الدواجن تعد من أهم مصادر البروتين وهى البديل الأساسى للحوم الحمراء عند الفقراء ومحدودى الدخل، ولكن أصحاب المزارع يعيشون حالة من الفزع والحزن، بسبب خوفهم من تنفيذ قرار وزير التنمية المحلية بإغلاق المزارع غير المرخصة, وكذلك لأنهم معرضون للسجن؛ بسبب الخسائر الفادحة والديون الباهظة عليهم، التى نتجت عن أسباب عديدة أدت إلى تدهور الثروة الداجنة، ما يهدد بتشريد أكثر من 2.5 مليون عامل، وكذلك إشعال أسعار الدواجن، حال تصفية هذه الاستثمارات. فى البداية يقول على عبدالهادى، مربى دواجن بالشرقية: طالبنا مرارا وتكرارا بترخيص مزارعنا التى يصل عددها إلى 22 ألف مزرعة على مستوى الجمهورية، ولكن دون جدوى، وبالتالى لا نحصل على الإرشادات اللازمة، ولا الدعم المناسب من الدولة بأى شكل من الأشكال، وتتالت الخسائر علينا مرة تلو الأخرى، وأصبح معظمنا مهددا بالسجن. من جانبه اتهم الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الإنتاج الداجنى بالغرفة التجارية بالقاهرة، اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، بتدمير استثمارات تقدر بنحو 26 مليار جنيه فى قطاع الدواجن، وإشعال الأسعار بسبب إصداره ذلك القرار، حيث تمثل المزارع غير المرخصة نحو 60% من جملة الإنتاج الداجنى فى مصر وغلقها سيجعل القدرة الإنتاجية تتراجع إلى 700 مليون طائر من بدارة التسمين وهذا عكس سعينا إلى زيادة الإنتاج إلى 2مليون طائر يوميا، وكذلك زيادة سعر الكيلو بالمزرعة إلى ما بين 25 و 30 جنيها لتصل للمستهلك بسعر 33 جنيها معبأة، خاصة فى حال زيادة سعر الأعلاف وتخطيه حاجز ال4آلاف جنيه. بجانب أن غلقها سيؤدى إلى تشريد عدد ضخم جدا من العمالة بما يتناقض مع سياسة وزارة التنمية المحلية التى تستهدف تنمية الصناعات الصغيرة وتوفير فرص عمل من خلال مشروعات إنتاجية. ووصف الدكتور عبدالعزيز تصريحات الوزير بأنها غير مسئولة وتكشف انفصال الوزراء عن المواطنين ومشاكلهم. وأشار إلى أن الحكومات المتعاقبة لم تستطع توفير البديل لأماكن المزارع ونقلها إلى أماكن آمنة من الأمراض فى الظهير الصحراوى لكل محافظة، رغم المطالبات المتكررة منذ عام 2006 بضرورة إعادة هيكلة قطاع الدواجن وتوفير الأراضى اللازمة لإنشاء مجمع للمجازر خارج الكتلة السكنية من خلال التطوير والتحديث، مضيفا أن المزارع المرخصة والمراقبة تخضع لعوامل الأمان الحيوى، وأن معظم حالات إنفلونزا الطيور التى ظهرت مؤخرا من التربية الريفية لعدم قيامها بالتحصينات اللازمة التى تقوم بها المزارع. وقال إنه يتفق مع وزير التنمية المحلية بعدم تداول الطيور من المجازر إلى المزارع إلا من خلال التصاريح اللازمة من المعمل المركزى التى تفيد بأنها خالية من الأمراض الوبائية وكذلك تشديد الرقابة على الأسواق وإعدام الطيور المصابة، ولكن غلق المزارع غير المرخصة يحتاج إعادة نظر وبحث الموضوع من جميع جوانبه. وقال محمد عطوة «مهندس زراعى»: علمنا أن الدكتور عادل البلتاجى كلف قطاع الثروة الحيوانية والداجنة والهيئة العامة للخدمات البيطرية بالوزارة، بالتعاون مع اتحاد منتجى الدواجن، بالإسراع فى إعداد خطة تنفيذية عاجلة لنقل مزارع الدواجن خارج الوادى والدلتا إلى الظهير الصحراوى فى مساحة 180 ألف فدان التى خصصتها الوزارة من قبل، للسيطرة على أمراض الدواجن والأوبئة التى قد تسبب أضرارا مباشرة للمواطنين. وأكد محمد أن نقل مزارع الدواجن للظهير الصحراوى، يعد خطوة مهمة للتغلب على العشوائيات القديمة وتضمن تطبيق شروط الأمان الحيوى والبعد الوقائى، خاصة أن تلك المناطق سيتم تصميمها على الطريقة الحديثة، وبالتالى لا يتعرض المواطنون لأى أوبئة أو خطورة جراء إصابة الدواجن بفيروسات ضارة بصحتهم كفيروس إنفلونزا الطيور. وطالب الحكومة بممارسة دورها الرقابى على أسواق الأدوية البيطرية وصناعتها، حيث لا يوجد عليها رقيب، مما يؤدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، مؤكدا ضرورة تفعيل الدور الإشرافى للطب البيطرى على تلك الأدوية، والعمل على توفيرها من مصادر موثوق بها، لتجنب الوقوع فى أيدى تجار السوق السوداء والأدوية المغشوشة التى تأتى بمفعول سلبى، مشيرا إلى أنه من الأفضل أن يقوم وزير التنمية المحلية بوقف نقل الدواجن الحية بين المحافظات