يتزوج الإخوان على طريقة زواج الصالونات حين يتقمص مسئول الأسرة دور «الخاطبة» ويرشح قسم الأخوات إحداهن ليراها أحد شباب الإخوان، فيحل المسجد محل النادى والدرس الدينى بديل المطرب، وفى شهرين تدق دفوف الزفاف لتعلن عن زيجة إخوانية جديدة، وهذا على المستوى العام، أما زواج القيادات فله بعد أكثر تنظيما وتقديرا، حيث تحدده المصالح والاتفاقيات بين أولياء طرفى الزيجة. فى حوارى معها الأسبوع الماضى أكدت لى شقيقة الرئيس السيدة عزة هى الأخرى أن الإخوانى من الأفضل له أن يتزوج إخوانية وبسؤالى لها عن غير الإخوانيات كانت إجابتها بأن عليهن انتظار النصيب أو الانضمام للجماعة.
قبل أن نبدأ فى استعراض خريطة زواج الفتيات على الطريقة الإخوانية إليكم تجربة شخصية كدت أفوز فيها بالعريس اللقطة لو كنت وافقت على الشرط وهو الانضمام للجماعة.
عريس لقطة عريس فى 24 ساعة.. كانت هذه تجربة واقعية تقدم لى فيها عريس إخوانى ومن ميدان التحرير «ثورى»! ففى أثناء متابعتى لأحداث الميدان فى مليونية الإخوان حول الدستور المكمل كنت قد انضممت إلى فريق النساء والمتمركز حول جامع عمر مكرم وأمام مجمع التحرير لارتفاع درجة الحرارة وشدة الزحام وجلست أمام المجمع مباشرة، وبعد مرور ما يقرب من ربع ساعة فوجئت بفتاة فى بداية الثلاثينيات من عمرها ترتدى حجابا طويلا يصل إلى ركبتيها وبلوزة وجيب طويل وقفازين فى يديها، تقترب منى فى فضول وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة وهى تسألنى عن مشاركتى فى المليونية فقلت لها: كنت موجودة بالصدفة! فنظرت لى وقالت: والا أنت من بتوع 6 أبريل! و الا لأ، شكلك هادية.. فقاطعتها: بأننى لا أنتمى لأى أحزاب، وهنا زادت ابتسامتها وقالت: أنا أختك علا فرددت عليها بابتسامة، ثم قالت: إيه رأيك تنضمى معانا فى حزب الحرية والعدالة؟ فقلت لها ببساطة أنا مش عايزة أغير لبسى ولا فكرى، فقالت: وإيه يعنى لما تغيرى لبسك وتكسبى حاجات كتير وأولها عريس ملتزم متدين. فنظرت إليها مستنكرة، ولما وجدت اختفاء الابتسامة عن وجهى قالت: ياحبيبتى لبسك الحشمة علشانك مش علشان حد والالتزام ده نعمة من عند ربنا وأنا كنت زيك كده من خمس سنين «متبرجة» لحد ما ربنا أنعم علىَّ بزوجى وبالجماعة. وعندما سألتها عن كيفية التعرف بزوجها قالت: أنا اتخرجت من الجامعة منذ أكثر من عشر سنوات من كلية آداب قسم لغة إنجليزية، ولكن لم أوفق بالارتباط حتى وصلت إلى السادسة والعشرين وهنا كان دور زوجة عمى «وهى منضمة إلى جماعة الإخوان من 21سنة وتتولى الآن تربية الفتيات الصغيرات والمقبلات على الزواج»، وقد عرضت على الارتباط بأحد شباب الإخوان ولكن قبلها الانضمام إلى الجماعة وترددت قليلا إلا أنها أخبرتنى بضرورة ذلك لبناء مجتمع إخوانى صالح، وقد وجدت أنها فرصة جيدة خاصة أن أسرتى ملتزمة وأخى وهو معيد بالجامعة عضو بالجماعة منذ أن كان طالبا فوافقت وتم الزواج بعد شهرين. وأين كان اللقاء الأول لتعارفكما؟ - تم تحديد موعد وكان بالمسجد بحضور مسئول الأسرة وأنا والشاب ولم يتعد اللقاء خمس دقائق، حيث نظر إلى ثم انصرفت وكانت زوجة عمى فى انتظارى بالخارج. وليه لازم زوجة إخوانية؟ - زوجة عمى أخبرتنى أن الأصل فى الجماعة أن يتزوج الإخوانى من أخت لأن هذا هو الفكر المطبق من أيام حسن البنا وللحفاظ على مجتمعنا الإخوانى من الآفات الأخلاقية والاجتماعية المنتشرة الآن. ولما بدأ الحديث بيننا يأخذ شكلاً أكثر تآلفا وجدتها تسألنى بعد أن نظرت إلى يدى إذا كنت مرتبطة، فأجبتها بالنفى. فازدادت ابتسامتها وقالت إن شاء الله خير، ثم قالت إيه رأيك فى عريس جاهز؟! دكتور فى الجامعة ومحترم ونفسه يرتبط ببنت جميلة وملتزمة فقلت لها: لكن أنا مش ملتزمة زيك!. ياحبيبتى أنا ارتحت لك من البداية ومعجبة بشخصيتك وبالنسبة للبسك أكيد أنت اللى هتغيريه بعد كده وعلى العموم أنت على بداية طريق الصواب. ∎ فسألتها وأنا أضحك ومين العريس ؟ - فقالت وهى تشير الى شاب يبعد عنها قليلا.. أخويا! وكانت ستناديه إلا أننى منعتها. ∎ فقالت إيه رأيك فيه؟ - وللحقيقة كان شابا وسيما يبدو عليه الالتزام والجدية إلا أننى لم أجبها على سؤالها، لأنى لم أكن مستوعبة للموقف أساسا وأمام إلحاحها «بأنى عروسة لقطة» وعدتها بالتفكير فى الموضوع وأعطتنى رقم هاتفها للرد عليها. ثم سألتها عن عملها الحالى فقالت: أنا بعلم الأطفال اللغة الإنجليزية وتحفيظ القرآن وأساعد فى تزويج الفتيات. ∎ إزاى؟ - يعنى بنشوف البنات اللى عندنا فى الجماعة وفى سن الزواج وبنعمل حصر لأعدادهن وأعداد الشباب غير المتزوج عندنا ويتم التوفيق بينهم. ومن يتولى هذا التوفيق ؟ - يقوم قسم الأخوات بالجماعة بمهمة التقريب بين العائلات والتعرف على بعضها البعض. فقاطعتها: يعنى خاطبة إخوانية! فقالت ضاحكة: نعم هو أشبه بدور «الخاطبة»، حيث نسعى إلى تزويج شباب وبنات العائلات الإخوانية، وشباب وفتيات الجماعة لأن هذا يؤدى إلى التماسك داخل التنظيم نظرا لوحدة الفكر والإيمان بنفس المبادئ التى نسير عليها، وكذلك تأهيل المقبلات على الزواج. ثم أضافت قائلة: وأختى الصغرى كذلك تزوجت بنفس الطريقة حيث ذهبت معها إلى المسجد وكان فى انتظارنا الأخ محمد المسئول عن الشباب ومعه شاب فى انتظارنا وبمجرد اللقاء الذى يعد فى أغلب الأحيان خطبة يتم بعدها التجهيز للزواج.
وعندما سألتها عن التوافق النفسى والعاطفى بينهما والذى لم يتحدد بالطبع فى لقاء «ال5 دقائق». أجابتنى فى حدة «ربنا بيوفق الصالحين للصالحات» ثم قالت فى سخرية: على الأقل مضمون، مش أحسن من حد يضحك علينا من شباب البناطيل المسقطة!
شجرة زواج الإخوان
تعجبت كثيرا من حديثها عن تداخل العلاقات الاجتماعية داخل الجماعة وبسؤال المتخصصين وجدت أن ظاهرة الزواج الإخوانى، والتى تمثل شبكة عنقودية من المصاهرات والزيجات قد بدأ تأسيسها بين القيادات التنظيمية لدعم العلاقات بين أفراده، خاصة فى الفترة التى زامنت وجودهم فى السجن، حيث أتاحت لهذه القيادات تكوين شبكات مصاهرة كان لها دور كبير داخل وخارج السجون. فمن مكتب الإرشاد حيث محمد مهدى عاكف المرشد السابق وزوجته وفاء عزت وهى شقيقة محمود عزت أمين عام الجماعة سابقا حيث ربطت عاكف وعزت علاقة «زميلى زنزانة» فى قضية تنظيم سيد قطب سنة 1956والتى خرج منها عاكف من السجن 1947 وعمره 45سنة، و رغم فارق السن بين عاكف وزوجته الذى يصل إلى 20عاما، لكن تمت الزيجة وسط مباركة الجميع.. حيث كان يعرف عزت بنفوذه داخل الجماعة حتى يقال إنه كان مرشدا «ثانيا» مع عاكف أثناء كونه مرشدا للجماعة.. أما عن شقيقة محمود عزت الثانية فاطمة فقد تزوجت هى الأخرى من قيادى إخوانى وهو د. محمود عامر. أما دكتور عصام العريان أحد قيادات الإخوان ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة، فهو صهر الدكتور صلاح فضل الإخوانى البارز داخل هذا التنظيم، حيث إن ابنته تزوجت من الدكتور أحمد مصطفى أحد القيادات الإخوانية الشابة داخل نقابة الأطباء.. أما عن المصاهرة الأقوى داخل مكتب الإرشاد فكانت بين خيرت الشاطر النائب الثانى للمرشد وبين محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد والذى تزوج شقيقة الأول. وهى نفس المهمة التى مررت إلى بنات الشاطر، حيث اقترن جميعهن بقيادات إخوانية ومنها الزهراء الابنة الكبرى لخيرت وهى زوجة للقيادى الإخوانى المهندس أيمن عبدالمنعم. بينما تزوجت ابنته خديجة بالصيدلى خالد أبوشادى وهو قيادى بقسم نشر الدعوة وابن القيادى الشهير أحمد أبوشادى مسئول قسم مدينة نصر أحد أهم أقسام الجماعة.
