أبدي سعد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، تخوفه من تحول نجيب محفوظ إلي وثن نقدسه، وقال في الندوة التي عقدت مساء الخميس الماضي بمكتبة مبارك العامة بالجيزة: ألاحظ أن الندوات التي تعقد حول نجيب محفوظ، تدور في معظمها حول إيجابياته ومميزاته، وآمل ألا يتحول إلي شيء مقدس، لأنه في النهاية مشروع إبداعي به الجوانب الإيجابية والسلبية معا. الندوة جاءت تحت عنوان "نجيب محفوظ ورواية الأجيال"، وهي كما قال الناقد حمدي سليمان باكورة احتفالات الهيئة بمحفوظ، والتي تستمر لمدة عام كامل، واصفا مشروع محفوظ الأدبي بأنه يوازي مشروع سيدة الغناء العربي أم كلثوم والمثّال محمود مختار. وتمني الناقد الدكتور مصطفي الضبع، أن تجمع الدراسات التي يتم إلقاؤها في الندوات الخاصة بنجيب محفوظ علي مدار السنة وتنشر في كتاب أو تنشر علي موقع هيئة قصور الثقافة الإلكتروني، وقال: محفوظ يحتاج لأكاديمية تعمل عليه، بعد قتل فكرة متحف نجيب محفوظ وهي مازالت في مهدها، وهناك تقصير من الجامعة المصرية في تناول محفوظ علي مستوي الرسائل العلمية التي لم تتعد 30 رسالة، وبعض هذه الرسائل ليست صالحة للنشر. في ورقة بعنوان "رواية الأجيال من الجد إلي آخر الأحفاد.. علامات التقارب والتفارق بين ثلاثية محفوظ وملحمة السراسوة لأحمد صبري أبو الفتوح"، تحدث الروائي قاسم مسعد عليوة مؤكدا وجود قواسم مشتركة بين كل من "الثلاثية" و"ملحمة السراسوة"، قائلا: "الثلاثية" هي أول "رواية أجيال" في اللغة العربية، أما "ملحمة السراسوة" فهي آخر هذه الروايات، ومؤسس "الثلاثية" هو السيد أحمد عبد الجواد المديني، أما مؤسس أسرة السراسوة فهو سيد أحمد السرسي الريفي، وكل من العملين يرصد تعاقب الأجيال في أسرة مصرية، وتتميز الروايتين بتعدد الشخصيات، وتحكم العوامل السياسية والاجتماعية في مصائر هذه الشخصيات، وقد سعي الكاتبين للتأريخ للطبقة الوسطي بالأسلوب الفني، وقد اعتمد الروائيان علي الموسوعات التاريخية، حيث اعتمد محفوظ علي موسوعات عبد الرحمن الرافعي، أما أبو الفتوح فقد اعتمد علي موسوعات عبد الرحمن الجبرتي، إلي جانب أن مناهضة الأجنبي والاستعمار موجود عند الاثنين. وإلي جانب ذلك، قام عليوة برصد نقاط التباعد بين الروايتين، قائلا: تناول محفوظ عالم المدينة والحارة في "الثلاثية"، بينما تناول أبو الفتوح الريف والقرية، والمرأة لدي نجيب محفوظ إما مستكينة أو داعرة أو شهوانية وإما سريعة الإنهيار أو غيورة، أو عابسة، أما أحمد صبري أبو الفتوح فقدم المرأة كنموذج إيجابي في الحياة وكقائدة وصاحبة رأي"، وأضاف أن شخصيات محفوظ تتسم بالتناقض القائم علي الازدواج، بينما تتميز شخصيات أبو الفتوح بالمثالية، كما أكد أن مظاهر الفساد والانحلال موجودة بكثرة في الثلاثية، بينما تختفي في " ملحمة السراسوة"، إلي جانب وجود الفكاهة بكثرة عند محفوظ، بينما هي منعدمة لدي أبو الفتوح. وأكد عليوة: نحن لدينا روايات أجيال منها "مدن الملح" لعبد الرحمن منيف، التي صدرت في الثمانينات، ورواية سهام بيومي "أيام القبوطي"، والصحفي سعد القرش في روايتيه "أول النهار" و"ليل أوزير" والتي اعتبرهما رواية واحدة، وأخيرا "ملحمة السراسوة"، بينما أكد الناقد مصطفي الضبع أن صفات رواية الأجيال تنطبق علي رواية "الطنطورية" لرضوي عاشور حيث تؤرخ لشخصية فلسطينية وهي صادرة حديثا بعد صدور ملحمة "السراسوة". أما الناقد الدكتور حسين حمودة فأكد أن تجربة نجيب محفوظ اقترنت في كثير من تناولاتها بالمكان، وقال: رواية الأجيال مثلت لمحفوظ ساحة يمكن أن يختبر فيها تصوراته عن الزمن باعتباره قوة مغيرة وأحيانا مغيرة علي العالم، وتصوره عن الزمن في تجسيده لهشاشة الوجود، ورواياته "قشتمر" و"حديث الصباح والمساء" و"يوم قتل الزعيم"، يمكن التعامل معها علي أنها رواية أجيال، لكن المغامرة الكبري في تجربة محفوظ الخاصة برواية الأجيال تتمثل في روايات أربع وهي "أولاد حارتنا" و"الثلاثية" و"الحرافيش" و"زقاق المدق"، باعتبارها تمثل حلم الانسان بالخلود والتوقف عند سطوة الزمن.