مع تولى التيار الدينى لحكم مصر بدأت الأخبار تتداول حول إنتاج ضخم سوف تشهده الدراما المصرية هذا العام لمجموعة من الأعمال الدينية التى من المنتظر عرضها خلال شهر رمضان ولكن الواضح أن كل هذه الأخبار لم تكن إلا مجرد شائعات وافتراضات لأن الوضع السياسى الساخن الذى تمر به البلاد هذه الأيام لم يسمح بمجرد طرح الفكرة على طاولة المناقشات الخاصة بالتيار الحاكم ولكن مع إصرار صناع الدراما المصرية على ضرورة وجود أعمال دينية ليس فقط خلال شهر رمضان ولكن أيضا على مدار العام نظرا للنقص الملحوظ فى كم المعلومات الدينية الخاصة بتاريخ الإسلام لدى البعض، إلا أن العجز عن تنفيذ أى من هذه الأعمال أصبح كاللعنة التى تطارد الجميع الذى وجد لنفسه سريعا مكانا بين المشاهدين هذا العام عمل واحد هو إجمالى إنتاج الدراما التاريخية الدينية لهذا العام ألا وهو مسلسل «خيبر» للكاتب الكبير يسرى الجندى والمخرج محمد عزيزية، ولكن السؤال هو أين الإنتاج المصرى من كل هذا؟! فى رمضان هذا العام لن يجد مسلسل خيبر فنانة مصرية خاصة بعد إعلان جهات الإنتاج المصرية الرسمية عن تأجيل البدء فى تصوير أىَّ من الأعمال المطروحة عليها من قبل كتابنا الكبار، فعلى رأس قائمة التأجيلات جاء مسلسل الأميرة ذات الهمة للمخرج إبراهيم الشوادى والكاتب محمد السيد عيد هذا الثنائى الذى قدم لنا الإمام الغزالى العام الماضى فى منافسة شرسة مع مسلسل الفاروق عمر، أيضا مسلسل أسماء بنت أبى بكر للنجمة صابرين الذى واجه العديد من العراقيل منذ بداية كتابته إلا أن تم عرضه على قطاع الإنتاج وأخيرا موقفه مع الأزهر الشريف، أما العمل الآخر الذى تم عرضه على قطاع الإنتاج إلا أنه لم يحظ بفرصة البدء فى تصويره هو مسلسل طلوع الشمس للكاتب مصطفى إبراهيم والمخرج إبراهيم الشوادى، صاحب النصيب الأكبر من الاعتذارات هذا العام.
∎ أم الصابرين
هذا المسلسل بالذات لم يتبق على الإنتهاء من تصويره سوى خمس ساعات بمعنى ما هى إلا أيام لن تتجاوز الشهر ويصبح المسلسل جاهزا للعرض ولكن هذا ما هو إلا كلام يتم تداوله منذ العام الماضى حيث كان من المقرر أن يتم عرضه خلال موسم الدراما لرمضان الماضى ولكن طبقا لظروف العمل المرتبكة تم التأجيل وإلا فإن مصير هذا العمل مبهم للجميع ولكن بالنسبة لكاتب العمل أحمد عاشور الذى أكد عن تفاؤله بأن يتم الانتهاء من تصوير المسلسل قريبا حتى يشاهده الجميع على شاشة التليفزيون خلال شهر رمضان القادم، ومن جانبه أكد أحمد: «أم الصابرين» مسلسل تاريخى دينى وسيرة ذاتية لزينب الغزالى، كنت أتمنى أن يتم عرضه فى الوقت المحدد منذ العام الماضى ولكن الظروف لم تسمح بذلك والسبب وراء ذلك هو التوظيف السياسى الذى حاول الكثيرين إقحامه على السيناريو الخاص بى والذى استعنت من خلاله بالكثير من المصادر الموثوق فيها التى أذكر منها كتاب معالم فى طريق كفاحنا الإسلامى الحديث لمحمد الغزالى، وعلى الرغم من جميع التشكيكات التى حاول البعض إقناعى بها بأن محمد الغزالى صاحب هذا الكتاب لا يمت بصلة إلى محمد الغزالى الذراع الأيمن لحسن البنا إلا أنى أصررت على موقفى وما اعتمدت عليه من مصادر و أتممت الجزء الأكبر من مشاهد تصوير العمل ولم يتبق الآن إلا ما يقرب من الخمس ساعات فقط، وسوف يتم الانتهاء منها ولكن بالاستعانة بمخرج آخر خاصة بعد وقوع بعض الأخطاء الإخراجية من خلال المشاهد التى تم الانتهاء بالفعل من تصويرها والتى قد نضطر إلى إعادة تصويرها من جديد.
