ما بين متفائل وآخر متشائم اختتم المعهد المصرفي الاسبوع الماضي مؤتمره الذي انصبت كافة أعماله علي كيفية تنمية وتمويل المشروعات الصغيرة، وظل السؤال ملحا حتي بعد انتهاء المؤتمر من أين تبدأ المؤسسات المصرفية والتمويلية لتفعيل دورها بالشكل المناسب في هذا الاتجاه.. هل من خلال الصناديق التمويلية؟ أم البرامج البنكية الخاصة؟ هل تنتظر البنوك تعريفا شافيا للمشروعات الصغيرة حتي تبدأ أم تكون خطوة تدريب المستثمرين الصغار هي الأولي في المرحلة الحالية .. كل هذه استفسارات صاغت بدورها عددًا من الاليات التي تحتاج الي التنسيق المشترك - طبقا للخبراء المصرفيين- حتي تتم صياغة خطة استراتيجية متكاملة يقود زمامها الحكومة والمركزي والبنوك معا . الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي أكد ذلك الاتجاه مشددا علي اهمية وضع رؤية متكاملة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة المقبلة، وتابع: "هناك ضرورة لمساندة هذا القطاع والذي يمثل محورا أساسيا في منظومة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمصر". هذه النقاط ركز عليها الدكتور فاروق العقدة في المؤتمر وأضاف عليها أهمية الرؤية المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي المتكامل في هذا المجال ، مشيرا الي ان البنك المركزي انتهج هذا الفكر في تخطيط وتنفيذ البرنامج المتكامل للإصلاح المصرفي والذي انتهت المرحلة الأولي بنجاح ساهم في تجاوز الجهاز المصرفي لانعكاسات الأزمة المالية العالمية والتي تركت آثارها السلبية البالغة علي العديد من اقتصادات العالم . وشدد علي ضرورة التعاون بين جميع الأطراف المعنية سواء المؤسسات التمويلية اوالاقتصادية، مؤكدا ان التوسع في تمويل واقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمثل احد المحاور الاساسية للمرحلة الثانية للاصلاح المصرفي، بهدف دفع التنمية، و ايجاد صف ثان من المستثمرين ورجال الأعمال، وبتوسيع قاعدة عملاء البنوك وتنويع المخاطر وأوجه الاستثمار، مشيرا الي اتخاذ البنك المركزي للعديد من الإجراءات والقرارات التي تساهم في تشجيع البنوك في هذا الصدد. في السياق نفسه دعا محمود عبداللطيف، رئيس بنك الإسكندرية البنوك العاملة في السوق إلي ضرورة تبنّي مشروع يستهدف إنشاء 30 مركزًا لتدريب رواد الأعمال الصغيرة وتأهيلهم كي يتمكنوا من الحصول علي تمويلات البنوك وقال عبداللطيف ": لابد من تحرك من جانب البنوك لمعاونة أصحاب المشروعات الصغيرة لأن السوق بحاجة الي تدعيم هذه المشروعات التي تساهم بنحو 80% من الناتج المحلي ولا تحصل علي سوي 5% من التمويلات البنكية وأضاف: نقوم في الوقت الحالي بالاستعانة بتجارب البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية في منح الائتمان للمشروعات الصغيرة، وأتوقع أن تؤدي التجربة إلي نجاح هذه التمويلات في البنك خلال الفترة المقبلة. من جانبها تري الدكتورة هالة السعيد المدير التنفيذي للمعهد المصرفي أن هناك اهتمامًا متزايدًا من جانب الدولة بهذا القطاع من خلال اصدار قرارات وإجراءات البنك المركزي المصري لتشجيع تنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنوك في توفير وتيسير التمويل لتلك المشروعات، وكذا تكليف وحدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالمعهد لتقديم حزمة متكاملة من البرامج التدريبية والعون الفني والبحوث التطبيقية والمطبوعات وتصميم موقع الكتروني يتضمن قاعدة بيانات ومعلومات لجميع المشروعات الصغيرة والمتوسطة علي مستوي الجمهورية، بهدف مساعدة البنوك في تقديم خدمات تمويلية متنوعة تتماشي مع الخصائص المختلفة لأنشطة هذه المشروعات ، اضافة الي مساعدة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة للتعرف المنتجات التمويلية المتنوعة والداعمة لتطوير ذلك القطاع. وأكدت هالة السعيد علي أهمية مشاركة الخبراء المتخصصين في مجال تمويل تلك المشروعات بالإضافة إلي ممثلي الهيئات والمنظمات الدولية والتنموية المهتمة بتفعيل آلية المشروعات الصغيرة والمتوسطة كمحور أساسي في التنمية المعاصرة، والتأكيد علي وجود كيان مؤسسي منوط بتنفيذ استراتيجية وسياسات وبرامج طموحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة شريطة التعاون والتنسيق بين جميع الاطراف المعنية. هاني توفيق - رئيس الجمعية العربية للاستثمار المباشر - طالب بضرورة تشكيل لجنة تنفيذية من البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية الموّحدة والبنوك العاملة بالسوق من أجل تدعيم نشاط صناديق تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة منتقدًا ما سماه "التوجه الكلامي" للبنوك لتمويل هذه المشروعات وأكد "توفيق" أن إنشاء صناديق لتمويل المشروعات الصغيرة أمر مهم وتم تطبيقه بشكل موّسع في دول عديدة من العالم، وأثبت جدواه.. أما لدينا في مصر فتتعامل البنوك مع هذه الصناديق وكأنها نشاطات ليست مجدية بالمرة. وأضاف "توفيق" أن البنوك تستطيع إنشاء مثل هذه الصناديق وتحقيق ربح كبير من ورائها وذلك خلال طرح هذه الصناديق كأوراق مالية للتداول مما يسمح للمساهمين بالتخارج إذا أرادوا ذلك في أي وقت كما يسمح لهم بتحقيق عوائد، مشيرًا إلي أن البنوك لديها السيولة المناسبة لكنها تأبي التوسع في ذلك النوع من الإقراض، مؤكدًا أن نسبة الإقراض إلي الإيداع لا تتجاوز 52%.