كتب - سيلفى جولاء تجذب قمة مجموعة ال20 التي تجمع قادة القوي الاقتصادية الكبري في العالم، أنظار الجميع. وعندما خرجت الدعوة لعقدها في أوج الأزمة المالية كانت المبادرة الأوروبية حكيمة وفعالة: يجب التحرك بسرعة وبطريقة منسقة لا تستثني الدول النامية. إلا أنه بمرور الوقت ، زادت شعبية هذا الجمع الدولي خاصة لدي الأوروبيين الذين وجدوا فيه طريقة "قَبَلية" أكثر شرعية وفاعلية للتعاون خارج حدودهم. بطبيعة الحال، فإن العالم ليس مستعدا، في وقت قصير، للتكامل بشكل قسري. إلا أنه سيكون من مصلحتنا العمل علي ذلك بدلا من تقويض الإنجازات الخاصة بنا ونحن غارقون في صدمة الكساد. إن شرعية مجموعة ال20 شرعية هشة، فهناك مناطق كاملة في العالم ليس لها مكان فيها، والفقراء لا صوت لهم في هذه القمة. كما أنها ليست مجتمعا للقيم، فالديمقراطيات تجلس فيها جنبا إلي جنب مع دول تنتهك حقوق الإنسان ولا تؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة، الدول ذات الاقتصاد المفتوح بجوار دول أكثر أو أقل انغلاقا. إذن ماذا تكسب فرنسا من تبني هذا المنطق المادي بدلا من الدفاع عن حقوق الإنسان العالمية والمساواة بين البشر واحترام الثقافات؟ ففي قلب مجموعة ال20 لا مكان للمناقشات العامة أو البعد البرلماني. ولعل الانتقادات التي تُوجه للإتحاد الأوروبي بسبب "عجزه الديمقراطي" المزعوم دليل علي ذلك. أما فاعلية قمة مجموعة ال20 فمازالت في حاجة للتأكيد، إذ إن دورها يقتصر علي "التجاور" فقط إن لم يكن الصدام بين النزعات القومية. وهو ما أكده مؤخرا الموقف غير المتعاون الذي أبدته بعض القوي الكبري في الأزمة النقدية الأخيرة. وتزدهر بعد كل اجتماع لمجموعة ال20 الإعلانات والتصريحات إلا إنها ليست بقوة المفوضية الأوروبية أو محكمة العدل لتحول هذه الوعود إلي قوانين وتعمل علي ضمان تنفيذها. فعندما تنطفئ مصابيح القمة، يعود كلٍ إلي داره كأن شيئا لم يكن. وقد تأكدنا من ذلك في البرلمان الأوروبي، فيما يتعلق بالرقابة المالية: فأثناء الأزمة المالية وعدت الحكومات في قمة مجموعة ال20 بفرض رقابة متزايدة علي القطاع المالي. وبفضل جهود مجموعة من الخبراء برئاسة جاك لاروزيار، تقدمت المفوضية الأوروبية بمقترحات طموحة. إلا أن النزعات القومية القديمة ظهرت من جديد وأجبرت المفوض ميشيل بارنيه والنواب الأوروبيين علي إهدار طاقة كبيرة لمواجهة الإجراءات المضادة التي اتخذتها حكومات بعضها عضو في مجموعة ال20 بدلا من تشجيع وجود سلطات قوية مكلفة بالإشراف علي البنوك وشركات التأمين والأسواق تحسبا لأي مخاطر أو أزمات، قام بعض الوزراء أكثر من باستخدام الفيتو "القومي" أو إضافة بنود للحماية. يبدو أن الأوروبيين لم يفهموا بعد أن المجتمع الأوروبي جاء نتيجة لتجربة حية عاشها الزعيم الفرنسي جون مونيه وهي عجز عُصبة الأمم. ومن هنا تأتي قيمة الإتحاد الأوروبي بالرغم من عدم كفاءته الكاملة فهو يمثل المحاولة الوحيدة في يومنا هذا للخروج من جمود العلاقات الحكومية إلا أن الفشل الأخير للمباحثات حول التغير المناخي تؤكد استمرار عدم الكفاءة. ونحن الآن في مفترق الطرق، في حين تشهد حكومات الدول الكبري رجوعا للخلف. ففي الثاني من نوفمبر أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل علي التخلص من هذه الطريقة "القبلية" التي لم تثمر عن أي نتائج. أن مجموعة ال20 تلعب بجزء من مصيرنا، ووحدة أوروبا أهم من المواعظ والخُطب. إذن فعلي قادتنا الإختيار: التواجد معا في مقدمة العولمة أو التشبث ببريق سريع الزوال للقوي الوطنية. نائبة في البرلمان الأوروبي نقلا عن لوموند ترجمة هالة عبد التواب