أوقفوا الانتساب الموجه    افتتاح 5 مساجد جديدة فى 4 مراكز بالمنيا    رفع الدعم تدريجيًا والطاقة المتجددة والضبعة.. مهام ضرورية على المكتب الوزير    وزيرة التخطيط تشارك في جلسة "القيادة النسائية في الاستثمار" بروسيا    قطع مياه الشرب 9 ساعات في مركز قلين بكفر الشيخ غدا    وزير التعليم العالي يؤكد على أهمية أمن المعلومات في ظل التطورات التكنولوجية المُتسارعة    صوامع وشون الشرقية تستقبل 605 آلاف و334 طنا من محصول القمح    الزراعة: ضخ كميات إضافية من اللحوم بمنافذ الوزارة لمنع زيادات الأسعار    وزير التعليم الفلسطيني: أكثر من 280 مدرسة في غزة خرجت عن الخدمة    زاخاروفا: واشنطن لن تفلت من مسؤولية استهداف أوكرانيا لروسيا بأسلحة أمريكية    بايدن: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 225 مليون دولار    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    تعرف على مواعيد مؤجلات الجولة ال"11" للدوري المصري    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    «الصحة» تؤكد سلامة جميع الحجاج المصريين من أي أمراض معدية    اليوم.. هلال ذي الحجة يزين السماء    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالشرقية    التضامن تكرم أبطال الفيلم التسجيلي "رفعت عيني للسماء" الحاصل جائزة العين الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي    إعلام إسرائيلى: خطاب متوقع لنتنياهو بعد كلمة جانتس مساء الغد    تعرف على موعد عزاء المخرج محمد لبيب    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح أفضل أعمال عشر ذي الحجة    «الصحة»: إجراء 2.2 مليون عملية جراحية ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    حسابات الرئيس    القيادة الأمريكية تعلن نجاح إعادة إنشاء الرصيف البحرى المؤقت فى قطاع غزة    مصابة بمرض الباراسومنيا، سيدة تتسوق أثناء النوم    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    تشييع جنازة نادر عدلى في العاشر من رمضان اليوم والعزاء بالمعادى غداً    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    أحكام الأضحية.. ما هو الأفضل: الغنم أم الاشتراك في بقرة أو جمل؟    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    حرمة الدماء والأموال في ضوء خطبة حجة الوداع، موضوع خطبة الجمعة القادمة    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    ميسي يعترف: ذهبت إلى طبيب نفسي.. ولا أحب رؤيتي    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    عيد الأضحى- فئات ممنوعة من تناول الممبار    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    سعر الدولار يرتفع في 9 بنوك مصرية خلال أسبوع    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    أيام البركة والخير.. أفضل الاعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة 1445    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الدائري بالقليوبية    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التمثيل السياسي للأقليات في العالم العربي
نشر في نهضة مصر يوم 04 - 02 - 2006

الأقليات في العالم العربي تتضمن: الآشوريين، الأرمن، الإسماعيليين، الأقباط، الأكراد، البربر، التركمان، الدروز، الزيديين، الصحراويين، الطوارق، العبيديين، العلويين، الكلدان، المارونيين، اليزيديين، اليهود وهي علي أية حال قائمة مجهدة. من الصعب العثور علي أرقام يعتد بها لتعداد هؤلاء الناس، رغم أن اكبرهما، البربر والأكراد، يصل تعدادهما إلي عشرات الملايين. مغزي انعدام البيانات الرسمية موحي في حد ذاته، لان الحكومات العربية تقلل من شأن وجود الأقليات من اجل التأكيد علي وحدة بلدها القومية تكريساً لمفهوم الدولة الانصهارية. ولكنهم ليسوا دائما مهمشين. ففي بعض البلاد العربية قد تسيطر أقلية علي الباقين: كالعلويين في سوريا والسنة في العراق قبل الإطاحة بصدام والعرب في السودان .
أفرزت الانتخابات البرلمانية في مصر لعام 2005 فوز قبطي واحد وهو في نفس الوقت وزير حال (جدير بالذكر أن الحزب الحاكم لم يرشح علي قوائمه إلا اثنين من الأقباط) _ وأربع سيدات فقط من جملة المرشحات (أكثر من مائة) _ وهذا يعني أن 50% من مجموع الشعب يمثله 5.1% من عدد أعضاء مجلس الشعب _ بغض النظر عن المعينين.
