جلس المستشار «عدلى منصور» على كرسى الرئيس 330 يوما، وخلال تواجده فى قصر الاتحادية أصدر العديد من القرارات بقانون، وذلك بموجب الإعلان الدستورى الصادر فى 8 يوليو 2013. والدستور الجديد واللذين منحاه سلطة التشريع حتى انتخاب البرلمان، وطبقا للدستور فإن هذه القوانين ستعرض على مجلس النواب خلال 15 يوما من بدء انعقاده، وهو ما أكده المستشار على عوض، المستشار الدستورى لرئيس الجمهورية السابق. وقد أثارت بعض القوانين التى أصدرها الرئيس السابق عدلى منصور جدلا سياسيا، مما ترتب عليه إقامة عدة دعاوى لبطلان هذه القوانين، وذلك أمام المحكمة الدستورية العليا التى يترأسها المستشار عدلى منصور نفسه، التى عاد إليها مرة أخرى بعد تنصيب المشير «عبدالفتاح السيسى» رئيسا للجمهورية.
قد أثارت عودة الرئيس السابق إلى رئاسة المحكمة الدستورية العليا تساؤلات كثيرة حول كيفية تعامله فى القضايا المطعون عليها أمام الدستورية، والتى قام هو بإصدارها أثناء فترة رئاسته للدولة، ومن بين القوانين التى تنظر حاليا أمام المحكمة الدستورية العليا قانون «تنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة»، وقد أثار هذا القانون جدلا واسعا بين صفوف المواطنين مما أدى إلى الطعن على دستوريته، وهناك أيضا الإعلان الدستورى، الذى أصدره الرئيس السابق عدلى منصور، والذى صدر فى يوليو 2013 وهو الخاص بتنظيم المرحلة الانتقالية، وينص على أن الرئيس يمارس سلطة التشريع، ويصدر التشريعات بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، كما يحق للرئيس إعلان حالة الطوارئ بعد موافقة الحكومة، وينص الإعلان الدستورى أيضا على إجراء جميع الاستحقاقات الانتخابية من الاستفتاء على تعديل دستور 2012، ثم الانتخابات البرلمانية وتليها الرئاسية خلال فترة 6 أشهر لتنتهى الفترة الانتقالية وإصداره لقرار بحل مجلس الشورى السابق.. ومن القوانين التى تم الطعن عليها أمام الدستورية أيضا والتى أصدرها الرئيس السابق عدلى منصور قانون تعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998» فى 1 سبتمبر 2013، وكان من أهم القوانين التى أصدرها منصور أيضا وتم الطعن عليها قانون «عدم الطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية وتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات»، والذى أصدره منصور فى يناير 2014 وقد أثار هذا القانون جدلاً قانونيًا، هذا إلى جانب قرار «تعديل خارطة المستقبل»، والذى تم الطعن عليه مؤخرا بعد قرر الرئيس السابق عدلى منصور فى 26 يناير 2014 تعديل خارطة المستقبل لتبدأ بإجراء الانتخابات الرئاسية أولا تليها الانتخابات البرلمانية، ومن أهم القوانين التى صدرت فى عهد عدلى منصور، والتى تم الاعتراض عليها والطعن عليها هو «قانون مجلس النواب» الذى صدر برغم اعتراض عدد كبير من القوى السياسية عليه، كما تم الطعن أيضا على «قانون التظاهر» الذى أصدره الرئيس السابق والذى صدر بالقانون رقم 107 لسنة 2013 وهو الخاص بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، ونص القانون يتشكل من 52 مادة موزعة على أربعة فصول، ويختص الفصل الأول المتضمن 7 مواد بالأحكام العامة والتعريفات، والثانى بالإجراءات والضوابط التنظيمية بالتجمعات العامة والمظاهرات، والثالث بالعقوبات، والرابع المكون من 3 مواد بالأحكام الإجرائية وهذا القانون يتم النظر فى دستوريته حاليا.. ومن أهم القوانين التى تنظر أمام المحكمة الدستورية أيضا والتى أصدرها «منصور» أثناء توليه رئاسة الجمهورية، «قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية»، ومن القوانين التى صدرت عن الرئيس السابق مؤخرا وتم الطعن عليها بعد أن شهدت جدلا واسعا «قانون تنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية فى المساجد» وما فى حكمها من الساحات والميادين العامة، والذى ينص على أنه لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف، ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما فى حكمها.
