"لحظة قوة هنعيشها مع بعض كلنا لازم نشارك فيها"، فالمسلم والمسيحي يد واحده علي مر العصور. صداقتنا واحدة وهمومنا واحدة وامالنا واحدة هذه كلمات بسيطة عبر بها اسحق حنا مهندس ديكور عن صداقته الوطيدة بعشرات المسلمين حتي انه يشارك معهم حلم الدولة المدنية التي لم تعرف الفرق في الديانة في جمعية تحيي تراث فرج فودة وترفع شعار التنوير. يؤكد اسحق أنه ترعرع علي مفهوم الوحدة الوطنية فلقد كان والده من الاعيان المثقفين المهتمين بحل مشاكل أبناء القرية من المسلمين والمسيحيين بسمالوط ولم يعرف يوما التفرقة بينهم واستمرت مفاهيم المواطنة بداخلي، حتي بدأ دوري في تربية أبنائي شادي وميريت ونجحت في تنشأتهم اسوياء لا يدركون معاني الفرقة والفتنة متشبعين بالحس الوطني وليس غرس اختلاف الاديان وأتذكر أن ابني شادي سألني عندما كان في السادسة من عمره انا ايه؟ وذلك بعد سخرية احد من اصدقائه فما كان مني الا ان اؤكد له اننا مسيحون نصلي بالكنيسة وهم مسلمون يصلون في الجامع وكلانا يقول يا رب وكلانا مؤمن بالله وان الفضائل البشرية هي الاهم وان الانسان الفاضل هو من يتصف بالامانة والاخلاق. علي الجانب الآخر فلدي عشرات الاصدقاء من المسلمين وقد كان لي صديقة عزيزة كنت اشتري لابنائها الصغار الكتب الاسلامية وكنا نتشارك الذهاب للمنتزهات ويكفي انها تقول لي انك من ربيت وثقفت ابنائي، واعتز بصداقة الكثيرين، لعل اقربهم الي قلبي عم سعيد العامل البسيط الذي كنت اشتري منه مستلزمات عملي في النزهة الجديدة في احدي العقارات التي كنت اصمم فيها الديكور ورغم انتهاء العمل منذ 5 سنوات الا ان المعايدات والصداقة استمرت في الاعياد وذلك لما لقيته فيه من صدق وأمانة. أما عم مرسي فلقد تعارفنا اثناء تصميمي لديكور منزل احدي الاميرات من دولة عربية وكان عمله ان يلازمها ولقد وجدته يحبني جدا ويتواصل معي وعندما اختلفت مع هذه الاميرة وانسحبت من العمل معها رغم ربحه الكبير بسبب غرورها والتعالي في تعاملها مع المصريين لذا اصررت علي اعطائها درساً علي كرامة المصري واعتبرت نفسي امثل مصر بعلوها وشامتها وانسحبت رغم خسارة مبلغ كبير ولقد ذهلت من رد فعلي فما كان من عم مرسي الا انه حياني قائلا لي :لقد رفعت رأسي" وعلي الرغم من مرور 6 سنوات علي هذا الموقف الا انه يداوم الاتصال بي والمعايدة فهذه علاقات تختلف بين مسلم ومسيحي وهل سبق أن فكرنا قبل صداقتنا في الاديان فالوطن اكبر من هذه الاسئلة. اما الاقرب الي قلبي فهو ايهاب يحيي التي بدأت اخوتنا عندما كنا زملاء في كلية الفنون التطبيقية ورغم تخرجنا منذ 31 عام الا ان علاقتنا دامت وتأصلت ولقد اثرت في كلماته لحد البكاء عندما اتصل بي في العيد منذ ايام معتذرا ومواسيا لي وقائلا "يعجز لساني عن المعايدة او الاسي" فما كان مني الا ان قلت ايه ذنبك ؟