تعالت في أعقاب هذه النتائج موجة المطالبة باللجوء الي نظام الحصص (الكوته) السياسية لتحقيق تمثيل ديمقراطي في المجالس التشريعية والمحلية _ وبطبيعة الحال يقف وراء ارتفاع هذه الموجة من يعانون تهميشاً سياسياً في قطاعي المرأة والأقباط. ويري مؤيدو نظام الكوته وأنقل هنا من كلمة الأستاذ مجدي خليل ( الذي أراه يمثل العقل المصري القبطي المستنير) التي القاها في مؤتمر "أوضاع الديمقراطية والحريات في الشرق الأوسط" الذي عقد في العاصمة الامريكية واشنطن في الفترة بين 16-19 نوفمبر 2005 - والتي أوضح فيها أن هناك تجارب لدول تعاملت مع قضية الأقليات والمهمشين ويمكن الاسترشاد بها ونحن هنا أمام ثلاثة مستويات من الحلول :
حلول تتعلق بالمظالم التاريخية: وهي تسمي في القانون الدولي بالإجراءات الخاصة Special Measures ، وقد اتخذت هذه الإجراءات أكثر من مسمي وآلية ففي أمريكا تسمي "الإجراء التوكيدي" Affirmative Action ، وفي أوربا تسمي "التمييز الإيجابي" Positive Discrimination ، وهي إجراءت لمساندة الجماعات المضطهدة والمهمشة حتي انتهاء ااضطهاد والتهميش والارتقاء بوضعها ليماثل وضع الاغلبية. أما آلياتها فتتمثل في قوانين وقرارات سلبية، بمعني إنزال العقاب بمن يمارس الاضطهاد والتمييز ضد هذه الجماعة أو تلك، وإيجابية، بمعني إجراءات تفضيلية تعطي الأولوية لأفراد الجماعات المضطهدة والمهمشة في التعليم والوظائف والمناصب السياسية، وإفساح المجال أمامها للتمثيل في المجالس التشريعية.
حلول تتعلق بالوضع الآني: تتضمن تعديل الدستور والقوانين لتضمن المساواة الكاملة، ومدنية الدولة، وتغليظ العقوبات علي من يقوم بالاعتداء علي حقوق الأقلية، وهناك فضاء واسع لمثل هذه الإجراءات لا يتسع هنا المجال لذكرها.
حلول تتعلق بالوضع المستقبلي: وهي تتعلق بحقوق الأقباط في ظل نظام ديمقراطي، بمعني أن الديمقراطية الحقيقية هي الحل الامثل للأقليات في المدي الطويل الدائم، وهذا يتمثل في شقين.
الشق الأول أهمية أن يشارك الأقباط بدفع مصر إلي طريق الديمقراطية والتحديث وأن يتاح لهم المجال لذلك.
والشق الثاني التأكيد علي حقوقهم في ظل نظام ديمقراطي حقيقي، فممارسة الديمقراطية ترتبط أساسا بالمواطنة، فالمواطن هو الركن الاساسي في العملية الديمقراطية، والمواطنة تعني "المشاركة" و"المساواة" ومن ثم فالديمقراطية الحقيقية في جوهرها تعني المساواة الكاملة والحقوق المتكافئة.
والديمقراطية تعزز حقوق المواطنة من خلال سيادة القانون، والفصل التام بين الدين والدولة، والفصل الحقيقي بين السلطات، ومباشرة الفرد لحقوقه السياسية، وممارسة حق الانتخاب في المؤسسات الوسيطة، واحترام الحريات الفردية وصونها وحمايتها. علي أن هناك مفهومين هامين يرتبطان بالديمقراطية الحديثة.
الأول هو "الديمقراطية التمثيلية" Representative Democracy ، ويعني أن أي نظام ديمقراطي لا يشمل علي تمثيل برلماني مناسب لكافة شرائح المجتمع والجماعات المكونة له، يكون نظاماً ديمقراطياً ناقصاً ومشوهاً. والثاني: هو البيروقراطية التمثيلية Representative Burocracy ويعني أن أي نظام سياسي ديمقراطي حقيقي، لابد أن يعبر هيكله السياسي من قاعه إلي قمته عن تواجد مناسب لكافة شرائح المجتمع والجماعات المكونة له. وفي حالة عدم وجود هذا التمثيل نكون أيضا إزاء نظام ديمقراطي ناقص ومشوه. وفي حالة غياب أي من "الديمقراطية التمثيلية" أو "البيروقراطية التمثيلية" يحتاج النظام السياسي في هذه الحالة إلي آلية من آليات "الإجراء التوكيدي" حتي يصحح النظام الديمقراطي نفسه مستقبليا.
وبناء علي ذلك يجب تحديد نسبة في حدود 15% للأقباط في المجالس التشريعية وكذلك في المناصب السياسية والوظائف الإدارية للدولة ونسبة 30% للمرأة المصرية، حتي يستقيم النظام السياسي ويصحح ذاته مستقبليا ليقترب من الأنظمة الديمقراطية الحديثة. ويشير الأستاذ مجدي خليل إلي أن تمثيل الأقليات والجماعات السياسية في ظل الديمقراطية التمثيلية والبيروقراطية التمثيلية يختلف عن نظام الحصص الطائفية أو النظام الطائفي كما هو في لبنان، فالأخير نظام استاتيكي جامد ،أما الأول فهو نظام يعكس كفاءة وحيوية وصحة العملية السياسية ويعبر عن الديمقراطية الحقيقية. أما إجراءات " الفعل التوكيدي" فهي اجراء علاجي مؤقت لمظالم تاريخية، حتي يستقيم النظام الديمقراطي ويتعافي.
