أديب من جيل الشباب، بدأ خوض المجال الأدبي بمجموعة قصصية جديدة صدرت مؤخرا عن دار "العين" للنشر، بعنوان "أتوبيس عام الإسكندرية"، لمس فيها بعض السلبيات الموجودة في المجتمع المصري، هو الأديب الشاب آسر مطر، الذي كان لنا معه هذا الحوار في «روزاليوسف»: ما الذي دفعك للتفكير في النشر الآن رغم أنك تكتب منذ فترة؟ - في الواقع أنا نفسي لا أعلم بالتحديد ما الذي جعلني أتوقف كل هذا الوقت، قد يكون انشغالي بالدراسة ثم البحث عن عمل كأي شاب مصري، وإن كنت أعتقد أن عودتي للكتابة كانت بسبب ظروف سفري للعمل بالخارج منذ عام 2006، وشعوري بالوحدة والحنين الدائم إلي مصر وإلي الإسكندرية بالذات، دفعاني إلي استعادة الكثير من الذكريات والمشاعر التي قررت تسجيلها علي شكل قصص وخواطر، إلي جانب انتشار الإنترنت والمدونات الإلكترونية التي شجعت الكثيرين من أمثالي علي نشر كتاباتهم. لماذا اخترت كتابة القصة القصيرة في الوقت الذي يدعي فيه البعض أن هذا زمن الرواية؟ - من هواياتي التصوير الفوتوغرافي، والقصة القصيرة مثل الصورة الفوتوغرافية، إما أن نلتقطها بسرعة وتترك أثراً جميلاً في النفس، وإما أن تكون صورة باهتة أو مشوشة، قد يكون موقفاً معيناً أو لمحة سريعة تستحق الكتابة، أما الرواية فمثل الفيلم السينمائي تحتاج إلي بناء درامي وتكوين للشخصيات وتستغرق وقتاً طويلاً لإعدادها والتحضير لها. وعلي عكس أغلب الآراء التي تفضل الرواية عن القصة القصيرة، أنا أميل إلي الأخيرة، وأعتبرها أسهل في الكتابة بالنسبة لي. لماذا اخترت الكتابة كوسيلة للتعبير عن انتقاداتك للمجتمع؟ وهل معني ذلك أن الأدب يحمل رسالة؟ - الكتابة فن مثلها مثل أي فن آخر كالتمثيل أو الرسم، قد تحمل رسالة معينة أو قد تكون مجرد تعبير عن مشاعر معينة أو حالة يمر بها الكاتب، وبالنسبة لي فهي وسيلة للتعبير عما يعتمل بداخلي من مشاعر، وكذلك هي محاولة لإبراز وجهة نظري في سلبيات المجتمع وقد يكون ذلك وسيلة لتغييرها، وسعدت كثيراً عندما أخبرني بعض القراء أكثر من مرة أن ما أكتبه يعبر عما يريدون قوله وغير قادرين علي ذلك، وهذا الرأي يعني أنني نجحت في توصيل الرسالة. أبيات الشعر الموجودة في الرواية تشير إلي موهبة شعرية إلي جانب موهبة القصة؟ - نعم أنا أهوي كتابة الشعر باللغتين العربية والإنجليزية، وإن كنت قليل الإنتاج. استشهدت بما قاله بهاء طاهر في روايته "واحة الغروب" التي قالها علي لسان الإسكندر الأكبر عن مصر وشعبها "تعلمت أن الخوف - لا الحكمة - هو أساس الملك، تعلمت أنه لابد من إخافة العامة دائما بالعقاب والعذاب علي الأرض وفي السماء؛ لكي يعرفوا الطاعة والاستقامة، تعلمت أنه يجب علي الحاكم ألا يسمح للعامة بالحرية أو بالمتعة، بل عليه أن يعلمهم أن يجدوا المتعة في الخوف. يجب أن يعبدوني في الخوف وبالخوف، هذا هو أثمن درس تعلمته من آمون والمصريين"، كما قلت "لعل العقول الراكدة تستفيق" قبل أن تقص علينا القطعة السابقة. ألا تري أن هذه القطعة التي اخترتها تحمل نظرة مأساوية بشكل كبير؟ - نظرتي المأساوية لا أعتقد أنها أكثر إيلاماً من الواقع الذي نعيشه حالياً. هل تري أن نماذج الشخصيات التي تناولتها هي اختصار لعيوب عامة في المجتمع المصري؟ - هناك عيوب جديدة علي المجتمع، كما هناك انتشار للفساد والسلبية وأزمة ضمير حادة، وعدم قبول للآخر، لماذا نقول دائماً إن المعدن الحقيقي للشعب المصري يظهر وقت الأزمات؟ لماذا لا يكون هذا المعدن الحقيقي هو القاعدة وليس الاستثناء؟ وهل تري أن الشعب المصري خانع وخاضع؟ - لا يمكن أن نصف الشعب الذي حطم أسطورة خط بارليف بالخضوع، ولكن الظروف أصبحت أقوي منه، الشعب المصري مسالم وودود بطبعه، وهناك من يستغلون ذلك لإقناعه أن ليس في الإمكان أبدع مما كان، وهناك انتشار لجملة "وأنا مالي"، الشعب المصري يمر بحالة استسلام ولامبالاة مؤقتة، وانتكاسة أتوقع لها أن تنتهي قريباً، مصر ليست اللمبي وسعد الصغير كما يحاول البعض تصدير هذه الصورة إلي الخارج، مصر أكبر من ذلك بكثير. لماذا اخترت السخرية كأسلوب في تناولك للقصص؟ - السخرية مطلوبة في كثير من الأحيان لتخفيف حدة الواقع، ولإبراز نقاط معينة بشكل رمزي، ورغم أن الاتجاه السائد حالياً بين الكتاب الشباب هو الأدب الساخر، فقد حاولت في كتابي أن تكون الكوميديا هي مجرد جزء من الكتاب وليس الكتاب كاملاً، لأن هناك بعض القراء، خاصة من الأجيال القديمة لا يميل إلي الكتابة الساخرة. إلي أي مدي أثر حريق مسرح بني سويف في حياتك؟ وعلي من تلقي مسئولية الحريق؟ - هذا الحادث المؤلم أثر في بشكل شخصي، بعد أن فقدت فيه ابن خالتي وصديقي الذي لم يكن عمره يتجاوز عشرين عاماً، ولا أظنني تألمت أو حزنت بقدر حزني علي فقده، والمسئولية في هذه الكارثة تقع علي الضمائر الميتة أياً كان موقعها من أصغر إلي أكبر رأس، وانعدام الإحساس بالمسئولية. هل تواجدك بعيدا عن القاهرة سيؤثر في انتشارك ككاتب ووضعك بين جيل كتاب الشباب؟ - في الحقيقة لا أشغل بالي كثيراً بفكرة "الانتشار" بقدر اهتمامي بأن يكون ما أقدمه علي مستوي طيب ويلقي ردود أفعال إيجابية، ومع ذلك فأنا أحرص علي زيارة مصر أكثر من مرة في العام، ومن ناحية أخري فإن وجود القنوات الفضائية والإنترنت ومواقعه مثل الفيسبوك وغيرها أتاح لي أن أكون علي اتصال دائم مع الحياة الثقافية في مصر ومتابعة كل ما هو جديد، وتكوين العديد من الصداقات من أماكن وأعمار مختلفة، وتحول الكثير منها من معرفة عبر الإنترنت إلي صداقة حقيقية وعميقة. من من الكتاب الشباب الذي تحب أن تقرأ له وتربطك به علاقة صداقة؟ - أحاول رغم وجودي خارج مصر أن أتابع كل ما هو جديد في عالم الأدب، وهناك الكثير من الشباب الذين تستحق كتاباتهم الاهتمام، سواء من جيلي "مواليد السبعينيات" أو الأجيال الأصغر سناً، أما من الكتاب الكبار فأنا أتشرف بصداقة اثنين من أساتذتي السكندريين، وهما الأديب إبراهيم عبد المجيد والشاعر خميس عز العرب، وكلاهما قمة ليس فقط في أعمالهما الإبداعية ولكن أيضاً علي المستوي الإنساني، ومن أصدقائي الشباب الكاتبة والإعلامية المثيرة للجدل دائماً مروة رخا، التي ساندتني كثيراً منذ أن بدأت كتابة أولي قصصي. ما الذي تقوم بإعداده في الفترة الحالية؟ وما هي خططك المستقبلية؟ - في الفترة الحالية أتابع ردود الأفعال والآراء حول الكتاب، خاصة بعد أن قمت بإنشاء موقعي الإلكتروني الخاص؛ لكي أكون علي تواصل دائم مع القراء والأصدقاء، أما بالنسبة للخطط المستقبلية فهناك بعض الأفكار في رأسي حول رواية قادمة إن شاء الله، ولكنها قد تأخذ بعض الوقت في التحضير لها.