الضارة ويفضل وضعه فى 4 درجة مئوية. • عبث خطير وقال الدكتور لطفى شاور، مدير عام تفتيش اللحوم والمجازر السابق بمحافظة السويس: الاسترسال فى تعريف المستهلك بكيفية التعرف على لحوم الحمير والخنازير أو الصالحة للاستهلاك الآدمى وتمييزها عن اللحوم الفاسدة عبث خطير .. فلن نستطيع تحويل كل مستهلك يريد شراء كيلو لحم إلى خبير فى اللحوم ولكن الذى يستطيع المستهلك التعامل من خلاله فى تداول اللحوم هو الإلمام بصفات ومعلومات أختام المجازر والبعد عن اللحوم التى لا تحمل أختاما.. وعلى الدولة من خلال أجهزتها الرقابية من تفتيش على اللحوم ومباحث التموين والصحة تأمين أسواق اللحوم بحيث تصبح آمنة فى التعامل، وأى تقصير فى المعروض فى الأسواق بوجود لحوم حمير أو لحوم فاسدة أو ضارة فهو وصمة عار فى جبين تلك الأجهزة. ولقد قام المسئولون بتحضير عفريت لحوم الحمير على الموائد المصرية عن طريق : - إلغاء تراخيص النقل البطئ ومصادرة الحمار وتسليمه لحديقة الحيوان وتغريم صاحب الحيوان فى حالة استخدامه فى عمليات النقل البطئ فاصبحت الحمير عبئا على أصحابها، واستخدامها مخالفة قانونية. - الإعلان عن المزادات العلنية لبيع جلود الحمير من خلال حديقة الحيوان حيث وصل سعر جلد الحمار بالمزاد إلى 700 جنيه ومن خلال التصدير الذى يحتكره اثنان من المصدرين لأكثر من 2000 جنيه. أضاف «شاور»: هناك أخطاء قاتلة فى مجال تجارة وتداول اللحوم يجب علاجها، فالذبح فى الإسلام يجب ان يتم بحد السكين ونصله وليس بثقله كما يفعل كثيرون، فتنتج لحوم مذبوحة بطريقة لا تتوافق مع الشرع.. كما أن ذبح الإناث الصغيرة جناية، ولحوم الحيوانات المريضة (الوقيع) أخطر من لحوم الحمير. وبعد صدور بعض الفتاوى التى تجيز استخدام الصعق الكهربائى فى عمليات الذبح، فنحن نحذر من أن أى إدارة مجزر عام أو خاص سوف تستخدم هذه التقنية داخل مصر تتحمل المسئولية كاملة فى تحويل اللحوم الحلال إلى محرمة، قليلة النزف والإدماء مثلها مثل لحوم الخنزير وغير صحية، فالصعق الكهربى إذا لم يمت الحيوان يعتبر وسيلة تعذيب رهيبة. وجميع الهيبرات والمنافذ ومحلات الجزارة تعرض اللحوم المذبوحة بالمخالفة للقرار الوزارى رقم 1930 الذى يجرم ذبح العجول البتلو الصغيرة، بحجة أن العجول غير صالحة للتربية ويتم ذلك فى أكبر مجازر الجمهورية كمجزر البساتين والمنيب وختم اللحوم بختم العوارض أى الحالات الخاصة للضرورة بدون اتخاذ أى إجراءات قانونية لذلك .. وطريقة تداول اللحوم الطازجة تؤدى إلى طمس أختام المجازر وتفتح باب الغش على مصراعيه أمام ضعاف النفوس.. فاللحوم المبردة تظل فى المجزر فى ثلاجات خاصة عند درجة حرارة تتراوح بين 4 درجات ودرجة مئوية لمدة 24 ساعة قبل الإفراج عنها ولا تختم باختام المجازر ولكن تكون مصحوبة بشهادة ذبح من المجزر وتيكيت يحمل تاريخ الذبح يرافق الذبيحة وتأخذ صلاحية لمدة 14 يوما من تاريخ الذبح ويتم حفظها وتداولها فى نفس درجة التبريد ولا يجوز تحويل اللحوم الطازجة طالما خرجت من المجزر إلى لحوم مبردة أو مجمدة. • مافيا اللحوم كما أن مافيا اللحوم يعيدون تدوير اللحوم الفاسدة، وتسخين مادة ملونة سامة، وطمس قولحة ذرة بها، أو إسفنجة وتمريرها على اللحوم لتبدو طازجة. فهناك أباطرة يقومون بذبح الماشية المريضة بالحُمى القلاعية وغيرها والتى قاربت على الموت فى الشوادر العشوائية، وتقليد الأختام المعتمدة ويتم غش اللحوم منتهية الصلاحية، وبيعها كالطازجة عبر معالجتها كيميائياً وإعادة تدويرها وتدوين تاريخ صلاحية منافياً للحقيقة، وبيعها لأصحاب المطاعم والأكشاك والمخابز بقرى ومدن الجمهورية، بسعر 10 جنيهات جملة، لبيعها تجزئة ب20 جنيهاً.. وبعد استخدام أساليب تحولية متعددة لإذابة اللحوم، و«تطريتها» وخلطها بشحوم الدهن، ومكسبات طعم ورائحة الكفتة والكباب، يتم توزيعها بأطباق وأكياس «نايلون» وتحديد أسعار بيع منتجاتها، عبر عربات الكبدة والحواوشى التى تلقى إقبالاً هائلاً من قبَل العامة لرخص أسعارها، دون أن يعلموا مخاطرها وما تسببه من سرطانات قاتلة، ثم اللجوء بعد ذلك لأسلوب تبريدها مجدداً بهدف الإبقاء عليها وإتاحتها للبيع أطول فترة ممكنة، ما