شاهدنا في الأفلام القديمة عصابات التسول وهي تحدث عاهات للاطفال حتي ينالوا تعاطف المحسنين.. إلا أن أبناء عروس البحر لم يعدوا يرون تلك المشاهد في السينما فقط خاصة بعد انتشار اعداد كبيرة من المتسولين المعاقين في شوارع وسط البلد بل وسيطرتهم علي جنبات محطة الرمل والمنشية. "روز اليوسف" التقت بالمتسولين والمسئولين وخبراء حماية وتأهيل الطفل لرصد انتشار الظاهرة في الإسكندرية. خميس "أحد المتسولين بمحطة الرمل" يقول إنه فقد ساقيه تحت عجلات الترام وهو في الرابعة عشرة من عمره حيث كان وقتها يعمل "صبي ميكانيكي سيارات" إلا انه لم يجد عملاً بعد بتر الساقين وبقي طريح الفراش في منزله حتي توفي والده الذي كان يعول الأسرة فلم يجد أمامه سوي التسول للانفاق علي نفسه. أضاف: لم يكن سهلا في البداية ان اتسول حيث كنت اعود للمنزل مساءً وابكي من الحسرة والالم خاصة مع نظرات الشفقة التي كنت اشاهدها من المارة.. ولكن بمرور الأيام أصبح الموضوع سهلاً بعد ان تحول الي مهنة بالنسبة لي. وأشار "خميس" إلي أنه سمع عن معاش التضامن الاجتماعي للمعاقين والذي لا يتعدي ال 75 جنيهاً تصرفها التضامن للمعاق متسائلاً : هل يكفي هذا المبلغ لشراء «العيش الحاف» وارجعت د.إيمان عبد الحكيم استشاري العلاج النفسي سبب انتشار الظاهرة الي تقصير المسئولين والمجتمع تجاه المعاقين حيث يتحولون الي متسولين عندما يشعرون بالتجاهل ونظرات العطف مؤكده ضرورة التعامل مع المعاق بطريقة تشعره بالتقدير مع توفير فرص عمل لهم خاصة في ظل عدم قدرتهم علي البحث عن عمل مثل الشخص السليم. وأشارت "عبد الحكيم" إلي أن المعاقين يلجأون الي التسول عندما تغلق جميع ابواب الرزق امامهم خاصة مع عدم الالتزام بتعيين نسبة ال 5% معاقين في المصالح الحكومية فضلا عن تجاهل المؤسسات المهتمة بالمعاقين لمشاكلهم الخاصة بتركيب الاطراف الصناعية التي تجعلهم قادرين علي التغلب علي اعاقتهم موضحة، وجود فروق فردية بين المعاقين حيث يرفض الكثير منهم امتهان التسول. ويعترف د. هاني موريس مدير قطاع حماية وتأهيل الاطفال المعرضين للخطر بجمعية "كاريتاس" بعدم وجود استرايتجية واضحة للتعامل مع حالات الاعاقة علي الرغم من انتشار مراكز التأهيل المهني للمعاقين إلا أن برامجها لا تتناسب مع حالات الاعاقة المختلفة فضلا عن عدم استطاعتها اعطاءهم فرص التأهيل الكاملة وفرص العمل المناسبة. ولفت "موريس" الي ان برامج التأهيل النفسي غير متكاملة وتفتقد لسياسة محددة موضحاً أن وزارة التضامن الاجتماعي توفر معاشا وتحدد نسبة 5% لعمل المعاقين بالمصالح الحكومية ولكن تلك القوانين لا يتم تفعيلها وفي حالة تشغيلهم يتم تعيينهم دون النظر لحقوق المعاق وواجباته بعكس مراكز المعاقين في الدول المتقدمة التي توظف امكانياتهم في العمل بصناعة الملابس والالكترونيات. وقال "مدير قطاع الحماية" إن المجتمع يحول المعاقين الي متسولين لاصراره علي النظر اليهم ب"شفقة" بدلا من معاونتهم علي اكتساب مهارات وتأهيلهم نفسيا ليعتمدوا علي انفسهم. من جانبه أكد الدكتور محمد الحلواني وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالإسكندرية علي وجود 30 دارًا لرعاية المعاقين بالمحافظة موضحاً انها تقبل المعاق في اي سن مراعاة لظروفه وتبذل اقصي امكانياتها لتوفير الرعاية والمساعدة لهم. وأشار "الحلواني" إلي أنه تم توزيع 20 موتوسيكلا مجهزا للمعاقين حركيا ومن بينهم سيدتان وذلك وفقا لاختيار اللجان الطبية حيث يصل ثمن الدراجة البخارية الواحدة إلي 6 آلاف جنيه سدد المعاقون ألفاً فقط منها حتي يشعروا بملكيته ويحافظون عليه. وعن التسول بالإعاقة.. قال وكيل الوزارة أن المديرية تعاونت مؤخرا مع جمعية الحرية التي يرأس مجلس إدارتها المستشار محمد الجندي لرعاية المتسولين وتعليمهم حرفًا إلا أنهم يهربون من التدريب بعد فترة وجيزة ويعودون للتسول ويستخدمون إعاقتهم لاستعطاف المواطنين. وأوضح "الحلواني" أن إعادة تأهيل المعاقين يحتاج الي معالجة نفسية في البداية خاصة في ظل وجود طاقات كامنة بداخلهم تحتاج الي مجهود من أسرهم لاكتشافها وتوظيفها.