233 قرشا خلال عام 2015 فقدها الجنيه المصرى أمام العملة الخضراء، أى أنه تم خفض الجنيه حوالى 6 مرات خلال العام وتفاقم الوضع ليهبط 20 قرشا دفعة واحدة من هذه القيمة خلال أسبوع واحد، حتى إنه لم ينته الأسبوع إلا وصدرت القرارات الجديدة بقبول استقالة هشام رامز وتعيين من يخلفه. • رصد مرت السياسة النقدية بمصر طوال العام بحالة من التخبط الشديد تجاه التعامل مع سوق العملة، وتعرض الاقتصاد المصرى إلى أزمات متلاحقة بسبب تقلبات أسعار الدولار، حتى بلغ مستويات قياسية لم تحدث من قبل، ولكن وراء هذا الوضع الذى وصل إليه سوق العملة حالياً أسرار عديدة تتعلق بخفايا وألاعيب العناصر الإخوانية، وممارساتهم الخاطئة التى اتبعوها فى تسريب حجم كبير من العملة إلى خارج البلاد، وذلك وسط فشل كبير من الحكومة فى التصدى لتلك الممارسات، والسقوط فى أوهام نجاح قرارات البنك المركزى فى القضاء على السوق السوداء للدولار، رفع البنك المركزى سعر صرف الدولار بواقع 20 قرشا أخرى، ليصل سعره حاليا بالبنوك نحو 8.03 قرش، لتصبح جملة الزيادات التى شهدها الدولار على مدار العام نحو 40 قرشا؛ بالتزامن مع إعلان «المركزي» تراجع الاحتياطى النقدى بنهاية سبتمبر الماضى بنحو 16.334 مليار دولار، كأعلى معدل تراجع منذ عام 2012، بعد أن كان الاحتياطى فى أغسطس السابق عليه بنحو 18.096 مليار دولار، بمعدل انخفاض قدره 1.8 مليار دولار، دون أن يفصح البنك عن القطاعات التى وجهت إليها تلك المبالغ الدولارية. • ألاعيب ونجد أنه خلال العام نجح تجار العملة فى إدارة السوق بجدارة خارج نطاق شركات الصرافة، حيث قاموا بالالتفاف على قرار هشام رامز محافظ البنك المركزى الذى انتهت فترة ولايته بوضع حد أقصى للإيداع الدولارى فى حسابات العملاء بواقع 50 ألف دولار شهرياً. وبدأ تجار العملة الاتصال بعملائهم من أصحاب الشركات المستوردة للتفاهم على إمكانية تدبير الدولار لسداد قيمة الصفقات بالخارج من خلال مندوبيهم، وكان ذلك أول ثقب فى قرار الحد الأقصى للإيداع الدولاري، فقد تسربت بسببه كميات ضخمة من الأموال للخارج، وفى تطور آخر استغلالاً لأزمة نقص الموارد من العملة الصعبة، وتراجع الاحتياطى الدولارى لدى المركزى اتبعت عدة شركات صرافة وتتحكم فى نسبة لا تقل عن ثلث تعاملات الدولار سياسة تعطيش السوق، وذلك كان يتم فى غياب الجهات الرقابية ودون ملاحقة، ولذلك تمادت هذه الشركات فى السيطرة على السوق أمام عجز الحكومة عن مواجهة ممارساتها التى تهدد الاقتصاد واستغلوا قرار رامز بشأن الحد الأقصى الدولارى وإمعانه فى قراراته المقيدة للشركات المستوردة من خلال منع حصولها على تسهيلات الموردين الخارجين بإلزامها بسداد قيمة الصفقة بالكامل وهو الأمر الذى تسبب فى خفض السيولة المتوافرة لدى أصحابها وقد أدت هذه القرارات المتفردة لرامز والتى تفتقد لسياسة نقدية سليمة إلى احتضان سماسرة السوق لهؤلاء، مما أدى إلى انهيار الجنيه ووصوله إلى أكثر من 8 جنيهات، مما شكل تهديداً حقيقياً لاقتصاد دولة يشكل الاستيراد 70% من السوق. • الشفوية وحدث لغط كبير ساد الجهاز المصرفى والمتعاملين معه طوال عام 2015، نتج بشكل أساسى عما اسماه البعض «شفوية قرارات البنك المركزى المصري»، تلك الأداة التى استخدمها صانع السياسة النقدية للتعامل بشكل سريع مع تطورات ملف الصرف وتمويل التجارة فى ظل أزمة استمرار تراجع احتياطات مصر من النقد الأجنبى وتفاقم عجز الميزان التجارى، حيث قام البنك المركزى بإصدار بعض القرارات الشفوية سواء عبر الهاتف أو فى اجتماعات مع محافظ البنك هشام رامز، تسببت فى حدوث ارتباك كبير فى القطاع المصرفي، نظرا لاختلاف توقيت الحصول على القرار من بنك لآخر وطريقة التطبيق التى كانت تخضع لرؤية كل بنك فى تفسير منطوق القرار. وهناك 5 قرارات كانت الأكثر إسهاما فى ارتباك القطاع المصرفى خلال