أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا اليوم الأربعاء بتكليف طارق عامر، رئيس البنك الأهلي السابق بمنصب محافظ البنك المركزي المصري، خلفًا لهشام رامز، الذي قدم استقالته اليوم للرئيس، ليبدأ عمل عامر اعتبارًا من 27 نوفمبر القادم، ويستمر في منصبه لمدة 4 سنوات. رامز المستمر في منصبه رسميًّا حتى نهاية نوفمبر القادم، والذي تولى مهام عمله كمحافظ ل "المركزي" بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011 خلفًا لفاروق العقدة المحافظ السابق للبنك، لم يحالفه الحظ لتوفير أقصى قدر من النقد الأجنبي. وقال مصدر مصرفي إن سبب استقالة رامز هو تعرضه للضغوط السابقة من جانب قطاع المستثمرين والمستوردين؛ نظرًا لزيادة الطلب على الدولار. وأضاف المصدر ل "البديل" أن رامز حاول قدر المستطاع اتخاذ إجراءات للقضاء على السوق السوداء والحد من تحول الدولار لتلك الأسواق. رامز المسئول الأول عن السياسة النقدية في مصر سبق وأن أصدر عددًا من الإجراءات قبل بداية العام المالي 2015/2014 الماضي، والتي كان الهدف منها محاربة الأسواق الموازية للعملة الأجنبية والسيطرة على خروج النقد الأجنبي وتداوله خارج القطاع المصرفي، إلا أن السوق السوداء لم تتوقف عن تداول الدولار بأسعار تجاوزت ال 8 جنيهات و30 قرشًا خلال الفترة الراهنة، ليقوم البنك المركزي مؤخرًا برفع سعر الدولار وتقليص قيمة الجنيه المصري بمعدل 20 قرشًا على مدار الأسبوعين الماضي والحالي وعلى فترتين، أولهما الخميس الماضي بواقع 10 قروش، ثم 10 قروش أخري اعتبارًا من الأحد الماضي؛ ليصل سعر البيع بالبنوك لنحو 8.03 جنيهًا للبيع و8 جنيهات للشراء؛ ليتم ذلك على خلفية تراجع الاحتياطي النقدي في نهاية سبتمبر 2015 بنحو 1.8 مليار دولار مسجلاً 16.334 مليار دولار مقارنة ب 18.096 مليار دولار في أغسطس من نفس العام، بعد أن تمت زيادة الدولار أول مرة خلال العام الحالي بمعدل 20 قرشًا منذ ما يقرب من 4 أشهر سابقة؛ لتصبح معدلات ارتفاع سعر صرف الدولار خلال عام 2015 نحو 40 قرشًا. ولعل الفترات الراهنة وما تلاهامن أزمة في توفير النقد الأجنبي ووجود حالة من الغضب باتجاه البنك المركزي؛ نظرًا للشكاوى من جانب قطاع الاستيراد والصناعة والتجار، بعد وجود نقص في الدولار لفتح اعتمادات مستندية لاستيراد المواد الخام لتشغيل المصانع، خصوصًا قطاع الدواء، في الوقت الذي عقد فيه رامز لقاءات مع اتحاد الصناعات على مدار الأسابيع القليلة الماضية وتعهده بتلبية احتياجات القطاع الصناعي، كانت كلها وراء استقالة رامز. وبالرغم من الانتقادات التي وجهها البعض ل "المركزي" وعلى رأسهم الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة المصرفية فيما يتعلق بوضع حد لإيداع العملة الأجنبية (الدولار) بالبنوك بواقع 10 آلاف دولار يوميًّا أو 50 ألف دولار شهريًّا بالنسبة للنقود الكاش؛ إلا أن رامز نجح في زيادة رصيد القطاع المصرفي من العملة الدولارية بواقع 150 مليون دولار يوميًّا، بعد أن كانت 10 ملايين في وقت سابق. وخلال عهد رامز استطاع القطاع المصرفي سداد أكثر من 6 مليارات دولار ضمن الالتزامات التي تعهدت بها الدولة المصرية في مواجهة المؤسسات الدولية وتدبير 80 مليار دولار أخرى للواردات خلال العام المالي الماضي، وذلك لشراء السلع الاستراتيجية والمواد الخام. ولعل رامز في أكثر من تصريح أكد أن هناك أولوية يضعها "المركزي" لإدارة العملة الأجنبية، في ظل توقف قوى الإنتاج ومورد العملة الأجنبية الأول والمتمثل في قطاع السياحة، من بينها توفير الدعم اللازم من الدولار لتدبير احتياجات المواطنين من السلع الاستراتيجية والمواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع. وبالرغم مما تقدم، قرر الرئيس تكليف عامر بالمنصب الجديد، بعد تقديم رامز لاستقالته. عامر مسئول السياسات النقدية الجديد يعد من أبرز المصرفيين في مصر على مدار السنوات القليلة الماضية، خصوصًا بعد جمعه بين منصبين: رئيس البنك الأهلي ونائب محافظ البنك المركزي سابقًا في آن واحد، وهو ما أدى لطلب استجوابه في مجلس الشعب في عام 2010 من جانب النائب البرلماني وقتها الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية، لمخالفته قانون البنوك وجمعه بين منصبين مصرفيين، بالإضافة لوجود شبهة فساد مالي بالبنك الأهلي، سواء في رواتب الموظفين أو المنح والهدايا لهم، مؤكدًا أن الراتب الشخصي لعامر يصل ل 5 ملايين جنيه شهريًّا، تأتي من مصادر متعددة، منها نصف مليون دولار من عضويته بشركة فنادق تابعة لبنك آخر بما يعادل 2.75 مليون جنيه، ونصف مليون من شركة استثمارات الأهلي، ونصف مليون من صندوق البنك المركزي لدعم الأجور والتعويض بين المرتب الحكومي والمرتب المفترض تقاضيه دون لائحة لتنظيم ذلك.