∎ ماهر لا يغازل «خيبر»
فى الوقت الذى تم ترشيحه وبقوة للقيام ببطولة مسلسل خيبر من خلال دور أحد اليهود الذى يدعى الحارث والذى يحمل بداخله الشر تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان نجمنا الكبير أحمد ماهر يعيش بداخله شهورا قام بترجمته لنا من خلال الأسطر القليلة التالية: «شىء محزن أن تكون هذه هى النهاية فمجرد وجود الإمام الغزالى العام الماضى جعلتنا نشعر أن الوضع مستتب ولكن أن نفاجأ بأن هذا العام سوف يمر شهر رمضان الكريم دون أن يخرج المشاهد من خلال هذه الأيام الروحانية بمعلومة فى صميم تاريخ إسلامنا المجيد يزيد من الأمر مرارة، فنحن نمر بارتباك اقتصادى واضح انعكس مخزونه على عجلة الإنتاج لتكون النتيجة ركوداً لا نملك سوى أن ندعو بأن تمر هذه المحنة على خير لتعود الحياة إلى مجراها الذى المتدنا عليه فعلى الرغم من سعادتى بالمشاركة فى عمل ضخم مثل خيبر إلا أننى كنت أتمنى أن نجد له منافسا دراميا من إنتاج مصرى.
∎ الأميرة ذات الهمة
«خطأ لن يغفر لنا على مر الزمان فمصر كانت دائما صاحبة الريادة فى الإنتاج الفنى الذى يمثل مصدرا من مصادر الدخل القومى، فاليوم تحولت مصر من منتج إلى مستورد هكذا بدأ الكاتب محمد السيد عيد حديثه عن أحدث مشاريعه الدرامية بعنوان الأميرة ذات الهمة، والذى أضاف قائلا: «بعد الغزو التركى الذى من منظورى الخاص لا يليق بريادة هذا الوطن فى الفن، الغريب هو التزام الصمت والاستسلام للأمر الواقع حتى وصلنا إلى مفترق الطرق فهذا العام ستغيب عنا الدراما التاريخية الدينية، فالعام الماضى تراضينا أن هناك عملاً واحداً يمثل مصر فى الدراما التاريخية الدينية وهو الإمام الغزالى، أما هذا العام فقد حرمنا حتى من هذا العمل، ففى الوقت الذى تم فيه تأجيل مسلسل، طلعت حرب، تم أيضا تأجيل مسلسل الأميرة ذات الهمة الذى انزعجت بشكل متضاعف بعد قرار تأجيله وهو مسلسل يسرد قصة حياة إحدى أميرات التاريخ الإسلامى القديم التى تحمل اسم «الأميرة ذات الهمة»، للمخرج إبراهيم الشوادى.
∎ ليسوا هم صناع العمل الدينى
والمخرج إبراهيم الشوادى هذه هى المرة الأولى التى سيجلس من خلالها على مقعد المشاهد خلال شهر رمضان منذ عشرين عاما كما أكد خلال حديثه: بعد تأجيل مسلسلى «الأميرة ذات الهمة» «وطلوع الشمس» إلى العام المقبل لا مفر من هذا المصير الذى تقبلته وأن كنت أشعر ببعض الذنب تجاه الأجيال القادمة التى فى حاجة إلى أعمال كثيرة تلتف حولها، ثرية بالكثير من المعلومات عن تاريخ الإسلام بكل شخصياته وغزواته وإنجازاته فقد كنت سعيدا بعرض «الإمام الغزالى» العام الماضى، وكنت أتمنى التواجد أيضا هذا العام، ولكن للأسف لم يحدث وللعلم هذا الوضع المضطرب الذى تشهده الدراما اليوم ليس وليد اللحظة، لأننا ببساطة لم ننتج العام الماضى حتى ننتج هذا العام وأنا هنا أتحدث عن الجهات المنتجة التابعة للدولة , فأنا أتمنى أن يتم مراعاة ذلك خلال الاعوام المقبلة حتى لا نسمح لمن يسعوا نحو هدم الفن المصرى أن يحظوا بما يتمنوان فقد فشلوا فى فرض الدراما السوريه حتى جاءوا بالدراما التركية، فالكثير من الشركات المصرية الآن تركت الإنتاج حتى تقوم بدبلجة تلك الأعمال لمجرد محاربة الدراما المصرية، وهذا لا يليق بقيم المجتمع فنحن جميعا مسلمون حتى قبل أن يتولى حكمنا الإخوان المسلمين، وهذه حقيقة لا يجوز لأحد القيام بتشكيكها فالبعض قام بربط هذا التحول المفاجئ بالدراما خاصة الدينية، ولكننى ببساطة أؤكد أنه لا يجوز النظر إلى التيار الحاكم إلى كونه صانعاَ للعمل الدينى فالعمل الدينى موجود منذ مئات السنين وليس هو وليد حكم ما.
