يحمل تعريف الكوتة (الحصة) أكثر من معني. أولها هو الحد الأدني من الأصوات اللازمة لضمان الفوز بمقعد واحد في كل دائرة انتخابية من خلال نظم التمثيل النسبي. أما الثاني فهو الحد الأدني من المقاعد المنتخبة التي يجب شغلها من قبل فئة محددة لضمان تمثيلها سياسياً (مثل المرأة والأقليات العددية والدينية)، ويمكن أن يتم فرض هذا النوع الأخير علي الأحزاب السياسية بالنسبة لتكوين القوائم الحزبية المرشحة. لقد نصت المادة الثالثة من القانون رقم 149 لسنة 2009 في شأن مجلس الشعب علي أن تقسم جمهورية مصر العربية إلي دوائر انتخابية.. لانتخاب أربعمائة وأربعة وأربعين عضوًا. كما تقسم إلي دوائر أخري لانتخاب أربعة وستين عضوًا، يقتصر الترشيح فيها علي المرأة، ويكون ذلك لفصلين تشريعيين. وينتخب عن كل دائرة عضوان يكون أحدهما علي الأقل من العمال والفلاحين. وتحدد جميع هذه الدوائر طبقًا لقانون خاص بذلك. وهو ما يعني أنه قرار مع المواطنة التي تمنع التخصيص والتمييز.. مما جعل النظام المصري يشجع المرأة المصرية علي المشاركة السياسية من خلال إجراء استثنائي لمدة 10 سنوات يعود بعدها الحال إلي ما هو عليه. وهو ما يعني وجوب اتخاذ إجراءات أخري للتوعية بالدور السياسي للمرأة وبأهمية وجودها في صناعة القرارات واتخاذها داخل مجلس الشعب كمجلس منتخب. كما يجب أن يتم إعداد وتنفيذ خطة واضحة من أجل تفعيل دور السيدات اللائي تم انتخابهن عن طريق أسلوب الكوتة من أجل أن يكن نموذجاً إيجابياً أمام المجلس وأعضائه من جانب، وأمام المجتمع من جانب آخر. لا يجوز بأي حال من الأحوال اختزال المرأة المصرية في مجرد تمثيلها بشكل شرفي للحفاظ علي وجودها في مجلس الشعب. ولكن الأهم هو الدور التي تقوم به المرأة.. كنوع من المشاركة الفعلية والإيجابية داخل مجلس الشعب. إنها دعوة يمكن تبنيها وتطويرها من خلال المجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني وجمعياته المتخصصة في العمل مع المرأة بحيث يتم تطويرها وتعديلها.. بحيث تكون النتيجة النهائية هي الوصول لأقصي تفعيل ممكن لدور المرأة المصرية بشكل كامل للوصول لحالة المشاركة السياسية الفعالة بعد انتهاء استثناء الكوتة البرلماني. وهو أمر يساعد في تطوير نظرة المجتمع للمرأة، وقبل ذلك تغيير صورة المرأة المصرية التقليدية عن نفسها قبل أي شيء آخر. إنها دعوة تتفق مع شيوع منظومة المواطنة الآن في الحياة السياسية المصرية، كما أنها دعوة تتفق مع تفعيل حقوق المرأة المصرية لكي لا تظل أسيرة الأفكار المثالية، ولكي لا تظل حقوقها ودورها الحقيقي المأمول مجرد حبر علي ورق والندوات والتوصيات المثالية والنموذجية في الندوات والمؤتمرات. إن تحدي الكوتة الحقيقي.. ليس فقط للسيدات المرشحات، ولكنه بالدرجة الأولي للسيدات الناخبات.. اللائي يجب أن تكن اللاعب الرئيسي في نجاح تجربة الكوتة. وذلك لكي ننفي السؤال التقليدي: هل يمكن أن تنتخب المرأة المصرية.. سيدة ممثلة لها في البرلمان؟!.