فى هذه الأيام المفترجة أرفع يدى للسماء داعية بأن يرزقنى الله ببنت الحلال اللى تريح قلبى وتساعدنى فى «تنضيف الشقة» هذه الأمنية تلح علىّ مع دخلة رمضان والعيد عندما أبدأ فى تنزيل الستائر لغسلها وغسل السجاجيد.. تعيد ترتيب النيش.. تلميع النجف.. إعادة ترتيب رفوف المطبخ بعد مسحها.. ترتيب وغسل الثلاجة وتلميع البوتاجاز وكل ما تفعله أى ست مصرية مع دخول رمضان والعيد.
صحيح كل يوم هناك أعمال البيت التى لا تنتهى والتى تحتاج لعشرة رجال لإنجازها ولكن يزيد المجهود فى كل مناسبة وليس هذا من قبيل «الدلع» أو طلبا فى الراحة فالشغالة ليست رفاهية ولن تأتى لتعمل وست البيت تجلس «رجلا على رجل» بل على العكس فيوم التنضيف يكون البيت أشبه بحالة حرب أنا والشغالة فى سباق مع الزمن ويدا بيد لإنهاء شغل البيت.. هذه الأمنية بدأت معى بعد زواجى منذ خمسة عشر عاما وكنت أعتقد أن كل شىء جاهز لبدء حياة زوجية ولم أكن أتوقع أن إيجاد شغالة قد تكون هى أكبر مشكلة تواجهنى وتستمر معى كل تلك السنوات والصعب ليس إيجاد شغالة وإنما هو أن تكون الشغالة «بتعرف تنضف».. ليست هذه مشكلتى بمفردى فكلما فتحت الموضوع وجدت صديقاتى وزميلاتى فى العمل لهن نفس الشكوى ومن تجلس ساكنة وهى حالة نادرة نفهم أنها عندها شغالة «من بتوع زمان» تساعدها بضمير «ومريحة قلبها» فتخاف عليها من الحسد وتلتزم الصمت وكأنها تملك جوهرة غالية.. أو تقول «دى مربيانى ومعايا من زمان وخلاص كبرت وبطلت تروح لأى حد» لتقطع علينا أى أمل بأن تأتى لواحدة فينا.. مر علىّ ما لا يقل عن ستين واحدة وسمعت من صديقاتى مئات الحكايات ولكل واحدة قصة تجعلنى أندم على حاجتى لهن وكلما اعتقدت أن الأخيرة هى الأسوأ اكتشفت أنه ليس هناك نهاية ودائما هناك الأسوأ واستطعت تصنيفهن لأنواع وأنا أكيدة أن من تأتى عندك ستكون واحدة من هذه التصنيفات.
∎ أيدها طويلة
للأسف بسبب الظروف المعيشية الصعبة وبسبب سهولة دخول وخروج السيدة التى تساعد فى تنضيف البيت يسهل أن تمد يدها وتسرق وما أكثر هذه الصفة والتى تؤرق أى ست بيت عند دخول واحدة بيتها وهذه كانت أول صفة صدمتنى مع أول واحدة تأتى لتساعدنى بعد زواجى كانت طيبة جدا ونظيفة ومع أنها كانت صغيرة فى الحجم إلا أن صحتها كانت ماشاء الله «بعشرة منى»، وظلت معى لعامين وكنت أصبحت أتعامل معها كفرد فى الأسرة وأستأمنها على البيت وكنت عندما أشعر بالتعب أنام وأتركها لتنظف وتمشى فتغلق باب الشقة وأنا فى غرفتى لظروف حملى ثم ولادتى لابنتى بعد ذلك وكانت عندما تحتاج لمال لتساعد ابنها تقترض منى وأكثر من مرة يصل اقتراضها لمبلغ ألف جنيه وأخصمه من راتبها على عدة شهور.. وأنى من فترة لأخرى كانت تضيع منى بعض الأشياء إلا أننى لم أشك مجرد شك أنها قد طمعت فيها وأخذتها بل كنت أطلب منها أن تبحث معى وأحيانا كانت تجد بعض الأشياء ومع أنه كانت بعض صديقاتى يحذرننى من أن تكون هى من تسرق أثناء نومى وأنها من السهل أن تأخذ ما تريده وهى راحلة من البيت فأنا غالبا ما أكون نائمة فكنت أكذبهن وأقول «مش معنى أنكم بتقابلوا فى حياتكم ناس حرامية يبقى الكل بيسرق.. إلى أن جاء يوم لم أجد الموبايل فظللت أياما أبحث عنه وهى تبحث معى ولم نجده فظننت أن ابنتى قد رمته من البالكون كما تفعل مع بعض الأشياء أحيانا فكان عمرها لا يزال عاماً واحداً وجاءت فى رمضان بعد أن فطرت معى ومع زوجى على المائدة وأخبرتنى أنها هى من أخذت الموبايل و«أنى صعبانة عليها عشان العشرة» وخافت من ربنا «عشان إحنا فى رمضان» كانت صدمتى فيها كبيرة وكأنى صدمت من خيانة أقرب صديقاتى ولم أستطع التعامل معها وطلبت منها أن تترك البيت لأنى لن آمن لها ثانية ولم تكن هى بمفردها فقد جاءت واحدة أخرى بعد عدة سنوات اكتشفت بالصدفة أنها تسرق لعب الأطفال فقط لتعطيها لابنتها ولى صديقة حكت لى أن عندها سيدة تسرق فقط الكتب الدراسية مع أنها لو أخبرتها أنها تحتاجها كانت ستعطيها لها !! وصديقة أخرى حكت لى أن الشغالة تخصص «أرايل» التليفزيونات!!! فاليد الطويلة كانت أول مشكلة قابلتنى مع الشغالة ولكن للحق كانت أول من نظف بيتى وآخره لأن كل من جاءت بعدها تنظيفها سيئ جداً.