∎ أسماء
وتقول النجمة صابرين عن مسلسل «أسماء»: «بالتأكيد كنت أتمنى تقديم شخصية السيدة أسماء بنت أبى بكر هذا العام ولكن للأسف لم نوفق وقد تم تأجيل العمل وأنه لأمر مؤسف لأننا بهذا الشكل لن نحظى بعمل دينى خلال شهر رمضان القادم، وهذا الاختفاء المفاجئ للدراما الدينية أمر محزن وخطير بالتأكيد.
∎ ولكن!!
فى الوقت الذى يغيب فيه الفنان محمد رياض نجم المسلسلات الدينية فى العشر سنوات الأخيرة وآخرها مسلسل الإمام الغزالى العام الماضى.. بعد فقدان الأمل فى تقديم عمل من وجهة نظره على نفس مستوى الإمام الغزالى، والشعور بالأسف من المرحلة التى وصلت إليها عجلة الإنتاج والتى تسببت فى حالة من الدهشة لدى فناننا الذى دعا أن تزول المحنة فى القريب العاجل، كان نجمنا الكبير يحيى الفخرانى يواصل تسجيل حلقات مسلسله قصص النساء فى القرآن، ومن جانبه قال: «من جهة تواجد العمل الدينى هذا العام فقد حرصت على تقديم الجزء الثالث، وهو مسلسل قصص النساء فى القرآن بعد تقديمى للجزءين الأول والثانى وهما قصص الإنسان فى القرآن وقصص الحيوان فى القرآن والحقيقة إننى سعيد بالنجاح الذى حققه كلا الجزءين ويارب ينال الجزء الثالث النجاح نفسه. من جهة أخرى شرعت مدينة الإنتاج الإعلامى فى تنفيذ مجموعة من الأعمال الدرامية من نوعية نظام الثلاثية الأبعاد اعتمادا على الاستخدامات الحديثة فى مجال الجرافيك من هذه المسلسلات مسلسل «الإسلام فى 41 قرنا» بالاشتراك مع شركة صوت القاهرة وهو مسلسل من التراث الإذاعى يحكى قصة الإسلام منذ نزول الوحى على الرسول والبطولة الصوتية للفنان الراحل حمدى غيث والفنانة القديرة سميحة أيوب.
هذا ومن جانبه فقد أكد عادل ثابت رئيس قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى أن الأعمال الدينية التى تم التقدم بها إلى قطاع الإنتاج، فإن الظروف المالية التى يمر بها القطاع لم تسمح بإمكانية إنتاج هذه الأعمال خاصة أن التكلفة الإنتاجية لهذه النوعية من الأعمال تكون ضخمة بخلاف أى أعمال أخرى، وللأسف تم تأجيلها بشكل نهائى، ولكن فيما يخص مسلسل «أسماء بنت أبى بكر» فالأمر هنا يختلف لأن تأجيل العمل يعود إلى سببين لا ثالث لهما، الأول الخلاف القائم حتى الآن بين مؤلف العمل والرقابة حول بعض النقاط الخاصة بالسيناريو والتى تتناول الفتن الطائفية بين المسلمين فى هذا التوقيت، مما اضطرنا أن نقوم نحن بإخطار الأزهر الشريف لمعرفة رأيه خشية منا فى إثارة مشاعر المواطنين فى ظل الظروف التى نمر بها الآن وإلى الآن لم يصلنا رد رسمى من قبل الأزهر للفصل فى الأمر، لكن فى حين تمت الموافقة على إنتاج العمل سوف نبدأ فى التجهيز له عقب شهر رمضان مباشرة للحاق بموسم دراما رمضان 4102.
أما فيما يخص أبعاد الأزمة المالية التى يمر بها قطاع الإنتاج فقد أضاف قائلا: مازلنا فى انتظار قرار وزارة المالية بشأن إيجاد حلول قطعية للأزمة المالية الراهنة، خاصة أن هذه الأزمة ليست وليدة هذه الأيام، لكن مع انتهاء الأعمال الدرامية التي تضمنتها الخطة الإنتاجية للعام الماضى بدأت الأزمة تشتد حتى إن التمويل الذى نحصل عليه من وزارة المالية أصبح غير كاف لإنتاج أى أعمال جديدة ولا لسداد مستحقات العاملين بهذه الأعمال الدرامية، فقد تم تخصيصه لسداد المرتبات الخاصة بالقطاع فقط، لكن مازال لدينا الأمل أن يتم حل الأزمة قريبا ونستطيع سداد جميع المستحقات المتأخرة والبدء فى استعادة نشاط من جديد.