ظاهرة جديدة تطل برأسها على سوق العمل المصرية بسبب لجوء الكثير من المصانع إلى العمالة الآسيوية والسورية من أجل حل أزمة المشاكل التى يثيرها العمال المحليون بضرورة الحصول على حقوقهم ورفع رواتبهم والحوافز المتعلقة بهم، وهو ما ساهم فى وجود مشكلة جديدة تضاف إلى البطالة تعانى منها الدولة المصرية. • غياب الأرقام لا توجد أرقام رسمية تؤكد الوضع الحقيقى للعمالة الأجنبية فى مصر وكل ما يمكن حصره هى الإحصاءات التى توضح عدد من ينتهجون الطرق الشرعية فى تسجيل العمالة الأجنبية التى نص عليها القانون، ولكن شكاوى العمال تؤكد وجود تجاوزات فى كثير من المنشآت لاسيما أنه تتم الاستعانة بالعمالة الأجنبية فى كثير من المصانع البعيدة عن رقابة الحكومة والصغيرة. ويتيح القانون لصاحب المنشأة أو الشركة الاستعانة ب10 % فقط من العمالة الأجنبية، وغير ذلك فعليه توظيف المصريين، ولكن هناك الكثير من المخالفات خاصة فى المناطق الصناعية الجديدة مثلا العبور والعاشر من رمضان والسادس من أكتوبر وغيرها لاسيما أن أجر العامل الآسيوى قليل جدا بالمقارنة بما يطلبه المصريون فى حين تبدو التجاوزات كبيرة من خلال المصانع التى أصبح يمتلكها عدد من السوريين الذين لا يلتزمون بالقانون ويتجهون إلى توظيف أبناء دولتهم نظرا لوجود أعداد كبيرة منهم فى مصر تقدر بمئات الآلاف. ويأتى أغلب العمالة الآسيوية إلى مصر عن طريق السياحة، ثم تكسر مدة الإقامة الخاصة بها وتبدأ فى البحث عن عمل داخل مصر مستفيدة من الفارق الكبير بين الدولار وعملتهم الوطنية وغالبيتهم يلجأ إلى المصانع الصغيرة التى تبحث دائما عن عمال يمكنهم العمل لفترات طويلة وبعيدا عن أعين الدولة لعدم إثارة المشاكل. وبسبب الوضع السورى المتفاقم يتواجد حاليا فى مصر مئات الآلاف من السوريين، وهو ما يعنى ضرورة حصولهم على عمل بأى حال من الأحوال، ومن هنا يبدأ التزاحم بين المصرى والسورى خاصة فى مجال المطاعم ومصانع الغزل والنسيج. • أعداد مهولة أكد جبالى المراغى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر أنه أجرى اتصالا بوزيرة القوى العاملة من أجل بحث أزمة العمالة الأجنبية العاملة فى مصر، وقد أكدت له أن الوضع قانونى للغاية، ولكن هناك الكثير من العمالة غير الرسمية دخلت البلاد وتعمل بعيداً عن الأعين. وأشار المراغى إلى أنه يمكن السيطرة على تلك المشكلة من خلال مكاتب تفتيش وزارة القوى العاملة التى عليها أن تبدأ فى شن حملات من أجل التصدى للمخالفات التى ترتكبها المنشآت بشأن العمالة الأجنبية التى حددها القانون ب 10%. ويرى مجدى البدوى، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر أنه منذ فترة طويلة، وهناك شكوى بسبب العمالة الأجنبية التى تأتى إلى البلاد بأعداد كبيرة التى تتجاوز الرقم المسموح به وفى تخصصات منتشرة داخل مصر. وأشار البدوى إلى أنه تم اكتشاف حالات مخالفة للقانون من خلال جلب بعض رجال الأعمال لتلك العمالة من الخارج على أنها قادمة للسياحة، وبعدها تكسر مدة الإقامة المدونة فى جواز السفر ويجرى تسجيلهم على أنهم عمالة أو على الأقل يعملون بعيدا عن أعين الدولة وتنتشر تلك الظاهرة خاصة فى قطاع الغزل والنسيج. وأوضح البدوى أن العمالة الأجنبية المنتشرة فى مصانع النسيج غالبا ما تكون مدربة على ذلك فى الوقت الذى يعانى فيه العامل المصرى من عدم وجود مناهج دراسية متقدمة لتعليمه فنون تلك الصناعة والقدرات التى يمكنه اكتسابها فلا توجد درجات دراسية يمكن أن يلتحق بها كى يحصل على تعليم متقدم، ومن خلاله يجرى منحه مؤهلاً متخصصاً فلا توجد دبلومات للغزل والنسيج أو تعليم فنى متخصص ومتقدم لهم. وأضاف البدوى أنه من ضمن مميزات العمالة الأجنبية خاصة الآسيوية منها أنها تنام فى نفس مكان