بدون تصاريح بدلا من إغلاق المزارع. وأكد الدكتور أسامة السيد «طبيب بيطرى»، أن هناك تحديات عديدة تواجه صناعة الدواجن منها الوبائيات وارتفاع أسعار الأعلاف، التى ارتفعت 400 جنيه ليصل الطن إلى 3860 جنيها، وانسحاب 40% من صغار مربى الدواجن من منظومة الإنتاج، خاصة أن بعضهم يبيع الدجاج بأقل من سعر التكلفة، بجانب الركود الذى لاحق الصناعة ومنتجاتها بالأسواق، كما أن 70% من هذه الصناعة عشوائى، فانخفضت الإنتاجية حاليا إلى 1.4 مليون طائر يوميا، مما سوف يتسبب فى تزايد معدلات الاستيراد من 20 ألف طن إلى 40 ألف طن دواجن سنويًّا، وفى ظل ثبات الطلب ارتفع سعر الكيلو إلى 15 جنيها تسليم المزرعة - بعد أن كانت ب11 جنيها - فى حين يصل إلى المستهلك بسعر يتراوح بين 18و 19 جنيها للدواجن الحية، و22 و23 جنيها للمذبوحة والمعبأة بسبب تعدد الحلقات الوسيطة من الإنتاج إلى الاستهلاك. وأوضح الدكتور أسامة، أن مصر تستورد نحو 75% من مستلزمات صناعة الدواجن سواء من الأعلاف مثل الذرة الصفراء وفول الصويا وكذلك الأمصال والأدوية البيطرية بجانب ارتفاع سعر الدولار الذى ينعكس على الأسعار بالجمارك ليدفع المواطن الفاتورة، دون أن تكون هناك حلول من أصحاب القرار بالحكومة لإنقاذها من التدهور. وأرجع متولى سعيد، أحد مربى الدواجن بالشرقية، مشاكل المزارع، لارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية، التى لا تجد رقيباً، يوقف التلاعب بها، التى يتحكم فيها قلة من المحتكرين، يقررون مصير تلك الصناعة الاستراتيجية. وكذلك انتشار بعض الأمراض مثل إنفلونزا الطيور، بالإضافة إلى عدم توفير الأمان الحيوى فى معظم المزارع؛ بسبب عدم وجود أفران لحرق الدجاج النافق من قبل وزارة الزراعة أو من خلال بنك التنمية والائتمان الزراعى، فضلاً عن تبعات أزمة البوتاجاز وارتفاع أسعار وسائل التدفئة المختلفة خلال فصل الشتاء التى تمثل 5% من إجمالى تكلفة الإنتاج، ما أدى إلى زيادة التكلفة. مشيرا إلى أن مزارعنا غير مؤهلة للتربية فى القرن الحادى والعشرين، حيث إن مناخ مصر اختلف كثير وأصبح إما صيفا حارا أو شتاء باردا جدا وكلاهما لا تصلح فيه التربية. أضاف متولى، أن مزارع الدواجن المرخصة فى مصر 15 ألف مزرعة، فى حين أن غير المرخصة تصل إلى 22 ألف مزرعة، والأدوية البيطرية مجهولة المصدر أغرقت الأسواق وأصبحت تشكل خطراً حقيقياً على تلك الصناعة، لأنها تضر أكثر مما تنفع، مشيرا إلى أن سبب انتشار هذه الأمراض الفيروسية ضعف الرقابة على العاملين فى مجال تجارة الأدوية البيطرية، حيث إنها أصبحت مهنة من لا مهنة له. وبالرغم من التحصين ضد الأمراض الفيروسية فإن تلك الأمراض تنتشر بسبب عدم وجود علاج ناجح ويؤدى ذلك إلى خسارة اقتصادية كبيرة للمربى مما يجعله يهرب من مجال الصناعة، حيث تصل خسارة المربى فى دورة التربية التى تستغرق 45 يوما إلى نحو 50ألف جنيه. وأكد متولى، أنه فى حال وجود الرقابة على أسعار الأعلاف والأدوية وخلافه، يستطيعون تصدير الثروة الداجنة للخارج، مطالبا رئيس الحكومة بالتصدى لاحتكار عدد من رجال الأعمال فى صناعة الدواجن مما يؤدى إلى دمار صغار المربين وزيادة ديونهم. وكذلك طالب مراكز البحوث التابعة لوزارة الزراعة بضرورة الكشف عن أسباب الحرب البيولوجية التى تهدف إلى القضاء على الثروة الداجنة، التى يعمل فيها نحو مليونين ونصف مليون مواطن. أضاف سامى محمود، صاحب مزرعة، أن حجم الخسائر التى تعرض لها قطاع الإنتاج الداجنى منذ بداية موسم الشتاء الجارى نحو 6 مليارات جنيه، وارتفع معدل نفوق الدواجن؛ بسبب مرض إنفلونزا الطيور الذى بلغ ذروته خلال شهر يناير الماضى، وتوقف عدد كبير من المزارع عن الإنتاج، ما أدى لتراجع معدلات الإنتاج 60%، فمزرعتى مثلا كانت تستوعب 50 ألف كتكوت، أصبحت الآن خاوية، وأعرضها للبيع؛ لأسدد ديونى قبل أن أدخل السجن، لافتا إلى أنه كان يعمل بالمزرعة 10 شباب، بالإضافة إلى أكثر من 30 بائعا سريحا، فضلا عن السيارات التى تحمل الدواجن إلى أهالينا بأسعار تناسب الفقراء. مؤكدا أن نسبة النافق بأى مزرعة يصل إلى 70 % بسبب التحصينات «المضروبة» مما يصيب الدواجن بأمراض لا يعرفون سببا لها، ولا يجد المربون أى جهة تعطيهم إرشادات تساهم فى الحفاظ على الثروة الداجنة.•