لأنهم بدءوا لتوهم طريق الإبداع والكتابة، بل طريق الحياة أيضا، بوصفهم كتابًا شبابًا، قررنا في "روزاليوسف" أن نفسح لهم مكانا علي مدار عدة أيام، لنلتقي وقراؤنا بهم، نتعرف معهم علي آرائهم وأفكارهم تجاه كتاباتهم، وتجاه حياتهم المعاشة، وعالمهم الأدبي من حولهم، مدفوعين بالرغبة في الاقتراب منهم في عصر ازدحمت فيه الكتابات بشكل قد يجعل من الصعوبة بمكان متابعتها عن قرب، لعل اقترابنا منهم يفتح لهم نافذة تعرفهم علي القارئ وتعرف القارئ بهم، أو يمثل نقطة إضاءة لهم في مشروعهم الإبداعي. إيمان الميهي: الديوان يقدم امرأة تتابع زمنها بمنظاري الجسد والروح فرع مثمر جديد في شجرة شعراء العامية، خطفتها "نداهة الأدب"، واختارت القلم سبيلا للقول والتعبير في حياتها، فبدأت في كتابة شعر العامية، وأصدرت أول دواوينها بعنوان "فردة حلق"، حلقت فيه في عوالم رومانسية حالمة أعادتنا لعصور زمن الحب الهدوء أو ما يمكن أن نسميه زمن "الأبيض والأسود"، إنها شاعرة العامية إيمان الميهي التي تخرجت في كلية الإعلام جامعة القاهرة، وكان ل"روزاليوسف" معها هذا الحوار: لماذا اخترت عنوان "فردة حلق" لديوانك الأول؟ -الديوان يتحدث عن تفاصيل في الحياة التي رأتها وعايشتها الشاعرة، إضافة الي وقائع تتحرك وفق أصول العمل الشعري الذي يسهم في تركيز بناء الديوان علي أكمل وجه، والديوان ينطلق من واقع بيولوجي تعيشه المرأة مع تفاصيل الحياة الكثيرة والزمن الذي يؤثر في الإنسان كثيرا. رومانسية الديوان تطرح سؤالا.. هل لازلنا نعيش الرومانسية في هذا الزمن المتسارع؟ - الرومانسية لم تنته بعد، لكنها تتشكل وترتدي ثوب العصر، فالرومانسية في نظري تعني رؤية المختلف في الشيء العادي، لأنه ملموس وليس محض خيال. هل الديوان رواية الحياة من خلال امرأة؟ - يمكن قول ذلك، فالديوان يسعي إلي قراءة الحياة من زاوية خاصة، من زاوية المرأة التي تتابع زمنها بمنظار الجسد والروح معا. هناك حضور قوي لشخصيتك في الديوان واهتمام بتفاصيل مرحلة الطفولة؟ - هذا صحيح، وإن كانت ربما تختلف عنها قليلا، لكنه يحمل جيناتها منذ مرحلة الطفولة، التي لا تزال قابعة بداخلها ولم تذبها زحمة الأيام، وهذه الطفلة أحيانا تلعب وتنطلق، وأحيانا تخاف وتختبئ تحت غطاء السرير، خوفا من مواجهة عالم الكبار. ما رأيك في مقولة أن شعر العامية إبداع من الدرجة الثانية؟ - هذه مقولة خطأ بدليل أن شاعر العامية الكبير صلاح جاهين ملأ الدنيا وشغل الناس، ولا يزال هناك إقبال من القراء علي شراء دواوينه وترديد أغانيه، لكن النقاد الأصوليين هم الذين يستبعدون شعر العامية من أجندتهم النقدية. هل يشترط لشاعر العامية أن يكون مجيدا للفصحي؟ - بالتأكيد ، فالعامية مستويات وربما يكون العثور علي الجملة الشعرية العامية أكثر إرهاقا من استخدام الفصحي لاختيار لفظة دقيقة تعبر عن المعني المقصود . هل الإبداع قدر لا مفر منه؟ -الإبداع ليس قدرا ولكنه نعمة من الله عز وجل، وعلينا استخدام هذه الهبة فيما يرضي الله سبحانه وتعالي. هل تهتمين بقراءة الرواية؟ - نعم أهتم كثيرا بقراءة الرواية، فهي أحد مفاصل الزمن الذي يكتبه الإنسان ويشكل حالة لافتة، لما يمثل من إظهار حالات ووقائع غير ظاهرة للآخر، فالرواية من صلب اهتماماتي في القراءة. هل فكرت في كتابة رواية؟ -أنا لم أفكر في كتابة رواية، لأنني شاعرة، فأنا أتقن اللون الشعري ولا أري نفسي إلا فيه، وإن كنت من آن لآخر أكتب النثر، وبعض هذه النصوص تحمل روحاً قصصية. ماذا عن حضور الأنثي في شعرك هل هو مقاومة مجتمع ذكوري؟ -حضور الأنثي في الشعر ليس مقاومة ولا تحديا، وإنما هو وجه آخر للتعبير عن الإبداع، لأن أحاسيس الأنثي تختلف بالطبع عن أحاسيس الرجل، ووجودها مكمل له، و لا اكتمال للإحساس بدون إضافة تاء التأنيث، وإن كان الإبداع نفسه لا يعرف جنساً ، أتذكر جملة قرأتها ذات يوم وأثرت فيا أن المبدع هو أب وأم معاً لأنه يلد إبداعه. وهل في الشعر مساحة حياة بديلة؟ - في الشعر حياة بديلة إلي حد ما .. فالشاعر يري فيه ما يعيش أو ما يتمني أن يعيش أو ما لا يتمني أن يعيشه، فهي حياة للروح والعاطفة والانفعال إن جاز التعبير .. لكنها بالفعل لا تغني عن الحياة الواقعية. لمن تقرأين؟ - أقرأ لمحمود درويش وفؤاد حداد وبيرم التونسي وعنترة بن شداد وسالم الشهباني ورانيا منصور وعادل محمد. هل ترين أن الشعر يحتل مكانه اللائق وسط فنون الكتابة؟ -للشعر مكانة رائعة دوماً ودوراً كبيراً في التأثير علي الناس وصوتاً مسموعاً، ولكن ربما نحن بحاجة إلي توصيله للجمهور بشكل أبسط، لأن البعض يعتقد أن الشعر مرتبط بالتقعر والتعقيد، ومكانة الشعر بين الفنون الأدبية الأخري مكانة لا تزال محفوظة، فليس هناك أي فن أدبي يستطيع أن يحل محل الشعر. أي قصائد الديوان تشعرين أنها تشبهك؟ -كلهم بهم من إحساسي وتفكيري وأعصابي، لكن ربما " فردة حلق" هي الأقرب لقلبي. هل النشر الإلكتروني يخدم الوسط الثقافي؟ -النشر الإلكتروني مساحة مفتوحة للجميع الموهوب وغير الموهوب، والحكم في النهاية للجمهور المتذوق، وعلي أصحاب المواهب الحقيقية أن ينشطوا أكثر، حتي يحتلوا مساحاتهم التي يستحقونها. هل تشعرين الآن باختلاف في كتاباتك عن تجربتك الشعرية الأولي؟ -نعم، فقد اختلفت كتابتي الآن عن تجربتي الشعرية الأولي، أصبحت أكتب الآن بشكل أكثر جرأة وأكثر حرية، بينما كنت سابقاً أخطو بشيء من الحذر. ماذا يمثل الشعر بالنسبة لك؟ - الشعر هو فستاني الجميل الذي أعيد حياكته في موديل جديد من وقت لآخر، والذي أحبه كثيراً.