العمل، وبالتالى فإنها تأتى فى موعدها ولا تكلف صاحب العمل ضرورة توفير مسكن لهم، مما يسهم فى مزيد من الانضباط للمنشآت الصناعية. وكشف البدوى عن أنه فى الفترة التى عاشت فيها مصر حقبة من الانفلات الأمنى فى الفترة الأخيرة دخل إلى مصر كثير من العمالة الأجنبية من أجل إيجاد فرصة عمل فى السوق المصرية، مما تسبب فى وجود تزاحم كبير بينهم وبين المصريين الباحثين عن فرصة عمل. وأكد البدوى أنه لا توجد أى إحصاءات رسمية من يمكن من خلالها التعرف على عدد العمالة الأجنبية التى تعمل فى مصر سواء كانت رسمية أو غير رسمية فلم تخرج وزارة القوى العاملة لتؤكد وجود رقم للعمالة غير الرسمية وكيف واجهتها وتصدت لها. واختتم البدوى حديثه بأنه على الدولة دور كبير فى توفير مناخ تعليم متقدم للعمالة المصرية بحيث إذا احتاج أصحاب المصانع ورجال الأعمال لعمالة مدربة ومتقدمة فيمكنه أن يجدها بسهولة. وعلى جانب آخر وصلت العمالة الآسيوية إلى شركات البترول هى الأخرى خاصة بالنسبة لأعمال البريمة والتنقيب عن البترول، حيث يرى إبراهيم زهران، الخبير البترولى أن المسئولية الأولى تقع على الهيئة العامة للبترول لأنها هى المنوطة بمراقبة الوضع داخل الشركات. وأكد زهران أنه لا يجوز لشركات البترول تعيين عمالة أكثر من 10% وفقا للقانون، ولكن إذا ما وافقت الهيئة العامة فالأمر أصبح منتهيا لأنها هى الوحيدة القادرة على الاعتراض على نوعية العمالة أو الموظفين داخل الشركات. • مزايدات نقابية وفى المقابل أكد حمادة القليوبى، رئيس الغرفة النسجية السابق أنه يوجد عجز فى العمالة المصرية المدربة بسبب تدنى مستوى الأجور فى قطاع الغزل والنسيج فى الفترة الأخيرة نتيجة الظروف التى تعيشها مصر. وأوضح القليوبى أن القيمة المضافة التى يمنحها العامل المصرى للعمل قليلة، مما دفع أصحاب المصانع للجوء إلى العمالة الأجنبية من الخارج حتى لا يتعرض لخسائر فادحة. ورفض القليوبى ما يثار حول وجود عمالة أجنبية كبيرة داخل المصانع، حيث ألزم القانون أصحاب المصانع بضرورة الالتزام ب10 % فقط من إجمالى العمال داخل المنشأة للأجانب، وهناك عقوبات على المخالفين سواء من خلال وزارة القوى العاملة أو الأماكن التى يجرى التصدير لها. وأضاف القليوبى أن نوعية العمالة القادمة من آسيا غالبيتها تعمل فى مجال الإشراف على المصريين وتدريبهم من أجل المساعدة فى تحسين جودة الإنتاج والفحص، ومن الصعب وجود عامل أجنبى يؤدى نفس دور المصرى داخل المصنع. وتحدث القليوبى قائلا: إنه من الطبيعى أن يزاحم السوريون الوافدون إلى مصر بسبب الوضع الذى تعيشه بلادهم العمالة الوطنية، ولا يمكن أن يجلسوا فى مصر بلا عمل فى الوقت الذى تحدث الكثير من المذابح والقتل الجماعى هناك، وإذا كانت الدولة لا ترغب فى توظيفهم فلماذا سمحت لهم بالدخول. وأشار القليوبى إلى أن البعض يريد إثارة المزايدات على حقوق العمالة المصرية فالمملكة العربية السعودية يعمل لديها مليونا مصرى على أقل تقدير، فهل يعنى ذلك أن مصر قد غزت السعودية بالعمالة المصرية. وطالب القليوبى النقابيين الذين يتحدثون عن وضع العمالة الأجنبية بأن يقوموا بإجراء إحصاء رسمى لهم وضرورة حل المشاكل التى تحدث مع العمالة المصرية وضرورة العمل على تدريبهم بالقدر الذى تحتاجه السوق. وشدد القليوبى على أن عدد العمالة الأجنبية فى مصر وفقا للتقديرات الرسمية لا يتجاوز 20 ألف عامل لديهم تراخيص من وزارة القوى العاملة، ويمكن القول إن مثلهم يعمل بشكل غير رسمى. واختتم القليوبى حديثه بأن الشركات الكبرى لا يمكنها أن توظف عمالة بشكل غير رسمى خاصة إذا كانت تقوم بتصدير منتجاتها للخارج لأنه إذا ما تم اكتشاف ذلك فعقود التوريد ستلغى بشكل نهائى لأنها بذلك تنتهك حقوق العمال والإنسان. •