غلف الموت اركان المكان داخل القصر وخيمت العزلة واشباح الكآبة والفراق ماتت اخت الاميرالشاب أوقات عقيمة تمر علي مدينة روما القديمة وهناك في العزلة السريعة شخصا يتحول من الرقة والتأمل والنبل الي القسوة والبطش والسفك ليحيل بلاده الي مسرح متنوع من استعراض الجريمة والبطش. كاليجولا عمل درامي ل"آلبير كامي" الجزائري العربي الاصل نبيل الادب والفلسفة، في كاليجولا الشخصيات بليغة شيريا هيليكون سيبيون صادقه ذات موقف واتجاه .لاتخاف لكنها تتواري احيانا تكتيكيا متمردة حرة لكنها تعرف جيدا المسئولية حتي ولو أفضت الي الموت. يبدأ العمل باختفاء كاليجولا ولذلك علاقة بموت دورسيلا اخته وعشيقته وحبه المحرم والذي بموجبه تحولت شخصيته، لكن الموت وليس الفراق هو ما أحدث التحول الخطر فأصبح الموت مشكلة وجودية لديه وشبحا يثأر منه كاليجولا ويقيم عليه التجارب في نفوس حاشيته ورعاياه. وبات كاليجولا يكتب فصلا متطرفا من فصول التعسف والاجرام في حق واقع وتاريخ الشعب الغائب وجعله هذا يري ان التاريخ كما يحتاج الي ضحايا وشهود وقضاه يحتاج أيضا الي مجرمين فأي موت هذا الذي مر به الرجل ليحيل الحياة الي مجرد فكرة "قبر كبير" ضخم نرسل اليه كل من يخالفنا أو يعارضنا أو حتي يتوقف لينصحنا وأي فراغ هذا الذي دفع بالامير الشاعرليمارس الواناً شتي من تجارب القهر والافقار والارهاب والدموية وممارسة أفكار الموت النووي لطاغية جديد. ترحل دورسيلا لتنتشر من بعدها اللعنة في روح كاليجولا والمدينة عبر فقدان كاليجولا ايمانه بالوجود الا عبر فكرة الموت وتتحول الي مدينة للآثام فتفرض القوانين العبثية والطقوس الديكتاتورية ويظهر التجديف والانحراف ويملأ البلاد فجوة من الفوضي والمحاكمات والجنون في تصرفات الرجل في البداية جنون الفكرة ارتكزت علي "القمر" تري أي قمر هذا الذي يبحث عنه كاليجولا ويود الحصول عليه وما هذا المستحيل الذي يرغب به؟ لكن مستحيل كاليجولا يكلف رعاياه الكثير المزيد والمزيد وتظهر التناقضات جلية "أوتعلم كم حربا رفضت كي اصون نفوس المواطنين من الموت" ولكن الرجل لايري خلافا في ان يكون هو فقط مفوض الابادة الاول والاخير وليست الحرب بل يثقلهم بالغلاء والضرائب والفوضي مرات ومرات. لايتوقف كاليجولا في سلسلة حياته الثرية بالاحداث للتساؤل أو ليري نفسه ماذا فعل وعما اسفرت هذه الأحداث التي صنعها وحده؟ صارت الأحداث طوال العمل من طرف واحد ، يصنعها كاليجولا طوال الوقت مع مراعاة أنه خالق جيد للمبررات لفساد أفعاله وصاحب فلسفة خاصة أنه يعيش في عالمه الذاتي ومرآة النفس وطموحاتها وايضا عذابتها فهو شخصية تتحرك دائما مابين ابيضين وأسودين ومربع من العزلة جعله ملكا لغرفة مظلمة معتدا بذاته لدرجة تنصيب نفسه الها. ضاق رجال الحاشية المقربون والجادون صاروا يخشون خطورة كاليجولا المتصاعدة وافعالة والتي حولتهم ألاعيبه الي مهرجين ومبتذلين ودمي والتي في طريقها الي تهديد حياتهم وخاصة أنه يرون رأس الذئب الطائر كل ليلة لكن اليوم زاد الخوف فلا مأمن من هذا النظام الذي يأكل ولاءه وخاصة بعد مقتله لأعز اصدقائه وأرثاه قائلا "اليوم انتهي عهدي بالصداقة" انه الجنون الرومانيكي المدمر للذات والآخر لذا فكر الجميع الباقون من التخلص من الامبراطور وترسم المؤامرة ولكن كاليجولا الذي يحمل فراسة المفكرين يحس ويكتشف المؤامرة وبرعاية هيليكون الذي يدين بالولاء لكاليجولا لكن كاليجولا المتجه والماضي في طريقه الي مصيره باتزان ورعونة يواجه شيريا القاضي الذي لايخشي ولايخاف الامبراطور الباطش ويحذره من اقتراب وانتهاء العهد بالقضاء عليه وانه حتي لو قتله كاليجولا فإن احدا آخر سيأتي وسيأخذ مكانه تحدثا كرجلان يتساويان في العزة والكرامة ويمض الامر لتفضي المؤامرة الي قتل كاليجولا والتخلص منه لكن الرجل يري في مرآة ذاته انه "مازال حيا" علي الرغم من أن نصل الخنجر في داخل جسده. تعامل كاليجولا الديكتاتور مع العرش علي انه ارث تاريخي له , يفعل به ما يشاء ومع الحاشية علي أنهم جوقة مسرحية ومع الشعب علي أنه قطعة حلي ومع الموت علي أنه مزحة وحتي القمر بالسماء لم ينج هو الآخر من حصار كاليجولا ومستحيلاته ليذكرنا ذلك بمقوله هيرتا مولر بأنه، "في ظل سلطة الديكتاتور علينا أن نترقب كل يوم موتي".