مع تزايد القنوات الدينية وظهور السلفي منها والمتشدد أخذت فتاوي العزلة تنتشر بين فئات المجتمع لاسيما تلك التي تركز علي طبيعة العلاقة بين الجنسين.. وكانت أكثر تلك الفتاوي تأثيراً علي عقول كثير ممن لديهم ميول دينية هي فتوي تحريم مصافحة الرجل للمرأة، رغم أن المجامع الفقهية لم يصدر عنها تأييد لمثل هذه الفتوي.. بل إن الأمر وصل إلي حد وجوب المنع لمصافحة الرجل للمرأة ولو بالقوة. وعندما عرضنا تلك الفتوي، والتي أخذت حيزاً كبيراً من التطبيق لدي الشباب والفتيات، علي علماء الأزهر وجدنا رفضاً قاطعاً لتحريم المصافحة في شكلها العام، موضحين أن كراهة المصافحة تتعلق بحالة واحدة وهي تأكد المرأة من وجود شهوة في هذه المصافحة وهو ما يخرجها من مجرد «سلام» إلي كونها تحرشاً جنسياً بالملامسة. بداية يعتبر الدكتور عبد المعطي بيومي العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن كل تشدد في الدين هو ما يخالف ما كان عليه سلف الأمة وفقهاؤها الذين تكلموا في أمر المصافحة حيث اتفق المالكية والحنفية والحنابلة علي أنه لا حرج في مصافحة الرجل للمرأة لأنه لا ينقض الوضوء إذا كان سلاماً عابراً أما إذا كان سلاماً متلبساً بمرض نفسي يلحق ببعض الناس الذين لا يرون في المرأة سوي الشهوات فهو مكروه إذا تم يؤدي إلي نقض الوضوء. وأضاف أن هناك رأياً للشافعية يقول إن لمس المرأة لا ينقض الوضوء إلا أن هذا لا يعني أنه حرام حيث إن نواقض الوضوء لا تعني الحرمة.. ويعلل الدكتور بيومي رأيه بالقول إن التحريم في الإسلام لا يكون إلا بنص صريح قطعي الدلالة والثبوت ومن يدعي حرمة المصافحة بين الرجل والمرأة فعليه أن يأتي بدليل قطعي الدلالة والثبوت علي ذلك ولن يجد، مشيراً إلي أن وجود بعض الآثار التي توهم تحريم المصافحة فسرها العلماء علي الاستمتاع بالمرأة في دون الزني ولم يفهم منها حرمة المصافحة. الدكتور عبد الصبور شاهين أستاذ بكلية دار العلوم والمفكر الإسلامي وصف مثل هذه الفتاوي بالتهريج الذي لا أصل له في دين الله وفي شريعته وقال لا يوجد مانع شرعي من مصافحة الرجل للمرأة ولم يقل سلف الأمة بذلك فمن أين أتي المدعون بذلك. وعن تفسيره لظهور مثل هذه الآراء قال «المنافسة الإعلامية تطلب نوعاً من الإثارة علي حساب فهم الدين الصحيح لذلك تطلق بعض القنوات الإعلامية فتاوي مثيرة كهذه لا عن علم بل بغرض الإثارة». وطالب شاهين من يدعي الحرمة أن يأتي بالدليل علي ذلك».. ومن ناحيتها قالت د. سعاد صالح إن المصافحة تستدعي توطيد العلاقات الإنسانية.. السلام بين الناس بعضهم البعض.. ويستحب السلام والمصافحة.. خاصة إن اطمأن الطرفان إلي سلامة نيتهما، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم.. صافح النساء في وقت المبايعة. واتفقت د. آمنة نصير أستاذ العقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر مع د. جودة المهدي وأشارت إلي أن المصافحة منها ما هو محرم عندما تحمل مغذي ومعني رسالة تستجيب لها النفس والقلب وتثير الشهوة ومنها ما هو حلال إذا كانت تحمل معني نظيفاً مثل التواصل بين الإنسان وأخيه من باب أن تلقي أخاك بالبسمة والسعادة كما في حديث شريف.. وتلفت د. آمنة إلي أنها لا تمتنع عن المصافحة طالما في حدود المباح ولا يوجد بها أي شبهات فهي تصافح الجميع وتؤكد أن تشدد بعض الفتيات والامتناع عن المصافحة يمثل نوعاً من المبالغة التي تعكس طبيعة متشددة دخيلة علي المجتمع المصري.