لا نعرف الكثير في ثقافتنا عن عيد الهالويين.. فهو عيد غربي يحتفل به الأوروبيون والأمريكيون في اليوم الأخير من شهر أكتوبر من كل عام.. ولا نعلم نحن عنه سوي ما قد نراه في بعض الأفلام الأمريكية من مظاهر هذا العيد الغريب وملابسه التنكرية المخيفة وارتباطه بأفلام الرعب وعالم الأرواح.. حتي الأطفال في الهالويين يتنكرون في أزياء مختلفة أغلبها مخيف وقبيح ويمرون علي بيوت منطقتهم في جماعات يقرعون علي الأبواب طلبًا للحلوي في أداء فلكلوري معروف للعبة «trict or treat». وتنسب المصادر المتعددة هذا العيد إلي أصول قديمة مختلفة منها الاحتفال بنهاية الصيف وموسمه المنير، وبداية فصل الشتاء المظلم.. وكانت الشعوب القديمة تربط بين الظلام وضيق المسافة بين هذا العالم والعالم الآخر وبالتالي تعبر الأرواح من العالم الآخر بسهولة.. وكانت تلك الشعوب القديمة تقوم بعمل طقوس طرد الأرواح الشريرة في بداية فصل الشتاء في هذا اليوم.. حتي إن الملابس التنكرية كان القصد من ورائها إخافة الأرواح وطردها.. أما طلب الأطفال للحلوي ومرورهم علي بيوت المنطقة فترجع أصوله إلي قيام الفقراء قديمًا بالاستجداء في هذا الوقت مع دخول فصل الشتاء أيضًا. ويبدو أن هذه الطقوس الفلكلورية ما زالت تجد صدي كبيرًا عند تلك الشعوب بالرغم من زوال الاعتقاد في الأرواح وتقارب العالمين وما إلي ذلك من المعتقدات القديمة.. ويرجع الحفاظ علي عيد الهالويين وتقاليده إلي عدة أسباب وجيهة.. فهو قد صار عيدًا يقرب المواطنين بعضهم بعضًا بشكل كبير لأنه لا يرتبط بمعتقد أو ديانة.. كما أن التنكر في حد ذاته ينطوي علي ذوبان الشخصية الحقيقية في شخصيات فلكلورية ترتبط بالعيد فيزيد من تقارب الناس ويعضد احتفالاتهم ويمنحها بعدًا شعبيا مطلوبًا. ومن أسباب الحفاظ علي العيد أيضًا تعليم الصغار بشكل غير مباشر وقوي عدم الخوف من الظلام وعدم الاعتقاد في وجود الأرواح.. إذ يتنكر الصغار في ثياب الهالويين ويسيرون وحدهم ويحملون ثمار القرع المفرغة التي تحوي الشموع المضاءة ويطرقون أبواب الجيران ويتحدثون مع الكبار ويطلبون منهم الحلوي.. كل تلك المظاهر من الانطلاق والاعتماد علي النفس والتعاون بين أفراد مجموعة الأطفال والعودة بغنائم الحلوي والشيكولاتة تمنح الأطفال تجربة مفيدة، وتزيل خجلهم ومخاوفهم، وتزيد من ثقتهم بأنفسهم وبقدراتهم. نحن لا نعرف هذا العيد.. ولكن علينا أن نعرف علي الأقل بعضًا من طقوسه بخاصة لو كانت تطرد الأرواح الشريرة وتثبت نفوس الصغار.. ربما يكون هذا العيد قد ساعد الشعوب التي تحتفل به في طرد أرواح الفقر والجهل والعنف والتعصب.. وإلا ما كانوا يحتفلون به إلي الآن بعد هذا التقدم العظيم، وبعدما طردت تلك الشعوب أفكار الأرواح الشريرة.. إذا كانت احتفالاتهم ستطرد التخلف والكسل.. وستأتي بشتاء خالٍ من المرض والجهل، وتمنح النشء الصغير فرصة التحرر والانطلاق وإثبات الذات فهنيئا لهم بها.