∎ هى تنضف وأنا وراها
بعد ذلك جاءت لى سيدة كبيرة فى السن أمينة جدا أمينة لدرجة أنها لا ترفع شيئا من مكانه بمعنى الكلمة وكأنها تخاف من التنظيف.. فتمسح من حول الكرسى ولا تحركه وإذا لم أطلب منها مسح التراب أمامها على التليفزيون مثلا لا تمسحه كنت أحرج طول الوقت من توجيهها أحيانا أقول وأحيانا أقوم بنفسى بالتلميع أو الترتيب وجدت نفسى بعد فترة أنا من أقوم بمعظم العمل تخرج من غرف النوم فألمع الزجاج لأنها نسيت تلميعه وأفرش أنا السرير لأنها تنفض المرتبة ولا تفرش الملاية بعدها تدخل المطبخ فتغسل الأطباق والحلل وتتركها فأرتبها وأرصها فى مكانها.. وهكذا وتعبت من كثرة التوجيه وكثرة العمل ووجدت هذه الشكوى شائعة جدا فأصبح الشعار عن ستات البيوت الآن «التنظيف الحقيقى يبدأ بعد تنظيف الشغالة» إلى أن طلبت منها أن ترحل.
∎ عفية ومفترية
أما أم شيماء فهى شخصية لا تنسى مع أنها كانت قد تجاوزت الخمسين من عمرها إلا أنها كانت طول بعرض ماشاء الله ترفع السجادة الصوف الثقيلة بكل سهولة ويسر تمشى فأشعر أن الأرض ستتكسر تحت رجليها لم تكن تكسر الأرض ولكن فى كل لفتة لها كانت تكسر كوبا أو طبقا وفى كل تنفيضة للشباك تكسر زجاجا أو تخلع جانبا من الشيش حتى أن منفضة المراتب تكسرت فى يدها دائما كانت هناك حوادث طالما أم شيماء فى البيت وبالطبع الخسائر المادية كانت كثيرة وخفت على حياتى وحياة أولادى وفضلت أن تبعد بجبروتها عن بيتى..
∎ عينها فى كل حاجة
أما أكثرهن عددا على الإطلاق فهى شريحة «عينى فى كل حاجة» بدءاً من فتح كل الدواليب والثلاجة والنظر لما بداخله وصولا بطلب أى شىء وكل شىء «ممكن ستارة مش محتاجاها» «أنا شوفت مفرش ركناه ممكن آخده» فيه طرحة عندك حلوة محتاجاها لمناسبة.. حتى أن واحدة طلبت منى بعض السيراميك الزائد والسجاجيد المركونة عندى لتفرشها فى بيتها فتشعرك أنها تراقبك طول الوقت وتنظر لما عندك وانتظرت مع أول غلطة لها عندما طالبتنى بأجر يوم مائة وخمسين جنيها اعتذرت لها عن المجىء فيه لظروف ذهابى للطبيب.
∎ الشكاية البكاية
أما الجزء الأعم الذى تعودت عليه كل ست بيت فهى الشكاية البكاية «جوزى مشلول» «ابنى مريض» «جوزى مش لاقى شغل» «عايزة أدوية» والغريب عندما تقترحين عليها أن تشغلى زوجها تختفى فورا.
∎ آخر دلع
أما آخر العنقود فهى رشا آخر من دخلت بيتى.. إلى الآن.. رشا مشكلتها أنها لاتريد أن تتعب نفسها هى لا تمسح حتى لا تتعب ظهرها تستخدم «الشرشوبة المستوردة» هى لا تستخدم بعض المساحيق للتنظيف التى تتلف الجلد تتعامل مع عدد محدود من المساحيق.. لا تتقن غسيل الأطباق ولا تعرف كيف ترصها فى غسالة الأطباق فهذا دورى أنا.. لا تستطيع أن تنظف سوى نصف الشقة مع أنها تأخذ ما كانت تأخذه من جاء قبلها فى تنظيف الشقة كلها.. المهم أنى علمت من أكثر من جارة أن هذا هو الجيل الجديد من الشغالات وأن الدلع سمة مميزة «وأنت حرة» يا تقبلى يا ترفضى.
يارب بحق هذه الأيام المفترجة ألاقى شغالة بنت حلال تساعدنى وتريحنى يااااااا رب.