مازال العجز وعدم القدرة على إدارة الأزمة يدور فى فلك حكومة الأيادى المرتعشة فبدلا من أن تقوم الحكومة بإحكام الرقابة على المستودعات ومنافذ توزيع البوتاجاز للقضاء على السوق السوداء ولعدم تلاعب البعض فى البوتاجاز قامت وزارة البترول برفع سعر الأسطوانات إلى أكثر من الضعف بحجة أن ذلك سيقضى على السوق السوداء، فى الوقت الذى لم تقم فيه الحكومة بعمل خطة أو وسائل بديلة لمنع تلاعب البعض فى تهريب الأسطوانات إلى السوق السوداء. «صباح الخير» كانت فى قلب الشارع لترصد معاناة المواطن المطحون من هذه القرارات المرتعشة التى تمثل قنبلة جديدة ألقتها حكومة الدكتور هشام قنديل فى وجه البسطاء عندما أصدر قرار زيادة سعر أسطوانة البوتاجاز المنزلية من 4 جنيهات إلى 8 جنيهات وزيادة سعر أسطوانة البوتاجاز التجارية إلى 16 جنيها .
محمد مصطفى -30 سنة - مسئول عن أحد المطاعم بالسيدة زينب - قال: هذا القرار أجبرنا على زيادة الأسعار لأن الأنبوبة كنا نشتريها من 60 إلى 70 جنيها ولكن الآن أصبحنا نشتريها ب 90 جنيها ومع استمرار زيادة الأسعار سوف تصل إلى 100 -120 جنيها مما يضطرنا إلى غلق محلاتنا أو تخفيف العمالة لكى نقدر دفع باقى الفواتير من كهرباء ويومية عامل وغيرها من المصروفات، وبالفعل تم رفع أسعار جميع الأصناف التى يقدمها المحل حتى نقدر نعيش.
«الحكومة عايزة مننا إيه ؟» بهذه الجملة بدأ الحاج أحمد محمود - 50 سنة - يعمل فى سوق السمك فقال إنه كان يشوى كيلو السمك ب 3 جنيهات أما الآن وبعد رفع الأسعار سوف أشوى كيلو السمك ب 5 جنيهات أو أن أقفل المحل وأشغله لنظافة السمك فقط، وإن كل قرارات الحكومة تتعمل للغلابة فقط وتنسى الأغنياء من هذه القرارات .
وقال محمود الشادى -40 - سنة صاحب أحد محلات الفول - إن صاحب المطعم يكون دائما تحت رحمة موزع أنابيب البوتاجاز والذى لا يخضع للرقابة من المسئولين، وفى حالة ارتفاع سعر الأنبوبة إلى90 جنيها فهذا يعنى إغلاق المحلات وسوء الحال أكثر مما هو عليه، فمتوسط سعر الساندوتش يتراوح بين 3-4 جنيهات والوجبة تصل إلى 8 جنيهات والزيادة الطبيعية التى يتقبلها أى مستهلك هى 25 قرشاً أو 50 قرشا ولكن قرارات الحكومة التى تتخذها بالزيادة تدفع المستهلك إلى صدام مع أصحاب المطاعم وهذا يعنى وقف الحال، وأنا أحتاج أحيانا إلى 5 أنابيب يوميا حسب ضغط الشغل الذى بدأ يقل هذه الفترة، فطالب المرحلة الابتدائية يعطينى 50 قرشا مقابل شقة الفول ليكون وجبة فطوره بالمدرسة علما بأن هذه الشقة سعرها 75 قرشا ولكن مع ارتفاع سعر الأنبوبة لا أعطيه إياها حسبى الله ونعم الوكيل.
∎الحيتان !
وأكد المهندس حسام فرحات رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية أن هذا القرار خاطىء 100 ٪ لأنه انحياز لحيتان السوق السوداء وتشجيعهم على استكمال مسلسل التهريب للحصول على الملايين على حساب جثة المواطن البسيط، ونفى فرحات تماما علم الشعبة بالتغيير الذى أجرته الحكومة ووزارة التموين برفع أسعار الأنابيب، واصفا الأمر بالمفاجأة التى لم يبلغ بها قطاع البترول، فقد علمت الشعبة بالقرار من وسائل الاعلام بعد ساعات من القرار قامت رئاسة الوزراء بإرسال مذكرة بشأن هذا القرار ولكن الشعبة رفضت استلام هذه المذكرة لأن القرار لا يصب فى صالح المواطنين.