يتسبب بأمراض خطيرة تؤدى إلى الوفاة. وتستخدم مادة خام طيعة (النابلم) فى صناعة مصنعات اللحوم مثل اللحمة المفرومة والسجق والكفتة التى تباع فى الأحياء الشعبية والناجتس والهمبورجر، وهى عبارة عن الزبالة المتبقية بمصانع وشركات مجازر الدواجن ومصنعاتها (جلد الدواجن والحصالة والزلمكة)، وبعد اضافة الألوان الصناعية كالذى يعطى الفول المدمس لونه الأحمر أو ألوان اللوليتا الخاصة بالأطفال أو البنجر أو الفلفل الرومى الأحمر تتحول هذه القاذورات بما يتشابه مع اللحوم ولزيادة قوام هذه التركيبة، يضاف إليها مخلفات مجازر اللحوم من شغت وجلد فتصبح المادة الخام جاهزة لتصنيع اشهى المأكولات الشعبية. وأكد أن انتشار ذبح اللحوم خارج المجازر يؤدى إلى انتشار أكثر من 250 مرضا مشتركا بين الإنسان والحيوان بسبب تداول وتناول اللحوم، وبالتالى تكدس المستشفيات بالمرضى.. وعقوبة فساد المنتج الغذائى وبيعه منتهى الصلاحية لا تعدو غرامة 500 جنيه، و5 جنيهات لمن لا يحمل شهادة صحية، ما ساهم فى زيادة الغش فى الأسواق.. كما أن ذبح البتلو وختمه بالاختام الاضطرارية (400 ألف عجل سنويا) بحجة عدم صلاحيته للتربية تعكس مدى تواجد مسئولين متآمرين على تدمير الثروة الحيوانية المصرية. وأوضح أن السبب الرئيسى لاستقبال المجازر بالقاهرة رؤوس أبقار طاعنة فى السن قادمة من السودان، يرجع إلى اللجان العلمية التى شكلتها هيئة الخدمات البيطرية من عام 2011 لرفع سن العجول المستوردة وتم رفعه عام 2012 بحيث سمح باستيراد العجول المغيرة لجميع القواطع الأمامية، ما لم يظهر على تلك القواطع علامات تدل على التقدم فى السن. وتعتبر لحوم العجول كبيرة السن أقل جودة وأرخص سعرا، لقلة جودتها وصعوبة الطهى والمضغ والهضم فيلجأ البعض إلى فرمها لتسهيل الطهى والمضغ وهى لحوم رديئة لاحتوائها على نسبة عالية من الألياف ونسبة قليلة من البروتينات الحيوانية كما تقل الدهون مع التقدم فى السن لتزداد رداءة اللحوم، وتزداد فرص التعرض للأمراض.. وأشار إلى أن منافذ البيع المتحركة بجميع أشكالها وأنواعها جريمة فى حق الشعب المطحون وتخالف القانون والقرار الوزارى 517 لسنة 86 الذى ينظم تداول اللحوم.. ويفتح باب الغش على مصراعيه لتصريف اللحوم الرديئة ووشيكة انتهاء الصلاحية والمنتهية الصلاحية والمواطن الغلبان هو الضحية. • مكافحة الغلاء وكافة اللحوم التى تسوقها وزارة الزراعة بمنافذها المتنقلة والثابتة من «تحت بير السلم». بحد وصفه.. ومن المفترض ألا تتدخل الوزارة فى ممارسات تجارية، نظرًا لعدم إمكانية إنتاج لحوم خاصة بها، فهى تستغل اسمها من أجل توزيع لحوم لا تقوم بإنتاجها.. وقطاع التسويق بالوزارة هدفه بيع المنتجات التى يقوم بصناعتها وليس ما يقوم باستيراده من الموردين.. والوزارة تجلب لحوما وكبدة مستوردة من الخارج وهذا ليس دورها من الأساس، ولا دورها أن تدعم السلع الغذائية بالسوق وإنما شأن وزارة التموين. وفى محلات مكافحة الغلاء تباع للمستهلك الأجزاء الأمامية ولحوم البطن والدوش وتعرف الأجزاء الممتازة والفخايد طريقها لمحلات الجزارة وجميع أنواع الكبدة التى تباع معبأة فى المحلات والسوبر ماركت والتى تباع مباشرة من عند الجزارين والتى تباع فى جميع أنواع السندوتشات المشطشطة اللذيذة بمحلات السندوتشات.. كبدة مستوردة مجمدة ومهرمنة. واستطرد قائلا: قرار هيئة الطب البيطرى رقم 489، الذى ينص على ختم اللحوم المستوردة بغرض التربية باللون الأحمر بعد 60 يومًا يعتبر غشا ممنهجا ومساواة بين اللحوم المستوردة والبلدية، وجعل المواطن لا يميز بينهما، فضلا عن قيام بعض التجار برفع سعر المستورد مثل البلدى، فنعامل اللحوم المستوردة معاملة البلدى، رغم أن سعرها لا يتجاوز 45 جنيهًا.. وفترة الحجر البيطرى ليست فترة تسمين، إنما هى فترة احترازية حتى نكتشف الحيوان الحامل للمرض بحيث تظهر عليه الأعراض فى هذه الفترة، وبالتالى فإن الهيئة تعامل الحيوانات المستوردة معاملة الحيوان البلدى، ويختم باللون الأحمر. وطالب مدير تفتيش اللحوم والمجازر، بتكليف الطب البيطرى للتصدى لفساد صناعة الثروة الحيوانية، ومنحهم الضبطية القضائية لفرض سيطرتهم على ملف الغذاء. •