ويؤيد نظام الكوته أيضا المجلس القومي للمرأة حيث أعلنت الدكتورة فرخندة حسن أمين عام المجلس القومي للمرأة أن المجلس يدعو الجميع الي دعم وتعزيز ورفع تمثيل المرأة في البرلمان، ليصل بعدد النساء في مجلس الشعب إلي 52 نائبة بواقع نائبتين عن كل محافظة علي أن يكون إحداهما علي الأقل من العمال والفلاحين بما يمثل حوالي 10% من نسبة الأعضاء. وهو نظام سبقتنا إليه كل من الأردن (6%) المغرب (10%) الهند (33% من مقاعد المجالس التشريعية المحلية) أوغندا التي خصصت مقعداً للمرأة في كل دائرة من دوائرها ال39 وفي العراق الجديد يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من أعضاء مجلس النواب..
من ناحية أخري يري المتخوفون من تطبيق نظام الكوته وأقول متخوفين وليسوا رافضين أن مصر خاضت تجربة التخصيص في أوائل الستينيات حيث تنص المادة 87 من الدستور سواء 1964 أو 1971 علي "يحدد القانون الدوائر الانتخابية التي تقسم اليها الدولة، وعدد اعضاء مجلس الشعب المنتخبين، علي الا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم علي الاقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام. وكانت نتائج هذا التخصيص سواء علي العمال والفلاحين أو التجربة الحزبية أو الديمقراطية دليلاً واضحاً علي فشل سياسة الكوته في تحقيق مكاسب لأصحابها وللمجتمع . علاوة علي أن تقسيم المجتمع الي معسكرين فئة العمال والفلاحين من جهة والفئات الأخري من جهة ثانية كرس ثقافة الحقد والضغينة والصراعات السياسية غير الحميدة _ أن نائب الشعب يجب أن يمثل الشعب كله بجميع فئاته والوطن بكل دوائره. أن النائب يجب أن يتمتع بما يؤهله من القيام بدوره الرقابي والتشريعي - فاذا كان العمال والفلاحون يمثلون اكثر من 50% من مجموع الشعب كما يدافع اصحاب الرأي المؤيد لهذا التخصيص _ فإن أفضل وسيلة لتحقيق هذه النسبة في المجالس التشريعية هي أن نوفر لأصحابها حرية اختيار من يمثلهم وليس تخصيص نسبة من المقاعد لهم).
' أن نظام الكوته السياسية قد ينشئ ديمقراطية ولكنه لا يكونها والفارق كبير بين تكوين الديمقراطية وإنشائها _فالديمقراطية المتكونة أكثر تمثيلاً لألوان الطيف السياسي وأكثر رسوخا وقدرة علي النمو بعكس الديمقراطية المنشأة_ أن التجربة اللبنانية رغم تميزها فإنها غير مشجعة وأيضا العراقية فالديمقراطية المنشأة وفقاً لنظام الكوته تكرس الصبغة الدينية والطائفية والعرقية والنوعية في المجتمع وأن مثل هذه الديمقراطيات يمكن تفجيرها من الداخل بسهولة شديدة مع أول خلاف ديني أو طائفي أو عرقي أو نوعي. وإن كان تأكيد المؤيدين لنظام الكوته السياسية علي أنه " نظام للتمييز الانتخابي الإيجابي المؤقت" قد يقلل من تخوف المتخوفين _ ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن إلغاء التمييز سوف يكون أكثر صعوبة من إنشائه .
أخيرا: وعلي ضوء عرض وجهتي النظر السابقتين وإيماناً بأن الديمقراطية جاءت تعبيراً عن حاجة القوي السياسية وأكرر السياسية لإدارة الاختلاف فيما بينها أري أن في إجماع قوي الديمقراطية في مصر بغض النظر عن انتمائها الديني أو الطائفي أو العرقي أو النوعي علي الدعوة الي:
1 حرية تكوين الأحزاب دون أي قيود سياسية ( يمنع فقط قيام أحزاب دينية أو عنصرية).
2 حرية امتلاك الصحف للأفراد.
3 التأكيد والدعوة إلي تفعيل معيار الكفاءة خصوصاً عند اختيار الكوادر الحكومية بغض النظر عن أي انتماءات أخري (جدير بالذكر أن في حركة المحافظين الأخيرة تولي مسئولية محافظة قنا لأول مرة مصري مسيحي وهو لواء شرطة مجدي أيوب اسكندر).
4 كوته ترشيح وليس كوته انتخاب _ بمعني أن ينص في القانون وليس في الدستور علي ضرورة أن ترشح القوي السياسية نماذج ممثلة للفئات المهمشة مثل المرأة والأقباط وايضاً أصحاب الكفاءات التي أعتبرها أكبر أقلية مهمشة في مصر. سوف يشكل بطريقة طبيعية الهرم السياسي المصري كانعكاس حقيقي لمعطيات الواقع السياسي المصري وهو في تقديري يجنب تجربة الديمقراطية في مصر سلبيات نظام الكوته السياسية ويدفعها عدة خطوات علي طريق ديمقراطية التكوين وهي المستقبل الذي ننشهده جميعاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.