في الآيات التالية نلاحظ أن الله ذكر فيها أنه أرسل المرسلين، ولم يقل النبيين، كالآيات التي سبق ذكرها عند الحديث عن النبوة، فقد ذكر هناك النبيين ولم يقل المرسلين، حيث قال: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيةٍ مِّن نَّبِي إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يضَّرَّعُونَ). (94- الأعراف). وقال: (وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِي فِي اْلأَوَّلِينَ وَمَا يأْتِيهِم مِّن نَّبِي إِلَّا كَانُوا بِهِ يسْتَهْزِؤُون). (6: 7 الزخرف). أما هنا فذكر المرسلين، فقال: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلاَ هُمْ يحْزَنُونَ). (48- الأنعام). وقال أيضا في الآية التالية ما يأتيهم من رسول ولم يقل نبي، قال تعالي: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيعِ الأَوَّلِينَ وَمَا يأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يسْتَهْزِؤُونَ). (11- الحجر). إذن يوجد فرق واضح بين النبي والرسول. وقد نصت بعض آيات القرآن علي أن الرسول يؤتيه الله الكتاب الذي هو الرسالة ويؤتيه الحكم أولا، ثم يكتسب النبوة فيما بعد بالصبر والإيمان واليقين وهذه بعض النصوص التي تؤكد ذلك، قال تعالي: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يؤْتِيهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ). (79- آل عمران). وأيضا الرسل الذين لم يكونوا أنبياء قبل الرسالة، فقد ذكر القرآن مجموعة كبيرة منهم، ونذكر منهم: نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، ولوط، وهود، وصالح، وشعيب، ويونس، وإلياس، وموسي، وعيسي، ومحمد عليهم السلام، وأقدم للقارئ مجموعة من النصوص القرآنية التي تنص علي أن هؤلاء الرسل لم يكونوا أنبياء قبل الرسالة، وذلك علي النحو التالي: إبراهيم الذي صدق رسالة ربه ثم جعله نبيا، قال تعالي: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيا). (41- مريم). وإسماعيل كذلك، كان صادق الوعد فأرسله الله ثم جعله نبيا، قال تعالي: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيا). (54 مريم). وكذلك إدريس، صدق برسالة ربه فجعله نبيا، قال تعالي: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيا). (56- مريم). وموسي الذي أخلصه الله وجعله رسولا ثم نبيا، قال تعالي: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَي إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيا). (51- مريم). وقال عن موسي عليه السلام أيضا: (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (21- الشعراء). وقال عن المسيح بن مريم عليه السلام أن الله أرسله وآتاه الكتاب أولا ثم جعله نبيا بعدها، قال تعالي: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيا). (30- مريم). وقال عن المسيح عليه السلام أيضا: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يأْكُلاَنِ الطَّعَامَ). (75- المائدة). وقال عن إلياس عليه السلام: (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ). (123- الصافات). وقال عن لوط عليه السلام: (وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ). (133- الصافات). وقال عن يونس عليه السلام: (وَإِنَّ يونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). (139- الصافات). وقال عن نوح عليه السلام: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ). (106: 107- الشعراء). وقال عن هود عليه السلام: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ). (124، 125 - الشعراء). وقال عن صالح عليه السلام: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ). (142، 178 - الشعراء). وقال عن شعيب عليه السلام: (إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيبٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ). (177، 178 - الشعراء). وقال عن محمد عليه الصلاة والسلام: (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). (1: 3- يس). وقال عن محمد أيضا: (تِلْكَ آياتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). (252- البقرة). إذن لا نبوة بدون رسالة ولا رسالة بدون نبوة، فقد يكون الشخص نبيا قبل الرسالة ثم يرسله الله، وقد يكون الشخص رجلا عاديا ثم يرسله الله، وبعدما يوقن ويصبر يكتسب النبوة، ثم أخبر القرآن أن محمدا هو رسول الله أولا ثم خاتم النبيين ثانيا، فلا نبي بعده ولا رسالة، قال تعالي: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمًا). (40 - الأحزاب).