وقد اتفق خبراء القانون على أنه لا يجوز للمستشار عدلى منصور بصفته رئيس المحكمة الدستورية النظر فى الطعون المقدمة ضد القوانين التى أصدرها وقت توليه منصب رئيس الجمهورية، وعليه أن يتنحى عند نظرها.. وقد استدل رجال القانون على أن تنحى رئيس المحكمة الدستورية عن نظر قضية منظورة أمام المحكمة التى يرأسها قد حدث أكثر من مرة، فمثلا المستشار فتحى نجيب قبل أن يعتلى منصب المحكمة الدستورية كانت هناك بعض المشروعات والقوانين التى شارك فى صياغتها وكانت هذه القضايا مطعونا عليها وعندما كانت تعرض عليه أى قضية من هذه القضايا كان يتنحى عن نظرها، وكذلك المستشار ماهر عبد الواحد، الذى تولى رئاسة المحكمة بعدما كان يشغل منصب النائب العام، فكان دائم التنحى عن جميع الدعاوى التى تتعلق بقرارات النيابة العامة، ووكلاء النائب العام والمتصلة بالقوانين ذات الطبيعة الجنائية سواء العقوبات أو الإجراءات الجنائية، وكان يرأس المحكمة فى جميع هذه الدعاوى المستشار ماهر البحيرى الذى ترأس المحكمة فيما بعد.
∎ دائرة أخرى
فى هذا الشأن يرى الدكتور أنور رسلان الفقيه الدستورى، أن المستشار عدلى منصور لن ينظر الطعون التى سوف تقدم على القوانين التى أصدرها عندما كان رئيسًا للجمهورية، وأنه سوف تشكل دائرة المحكمة لنظر الطعون دون حضوره للنظر فى دستوريه القوانين الصادرة عنه.. وأضاف رسلان، أن أعضاء المحكمة الدستورية يتمتعون بدرجه عالية من المصداقية والأمانة مما تؤهلهم إلى اتخاذ قرارات بعيدا عن العلاقات الاجتماعية، خاصة أن من أصدر هذه القوانين هو رئيس المحكمة الدستورية، مؤكدًا أن العلاقة بين أعضاء المحكمة ليست علاقة رئيس محكمة ومستشارين، وإنما تجمعهم مبادئ دستورية وقوانين منظمة لا تفرق بين رئيس المحكمة وأحد الأعضاء، فالقوانين المطعون عليها سوف يتم النظر فى مدى دستوريتها من عدمه، لأن مصلحة الشعب تقتضى مراجعة القوانين فى حالة وجود شكوك حولها.. أما المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف السابق، فيرى أنه لا توجد إشكالية قانونية فى كون المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية السابق قد أصدر بعض القوانين فى عهده، وهى مطعون عليها أمام المحكمة الدستورية التى يرأسها المستشار عدلى منصور الآن، والحل هو اعتذار منصور عن حضور هذه الجلسات.
وأضاف إبراهيم:، إن هذه القضايا ستقام فى دوائر لا يوجد فيها المستشار عدلى منصور وبالتالى فالمشكلة ستكون قد تم حلها ولا يوجد أى عوار قانونى فى ذلك.
∎ حكم معيب
ويقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق: إنه لا يجوز دستوريا أو قانونيا أن يفصل المستشار عدلى منصور فى الطعون المقدمة على القرارات التى اتخذها أثناء فترة رئاسته للجمهورية، مضيفا إن المستشار عدلى منصور قد أقر بعض القوانين التنظيمية فى مجالات الزراعة، والقطاع الطبى، وسوق المال والضرائب، وهذه القوانين ذات طبيعة تنظيمية مستقرة وليست مرتبطة بتدابير سريعة لعلاج حالات الضرورة وقال: هذه النوعية من القوانين لا تحتاج إلى سرعة فى إصدارها بقدر ما تتطلب دراسة وحوارا مجتمعيا حول أحكامها من خلال ممثلى الشعب فى مجلس النواب.. وأشار «الجمل» إلى أن القوانين المطعون عليها الآن فى المحكمة الدستورية، على المستشار «منصور» أن يتنحى عن النظر إلى هذه الطعون، ويحكم فى هذه القضايا أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية، وعلل ذلك بأن القاضى عندما يبدى رأيه فى قضية هو طرف فيها سيكون وقتها الحكم معيبا، ولذا عليه أن يترك الجلسة إلى أقدم نوابه ولا يجوز له أن يعيد النظر فيها.. ويتفق معهم فى الرأى عصام الإسلامبولى، المحامى والفقيه الدستورى، مؤكدا أنه لا يجوز بحكم الدستور والقانون للمستشار عدلى منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، النظر فى الطعون المقدمة للمحكمة الدستورية على القوانين التى أصدرها رئيس المحكمة وقت أن كان رئيسا للجمهورية، معللا ذلك بأن من شارك فى وضع القوانين وشرعها أو أصدرها، لا يجوز له قانونا النظر فى الطعن عليها، وبناء على الموقف يتنحى رئيس المحكمة ويباشر نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا نظر الدعاوى المقدمة والبت فيها.
وأضاف الإسلامبولى: إن المستشار عدلى منصور عندما كان رئيسًا للجمهورية كان يحق له إصدار أى قانون بصفته رئيسا للجمهورية، وذلك بالاستناد إلى سلطته التنفيذية والتشريعية، نظرا لعدم وجود برلمان فى تلك المرحلة، ولكن لا يجوز للمستشار عدلى منصور البت فى الطعن وفقا لصحيح القانون والدستور، ولذا أصبح تنحى «منصور» أمرا ضروريا لاستشعار الحرج.