العام الجارى فى مقدمتها: الحد الأقصى للإيداع الدولارى الذى صدر فى اجتماع مع محافظ البنك هشام رامز يوم 4 فبراير الماضي، ولم تتم الإشارة إليه فى أى منشور كتابى إلا يوم 23 أبريل، عندما أرسل البنك المركزى تحذيرا للبنوك عن رصده تحايل بعض العملاء على القرار، كذلك التعليمات الخاصة بإدراج الشيكات الدولارية ضمن الحد الأقصى للإيداع الدولاري، تلاها قرارات خاصة بوضع حد أقصى لعمولة فتح الإعتمادات المستندية ثم تعليمات تحديد الفائدة للودائع الدولارية قصيرة الأجل، حيث إن أسلوب «القرارات الشفوية» مخالفة صريحة لنصوص القانون التى تلتها تلزم «المركزى» بالإفصاح عن قراراته من خلال منشورات رسمية. وتلزم المادة 29 من قانون البنوك رقم 88 لسنة البنك المركزى بالإفصاح عن الإجراءات المتخذة لتطبيق السياسة النقدية وقراراته ذات الطبيعة الرقابية التنظيمية من خلال نشراته الرسمية. • التحفيز وقال الخبير المصرفى طارق حلمى - نائب رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى سابقًا- إن عام 2015 هو عام المر للسياسة النقدية للبنك المركزي، حيث إن عدم فاعلية السياسة النقدية يعود إلى مجموعة من الأسباب لعل أهم هذه الأسباب أولا يعود إلى وجود قوى احتكارية استطاعت أن توظف تدابير السياسة النقدية لصالح أطراف دون أخرى، وسمحت بالتلاعب بأسعار الصرف لجنى مكاسب خاصة، ثانيا تخبط السياسة النقدية وتعارضها مع السياسة المالية والسياسة التجارية للدولة، ثالثا تسرب رؤوس الأموال والمدخرات خارج القطاع المصرفى ومؤسسات الوساطة المالية بشكل عام، وعدم القدرة على جذبها، ورابعا إشكال مؤسسى يتمثل فى استبعاد الخبراء الاقتصاديين من إدارة السياسة النقدية داخل البنك المركزي. وأكد حلمى علاج السياسة النقدية فى مصر وحل أزمة الدولار لابد من طرح أذون خزانة وسندات بالدولار ورفع الفائدة على الجنيه وإعادة دعم المصدرين، وتحريك سقف الإيداع.. فضلاً عن وقف استيراد السلع الاستفزازية لأن أزمة النقد الأجنبى داخل السوق المصرية من أكبر التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى مع بداية العام الجديد خاصة فى ظل تراجع موارد النقد من السياحة والتصدير. • الفرصة وأشار الخبير المصرفى باسل الحيني- العضو المنتدب لبنك القاهرة سابقا- إلى أنه لابد مع بداية العام الجديد أن تتغير السياسة النقدية للبنك المركزى خاصة مع وجود محافظ جديد للمركزى فهذه فرصة يجب انتهازها لإصلاح ما تم إفساده طوال العام فيجب أن يتدخل الجهاز المصرفى المصرى عن طريق جميع البنوك وذلك لتوريق معظم مديونيات الشركات والمصانع والفنادق والقرى السياحية والوحدات الإنتاجية بما لا يقل عن 75% من قيمة المديونية لتصبح مساهمة فى هذه الشركات. وتابع: «قيام الحكومة بتذليل العقبات وخاصة فى مجالات استخراج التراخيص حتى يتم استقبال استثمارات جديدة أو على الأقل إعادة تشغيل الاستثمارات غير المكتملة». • الخطة ومن جانبه أكد الخبير المصرفى محمد بدرة-عضو مجلس إدارة بنك مصر سابقا- أن مع بداية العام الجديد لابد أن يكون للبنك المركزى خطة جديدة تتماشى مع احتياجات السوق بعد أن هددت أزمة الدولار عرش السياسة النقدية للمركزى فلابد من تنويع مصادر الموارد الدولارية، وعدم الاعتماد على طلب الدولار منه، والتحول إلى أن تكون المصارف مصدرا للعرض وليس الطلب، رغم إشارتهم إلى ارتفاع مخاطر الاقتراض بالعملة الأجنبية على المراكز المالية لهذه البنوك، وأسعار الفائدة والتكلفة، مرونة البنك فى تلبية الطلبات باتخاذ مراكز للعملة فى الحدود المصرح بها، مشددا فى نفس الوقت على استمرار إعطاء الأولوية لتغطية السلع الأساسية، فضلا عن أنه لابد من المركزى أن يدخل عش الدبابير فى السوق السوداء للدولار وتلبية احتياجات السوق حتى لا يتفق المستوردون مع ماڤيا تجار العملة حتى ينتهى دور رقابة المركزي. •