هَلَّ علينا الفنان أحمد حلمى منذ عدة سنوات كمقدم للبرنامج المميز «لعب عيال» والذى استطاع أن يصل به لعقول وقلوب فئة لها أهمية قصوى فى المجتمع، وتميز البرنامج بخفة دمه أثناء تواصله البناء مع الأطفال والنشء مخاطباً عقولهم وقفاً على رغباتهم وطموحاتهم وكيفية تفكيرهم ومدى تلقائيتهم، وكان البرنامج ناجحاً جداً من حيث الفكرة والتناول.. ثم جاءت مرحلة دخوله كممثل لعالم السينما عن طريق مشاركاته الفعالة وأفلامه الجميلة ذات المضامين الهادفة مبشرة بمولد نجم لامع، استطاع فى فترة وجيزة أن يحقق مكاسب معنوية لدى الكثيرين من فئات المجتمع مع اختلاف أعمارهم وجعلت الأطفال فى حالة أكثر تشبثاً به.. وبعد أن حصل على هذا الحب والاحترام لبساطته فى الأداء وعدم التكلف بحيث يشعر المتلقى بأنه أمام واحد من أسرته، إلا أننى شعرت بأسف شديد فى الحقيقة بعد متابعتى لبرنامج «حلمى أون لاين» الذى يقدم على قناة القاهرة والناس حيث فوجئت بالفنان أحمد حلمى فى ثوب آخر، وإن كان يبدو بنفس طبيعته السلسة والمحببة للجماهير إلا أن البرنامج لا يحمل هدفا أو رؤية وهذا هو الاحتمال الأول، أما الاحتمال الثانى والذى أتمنى أن أكون غير محقة فيه فهو دعم هذا البرنامج للأفكار السلبية والهدامة بشكل واضح وصريح.. ورغم ما قد يبدو للوهلة الأولى أنه برنامج يحمل بعض ملامح الكوميديا والسخرية، لكنه يحوى الكثير من السذاجة والسطحية وكأنه يخاطب جمهورا بلا عقل.. ولا توجد وحدة عضوية تترابط فيها أحداث الحلقة أو كيف تتمحور لتقديم منظور معين، ولا يدرك المتلقى أسباب الانتقال من موضوع لآخر، أو من حكاية أشبه بالخرافة تحت مضمون القص والحكى والاستظراف، وإن كانت تحمل فى طياتها حقيقة واقعية فتكون هذه المأساة الأكبر لأنها تتضمن قيما سلبية كالفشل وعدم الاجتهاد والكذب وغيرها من الخصال البشعة التى ننبذها جميعا، بل نحاول بث أفكار مضادة لها لخلق أجيال رافضة لكل ما هو ضد الجمال بمفهومه العام.. لأن الجمال يبحث عنه الإنسان السوى بشكل فطرى، أما القبح بكل أشكاله سواء بالتلميح أو التصريح لفظاً أو معنى فهو مرفوض، وما يقدمه حلمى فى سياق أحاديثه وأقاصيصه الهرائية فيجب أن يتوقف لما فيه من ألفاظ خارجة تُبث فى آذاننا وآذان محبيه من أطفالنا فتبعث لديهم طاقة التقليد والمحاكاة لفنان قدوة لهذه الأجيال الصغيرة البريئة فيتفشى القبح أكثر مما نحن عليه، وهذه ليست رسالة الفن ولا رسالة حلمى كفنان ننتظر منه الكثير محققاً الأهداف السامية للفن للارتقاء بذوق المجتمع.
وعلى الفنان أحمد حلمى أن يعيد تقييم هذا البرنامج الذى سينتقص من رصيده الفنى والجماهيرى، ليس فقط على المستوى المهنى ولكن أيضاً على المستوى الإنسانى لما رآه جمهوره من تدنٍ فى مستوى الحوار والأفكار التى يقدمها على الشاشة، وأن يبحث عن علة حقيقية وراء تقديم هذا البرنامج المتخبط، ثم يحاسب نفسه على هذه الحلقات بكل أفكارها المسمومة والمشوشة وألفاظها الفجة وغير اللائقة باحترام الجمهور واحترام هيبة شاشة التليفزيون، ويظهر لنا كقيمة فنية مراعياً تجاوزه حرمة البيوت عبر الشاشة الصغيرة مقدماً أسمى معانى الفن والرقى والأخلاق بدلاً من اليأس والإحباط والابتذال.
أما عن قناة القاهرة والناس التى يجلها الكثيرون فما أصابها من عطب لكى تصبح كالقنوات المأجورة التى تبث أفكارا هدامة ولماذا؟ وأخيراً أوجه سؤالى للرقابة: أين أنت أيتها الرقابة من كل ما يدور على الشاشات فى بلد ما أحوجه لدورك وخاصة فى هذه المرحلة الحرجة؟! هل أصبحنا فى دولة بلا حسيب أو رقيب؟! عودوا لرشدكم وأفيقوا يرحمكم الله.