وأشار فرحات إلى أن الوضع غير مهيأ لاستقبال صدمات جديدة فنحن نعانى من أزمة فى الأنابيب فى الأصل فى ظل أن حجم الاستهلاك المحلى من أسطوانات البوتاجاز يصل إلى 350 مليون أسطوانة منها 50- مستوردة من الخارج مشيراً إلى أن قيمة الاستيراد اليومى الذى تتحمله ميزانية الدولة لتوفير أسطوانات الغاز تصل إلى 6 ملايين دولار يومياً أى نحو 13 مليار جنيه سنوياً.
وأضاف عرفات أن أزمة البوتاجاز تتركز فى سوء منظومة عمل وزارة البترول فى توفير الاحتياجات اليومية من البوتاجاز موضحا أن الوزارة تضخ يوميا 14 ألف طن غاز بوتاجاز خام، ويجرى نقلها للمصانع من خلال وسيلتين.. الشبكات و سيارات النقل للتوزيع على 49 محطة تعبئة، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن فى النقل عن طريق السيارات، حيث إنه إذا كان المخصص للنقل عن طريقها 50 ٪ من الكمية المطروحة بما يقدر ب 7 آلاف طن غاز، وذلك على أقل تقدير فإن ذلك يتطلب مئات السيارات للنقل يوميا، نظرا لأن حمولة السيارة الواحدة تتراوح ما بين 20 و 25 طناً فقط، ذلك فضلا عن أن منظومة توفير البوتاجاز لم تراعى الوقت اللازم لنقل هذة الكميات إلى المصانع ومحطات التعبئة وكذلك الوقت اللازم لتعبئتها علاوة على ظروف التشغيل ومدى مساهمتها فى مدة الإنتاج، بالإضافة إلى وقت نقلها إلى المستودعات مؤكدًا أن كل هذه العوامل لا توفر أى ضمانة لتغطية كامل الكميات المطلوبة يوميا بالمستودعات الأمر الذى يسفر عنه مواجهة عجز نسبى يوميا فى حجم المعروض بالأسواق خاصة فى ظل زيادة الاستهلاك هذه الفترة مع دخول فصل الشتاء.
∎الفخ !
وأكدت الخبيرة الاقتصادية ليلى خواجة - أن ارتفاع أسعار الأنابيب سيؤدى لارتفاع أسعار الوجبات الغذائية فى المطاعم، وبعض الفنادق التى تستخدم أنبوبة البوتاجاز فى بعض الخدمات التى تقدمها، إلى جانب جميع الأكلات الشعبية التى يستخدمها المواطن بشكل يومى، ويمتد تأثيرها إلى الدواجن ومصانع الطوب التى تستخدم الأنابيب فى الإنتاج، مشيرة إلى أن الحكومة ليست لديها سياسة واضحة أو استراتيجية لتوصيل الدعم لمستحقيه، ورغم أن المستهلك لا يحصل على أنبوبة البوتاجاز بسعر أقل من السعر الجديد، فإن القرار يؤدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع التى يستخدمها.
وأوضحت د. ليلى أن تحمل المصانع وكلالجهات المواطن الكادح عبء زيادة الأسعار فى حال كون هناك سلعة يقبل عليها المواطنون، أما فى حالة عدم الإقبال على السلعة فيتوقع أن تغلق المصانع وتهرب الاستثمارات خارج مصر وتشرد العمالة الموجودة بها، مضيفة وصلنا فى مصر إلى الآن إلى 60٪ على خط الفقر، ولن أستبعد زيادتها فى القريب العاجل فى ظل هذه السياسة المدمرة للنظام الحاكم نفسه قبل المواطن البسيط، فهى تسرع فى نهايتها بسرعة البرق وأكدت أن ثورة الجياع قادمة.. قادمة لا محالة ولن تستثنى أحدا وأول من ستثور عليه هو الحكومة نفسها.