أما سارة الابنة الصغرى لخيرت والتى عقد قرانها رغم أن زوجها كان فى السجن حيث تزوجت بالشاب المهندس حازم ثروت. أما حسن مالك رجل الأعمال الإخوانى والملقب ب«تاجر» الإخوان فمتزوج بجيهان عليوة شقيقة رجل الأعمال الإخوانى محمد عليوة صاحب شركة الحجاز لتوظيف الأموال، كذلك مصاهرة عائلتى أبوالفتوح والزعفرانى، فشقيقة أبوالفتوح هى زوجة للدكتور خالد الزعفرانى القيادى الإخوانى السابق وابن عم إبراهيم الزعفرانى القيادى الإخوانى السابق. أما عن أعضاء الجماعة فقد تزوج ياسر ابن محمود حسين عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وأمين عام الجماعة بسارة ابنة محمد على بشر عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان. أما سكرتير مكتب الإرشاد السابق إبراهيم شرف فقد تزوج بمكارم الديرى بفضل علاقته الوثيقة بعمها الدكتور ممدوح الديرى أحد قيادات تنظيم سيد قطب، أما شقيقة مكارم الثانية فهى زوجة القيادى الإخوانى إمام غيث والذى كان زميلا لعمها أيضا فى قضية تنظيم سيد قطب.
وأخيرا وليس بآخر مصاهرة عصام سلطان رئيس حزب الوسط لعائلة حسن الهضيبى المرشد الثانى لجماعة الإخوان المسلمين إلا أنه بعد خروجه عن الجماعة استقالت زوجته منها، حيث كانت إحدى المسئولات عن قسم الأخوات بالجماعة.
كما أكد لى مصدر بحزب الحرية والعدالة بالجيزة بأن هذا الأمر معمول به منذ الأربعينيات، حيث أدت العلاقات الوطيدة بين أفراد الجماعة قبل أن يصبحوا قيادات فى معتقلاتهم إلى وجود علاقات نسب فيما بينهم، وهذا ساعد على شد أزرهم، فالتى كانت تشكو من سجن زوجها كان أخوها رفيقه فى نفس الزنزانة، ومن ثم تم الحفاظ على هذا الهيكل الاجتماعى والذى نجح فى تكوين ما يسمى بالكيان التأسيسى والتنظيمى للجماعة، لذلك كان من الأفضل عقد هذا القرأن بين شباب وفتيات الجماعة.
وحول البحث فى مدى الجدية والالتزام فى زواج الإخوانى من إخوانية وإذا ما كان سيستمر هذا الوضع بعد أن أصبح الإخوان فى سدة الحكم وأكثر انفتاحا على المجتمع، فهل ستلقى أفكارهم نفس هذا الانفتاح أم ستظل مقيدة بحجاب الجماعة. وهذا ما سيجيبنا عنه الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين والمنفصل عن الجماعة والذى أكد أنه ليس مصاهرا لأحد من الإخوان وأضاف ضاحكا: لما اتجوزت سنة 1986لم أكن من الإخوان ولا زوجتى إخوانية، ثم أوضح قائلا: تعد علاقات الزواج والمصاهرة داخل الجماعة عقد حياة وليس زواجاً، حيث إنه فى عهد الدولة البوليسية القمعية وإحكام القبضة الأمنية الحديدية على الجماعة وتعرضها للحصار والتضييق والاعتقالات، فكان لابد لزوجات هؤلاء أن يكن على قدر المسئولية والفهم لما يحدث، لذلك كان يفضل أن تكون الزوجة من إحدى العائلات الإخوانية حتى تكون على نفس الفهم والفكر، وبالتالى تستطيع أن تتعايش معه وتؤمن بما يقوم به. فلا يصيبها الضجر واليأس. ثم أكد الدكتور محمد حبيب على توضيح مقولة زواج الإخوانية أفضل من غيرها بأنه غير صحيح إلا فى تفهمها للوضع السابق.
ولكن الآن ليست هناك اعتقالات، فهل تعتقد أن الفكر الإخوانى سيتحرر له من قيود هذه الأفكار حول استمرار أفضلية زواج الأخت للأخ داخل الجماعة؟
الأفضل للإخوان أن يتحرروا من هذه الأفكار لأن زواج الإخوان من خارج إطار الجماعة سيساهم فى توسيع دائرة الدعوة وسيساعد على الاحتكاك بدوائر أكثر تفتحا ووسطية واندماجا مع جميع العناصر الاجتماعية، حيث إنه فى ظل الحريات ومناخ الثورة الذى فتح الباب على مصراعيه أمام الإخوان من رئيس وحكومة قادمة وبرلمان سابق لم يعد ملحا للإخوانى زواج إخوانية تشاركه همه.