بدا "عم" عدلي رزق الله هزيلا بعض الشيء، حتي أن أول كلمة قالها وهو يفتح الباب ليستقبلنا: «عمكم عدلي خس خالص»، لكنه وكعادته بدا إنسانا ورهيف الحس أكثر مما سبق بالرغم من تجربة المرض القاسية. وبكي الفنان، ليس لاسترجاعه للحظات المرض والألم، ولكن تأثرا بما قدمه له الدكتور محمد غنيم، صاحب مركز غنيم للكلي والمسالك البولية بالمنصورة، طوال شهر من الإقامة فيه، بسبب سرطان في المثانة والبروستاتا، قائلا: دخلت مستشفي المنصورة الجامعي فوجدت عالما آخر، عنوانه مصر كما يجب أن تكون، هناك وجدت شفافية ونقاء ونظافة وأطباء حاصلين علي جوائز عالمية وفي قمة التواضع في ذات الوقت، هناك وجدتهم يعاملون المرضي فقراء أو أغنياء، مشهورين أو مغمورين بنفس القدر من الاهتمام، ووجدت دولة كاملة تحتفي بي، وكان يقوم علي علاجي بنفسه الدكتور محمد غنيم، وحوله يقف الأطباء احتراما له، إنهم يطلقون عليه كلمة الأستاذ، وحينما نصحوني بالسفر إلي الخارج لمتابعة المرض رفضت لأني لن أترك هذا البلد". ولتجربة المرض جوانب أخري مضيئة ينيرها "عم" عدلي بقوله: كنت اعرف أن الناس تحبني، لكني لم أدرك مدي عمق حب الناس للتجربة التي أنجزتها قدر ما شعرت بها هذه المرة"، ويصمت قليلا متأملا قبل أن يقول: أصلي عملت حاجة في حياتي مش عارف أكتبها إزاي، لقد اخترت الأدباء بكل أجيالهم ليكونوا عائلتي، لم أحب وسط الفنانين التشكيليين، لكني أحببت وسط الأدباء، أتعرف عليهم وأجلس معهم وأذهب إلي ندواتهم، فهناك أشعر أنني أتنفس، وها هم قد أحاطوني بالحب الحقيقي، اتصالاتهم لم تنقطع، جابر عصفور وسعيد الكفراوي وإبراهيم أصلان وغيرهم الكثير، والآن أنا مطلوب مني أن أقاوم مدفوعا بحب الناس لي". ويتلمس الاثنان (عدلي رزق الله وشعبان يوسف) في الجلسة ذكريات الراحلين: نصر حامد أبو زيد ومحمد عفيفي مطر وعبد السلام العمري، ويعرجان علي ذكرياتهما مع صلاح عيسي، وينضم إليهم زوجته وابنته داليا وخطيبها، وحفيدته من ابنته تمر، وصديق عمره وزوجته، ينظر إليهم "عم" عدلي حينا، ويستكمل حديثه معنا حين آخر، فيعود إلي قصص الأطفال التي كتبها وينصح شعبان يوسف بجمعها، لما تحويه من رسائل أيديولوجية وسياسية وتربوية مهمة، ويعود أيضا إلي حياته، إلي "القسمة" التي قسمها بها، نصفها للكلمة ونصفها للرسم، ويؤكد عليه شعبان يوسف الحضور إلي ندوة القاصة سلوي بكر اليوم الاثنين، ويستأذنه في قيام حضور الندوة بزيارته في حال إن لم تمكنه صحته، ويفتح "عم" عدلي زراعيه مرحبا مقدما بالجميع.