فكلنا مشتركون في اللوم والاسي فلقد تركنا جميعا البوم يزعق في ثنايا الوطن ولكننا مؤمنين ان المسلمين معا قلبا وقالبا ولاداعي للتبربر او التأكيد علي الصداقة فنحن نأكل ونشرب مع بعض وتشاركنا الآمال والطموحات مع الشباب ورغم اختلاف العمل الا أننا اشقاء. من جانبه أكد د. ايهاب ان صداقتي باسحق وطيدة علي الرغم انه التحق بقسم الديكور وانا اخترت المنسوجات واكملنا المسيرة في الدراسات العليا واكثر ما اعجبني فيه انه يقول رأيه ببراءة دون نفاق، او ازدراء، كنا كالجسد الواحد ولفت انتباهي انه كان يتمني لي الخير ويحبني كحب الاخ ولذا فأنا ارفض مقولة عاش الهلال والصليب فهي مستهلكة رغم اهميتها لاننا كإخوة ولا نتعامل بمنطق الاديان لانها ليست الاساس في الصداقات الانسانية القائمة علي الحب الحقيقي فأنا لايهمني في اختيار الصديق الا الشخصية فإسحق جاد، طيب، ملتزم وعلي الرغم ان دوامة الحياة التي تجرفنا كثيرا، الا انه كثيرا ما يتذكرني ويمد لي يده وكثيرا ما اتذكره في اي لحظة بحب. واتفقا اسحق وايهاب ان الاديان ليست معيار اختيار الصداقه وانما تبقي المعادن الاصيلة المحبة والمتآخية بعيدا عن الشعارات الرنانة. ويستفيض اسحق بقوله انه لا توجد خلافات او احتقان بين المسلمين والمسيحيين كما يردد البعض ولكن لابد من خلق قضايا مشتركة حتي تظل الوحدة الوطنية بيننا ولا يجب تدعيم فكر المجموعات المستقله المكتفية بذاتها والتي تقوم علي أساس حزبي أو ديني أو حتي اجتماعي وعلينا تدعيم حالة الحب والشجن ولا تكون في المناسبات فقط. واقترح اسحق انه يمكن التجمع في اعمال الجمعيات الخيرية مثلا وفي الرحلات والتي لا يجب ان تقوم بين مسيحيين فقط او مسلمين فقط كذلك تعد الموالد الشعبية اهم مظهر للتجمع معا فعلي الرغم انها اخذت شكلا ومظهرا دينيا الا انها مظهر حقيقي لمصر والتي تدل علي اصالة الشعب المصري فأنا دائما ما احضر مولد السيدة زينب، وهناك مسلمون عدة يحضرون معي مولد السيدة العذراء في جبل الطير بسمالوط. وأكد اسحق أننا علي الرغم ان تربيتنا كانت قومية وعلي اساس وطني لم نخرج كجيل ملحدين ولكننا كجيل تديننا اكثر من الجيل الحالي الذي اهتم بالدين الشكلي ولكنهم ذوو ارضية ثقافية جوفاء فارغة، وانتقد اسحق الاعلام والتعليم التي لا توحد بين الاديان وتمحي رموزنا الكبيرة مثل محمد فريد وطلعت حرب والذين اضافوا وتركوا بصمة للوطن وعلينا غرس هذه المفاهيم في نفوس الاطفال وأنا كمثقف أرفض كلمات الهجوم علي المصر لان شعبها واحد وجميل ومتآخٍ حقيقة ويؤكد اسحق انني عند متابعة اي خبر او قضية حيوية اتابعه في الجرائد القوميه وجرائد الحزب الوطني وأخيرا المعارضة حتي يمكنني تفهم حقيقة الموضوع وعدم الانسياق وراء الإثارة عن جهل. وأخيرا علينا الاحساس بالوطن كقيمة اكثر من الاهتمام بالعبادات الصماء وعلينا الا نختصر الانسان في مظاهر وتحولنا جميعا لوعاظ ودعاة ونقذف بعض بتهم الخروج من الدين والتطرف دون وعي بخطورة هذه المفاهيم علي الوطن.