علي بعد 7 كيلو مترات من مركز اشمون في المنوفية.. تقع قرية جريس اقدم القري التي اشتهرت بصناعة الفخار منذ عهد الفراعنة حيث يعتمد ابناؤها الذين يصل عددهم الي 25 الف نسمة علي "الطين" في كسب قوتهم مثل ابناء الفسطاط بالقاهرة وقنا وقوص في الصعيد بعد ان اصبحت حرفة الفخار متوارثة من الاجداد الي الابناء. القرية كانت تصدر منتجاتها الي كل المدن المصرية خاصة في ظل الشهرة الواسعة التي حظيت عليها قبل إنشاء قناة السويس كميناء مهم علي النيل ترسو عليه القوارب بعد روض الفرج ودمياط ورشيد وتحولت في العقود الاخيرة الي ورشة كبيرة لصناعة الفخار فلا يخلو شارع أو حارة أو سطح منزل من الفخار المصفوف المعد بطريقة الدولاب المتوارثة منذ آلاف السنين والذي يدار بالقدم. فوزي غنيم "شيخ صناع الفخار بالقرية" يقول ان المهنه متوارثه منذ آلاف السنين ويحرص كل ابناء "جريس" علي تعلمها حتي الحاصلين علي مؤهلات عليا إلا ان الصناعة تواجهها العديد من العقبات منها ارتفاع اسعار الطفله التي تأتي من العريش فضلا عن تراكم التأمينات الاجتماعيه منذ سنوات طويلة علي الصناع. ويضيف فهمي محمد "من الصناع" ان الصانع الماهر ينتج في المتوسط 150 قطعة متوسطة الحجم يوميا منها "القلل" والأطباق بجانب50 قطعة من التحف والأنتيكات يتم نقل كميات كبيرة منها الي خان الخليلي موضحاً ان فصل الشتاء هو العدو الرئيسي لهذه المهنة حيث يقل الانتاج بشكل كبير. ويشير السيد ابراهيم "صانع فخار" الي ان هناك شروطًا لإتقان مهنة الفخار اهمها ان ينخرط الصانع في العمل وهو طفل خاصة وأنها حرفة تعتمد علي الإحساس والتناغم بين يدي الصانع وحبيبات الطين والتفرقة بين أنواع الطين وتقدير كمية الماء والوقت الكافي لتخمر الطين ودرجة حرارة الفرن المناسبة. ويوضح محمود عبد العظيم "من الصناع" ان غالبية أبناء "جريس" يتلقون تعليمهم في المدارس والجامعات ويواظبون ايضاً علي تعلم مهنة الفخار لمواجهة أعباء الحياة في المستقبل خاصة وان الصناع المتعلمين قادرون علي تطوير أدواتهم ومواكبة متطلبات السوق وفهم أذواق الناس في التحف الفخارية. ويلفت احمد كرم "احد الصناع" الي ان القرية تستقبل العديد من طلاب كليات الفنون الجميلة والتطبيقية بالقاهرة والإسكندرية الذين يحضرون الي "جريس" للحصول علي الدراسات العليا في الفخار. ويقول ابراهيم سليمان "صانع فخار" ان جريس تتميز عن القري المجاورة لها بمقومات طبيعية ملائمة لصناعة الفخار في مقدمتها توافر الطينة السوداء الكثيفة التي تعد المصدر الأول للصناعة بالاضافة الي مياه نهر النيل. فيما اقامت محافظة المنوفية عدة مؤتمرات ومعارض بجميع المحافظات لتسويق منتجات "جريس" الي جانب منح تسهيلات لحصول ابناء القريه علي قروض ميسرة من الصندوق الاجتماعي. وكان آخر هذه المؤتمرات ملتقي الفخار التاسع الذي عقد بحضور الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة وشارك فيه عدد كبير من أساتذة الفخار والخزف. واكد المحافظ المهندس سامي عماره خلال الملتقي ان الهدف من ورائه تبادل الخبرات ورفع التقنيات المستخدمة لإثراء هذه الصناعة وتشجيع الشباب علي الاستمرار فيها وإيجاد فرص عمل غير تقليدية.